حقوق وحريات

قانون جرائم المعلوماتية العراقي قد "يدعم المليشيات"

دلشاد حسين
24 نوفمبر 2020

عقوبات عديدة تصل أقصاها الى السجن المؤبد وغرامات مادية بنحو 50 مليون دينار عراقي (42 ألف دولار أميركي) واتهامات بالمساس بأمن الدولة، تمثل جزءا من العقوبات الواردة في مشروع قانون جرائم المعلوماتية، الذي يقلق النشطاء والصحافيين العراقيين.

وكان مجلس النواب العراقي، أنهى في جلسته التي عقدها، الإثنين الماضي، قراءة تقرير ومناقشة مشروع قانون جرائم المعلوماتية المقدم من قبل لجان الأمن والدفاع والتعليم العالي والقانونية والثقافة والسياحة وحقوق الإنسان والخدمات والإعمار والاتصالات والإعلام.

وأجرى المجلس تعديلات على المشروع تضمنت تغيير اسمه واستحداث المركز الوطني للأدلة الرقمية مهامها توفير الأدلة لملاحقة الجهات والأشخاص المتهمين بالجرائم الإلكترونية.

ورغم أن البيان الصادر عن مجلس النواب،  نقل تأكيدات اللجنة المعنية بالقانون على إجراء تعديلات واسعة في بنوده بشكل يتناسب مع المقترحات المقدمة، وما ينسجم مع حرية التعبير عن الرأي التي كفلها الدستور، إلا أن الصحافيين والنشطاء ومنظمات المجتمع المدني اعتبروه "مبهماً وخطيراً".

يقول الناشط المدني أيهم الحسن لموقع "ارفع صوتك": "هناك العديد من الكلمات الفضفاضة والعبارات المفتوحة في القانون، على سبيل في نهاية كل فقرة عبارة (بما لا يضر النظام العام)، ولا يوجد توضيح لفقرات النظام العام في العراق، وليست هناك سلسلة قوانين عن النظام العام كي يلتزم بها المواطن الذي يتعامل مع قانون جرائم المعلوماتية".

وأشار الى أن مصدر تخوف الصحافيين والنشطاء المدنيين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من هذا القانون، يعود إلى أنه سيستخدم من قبل الجهات الخارجة عن القانون كحجة عليهم.

وأضاف الحسن "جزء من التخوف يتمثل في وجود جهات مليشياوية لطالما استهدفت الصحافيين والمؤسسات الإعلامية على أي كلمة أو حرف، وهذا القانون سيعطي الجهات إسناداً قانونياً كي تستهدف الجهات الإعلامية والنشطاء، وستستغل هذا القانون لتنفيذ خططها أبشع استغلال".

وصاغت لجنة الأمن والدفاع النيابية مشروع قانون جرائم المعلوماتية عام 2006، لكنه لم ير النور حتى الآن رغم إثارته من قبل الكتل السياسية لعدة مرات خلال السنوات الماضية، منها عام2011 و2019، وحال الضغط الذي مارسته منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وغيرهم من المعارضين له، دون تمريره.

من جهته، أكد رئيس الهيئة الإدارية لمركز القلم العراقي تحسين الزركاني، على أنه "لا يمكن تمرير هكذا قانون وهو في الأصل معترض عليه من قبل الكثير المنظمات الدولية التي تراقب القوانين والتشريعات المتعلقة بالحريات العامة".

وأضاف لموقع "ارفع صوتك": "نحن كنشطاء ومدونين وصحافيين نعمل الآن على حشد الكثير من المنظمات المحلية والإقليمية والدولية، لمواجهة هذا القانون".

وطالب بتنظيم جلسات وندوات ومؤتمرات وورش عمل مكثفة قبل التصويت على مشروع القانون من أجل الوصول إلى صيغة تضمن حرية الفرد وتحد في الوقت ذاته من الجرائم الإلكترونية.

ويتألف مشروع القانون من 21 مادة بفقرات عديدة، تتضمن نحو 63 عقوبة مقيدة للحرية، منها حالات تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد، وغرامات تصل إلى 50 مليون دينار عراقي.

في نفس السياق، قال مدير العلاقات الدولية في مركز "ميترو" للدفاع عن حقوق الصحافيين أسعد علي، إن "حماية الفاسدين وكتلهم السياسية والحد من نشاطات المحتجين والناشطين والصحافيين، سبب رئيسي لطرح هذا القانون مجددا"، واصفا إياه بـ"الأسوأ" من قانون العقوبات العراقي.

وأضاف علي في حديثه لـ"ارفع صوتك"، أن القوى المتنفذة تسعى جاهدة لتمرير هذا القانون وقد عملت بشكل كبير من أجل ذلك.

"كما أخفت هذه الجهات والقوى طيلة السنوات الماضية مسودة القانون عن النشطاء خاصة خلال فترة مناقشته، وذلك بهدف إرباكهم" كما قال علي.

وبحسب المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب، شهد العراق عام 2019 انتهاكات خطيرة غير مسبوقة طالت المؤسسة الصحافية وعامليها في العراق، وقد سُجلت 373 حالة اعتداء على الصحافيين والإعلاميين بينها اغتيال وتهديدات بالتصفية الجسديّة في محافظات العراق كافة.

وكشفت إحصائية للانتهاكات ضد النشطاء والإعلاميين في العراق صادرة عن المركز، أن "37 صحافيا وناشطا عراقيا اغتيلوا خلال الفترة الممتدة بين الأول من أكتوبر 2019 ونهاية يناير 2020، وبلغت حالات الاختطاف في صفوف النشطاء 41 حالة، فيما بلغت حالات تعرضهم والصحافيين للقتل والاستهداف والتهديد نحو 73 حالة من ضمنها 9 حالات خطف واعتقال".

وأوضح المركز أن الحكومة العراقية السابقة أصدرت نحو 130 أمر اعتقال بموجب قوانين مكافحة الإرهاب ضد النشطاء المشاركين في الاحتجاجات والصحافيين الذين غطوا التظاهرات، مبيناً أن أكثر من 50 صحافياً اضطروا إلى ترك عملهم في بغداد، وفرّوا إلى جهات مجهولة خوفا من القتل والاعتقال.

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".