أمنستي: حرب اليمن.. انتهاكات جسيمة ولا نهاية تلوح في الأفق
قالت منظمة العفو الدولية إن النزاع في اليمن لا يظهر أي مؤشرات حقيقية على الانحسار مع دخوله عامه السادس.
ولا يزال المدنيون من جميع أنحاء البلاد والأجيال يتحملون وطأة الأعمال القتالية العسكرية والممارسات غير القانونية للجماعات المسلحة الحكومية وغير الحكومية على حد سواء.
وقال تقرير جديد اصدرته المنظمة "تُرتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك ما قد يصل إلى جرائم حرب، في جميع أنحاء البلاد".
وبحلول نهاية 2019، تشير التقديرات إلى أن أكثر من 233 ألف يمني لقوا مصرعهم نتيجة القتال والأزمة الإنسانية.
في غضون ذلك، وثقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قتل وجرح أكثر من 200 ألف مدني في القتال منذ مارس/آذار 2015.
وقد اشتدت الأزمة الإنسانية مع ما يقرب من 16 مليون شخص يستيقظون جوعى كل يوم.
وتشهد اليمن حربا دامية منذ نهاية آذار/ مارس 2015، بين حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي المدعومة من تحالف سني تقوده السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران.
وتدخل الحرب اليمنية اليوم الخميس 26 آذار/مارس عامها السادس دون أن تلوح في الأفق بوادر للحل.
الاحتجاز التعسفي
تقول المنظمة الحقوقية الدولية إن كل أطراف النزاع قامت بممارسات غير قانونية، مثل الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
وقد شمل هؤلاء أشخاصاً من جميع الأطراف، استُهدفوا فقط بسبب انتماءاتهم السياسية أو الدينية أو المهنية أو لنشاطهم السلمي.
ووثقت المنظمة احتجاز 51 رجلا من قبل القوات المدعومة من الإمارات جنوب اليمن، وما زالوا محتجزون في شبكة من السجون السرية، في ظروف قد ترقى إلى جرائم حرب.
واعتقلت القوات الحوثية بشكل تعسفي المنتقدين والمعارضين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان وأفراد من أتباع الديانة البهائية.
تهم التجسس
وأشارت المنظمة إلى 10 صحفيين معتقلين لدى الحوثيين منذ صيف 2015، وتتم محاكمتهم بتهم تجسس ملفقة بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير. وخلال فترة احتجازهم، اختفى الرجال قسراً، واحتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي على فترات متقطعة، وحُرموا من الحصول على الرعاية الطبية، وتعرض ثلاثة منهم على الأقل للتعذيب والمعاملة السيئة.
وقد احتجزوا رهن الحبس الانفرادي منذ أبريل/ نيسان 2019، ولم تبدأ محاكماتهم بعد، ومن غير الواضح متى ستعقد.
كما أشارت إلى الأكاديمي والسياسي البارز يوسف البواب (45 عاما)، الذي اعتقله الحوثيون تعسفيا في أكتوبر 2016، وفي 9 يوليو/تموز 2019، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة عليه، وعلى 29 آخرين (اعتقلوا بين 2015 و2016) -معظمهم أكاديميون وشخصيات سياسية- بالإعدام بتهمة التجسس لصالح التحالف بقيادة السعودية والإمارات، في أعقاب محاكمة جائرة بشكل صارخ.
كما تطرقت إلى قضية أسماء العميسي (23 عاما)، وهي أم لطفلين التي اعتقلها الحوثيين في 2016، وتعرضت لمحنة قاسية جعلتها أول امرأة يمنية تواجه حكم الإعدام بتهم تتعلق بـقضايا "أمن الدولة"، قبل ان يلغي القاضي في 9 يوليو 2019، عقوبة الإعدام، ويحكم عليها بالسجن لمدة 15 عاماً بدلاً من ذلك.
"تعرضت أسماء العميسي للضرب المبرح أثناء احتجازها. كما أُجبرت على مشاهدة اثنين من المحتجزين الآخرين معلقين في السقف من معصميهم أثناء ركلهم ولكمهم"، تقول امنستي.
ملايين الجوعى
وحملت لمنظمة العفو الدولية أطراف النزاع مسؤولية تفاقم الأزمة الإنسانية، والناجمة عن سنوات الفقر وتردي الحوكمة.
وقالت إن حوالي 24.1 مليون يمني باتوا الآن بحاجة إلى مساعدات إنسانية كي يبقوا على قيد الحياة.
ووفقًا لليونيسف، فقد ترك النزاع على الأقل 500 ألف شخص من العاملين في القطاع العام بدون رواتب لمدة ثلاث سنوات.
وتقدر المنظمة أن 12.24 مليون من الأطفال بحاجة للمساعدات، كما أجبر 3.65 مليون شخص على ترك منازلهم منذ 2015.
انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني
وقالت اليونيسف إن جميع أطراف النزاع ارتكبت انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
فبينما قصفت قوات "الحوثيين" إحياء سكنية بدون تمييز، وأطلقت صواريخ بدون تمييز على السعودية، قصفت طائرات التحالف العربي البنية الأساسية المدنية ونفذت هجمات بدون تمييز، ما أدى إلى مقتل وإصابة مئات المدنيين.
كما نفذت تلك القوات عشرات الغارات الجوية العشوائية على المدنيين والأعيان المدنية فأصابت المنازل والمدارس والمستشفيات والأسواق والمساجد ومواكب الأعراس والجنازات.
ووثَّقت منظمة العفو الدولية 42 ضربة جوية للتحالف شكَّلت انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، ويصل العديد منها إلى حد جرائم الحرب، وقد نتج عنها سقوط 518 قتيلاً و433 جريحاً من المدنيين.
كما وثَّقت المنظمة استخدام التحالف ستة أنواع مختلفة من الذخائر العنقودية، من بينها نماذج مصنوعة في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والبرازيل، في محافظات صنعاء وحجة وعمران وصعدة.
كما أن الجماعات المسلحة متَّهمة بارتكاب العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، من بينها استخدام أسلحة غير دقيقة في مناطق سكنية.
وتقول إن التحالف فرض قيودا على إدخال البضائع والمعونات، من قبيل المواد الغذائية والوقود والإمدادات الطبية، إلى اليمن، بينما أعاقت سلطات "الأمر الواقع" الحوثية عمليات نقل المساعدات الإنسانية داخل البلاد.
وأدى استمرار النزاع إلى نشوء فراغ سياسي وأمني، وإنشاء ملاذ آمن للجماعات والمليشيات المسلحة المدعومة من قبل دول خارجية.
وأظهر تحقيق، أجرته منظمة العفو الدولية، أن أطفالاً في سن الثامنة اغتُصبوا في مدينة تعز اليمنية. ولم يخضع الجناة المشتبه بهم، ومن بينهم أعضاء في مليشيات مدعومة من قبل التحالف، للمساءلة حتى الآن.