لقمان سليم الناشط السياسي الجريء والباحث المهووس
الناشط السياسي والاجتماعي لقمان سليم الذي عثر عليه مقتولا الخميس في سيارته بجنوب لبنان، باحث ومفكر عمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والتوعية على أهمية المواطنة والمساواة في بلد يعاني من انقسامات وصراعات سياسية وطائفية عميقة.
كان لقمان سليم (58 عاما) ينتمي إلى الطائفة الشيعية، لكنه كان من أشد المنتقدين للقوة الشيعية والسياسية والعسكرية الأكبر في لبنان، حزب الله المدعوم من إيران.
ولم يمنعه ذلك من تركيز كل عمله ونشاطه في منزله في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله حيث أقام مركز "أمم" للأبحاث والتوثيق.
وإذا كان الكثير من مداخلاته التلفزيونية في الآونة الأخيرة تناول حزب الله الذي كان سليم يعتبر أنه يأخذ لبنان رهينة لإيران، لم يتردد في انتقاد كل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد والعجز في لبنان.
واستعانت مراكز أبحاث عدة ومنظمات غير حكومية ودولية بخبرته ومنشوراته بسبب استقلاليته وجرأته في تناول أكثر المواضيع حساسية.
وصفه المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش الخميس بأنه "ناشط محترم" و"صوت مستقل وصادق"، معبرا عن حزنه "لخسارته المأسوية".
ومعروف عن سليم أنه كان نشيطا وغزير الإنتاج في النشر والمشاريع التوعوية والثقافية، جريئا في التعبير، ومتمردا على السياسات التقليدية ورافضا للطائفية.
على مواقع التواصل الاجتماعي، ندد كثيرون بقتل "الرأي الحر" من خلال قتله بالرصاص في قرية بجنوب لبنان.
نحن بلد يحكمه مجرمون وقتلة وفاسدون.
— ديانا مقلد Diana Moukalled (@dianamoukalled) February 4, 2021
اغتيال الكاتب لقمان سليم جريمة موصوفة ومرتكبها لا يخفي هويته.
وكأن بحزب الله يقولها علناً: خوّناه لسنوات عبر اعلامنا وكتبتنا وهددناه
وها نحن قتلناه في عقر دارنا.
العدالة للقمان سليم pic.twitter.com/Ddkw4rxW21
هذه جمهورية الاغتيالات. تحمي قاتل مرفأ بيروت وتحمي قاتل لقمان سليم.
— غسّان شربل (@GhasanCharbel) February 4, 2021
اسرائيل تضرب اوكارهم في سوريا و طياراتها تحلق فوق رؤوسهم في لبنان وتستهدف كل تحركاتهم.
— شاهو القرةداغي (@shahokurdy) February 4, 2021
ولكنهم يقررون الانتقام من الناشطين والكتاب!
وبعد اغتيال الكاتب #لقمان_سليم يكتب نجل حسن نصرالله قائلًا : " خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب، بلا أسف "
العقلية الميليشياوية مصيبة pic.twitter.com/XaRrO1eTO5
ما شبعت سفك دماء بعد !!! #حسن_نصرالله يغتال #لقمان_سليم. لقمان سليم ينضم الى قافلة الصحافيين المعارضين لحزب الله الذي اغتالتهم آلة القتل الايرانية.لك تفو على هيك دولة وهيك اجهزة امنية وهيك سياسيين راضخين لايران روحوا طموا حالكم احسن بلا شرف وبلا كرامة وبلا ضمير #ماريا_معلوف pic.twitter.com/3CkzyndHv3
— Maria Maaloof (@bilarakib) February 4, 2021
الذاكرة والمصالحة والمواطنة
ولد لقمان سليم في حارة حريك في العام 1962 من أب كان محاميا لامعا ومعروفا وأم مصرية.
درس الفلسفة في جامعة السوربون في باريس.
في "دار الجديد" للنشر التي أسسها في التسعينات، تمت ترجمة كتب الرئيس الإيراني الإصلاحي آنذاك محمد خاتمي، للمرة الأولى إلى العربية.
وعبرها، أنتج سليم مع زوجته الألمانية مونيكا بورغمان فيلمين وثائقيين أحدهما حول مجزرة صبرا وشاتيلا خلال الحرب الأهلية في لبنان، والثاني حول سجن تدمر في سوريا حيث تعرض سجناء لبنانيون للتعذيب.
في منزل العائلة في حارة حريك الذي تتوسطه حديقة واسعة، وحيث مركز "أمم"، كان سليم يحتفظ بنسخ عن الصحف الصادرة في لبنان منذ عقود.
وكان من أبرز نشاطات المركز مشروعه الهادف إلى شفاء جراح الحرب الأهلية.
فجمع أرشيفا هائلا عن تاريخ لبنان الاجتماعي والسياسي وضعه في تصرف الباحثين والإعلاميين.
ونظم أنشطة ولقاءات للدفع في اتجاه مواجهة جراح الذاكرة والمصالحة بين اللبنانيين.
وحوّل، اعتبارا من العام 2007 مستوعبا قرب منزل عائلته، إلى مساحة ثقافية فريدة من نوعها كانت تقام فيها معارض صور وعروض أفلام وحوارات مع فنانين ومخرجين محورها الحرب الأهلية (1975-1990).
ولقيت مؤسسته دعما من دول أوروبية عدة خصوصا سويسرا وألمانيا.
وكان يعمل في الفترة الأخيرة على مشروع لتوثيق يوميات الحرب السورية.
في 2008، أسس جمعية "هيا بنا من أجل مواطنية جامعة" معددا بين أهدافها "الدفاع عن قيم المواطنة والتسامح والتعدد والديموقراطي وحقوق الإنسان".
اتهمه مناصرون لحزب الله مرارا بأنه من "شيعة السفارة"، أي من الناشطين الشيعة الذين ينسقون مع السفارة الأميركية في بيروت، وبالتالي، هوجم مرارا على أنه "خائن وعميل".
ما بصدّق انو في هيك تويت!
— michel hatem (@hatem_michel) February 4, 2021
كيف بكرا بدّن يقولو انو ما خصنا بإغتيالو؟
الشهيد #لقمان_سليم بيسوا الف ماتوا بهدف خدمة غير بلد! pic.twitter.com/Dg088HQnHI
في كانون الأول/ ديسمبر 2019، تجمع عدد من الأشخاص أمام منزله في حارة حريك، مرددين عبارات تخوين، وألصقوا شعارات على جدران المنزل كتب عليها "لقمان سليم الخائن والعميل"،
و"حزب الله شرف الامة"، و"المجد لكاتم الصوت".
وعلى الأثر، نشر سليم بيانا اتهم فيه من أسماهم بـ"خفافيش الظلمة" بالقيام بذلك، وحمّل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وحليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري مسؤولية ما جرى و"ما قد يجري" له ولعائلته ومنزله.
هذا البيان نشره #لقمان_سليم عام ٢٠١٩ متحدثا عن التهديدات التي كان يتلقاها. pic.twitter.com/Q0rrp3w1hP
— NicoleHajal (@NicoleHajal) February 4, 2021
يصفه عارفوه وزملاؤه بأنه "هادئ الطباع"، و"قارئ نهم"، و"خفيف الظل".
وكان كذلك "متواضعا جدا" و"كتوما" بحسب صديقة له، ويتحلى بـ"فصاحة كبيرة" باللغة العربية. وهو يكتب تغريداته على "تويتر" واضعا كل الحركات والهمزات على كل الأحرف.
على حسابه على "تويتر"، كتب الصحافي نديم جرجورة أن سليم انتهج "سلوكا أخلاقيّا وثقافيا وفكريّا" في "مقارعة تنانين السلطة، النظام الحاكم في لبنان، بأطيافه المختلفة، وإنْ يكن حزب الله أكثر من يُواجهه سليم ويُقارعه".
وأضاف "اغتياله منبثقٌ من سيرته كناشطٍ يُنظّر ويُحلِّل، ويعمل ميدانياً على توثيق وتسجيل ذاكرةٍ، يريدها حيّة دائماً".