شباب يتظاهرون في صنعاء في ذكرى الثورة التي أجبرت الرئيس السابق علي عبد الله صالح على الاستقالة/وكالة الصحافة الفرنسية
شباب يتظاهرون في صنعاء في ذكرى الثورة التي أجبرت الرئيس السابق علي عبد الله صالح على الاستقالة/وكالة الصحافة الفرنسية

صنعاء – غمدان الدقيمي:

يطلق الشباب في اليمن كلمات من قبيل “العجائز” أو “الديناصورات” على قيادات الأحزاب السياسية، تعبيرا ساخرا عن احتجاجهم على عدم افساح المجال أمام قيادات شابة لتصدر المشهد السياسي في البلاد.

شمولية

ولاتزال تُهيمن منذ عقود نفس الوجوه على المواقع التنظيمية العليا في معظم الأحزاب السياسية العريقة في اليمن، على نحو يعكس عدم إيمان تلك الأحزاب بمبدأ التغيير “وممارسة الديموقراطية داخل أطرها الحزبية”، على حد تعبير الدكتورة انطلاق محمد عبدالملك، وهي سياسية وأكاديمية يمنية بارزة.

تقول انطلاق، لموقع (إرفع صوتك) “جميع الأحزاب السياسية تطالب بديموقراطية الحكم لكنها لا تمارس الديموقراطية. ما زالت أحزاب شمولية تهمش الشباب والنساء للأسف”.

تغيير الأدوار

ويوجد في اليمن 42 حزباً وتنظيماً سياسياً، منها 20 حزباً تم تسجيلها منذ عام 2011، لكن “90 في المئة من تلك الأحزاب لم تعقد مؤتمراتها العامة وبعضها منذ سنوات”، وفقاً لبجاش المخلافي، سكرتير لجنة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية (الجهة الإدارية المختصة بالأحزاب السياسية في اليمن).

وتذهب الدكتورة انطلاق إلى أن معظم قيادات الأحزاب في اليمن هم من جيل ما قبل ثورة 1962.

وتؤكد أن اليمن كانت وما تزال بحاجة لتغيير الأدوار بإشراك الشباب في صنع القرار، “البلد مليئة بالكفاءات الشابة اناثاً وذكوراً”.

الشغل الشاغل

من جانبها تقول كافية العفيف، وهي كبيرة منسقي البرامج في مؤسسة تنمية القيادات الشابة (منظمة مجتمع مدني) في العاصمة صنعاء، إن “تواجد الشباب في مواقع صنع القرار داخل الأحزاب ضعيف جداً إن لم يكن معدوماً.. المرأة والشباب مغيبين من هذه المواقع، حتى على مستوى مؤسسات الدولة”.

وأضافت كافية، 31 عاما، لموقع (إرفع صوتك) “الشباب الموجودون داخل هذه الأحزاب يتقلدون مناصب غير قيادية، ما يجعلهم غير قادرين على صناعة القرار بشكل واضح”.

ومع ذلك ترى أن “ارتفاع معدلات البطالة، وعدم توفر فرص عمل، والتركيز على كيفية توفير لقمة العيش، باتت الشغل الشاغل للشباب، ولم يعد هناك اهتمام بالعمل السياسي لدى الغالبية”.

“خربوها العجائز”

ويشعر الكثير من الشباب الذي يشكلون حوالي ثلث إجمالي سكان اليمن (أكثر من 26.5 مليون نسمة)، حسب تقديرات رسمية، بإحباط شديد، جراء استمرار التهميش السياسي، ويحملون قيادات الأحزاب مسؤولية وصول البلاد إلى الحال الذي هي عليه اليوم.

“لا أثق بكافة الأحزاب والتنظيمات السياسية في اليمن، خرجنا كشباب في ثورة ضخمة عام 2011 من أجل التغيير، لكن خربوها العجائز”، قال سيف الحجري، شاب في الثلاثينيات من عمره لموقع (إرفع صوتك)، في إشارة إلى قيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية.

وأضاف الحجري، الذي يعمل في القطاع الخاص، “كنا نأمل بأننا سنرى عقب ثورة 2011 جيلاً من الشباب يقود الأحزاب بدل القيادات القديمة التي عفى عليها الزمن، ولكن ما حدث هو العكس باستمرار اقصاء الشباب، وإيصال البلد إلى ما هي عليه الآن”.

وصاية

ويرى بجاش المخلافي أن عدم تدوير القيادات “مشكلة أساسية في إطار الأحزاب اليمنية، التي لا تلتزم إجمالاً بأنظمتها الداخلية، ولا توجد شراكة حقيقية بين القواعد والقيادات. التجربة ما زالت منقوصة”.

وتابع لموقع (إرفع صوتك) “نلاحظ استمرار نظام الوصاية، أي أن قادة الأحزاب وربما القيادة الفاعلة لا تؤمن بدور الشباب، وترى أن قراراتهم قد تكون متهورة أو متسرعة وبأنهم يفتقرون إلى الخبرة والتجربة، وهذا أدى إلى إحباط الشباب وإضعافهم وعدم الاستفادة من قدراتهم”.

وفوق ذلك يوضح أنه “لا يوجد نص قانوني يلزم الأحزاب بأن تعمل على تمكين الشباب وإشراكهم في إطار التكوينات القيادية”.

وتضمنت وثيقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل (2013- 2014) نصاً بـ “منح الشباب حصة تمثيلية بنسبة 20 في المئة في الهيئات المنتخبة”، غير أن الحرب الدائرة منذ نهاية آذار 2015، حالت دون تنفيذ تلك المخرجات.

إلى ذلك يرى خبراء محليون، أن وجود أحزاب للشباب بات أمراً ملحاً، لقيادة الشارع والتعبير عنه، فذلك وحده سيحدث تغييراً في الخارطة السياسية، وسيدفع بأكبر عدد من الكفاءات الشابة إلى البرلمان، وبالتالي مواقع صنع القرار في الدولة.

*الصورة: شباب يتظاهرون في صنعاء في ذكرى الثورة التي أجبرت الرئيس السابق علي عبد الله صالح على الاستقالة/وكالة الصحافة الفرنسية

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

مقاطع فيديو رصدت جريمة قتل البلوغر العراقي نور - صورة تعبيرية.
مقاطع فيديو رصدت جريمة قتل البلوغر العراقي نور - صورة تعبيرية.

"كيف لي أن أعود إلى بغداد والموت قد ينتظرني؟"، بهذا السؤال يعرب الناشط الحقوقي، أوس جبير، عن مخاوفه في ظل ما وصفه بتزايد العنف وخطاب الكراهية ضد مجتمع الميم عين والناشطين الذين يدعمونهم في العراق.

جبير، وهو مدير مشروع أمان الذي يختص بدعم أفراد مجتمع الميم عين في تركيا، يعلّق على حادثة مقتل البلوغر "نور بي أم" بالقول: "ممكن أن أتعرض للاغتيال عن طريق نفس هذه المجموعات الخارجة عن القانون".

وأثارت حادثة قتل البلوغر وخبير التجميل العراقي نور، الذي يسمي نفسه "نور بي أم" على مواقع التواصل الاجتماعي، القلق لدى المثليين في العراق، والذين حمل بعضهم المسؤولية لـ"خطاب الكراهية".

ويعرف نور عن نفسه بـ"ملك الإثارة، وموديل ميك اب ارتست"، ويعتبر من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يتابعه نحو 100 ألف شخص على إنستغرام.

 

وعن الجهة التي تتحمل مسؤولية قتل نور، يقول جبير: "نحمل الميليشيات والأحزاب أولا مسؤولية خطاب وجرائم الكراهية التي يعيشها مجتمع الميم عين بالخصوص في السنوات الأخيرة في العراق".

ولفت إلى وجود "مقترحات ومشاريع تناقش في البرلمان حول منع وجود الأقليات الجنسية والمعاقبة بالسجن المؤبد والإعدام لأفراد مجتمع الميم عين في الشهر الماضي".

وأضاف: "نحمل الدولة العراقية مسؤولية الحماية والدفاع عن حقوق الأقليات الدينية أو العرقية أو الجنسية".

وفي أغسطس الماضي، بدأ البرلمان العراقي النظر في مشروع قانون يفرض عقوبات قد تصل إلى الإعدام على المثليين جنسيا.

وفي وقت سابق من هذا العام، أطلقت السلطات حملة ضد "المحتوى الهابط"، وأوقفت الكثير من مستخدمي يوتيوب وتيك توك العراقيين، وفقا لفرانس برس.

ومشروع القانون يعاقب على المثلية الجنسية في العراق، حيث أعرب برلمانيون عن استعدادهم لتشريعه، خصوصا أن "قانون العقوبات العراقي الذي أقر في عام 1960 لا يجرم المثلية الجنسية صراحة".

وكان يتم التضييق على أفراد مجتمع الميم-عين بالاستناد إلى المادة 8 من قانون مكافحة البغاء الذي عدل عام 1988، وعرف البغاء فيه بأنه "تعاطي الزنا أو اللواطة بأجر مع أكثر من شخص"، وفقا لـ"جيم"، وهي مؤسسة إعلامية نسوية.

خطف وتعذيب

ويقول جبير إن نور "قد تم خطفه من جهة مجهولة من قبل وتم تعذيبه وحلق شعره".

وتابع: "هذه ليست جريمة جنائية ولكنها جريمة سياسية ضد الإنسانية وقيم المجتمع المدني المتحضر، حيث يزعم المتاجرون في الدين أنهم يحاربون الفساد على حساب أرواح الأبرياء".

وأكد أنه "في السنوات الستة الماضية عمل مشروع أمان مع الكثير من أفراد مجتمع الميم عين العراقيين الذين هربوا من تهديد وتعذيب وترهيب المجموعات الخارجة عن القانون".

جريمة موصوفة

ويرى المحامي العراقي، محمد جمعة، أن حادثة قتل نور هي "جريمة موصوفة وقد تم التخطيط لها".

ويقول جمعة في حديثه لموقع "الحرة" إنها "جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد، لأن كاميرات المراقبة أظهرت أن القاتل كان يراقب نور".

وأضاف أن "حكم هذه الجريمة هو الإعدام"، لافتا إلى أن "الجاني قد يحاول التملص من الجريمة في حال القبض عليه".

وأوضح جمعة أنه "من المفترض من الناحية القانونية أن لا يشمل بأي ظروف تخفيفية، مثل المادة 128، التي تنص على أن العذر الذي يعفي من العقاب قد يكون في ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة"، وقد يتحجج القاتل بذلك.

بدوره، يؤكد جبير أن الجريمة تأتي في إطار "انفلات أمني وسياسي في العراق، فعندما تعجز الدولة عن حماية مواطنيها يختار الكثير منهم اللجوء الإنساني بدول الجوار".

تسجيلات رصدت القاتل 

ونقل مراسل "الحرة" عن مصدر أمني لم يذكر اسمه قوله إن نور "قتل على يد مسلح يستقل دراجة نارية"، الإثنين، أطلق عليه النار في حي الداوودي ضمن منطقة المنصور غرب العاصمة بغداد حيث فارق الحياة على الفور.

وتظهر تسجيلات ما يبدو أنها عملية منسقة اشترك فيها اثنين من سائقي الدراجات، بدا أن أحدهم يرتدي زي عامل توصيل مطعم.

ونقل موقع قناة السومرية نيوز المحلية عن مصادرها الأمنية قولها إن نور "قتل بثلاث رصاصات اخترقت جسده".

من هو نور بي أم دبليو؟

ويبلغ نور من العمر نحو 23 عاما، لكنه يثير الجدل منذ أعوام عدة بتصويره فيديوهات يضع فيها المكياج والشعر المستعار، ويرتدي الملابس النسائية.

ومؤخرا، ظهر نور في لقاء على مواقع التواصل الاجتماعي قال فيه إنه "أفضل من ألف امرأة"، لكنه قال في آخر سابق إن "جنسه ذكر".

وأثارت فيديوهات نور خلال حياته الانقسام بشكل كبير، كما أن صوره التي ينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي تظهره وهو يتردد على النوادي الليلية بشكل مستمر سواء في بغداد أو في إقليم كردستان، الأمر الذي كان يعرضه لانتقادات أيضا.

ويشهد العراق باستمرار مقتل ناشطين ومدونين وخبراء أمنيين، بالإضافة لمقتل مشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأتى مقتل نور قبل أيام فقط من الذكرى السنوية الخامسة لمقتل الفنانة والبلوغر العراقية، تارة فارس، والتي قتلت بطريقة مشابهة، على يد سائق دراجة نارية.