صورة أرشيفية لأحد اجتماعات نقابة المحامين العراقيين- صفحة النقابة الرسمية في فيسبوك
صورة أرشيفية لأحد اجتماعات نقابة المحامين العراقيين- صفحة النقابة الرسمية في فيسبوك

أثار قرار نقابة المحامين العراقيين، إغلاق المجموعات القانونية على مواقع التواصل الاجتماعي، نقاشاً واسعاً وجدلاً في الأوساط القانونية والحقوقية. 

وذكر بيان لمجلس النقابة، أنه "قرر غلق المجموعات القانونية في المواقع الإلكترونيّة، ومعاقبة المحامين الذين يقدّمون المشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن معاقبة المحامين الذين ينشرون للترويج عبر صفحاتهم لغرض استجلاب الزبائن خلافاً للقانون". 

وينص القرار وفق البيان على "منع المشورة على كافة مواقع التواصل الاجتماعي وليس الفيسبوك فقط، ومنع استمرار فتح (الكروبات) القانونية على الفيسبوك فقط، ومنع استخدام الترويج الإلكتروني (السبونسر) على كافة مواقع التواصل الاجتماعي سواء كانت بترويج إعلاني للعمل كمحام أو بنشر المعلومة القانونية للعامة بشكل مروج مدعوم مالياً ببطاقات شحن إلكترونية، باعتبار أن قانون المحاماة النافذ حظر ذلك الفعل واعتبره من قبل استجلاب الزبائن وفقاً لأحكام المادة (42) من قانون المحاماة النافذ 173 لسنة 1965".

كما أمهل قرار النقابة مسؤولي "الكروبات" (المجموعات) أسبوعاً واحداً، يبدأ من 23 يونيو (أمس الخميس)، لغرض أرشفتها وإغلاقها.

صورة عن بيان مجلس نقابة المحامين العراقية نُشر على صفحة النقابة الرسمية في فيسبوك

وتفاعل عشرات المحامين من رواد مواقع التواصل بشكل كبير مع القرار وتنوعت الآراء، إلا أن الأغلبية لم تتقبله.

اعتبر بعضهم أن القرار إن صح يعدّ "انتهاكا لحرية التعبير" إذ يجب التمييز ما بين الاستشارة القانونية المجانية، وما بين وجود المجموعات القانونية، لأن التعميم هو انتهاك لحرية الرأي والتعبير وتبادل المعلومات القانونية.

وأصحاب هذا الرأي، قالوا إنه لا بد من طرح هذا الموضوع عبر دراسة مستفيضة وتشخيص الأخطاء بدقة ووضع الحلول لمعالجتها، والابتعاد عن ظاهرة المنع المطلق كونها تمثل حالة من "الاستبداد وتقييد حرية الرأي والتعبير" حسب وصفهم.

ورأى آخرون أن القرار "مخالف للقانون"، لأن التجمعات القانونية ليست مخالفة سلوكية بل بعض الأفعال التي تصدر هنا وهناك هي التي تشكل مخالفات سلوكية، ويفترض تحديد هذه الأفعال من جهة، والوقوف على معنى المشورة القانونية الإلكترونية من جهة أخرى. 

وهؤلاء أكدوا "ضرورة عدم الخلط بين (الدعاية) في زمن التطور الإلكتروني وبين (استجلاب الزبائن) المجرّم وفق أحكام المادة (42 من قانون المحاماة النافذ 173 لسنة 1965)، فمنع المحامي من الدعاية يلزمه تجريم أي عمل يؤدي إلى هذا المعنى، وستصبح مهمة تعليق أي لافتة على مكتب المحامين نوعاً من الدعاية إذا تم الأخذ بهذا الرأي".

في المقابل، قالت بعض المنضمات غير الحكومية التي تُعنى بالشأن القانوني إنها "غير معنية بهذا القرار".

وبينت "رابطة أحفاد حمورابي للتطوير الإداري والقانوني" عبر صفحتها الرسمية في فيسبوك، ملاحظاتها على القرار، بأنه "خاص بالمحامين فقط ولا يخص الموظفين الحقوقيين، لأنهم أصلاً ليسوا مسجلين في جدول المحامين ولا يسمح لهم قانون المحاماة بالجمع بين الوظيفة وعمل المحاماة".

وأضافت أن القرار "لا يسري على صفحة الرابطة كونها منظمة غير حكومية مسجلة رسمياً لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ويحق لها ضمن النظام الداخلي المصادق عليه نشر الثقافة القانونية في المجتمع، بل وتقاضي أجر رمزي لقاء الخدمات القانونية المقدمة".

في نفس الوقت، أكدت الرابطة أن القرار "مخالف للدستور الذي ضمن لكل مواطن حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، حيث خلط بين الدعاية وبين تبادل المعرفة القانونية"، مردفةً "ويعني القرار أن أي محامٍ لا يستطيع نشر أي قرار مستقبلاً أو التعليق عليه ولو كان هو الوكيل في الدعوى، لأنه يعد ترويجاً له".

صورة عن منشور الرابطة في فيسبوك

"لا يشكل خطراً على مصلحة المحامي"

تعقيباً على هذا القرار والجدل الذي أحاطه، تقول المحامية إيمان محمد لـ"ارفع صوتك": "يتم رفضه الآن بذريعة تقييد حرية الرأي والتعبير وتبادل المعلومات القانونية، وهو ما يأخذنا إلى الحيل التي يلجأ إليها بعض المحامين وما يفعلونه في الآونة الأخيرة، مقابل الحصول على موكل أو زبون في أروقة المحاكم". 

وتضيف أن "الكثير من المحامين يعانون من سلوكيات البعض التي تهين المهنة عند مزاولة الأعمال القانونية، مثل القبول بأدنى مستوى من الأتعاب المالية أو تعطيل سير القضية أو الاتفاق مع محامي الخصم وغير ذلك من الانتهاكات". 

"هذه السلوكيات المنافية لمهنة تحقيق العدالة تدفع للشعور بألا قيمة أخلاقية في الأمر، وهو بالفعل ما يراه الكثير من أفراد المجتمع، إذ باتوا يتحاشون التعامل مع أي محامي من دون أن يختاره ويرشحه أحد معارفه مخافة أن يتم التلاعب به أو أن يكون ضحية لجشع المحامي"، تتابع محمد. 

والقرار بالنسبة لها "لا يشكل خطراً على مصلحة المحامي، بقدر اهتمامه بإعادة مكانته وهيبته بين أفراد المجتمع، إذ وصلت الاستهانة بأهمية المحاماة إلى حدود تقلل من احترام المهنة، خاصة في مسألة التحايل على الموكل مقابل الحصول على أكبر قدر من الأتعاب المالية".

 

"إجحاف وتجنٍ"

بعكس المحامية إيمان محمد، يرى المحامي حسام علي أن القرار "غير منطقي"، مضيفاً أن "تطبيقه من دون تمييز وبهذا الشكل التعميمي يبتعد عن الوضوح والشفافية، خاصة أن العالم كله يتجه الآن نحو التعامل الإلكتروني ومواقع التواصل"

وسام الذي تخرج من كلية القانون عام 2000 ولم يزاول مهنة المحاماة إلاّ أشهر قليلة، يؤكد لـ"ارفع صوتك": "في قرار النقابة الكثير من الإجحاف والتجني على حرية المحامي ومصادر رزقه". 

ويتابع: "مزاولة الأعمال القانونية في العراق لا توفر للمحامي فرصة ليعيش حياة مستقرة، خاصة إذا أدركنا أن الكثير منهم يعرض خدماته مقابل أتعاب مالية زهيدة فقط كي يوفر بعض المال، لذا فإن الترويج والإعلان عن الخدمات القانونية عبر منصات التواصل الاجتماعي مهم لتوفير الزبائن". 

ويشير علي إلى أن "الكثير من خريجي كلية القانون في العراق فضلّوا عدم مزاولة مهنة المحاماة واللجوء لغيرها من المهن التي ليس لها علاقة بتخصصهم الأكاديمي، من أجل توفير لقمة العيش".  

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".