تواصل محافظة دهوك في إقليم كُردستان العراق استعداداتها لتأسيس متحف الإبادة الجماعية، الذي سيحتضن الأدلة والوثائق الخاصة بكافة حملات الإبادة الجماعية التي تعرض لها الكُرد في العراق، إلى جانب تخصيص أقسام خاصة بحملات الإبادة التي تعرضت لها الأقليات الأخرى.
ويشرف مركز أبحاث الإبادة الجماعية في جامعة دهوك على مشروع تأسيس المتحف الذي تنفذه وزارة الثقافة في حكومة الإقليم بالتعاون مع جهات حكومية ومنظمات مدنية محلية في الإقليم وأخرى دولية.
وخصصت حكومة الإقليم قلعة نزاركي الواقعة شرق دهوك لتكون مقرا للمتحف، باعتبارها واحدة من القلاع العسكرية التي أسسها النظام العراقي السابق في سبعينات القرن الماضي، وكانت قاعدة عسكرية خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، قبل أن يحولها نظام صدام حسين منذ عام 1988 إلى سجن خاص بالعائلات الكردية أثناء حملات الأنفال تمهيدا لنقلهم إلى المقابر الجماعية.
يقول مدير مركز أبحاث الإبادة الجماعية في جامعة دهوك، سالم جاسم لموقع "ارفع صوتك": "وقع الاختيار على هذه القلعة لأنها كانت مركزا من مراكز تنفيذ الإبادة الجماعية، خاصة خلال المرحلة الثانية من حملات الأنفال التي نفذت في محافظة دهوك ومنطقة بهدينان، وأعدم النظام العديد من أفراد العائلات المحتجزة فيه، لذلك كان اختيارها أمرا مهما لتكون متحفا يحتضن الأدلة والوثائق الخاصة بحملات الأنفال".
وتعتبر قلعة نزاركي من القلاع العسكرية كبيرة الحجم، حيث تتكون من 80 قاعة كبيرة وغرف، إلى جانب باحة واسعة كانت تستخدم من قبل القوات العراقية في عهد الرئيس العراقي السابق لتنفيذ عمليات الإعدام.
ويضيف جاسم: "سينفذ مشروع المتحف على عدة مراحل. تشمل المرحلة الأولى إعداد القلعة كي تكون جاهزة لاحتضان المتحف عبر ترميميها وإعادة إعمارها لأنها مبنى قديم ظل متروكا خلال السنوات الماضية. أما المرحلة الثانية، فهي مرحلة الإعداد الفني والتقني للمتحف وجمع الوثائق والأدلة وكافة ما يتعلق بالضحايا من أغراض ومستلزمات".
وبحسب الخطة الخاصة بالمشروع، سيؤسس المتحف بشكل عصري متطور من خلال الاستفادة من تجارب المتاحف الخاصة بالإبادة الجماعية في العالم. وسيحتضن المتحف أيضا وثائق وادلة عن حملات الإبادة التي تعرضت لها الأقليات الأخرى في العراق كالآشوريين.
يقول جاسم: "لدينا تنسيق مع وزارة الخارجية الألمانية، ومن المقرر أن نرسل خلال المرحلة الثانية من مراحل تأسيس المتحف 6 موظفين إلى ألمانيا من أجل التدريب على كيفية العمل في المتحف والتعامل من الناحية الفنية. وهذه الترتيبات تجري بالتعاون مع الجانبين الألماني والبولندي".
وبحسب مدير مركز أبحاث الإبادة الجماعية في جامعة دهوك، سيتكون المتحف من عدة أقسام، منها قاعات لعرض الفيديوهات التي توثق عمليات الأنفال وشهادات الناجين من هذه الحملات التي تعرض لها الكُرد، أحدها فيديو يوثق احتجاز العائلات الكردية في قلعة نزاركي، وقاعة لعرض الصور الخاصة بعمليات الأنفال وحملات الإبادة الجماعية الأخرى، وقاعة أخرى لعرض ملابس الضحايا ومقتنياتهم التي عثر عليها في المقابر الجماعية، إلى جانب مكتبة وقاعة خاصة بالوثائق، وقاعة أخرى تعرض فيها المقابلات الصوتية التي أجريت مع الناجين من هذه الحملات، وقاعات للمؤتمرات والندوات، مع تخصيص قاعة لعرض البانوراما الخاص بهذه الحملات بحسب نظام تصوير ثلاثي الأبعاد.
ويضيف جاسم: "سيحتضن المتحف بعد افتتاحه كافة مراسم إحياء ذكرى حملات الإبادة من الأنفال والابادة التي تعرض لها الأيزيديون على يد داعش. وستخصص قاعة لعرض الوثائق والصور والفيديوهات الخاصة بحملات الإبادة التي تعرضت لها الشعوب الأخرى كإبادة الأرمن وإبادة اليهود (الهولوكوست) والإبادة الجماعية في رواندا والبوسنة. وسيتعاون المتحف مع المتاحف الدولية الأخرى الخاصة بالإبادة لتبادل الخبرات الفنية في هذا المجال".
ونفذ الجيش العراقي عمليات الإبادة الجماعية المعروفة بعمليات "الأنفال" ضد المدنيين الكُرد في ستة مناطق جغرافية مختلفة في كُردستان شمال العراق، على ثماني مراحل، نفذت بين فبراير وسبتمبر عام 1988، وراح ضحيتها أكثر من 182 ألف مدني كُردي عدد كبير منهم من النساء والأطفال.