حقوق وحريات

"ليخفي جرائمه في السجون" .. النظام السوري يقيم فعاليات ثقافية

09 ديسمبر 2020

أعلنت وكالة سانا الناطقة باسم النظام السوري عن تنظيم "فعاليات ثقافية" في سجن عدرا المركزي في دمشق، في محاولة منه لتلميع صورته أمام الرأي العام.

وعلى الجانب الآخر من دمشق تقع العديد من السجون العسكرية التي تضم داخلها مئات الآلاف من معتقلي الرأي الذين لا يرون ضوء الشمس ولا يحصلون على أي نشاط مما تم ذكره.

وتم تسريب آلاف الصور من هذه السجون لمعتقلين قضوا تحت التعذيب من قبل المنشق "قيصر"، وتمت إطلاق تسمية المسالخ البشرية على هذه السجون في عدة مناسبات من قبل المنظمات الحقوقية الدولية.

وعلى الرغم من انتشار فيروس كورونا في دمشق ومحيطها، واكتظاظ السجون التابعة للنظام والتحذيرات الأممية من أن سوريا على شفا مجاعة بسبب أزمات الخبز والوقود وانهيار العملة، إلا أن النظام أصرّ على القيام بهذه الأنشطة والفعاليات، في محاولة منه للفت نظر الرأي العام إلى نشاطاته الفنية والثقافية التي يقيمها في سجونه.

وفي محاولة منه لتغطية المشهد الآخر للسجون الممتلئة بالسجناء السياسيين الذي لا يرون الضوء.

وشارك وزير الداخلية السوري ووزيرة الثقافة في هذه الفعاليات في سجن عدرا المركزي بالعاصمة دمشق، والذي يعد أكبر سجن في سوريا.

وبحسب وكالة الأنباء الرسمية فإن الوزيرين قد افتتحا خلال جولتهما مكتبة السجن بعد توسعها لتضم نحو 6 آلاف كتاب من إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب.

كما أطّلعا على أعمال تزيين جدران ردهات السجن برسومات تحتوي "رموزاً وطنية" نفذها نزلاء من السجن بعد مشاركتهم بورشة فنية أقامتها وزارة الثقافة.

وبحسب وزارة داخلية النظام السوري فإن هذه النشاطات "أسهمت بمساعدة النزلاء على تحويل طاقاتهم لمسارات إيجابية ليتحولوا بعدها لمواطنين فاعلين في المجتمع".

ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، فإن سجن عدرا يعد أحد أقل السجون خطورة على حياة المعتقلين، إلا أنه يضم الآلاف ممن احتجزوا ظلمًا، وتعرضوا لمحاكمات غير عادلة، والكثير من الانتهاكات الحقوقية.

وبحسب عدد من الناشطين فقد أطلق اسم "السجن السويسري" على سجن عدرا المركزي، نتيجة لكثرة المحاولات من النظام السوري لتلميع صورته في مجال حقوق الإنسان من خلال الأنشطة التي يقيمها في هذا السجن بشكل دوري.

وكانت مصادر في المعارضة السورية أكدت إصابة 1084 سجيناً في سجن عدرا بفيروس كورونا، بينما وصلت أعداد الوفيات إلى 205 أشخاص.

ويشير القانوني السوري حاتم المصري إلى أن النظام السوري بات يركز مؤخراً بشكل كبير على هذه الفعاليات، مشيراً خلال حديثه لموقع (ارفع صوتك)، إلى أن جميع هذه الفعاليات فقط للسجناء الجنائيين وهي بعيدة كل البعد عن سجناء الرأي والسجناء السياسيين.

ويضيف المصري، "النظام يعمل اليوم على تلميع صورته وتغييب ما يجري ضمن السجون العسكرية والأفرع الأمنية، ولكنه لن يفلح في شيء من ذلك فالتقارير والتوثيقات التي جرت بحقه منذ عام 2011 ستساهم بشكل أو بآخر بمحاكمة النظام ورموزه في أقرب وقت".

وفي وقت سابق أشارت منظمة العفو الدولية في تقرير لها أن النظام السوري يمارس شتى أنواع التعذيب بحق سجناء الرأي، منها السلق بالمياه الساخنة حتى الموت.

وقالت المنظمة في تقريرها، "إن 17723 معتقلًا قتلوا أثناء احتجازهم في سجون النظام السوري، ما بين آذار 2011 وكانون الأول 2015، أي بمعدل 300 معتقل كل شهر".

بدورها قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير خاص لها عن المعتقلين، إنها تمتلك قوائم بأسماء 117 ألف شخص بينهم نساء وأطفال، في حين تقدر عدد المعتقلين في سجون النظام أكثر من 215 ألف معتقل.

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".