بقلم علي عبد الأمير:
يربط تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2016 الصادر عن “برنامج الأمم المتحدة الانمائي” والمتضمن عنوانا فرعيا هو “الشباب وآفاق التنمية في واقع متغير”، بين جوانب تتدخل بشكل جوهري في حياة شباب بلدان عربية عدة ومنها العراق، فثمة غياب رؤية عامة لقضايا العمل، المعرفة، الإقصاء السياسي والتنمية.
صحيح ان ظاهرة ضعف قرار الشباب في توجيه العمل العام بالعراق تعود إلى عقود طويلة، لكنها تعني الكثير للمستقبل في حال استمرارها، فالتقرير أعلاه يتحدث عن حقائق اقتصادية قاسية “تركز بلدانٌ عربيةٌ كثيرة على أعمالٍ كثيفة العمالة وذاتِ قيمةٍ مضافة منخفِضة. وهكذا يواجه كثيرٌ من الشباب ذَوي المهارات العالية خيارا قاسيًا: الهجرةَ أو البطالةَ”.
عن البعد الاقتصادي وقيمه في قضية المجتمع العامل بالعراق وهو شاب على الأغلب، يعتقد المحلل الاقتصادي ليث محمد رضا ان “الحكومات المتعاقبة منذ 2003، أصرّت ولأغراض انتخابية بعيدة عن الرؤية الاقتصادية، على سياسة التوسع في التوظيف بشكل عشوائي متجاهلة كل التحذيرات، حتى ارتفع عدد موظفي الدولة العراقية، من زهاء 850 ألف عام 2004، إلى أكثر من اربعة ملايين موظف حكومي حالياً ليشكل نسبة 20% من القوة العاملة المقدرة بنحو 21 مليون نسمة، ونسبة العاملين 11% من عدد السكان المقدر بنحو 36 مليون نسمة. وحصل كل ذلك استجابة لضغوط كبيرة سياسة وشعبية كبيرة، ولامتصاص جزء من البطالة، كما تعد سياسة التوظيف ضمن المعالجات الآنية لمشكلة الفقر، دون الالتفات الى مبدأ الكفاءة الاقتصادية واعتبارات الجدوى الاقتصادية في ادارة جهاز الإدارة، وهكذا نرى ارتفاع أعباء الدولة المالية المتعلقة بتغطية الرواتب والمخصصات التشغيلية”.
اللافت هنا ان ما اعتبر وسيلة لتشغيل ملايين الشباب واستثمار طاقاتهم، وبما يعود بالنفع على البلاد اقتصادا ومجتمعا، تحوّل الى نقيضه تماما، بحسب مؤشرات تبدو أقرب الى ان تكون مناهج تفكير عجوز يلخّصها المحلل ليث محمد رضا في مداخلة مع موقع (إرفع صوتك) على النحو التالي:
*الارتفاع في نسبة البطالة المقنعة إذ لا يتجاوز معدل انتاجية الموظف العراقي 17 دقيقة يومياً
*الموظف يشعر أن الراتب الذي يتقاضاه نصيبه من ثروة البلاد لا أكثر، ولا يعير أهمية لكون المؤسسة التي ينتمي لها خاسرة وفاشلة، لأن الرواتب تؤخذ من النفط.
*النفط ملك كل الشعب العراقي، بموجب الدستور، وليس ملكاً للموظفين فقط كما تعبر السياسة المالية الراهنة التي تعد رواتب موظفي الحكومة الذين يقدر عددهم الاجمالي أول أولوياتها.
*أربعة ملايين موظف يعملون بالدولة لديهم حق في التقاعد، بمقابل أربعة ملايين ونصف المليون موظف يعملون في القطاع الخاص ولا يحظون بتقاعد.
المصالح المشتركة هي الحل
وتلك المؤشرات بما تقدمه من ملامح جعلت من الوظيفة الحكومية امتيازا، لأن العمل ينبغي أن يرتبط بالإنتاجية، وهي من معوقات نهضة القطاع الخاص وقتل روح المبادرة لدى الشاب العراقي الذي لم يعد يفكر بأيّ نشاط اقتصادي خاص لأنه يرى أقرانه يحظون بالرواتب والضمان من دون جهد.
وثمة إجماع على ان الحل هو في معادلة من شأنها بث الحيوية التي يمثلها الشباب في المجتمع العراقي، ضمن أبعاد سياسية وفكرية تتمثل بالاحتجاج السلمي الذي يندرج فيه شبان عراقيون وجاء “نتيجة لانهيار المشروع السياسي الجديد بعد الإطاحة بالديكتاتورية، وفشل مشاريع الإعمار، ونكوص القوى السياسية المشاركة في السلطة عن الاستمرار بتعزيز المسارات الديمقراطية، بل وانقلابها الواضح على مبادئ حرية التعبير، والشفافية، والتبادل السلمي للسلطة”، كما يقول حيدر قاسم، الكاتب والصحافي في “مركز الجنوب للدراسات والتخطيط الاستراتيجي” مشددا في حديث مع موقعنا، على ان “المصالح المشتركة بين الجميع هي الأساس في بناء اجتماعي جديد بعيدا عن قيم مترهلة لامعنى حقيقيا لها سوى كونها خطابات جوفاء”.
لا للطائفية؟
وحيال ما يبدو واقعا متحجرا في المشهد السياسي العراقي، بحسب ناشطين شبان يرون ان “الطائفية أينما حلّت حلّ معها الدمار وتكون سببا في انهيار مجتمعات بأكملها”، فانهم يعتقدون بان التصدي للطائفية يشكل حجر الأساس في عملهم الفكري والسياسي، كما يذهب الى ذلك الناشط علي جابر هاشم الذي يؤكد لموقعنا “نحن الشباب من واجبنا محاربة الطائفية بكافة الوسائل، وانا كشاب عراقي كان اختياري هو نشر الفكر والوعي المدني والمساعدة على قيام دولة مدنية، دولة المؤسسات، الدولة التي تحفظ حقوق جميع العراقيين، وتحقق العدالة والمساواة حيث ان الجميع سوف يتمتع بحقوقه الكاملة تحت خيمة الوطن” .
*الصورة: شباب العراق يدفعون اثمان باهظة جراء الحروب والسياسات المهلكة
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659