عائلة تركمانية تفر من مدينة تلعفر إلى مخيم خازر بالقرب من أربيل
عائلة تركمانية تفر من مدينة تلعفر إلى مخيم خازر بالقرب من أربيل/ أرشيفية

طالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان بتعديل قانون "الناجيات الأيزيديات" ليشمل جميع المكونات المتضررة.

ويعترف مشروع قانون الناجيات الأيزيديات، الذي صوت عليه مجلس النواب خلال جلسته التي عقدت أول مارس الماضي، برئاسة محمد الحلبوسي، وحضور 180 نائباً، بالجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش ضد النساء والفتيات بما في ذلك الاختطاف والاستعباد الجنسي والزواج القسري والحمل والإجهاض، باعتبارها إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.

ويوفر القانون تعويضات للناجيات، فضلاً عن تدابير لإعادة تأهيلهن ودمجهن في المجتمع، ومنع مثل هذه الجرائم في المستقبل.

كما ينص على منحهن رواتب التقاعد وتوفير الأرض والإسكان والتعليم وحصة في التوظيف بالقطاع العام.

وقال الناطق باسم المفوضية، علي البياتي، في تصريح سابق، إن "المادة (أولاً/1 ) من القانون تم حصر الناجيات بتاريخ الاختطاف وهو 3/8/2014، إذ أن التركمانيات والنساء من الأقليات الأخرى تم اختطافهن قبل هذا التاريخ وتحديداً في 10/6/2014  أو بعده بأيام".

"أما الأطفال فقد تم حصرهم بالأيزيديين فقط حسب المادة (ثانياَ/ 3)، علماً أن هناك العشرات من الناجين والناجيات من التركمان والأقليات الأخرى حالياً هم موجودون وعادوا ولكن كانت أعمارهم عند الاختطاف دون سن الـ 18، بالتالي لا يشملهم القانون، بينما الناجون (الذكور) وإن تم ذكرهم جميعاً في المادة (ثانياً /4) ولكن من خلال الواقع فإن الرجال أغلبهم تمت تصفيتهم"، حسب المفوضية.

وأوضحت "بحسب الأرقام المتوفرة لدينا، فان أكثر من 1200 مواطن تم اختطافهم من التركمان، وفيهم أعداد كبيرة من النساء ولم يعد منهم إلا عشرات، وهم بانتظار أي دعم وتعويض من الحكومة كحق من حقوقهم حسب الدستور العراقي".

"لم تقدم الحكومة أي شيء لهم إلى الآن، فضلاً عن غياب دعم المنظمات الدولية التي توجهت للمجتمع الايزيدي، حصراً، في هذا الملف، وهذا يعد تمييزاً واضحاً"، تابعت البياتي.

وقال إن "أكثر من ألف عراقي تركماني ينتظر التحرير وخلاصه من بطش العصابات الإرهابية، وهناك معلومات بشأن وجودهم في سوريا وتركيا، وجميع هذه الجهود توقعنا أن يدفع بها التشريع الجديد، فالقانون الذي تم نشره في جريدة (الوقائع) صادم ولا يشمل التركمان وحتى الشبك والمسيحيين".

 

الأزمات الطائفية والعرقية

كانت إحصائية لمكتب المخطوفين في إقليم كردستان شمال العراق أظهرت اختطاف 3548 امرأة، وبلغ عدد الناجيات من النساء والفتيات 2288، فيما لا يزال العشرات منهن مختطفات.

وتفيد التقارير عن اختطاف 600 تركمانية، تم تحرير 42 منهن بعد تحرير المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش الارهابي.

تقول الناشطة الحقوقية نادية عبد لـ "ارفع صوتك" إن "التركيز على الأيزيديات فقط يصرف الأنظار عن معاناة النساء والفتيات المتضررات من المكونات الأخرى ويجحف حقوقهن".  

وتشير إلى  أن مقاتلي داعش احتجزوا تعسفياً وعذبوا وتزوجوا من نساء العرب السنة،  حسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، مضيفة "هذا القانون قد يزيد من الأزمات الطائفية والعرقية وخاصة عند تعويض مكون عرقي أو ديني واستبعاد غيره".

كذلك لا يذكر القانون سوى الجرائم التي تعرضت لها النساء والفتيات ويستبعد الرجال والفتيان، وهو ما تراه عبد "مشكلة كبيرة" بالقرارات المتعلقة بالنساء والفتيات أنفسهن وقد يفقدهن الحماية الأمنية.

والسبب أن هؤلاء النساء "يعشن في مجتمع تعرض الجميع فيه لتلك الانتهاكات والجرائم، وعليهن الالتزام بالضوابط الاجتماعية المفروضة" وفق تعبير عبد.

 

الأطفال وأمهاتهم

ورغم ترحيب الخبيرة المعنية بحقوق الإنسان للمشردين داخلياً، سيسيليا جيمينيز داماري بمشروع القانون بوصفه خطوة رئيسية نحو تعزيز العدالة فيما يتعلق بالجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش إلاّ أنها أعربت عن قلقها العميق إزاء حالة الأطفال المولودين نتيجة اغتصاب مقاتلي داعش. 

وقالت داماري: "هؤلاء الأطفال معرضون لخطر الهجر، وتواجه الأمهات الأيزيديات خياراً صعباً يتمثل في ترك أطفالهن أو مجتمعهن".

وأضافت "لسوء الحظ، لم يتطرق هذا القانون إلى وضع هؤلاء الأطفال". 

ودعت داماري حكومة العراق إلى تعزيز جهود الوساطة والتماسك الاجتماعي، بمشاركة المتضررين، لحماية حقوق كل من الأطفال وأمهاتهم، ودعمهم في تحقيق حل دائم لنزوحهم".

من جابنها، قالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، خلال متابعة مصير النساء التركمانيات والناجيات عام 2020 أن البعض منهن "حاول الهرب إلى تركيا وتم اعتقالهن من قبل القوات التركية وإيداعهن في سجن عفرين الواقع على الشريط الحدودي السوري التركي".

"وكما معروف فإن مدن الرقة والحسكة وعزاز لا تخضع لسيطرة الحكومة السورية، كما بينت السفارة العراقية في دمشق بعدم وجود معلومات ذات صلة في المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية" وفق المفوضية.

وتؤشر على "حالة الضياع والانتهاك التي ألمت بالنساء في سجون خارج حدود العراق لا يمكن من خلالها الوقوف على أوضاعهن أو معرفة مصائرهن، ما يقتضي تدخلا دوليا".

 

تطبيق القوانين

كل هذه الأمور دفعت للمطالبة بالتعديلات التي يحتاجها قانون "الناجيات الأيزيديات" الحالي، خاصة فيما يتعلق ببقية المكونات الأخرى. 

تقول المحامية دنيا حيدر لـ "ارفع صوتك": "نحن بحاجة إلى قوانين تنصف كل الأطراف ولا تثير الجدل والسجال بتفضيل طرف على غيره بين أفراد المجتمع العراقي الواحد".

وحسب حيدر، "ينقص الفرد العراقي سواء كان امرأة أو رجل، تنفيذ القوانين والعمل بها، فهو ليس بحاجة لقانون يُناقش ويتم تشريعه ثم يركن كغيره من القوانين أو يعطل العمل به بسبب العجز المالي أو الفساد المستشري في البلاد".

بالإضافة لذلك "هناك حقيقة علينا الأخذ بها وهي أن المجتمع العراقي بكل مكوناته ليس لديه مفهوم (التسامح مع المرأة) وإن كانت ضحية، وأن القوانين التي تساند النساء وتحميهن قد تسبب لأفراد المجتمع من الرجال الشعور بالخزي والعار". 

وكان المجلس الروحاني الأيزيدي الأعلى في العراق رفض قبول أطفال الناجيات الذين ولدوا جراء الاغتصاب بعد احتلال داعش لمناطقهم في أغسطس 2014.

وتفيد التقارير  أن عدداً من النساء الأيزيديات فضلن البقاء في مخيم الهول السوري مع أطفالهن بدلا من العودة إلى ديارهن، كي لا يُحرمن منهم.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Palestinians gather to receive food cooked by a charity kitchen, in Khan Younis
حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية- تعبيرية

حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية، حيث يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأشار التقرير إلى أن الصراعات، والتغيرات المناخية، قد أدت إلى زيادة حادة في أعداد الجوعى، خاصة في مناطق مثل السودان وقطاع غزة.

وعقب نشر التقرير، تحدث ثلاثة مسؤولين أمميين، عبر الفيديو، إلى صحفيين في نيويورك، حيث قدموا إحاطة عن التحديث نصف السنوي للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2024 والذي يغطي الفترة حتى نهاية أغسطس 2024.

وأكد المسؤولون الأمميون الحاجة الماسة إلى زيادة التمويل الإنساني والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للأزمات الغذائية، مثل الصراعات والتغيرات المناخية، وذلك لمنع تفاقم الوضع وتجنب حدوث مجاعات أوسع نطاقا.

وفي بداية الإحاطة قدم، ماكسيمو توريرو، كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لمحة عامة عن النتائج الرئيسية للتقرير.

ويُظهر التقرير أن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستوى كارثيا من انعدام الأمن الغذائي تضاعف من 705 آلاف شخص في 5 دول وأقاليم في عام 2023 إلى 1.9 مليون في 4 دول أو أقاليم في عام 2024. وهذا هو أعلى رقم يسجله التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، ويعود ذلك في الغالب إلى الصراع في قطاع غزة والسودان، وفقا لتوريرو.

ويشار إلى أن التصنيف المتكامل للأمن الغذائي يتكون من خمس مراحل، ومستوى "الأزمة" أو انعدام الأمن الغذائي الحاد هو المرحلة الثالثة من التصنيف. المرحلة الرابعة هي الطوارئ، أما المرحلة الخامسة فهي الكارثة أو المجاعة.

وقال توريرو إن اشتداد وتيرة الصراعات في غزة والسودان وأيضا الجفاف الناجم عن ظاهرة النينيو وارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية يزيد من عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 18 دولة مقارنة بعام 2023.

مجاعة مستمرة في مخيم زمزم

في السودان، قال توريرو إن المجاعة مستمرة في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، ومن المتوقع أن تستمر حتى أكتوبر المقبل. ونبه إلى أن العديد من المناطق الأخرى في جميع أنحاء السودان معرضة أيضا لخطر المجاعة بسبب استمرار العنف ومحدودية المساعدات الإنسانية.

وأضاف المسؤول الأممي أن الصراع يستمر في التسبب بتدهور سريع للأمن الغذائي في السودان، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 26% من الأشخاص سيواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتم تصنيف حوالي 25.6 مليون شخص على أنهم يعانون من مستوى أزمة أو أسوأ.

وألقى الصراع في السودان بظلاله على الأمن الغذائي في البلدان المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان، وفقا لتوريرو.

أزمة الغذاء في غزة الأكثر شدة في التاريخ

أما بشأن الوضع في غزة، يقول توريرو إن أزمة الغذاء لا تزال الأكثر حدة في تاريخ التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، مع وجود ما يقرب من 2.2 مليون شخص من السكان ما زالوا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة.

وقد اشتدت حدة الأزمة، حيث عانى نصف السكان من المجاعة خلال الفترة بين مارس وأبريل، ارتفاعا من ربع السكان خلال الفترة من ديسمبر 2023 إلى فبراير 2024.

وتشير التوقعات إلى انخفاض هذه النسبة إلى 22% من السكان - أي حوالي 495 ألف شخص، خلال الفترة بين يونيو وسبتمبر 2024، ولا تشير الأدلة المتاحة إلى المجاعة على الرغم من أن خطرها لا يزال قائما.

جانب إيجابي

على الصعيد الإيجابي، قال توريرو إن تحسن موسم الحصاد والاستقرار الاقتصادي أديا إلى تحسن في الأمن الغذائي في 16 دولة.

ومن بين هذه الدول الـ 16 شهدت 5 دول - هي أفغانستان وكينيا والكونغو الديمقراطية وغواتيمالا ولبنان - انخفاضا في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بمقدار مليون شخص على الأقل، منذ بلوغ الذروة في عام 2023، لكن جميع هذه الدول لا تزال في وضع الأزمة.

ما المطلوب؟

فيما يتعلق بالإجراءات المطلوبة لتحسين وضع الأمني الغذائي، تطرق، عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، إلى أمرين قال إنهما مطلوبان بشدة وهما الوصول إلى الأشخاص المحتاجين والتمويل المستدام.

وأضاف: "لا يكفي أن يكون لديك واحد من هذين الأمرين. أي إذا توفر الوصول وحده فهذا لا يكفي، وإذا توفر المال وحده فهو لا يكفي أيضا. أنت بحاجة إلى الاثنين معا (...) ولذلك نسعى إلى التأكد من وجود وصول وتمويل مستدامين حتى نتمكن من مساعدة الأشخاص المحتاجين سواء في غزة أو في السودان أو في أي مكان آخر".

وتحدث حسين عن مشكلة أخرى وهي "الإجهاد في مجال التمويل"- في إشارة إلى الإجهاد الذي أصاب الجهات المانحة. وشدد في هذا السياق على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي سواء تعلق ذلك بالمناخ أو بالصراع، "لأنه ما لم نعالج الأسباب الجذرية، فلا ينبغي لنا أن نتوقع انخفاضا في الاحتياجات".

الهزال يفتك بالأطفال في مناطق الأزمات

الدكتور فيكتور أغوايو، مدير التغذية ونمو الطفل في منظمة اليونيسف تحدث في إحاطته عن الهزال بوصفه الشكل الأكثر تهديدا للحياة من أشكال سوء التغذية لدى الأطفال. وقال إن الهزال يظل مرتفعا جدا بين الأطفال الذين يعيشون في بلدان تعاني من أزمات غذائية.

ويعود ذلك، وفقا للمسؤول الأممي، إلى عدم قدرة الأسر على الوصول إلى الأطعمة المغذية لأطفالها أو تحمل تكلفة تلك الأطعمة، فضلا عن عدم القدرة على الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي.

وقال أغوايو إن التقرير العالمي يسلط الضوء على زيادة مقلقة في هزال الأطفال، مع مستويات حرجة في 8 دول هي الكاميرون وتشاد وجيبوتي وهايتي والسودان وسوريا وأوغندا واليمن.

أكثر من 50 ألف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد

وقال مدير التغذية ونمو الطفل في اليونيسف إنه زار غزة الأسبوع الماضي ورأى بنفسه كيف انعكست شهور من الحرب والقيود الشديدة المفروضة على الاستجابة الإنسانية، وأدت إلى انهيار أنظمة الغذاء والصحة والحماية، مع عواقب كارثية على تغذية الأطفال.

ووصف النظام الغذائي للأطفال الصغار بأنه "رديء للغاية"، حيث لا يتناول أكثر من 90 في المئة منهم سوى نوعين من الطعام، يوميا، في أفضل الأحوال، وأضاف: "ونحن نقدر أن أكثر من 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى علاج منقذ للحياة الآن".

ومضى قائلا: "التقيت أثناء وجودي في غزة بأطباء وممرضات وعاملين في مجال التغذية ينفذون البرامج التي ندعمها... واستمعت إلى نضالات الأمهات والآباء في سبيل إطعام أطفالهم. وما من شك لدي في أن خطر المجاعة وأزمة التغذية الشديدة واسعة النطاق في غزة حقيقي".

حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار

أغوايو قال إن هناك سبيلا واحدا لمنع ذلك الخطر وأضاف: "نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار، على الفور، ومع وقف إطلاق النار، يجب توفير وصول إنساني مستدام وواسع النطاق إلى قطاع غزة بأكمله. وقف إطلاق النار والاستجابة الإنسانية غير المقيدة وحدهما الكفيلان بتمكين الأسر من الوصول إلى الغذاء، بما في ذلك التغذية المتخصصة للأطفال الصغار، والمكملات الغذائية للنساء الحوامل، وخدمات الصحة والمياه والصرف الصحي لجميع السكان".

في السودان، يتأثر أكثر من 25 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي - بمن فيهم ما يقرب من 3.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. وتستمر هذه الأرقام في الارتفاع بسبب النزوح الجماعي، والوصول الإنساني المحدود، وتعطل خدمات الصحة والتغذية، وفقا لأغوايو.

ودعا المسؤول في منظمة اليونيسف إلى استجابة إنسانية غير مقيدة وواسعة النطاق للوقاية المبكرة والكشف عن وعلاج سوء التغذية الحاد بين الأطفال الأكثر ضعفا، وخاصة لمن تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وأمهاتهم، والذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب هذه الأزمات المتصاعدة المتعددة.