قبل ستة أيام نشر المحامي والناشط العراقي كرار عادل اقتباسا يقول فيه إن "هناك من يريد أن يقطع رأس كل من يوقظ الناس من سباتهم على امتداد التاريخ".
والثلاثاء، في الساعة العاشرة ليلا بالتوقيت المحلي، لقي عادل مصرعه برصاصة في الرقبة أثناء استهدافه، مع الناشطين عبد القدوس قاسم وعبد العزيز طارق، في مركز مدينة العمارة جنوبي العراق.
قتل عبد القدوس أيضا برصاصة في الصدر، لكن عبد العزيز نجا بأعجوبة.
يقول عبد العزيز لموقع "الحرة" إن "مسلحين يستقلون دراجة نارية أطلقوا النار على سيارة صديقنا كرار التي كنا نستقلها مساء الثلاثاء للعودة إلى المنزل".
"الأمر كان مرعبا" يقول عبد العزيز الذي يبدو التأثر على فقدان صديقيه واضحا في صوته "استغلوا تخفيف السيارة لسرعتها قرب إحدى المطبات ليطلقوا النار علينا، كنت جالسا في المقعد الخلفي ولم تصبني رصاصات المسلحين".
ورفض عبد العزيز اتهام أحد بالمسؤولية عن الحادث.
اغتيال الناشطين البارزين، أثار موجة من الاحتجاجات على مواقع التواصل وفي ساحات التظاهر في محافظات عراقية أخرى.
انتقد "الخذلان" قبل مقتله
انتقد عادل قبل مقتله ما سماه "خذلان شهداء الوطن والحرية"، في رد فعل كما يبدو على انخفاض وتيرة الاحتجاجات في العراق.
ويقول الصحفي أحمد حسين لموقع "الحرة" إن "الأخبار عن فيروس كورونا، وتدهور الوضع الاقتصادي والمخاوف التي تجتاح الشارع العراقي ألهت الرأي العام عن التظاهرات التي بدأت وتيرتها بالخفوت".
وحذر حسين من إمكانية "استغلال الجهات المتضررة من التظاهر لهذه الفترة لتصفية الحسابات مع قادة التظاهرات".
ويبدو إن هذا ما حصل مع عادل الذي كان يعود إلى منزله مصطحبا الناشطين في تظاهرات المحافظة، عبد القدوس وعبد العزيز، حين استغل راكب دراجة نارية تخفيف مركبة الناشطين لسرعتها في منطقة الحي الصناعي وسط مدينة العمارة، ليطلق النار على من فيها.
خلافات داخل ساحة الاحتجاج
قبل نحو شهر، زار وفد من ناشطي بغداد ومحافظات أخرى ساحة التظاهرات في ميسان من أجل تشكيل مبادرة لتوحيد وتنسيق بيانات جميع ساحات التظاهر في العراق.
بعد ساعة تقريبا من وصول الوفد، الذي اختار خيمة سميت على اسم الناشط المقتول "أمجد الدهامات" للالتقاء بممثلي متظاهري العمارة، تم طرد الوفد من قبل التيار الصدري، وبالتحديد ميليشيا القبعات الزرق.
"شعرنا بالإهانة" يقول أحد معتصمي خيمة "أمجد الدهامات"، لموقع "الحرة"، مضيفا "لقد كانوا ضيوفنا، ونحن في العمارة حساسون جدا لموضوع الضيوف، أراد الصدريون إذلالنا وإحراجنا أمام ضيوفنا".
ويتابع الناشط الذي فضل عدم ذكر اسمه "قدوس (عبد القدوس) ثار عليهم، واحتد النقاش معهم، ثم بدأ بانتقادهم بشدة في مواقع التواصل الاجتماعي".
وخلال شهر من تلك الحادثة، اضطر الناشطون المتواجدون في خيمة الدهامات إلى الانتقال لساحة التحرير في بغداد هربا من المضايقات، لكن هذا لم يجد نفعا، كما يبدو، إذ تعرض خمسة منهم لمحاولات اغتيال، أصيب فيها الناشطان مجيد صائب وجواد بسام، فيما نجا ثلاثة آخرون.
الدهامات الذي سميت خيمة الناشطين على اسمه كان أول ناشط مدني علماني يتعرض للاغتيال بالرصاص في المحافظة، إذ قتل في السابع من نوفمبر الماضي بأسلحة كاتمة للصوت قرب منزله، بعد عودته من ساحة الاعتصام في مركز المدنية.
وهرب ناشطو المدينة البارزون إلى خارجها، وبعضهم إلى خارج العراق نتيجة لهذه التهديدات.
ويسيطر التيار الصدري الآن، بعد خروج العلمانيين من ساحة اعتصام ميسان، على الساحة بشكل شبه كامل.
ويقول أحد أصدقاء ضحايا حادث الثلاثاء أنهم "حذروا عبد القدوس وعبد العزيز وكرار من البقاء في ساحة اعتصام ميسان، لكنهم رفضوا ترك الساحة للصدريين".