صورة متداولة في مواقع التواصل من تصميم فنان الغرافيك مهند العصيمي، ارتبطت بمقتل الكويتية فرح أكبر 2021
صورة متداولة في مواقع التواصل من تصميم فنان الغرافيك مهند العصيمي، ارتبطت بمقتل الكويتية فرح أكبر 2021

أشعل مقتل الطالبة الأردنية إيمان إرشيد رمياً بالرصاص، بعد أيام قليلة من مقتل الطالبة المصرية في جامعة المنصورة نيرة أشرف ذبحاً بالسكين، غضباً عارمًا غزا وسائل التواصل الاجتماعي طيلة الأسبوع الماضي، بسبب استمرار جرائم قتل النساء دون رادع، صاحبتها ردود فعل تبريرية لهذه الجرائم.

واستخدم عشرات النشطاء إناثاً وذكوراً، وسم #عزاء_النساء في موقع تويتر، للتعبير عن مواقفهم حيال جرائم القتل، والقضايا النسوية بشكل عام، مسلطين الضوء على هذه الجرائم باللغتين العربية والإنجليزية، ومطالبين بمحاسبة القتلة وإيقاع أقصى العقوبات بحقهم.

تجدر الإشارة إلى أن الصورة المتداولة لهاشتاغ #عزاء_النساء من تصميم فنان الغرافيك السعودي مهند العصيمي، الذي عبر فيها عن موقفه من قتل فرح حمزة أكبر، وقبل أيام قررت المحكمة في قضيتها التراجع عن حكم الإعدام بحق قاتلها وتخفيفه إلى المؤبد.

ومن الوسوم الأخرى المستخدمة ضمن هذه الموجة، التي يبدو أنها ستمتد الأيام المقبلة: #اوقفوا_قتل_النساء #أنا_الضحية_القادمة #حق_ايمان_ارشيد #حق_نيره_اشرف #اعدام_قاتل_التطبيقيه #حداد_شهيدات_الغدر_الذكوري 

وغالبية الهاشتاغات المستخدمة لحشد التضامن والتعبير عن الغضب والمطالبة بالعدالة وحقوق الضحايا، ليست جديدة، إذ ارتبطت بحملات سابقة خلال الأعوام الأخيرة، وما ذلك إلا دليل على استمرارية مسلسل قتل النساء، المدعوم بغياب القوانين الرادعة وتهميش النساء مقابل انتشار ملامح الرجولة السامّة في العديد من المجتمعات العربية، وتتجلّى في آراء ومواقف أصحابها على مواقع التواصل.

من بين المغردّين، الناشطة الحقوقية السعودية لجين الهذلول، حيث كتبت: "امرأة في مصر، امرأة في الأردن، امرأة في (املأ الفراغ)..تظل قضايا العنف قائمة. تتجاهلها كثير من السلطات وتقزم ضررها ووحشيتها حتى تُسلب الأرواح بعد تذوق طعم الألم والرعب. والبعض يجتهد في تبرير فعلة المجرم ويسعى إلى تطهير صورته وكأنه يمهد طريق آمن للجريمة التالية".

المغنيّة السورية أصالة نصري، أيضاً غردّت بشأن الطالبة المصرية نيرة أشرف، منتقدةً تعليق الداعية مبروك عطية، قائلة "فيه ناس مظلومه حيّه أو ميّته!!! الله يرحم الصبيّه الطيّبه #نيرة_أشرف .. كنت بحبّ الشيخ مبروك إنّما كلامه غايه بالقسوه والإهانه عموماً لجميع الإناث بكلّ أشكالهم .. وبعتذر لأهل وأصحاب ومعارف الّلي تعاطفنا معها وحبيناها دون لقاء #نيرة_أشرف ولجميع السيّدات في وطننا المقهور".

وكتبت الصحافية شيخة بهاويد "النسوية تعني أن تشعري بعدم الأمان لأن امرأة في شوارع مصر قتلت، وبالخوف لأن فتاة في السودان اغتصبت، وبالغضب لأن صغيرة في اليمن زوّجت، وأن تكون عبارة (وجع كل النساء وجعي) واقعًا، كل النساء، كلهن، ليس لواحدة حق في الحياة والأمان أكثر من الأخرى".

 

إضراب نسائي

ويبدو أن الأمر لم يتوقف عند الوسوم المتداولة لحشد التضامن وتسليط الضوء على العنف المستمر الذي تتعرض له المرأة في الدول العربية، إذ انتشرت دعوات لإضراب نسائي عام "من المحيط إلى الخليج احتجاجاً على إبادات النساء وغياب أنظمة تحميهن، وحداداً على الضحايا (ولكيلا تكوني أو من تعزين التالية)" حسبما ورد في البيان المتداول في مواقع التواصل.

وجاء فيه: "بالإضراب عن الذهاب للعمل أو القيام بالأعمال المنزلية وتبديل صورة (البروفايل) الشخصية بصورة الحملة احتجاجاً على العنف ضد النساء، يوم الأربعاء الموافق 6 يوليو تحت مفهوم أن (تضامنا يصنع الفرق ولو كان ضئيلاً وسكوتنا يجعل قتلنا اعتيادياً ومغفوراً) حيث أن مستوى العنف غير عادي لذا يجب أن يكون تحركنا غير عادي، وخسارتنا مهما كانت، لن تكون أعظم من خسارة النساء لأرواحهن".

ودعت العديد من الحسابات في منصات التواصل الاجتماعي جميع النسويات والتنظيمات النسوية والنساء بشكل عام، إلى الانضمام  للإضراب النسوي "العابر للحدود من أجل جميع شهيدات الغدر الذكوري ولإعلاء الصوت والتضامن في وجه الأنظمة الأبوية القاتلة" وفق تعبيرها.

فعالية على فيسبوك تمت إضافتها الأسبوع الماضي- إضراب نسوي

ونشر حساب "الردة مستحيلة" في تويتر قائلاً: "خلال رحلة التوثيق التي قامت بمجهودات فردية لنسويات وسائل التواصل الاجتماعي، انتقل اغتيال النساء في المنطقة من حدث غير مهم إلى غضب جماعي ينعي ويثور ويغضب ويقيم الحداد. هذا التنظيم لم يكن وليد المكاتب أو الدوائر المعزولة عن الجماهير التي تكتفي بوصف الواقع وكأنها محايدة". 

وتابع "بل كان ثمرة لمجهودات جماعية وقاعدية صادقة وغاضبة وتتخذ زمام المبادرة الثورية مهما بدأت تافهة وبديهية للنظام الأبوي والنخب التي تدعي أنها منا. مجهودات قررت أن تتحدى جدران سجون المنازل والشوارع المعسكرة والمجتمعات البوليسية، وتدون وتجمع الأسماء وتنشر الوجوه والقصص والآمال المسروقة".

القوانين والمجتمع

وتعليقا على ما يحدث، تقول المحامية سهيلة إبراهيم لـ"ارفع صوت"، إن "هذه الجرائم لن تتوقف أبداً وربما قد تزداد، ما دام القانون يمنح أعذاراً مخففة لمرتكبيها".

"كما أن المجتمع يبرر جريمة القتل بسبب ظهور شعر الضحايا اللواتي لا يرتدين غطاء رأس أو الحجاب أو بسبب الاختلاط أو بسبب ارتداء الملابس الكاشفة أو العصرية تحت ذريعة غسل العار، وما دام السؤال ذاته يطرح في كل مرة عندما يتم قتل امرأة ما، "ماذا فعلت كي يتم قتلها؟"، تتابع إبراهيم. 

وترى أن النساء العربيات "يتعرضن للعنف كأنها وسيلة منظمة للقتل سواء في الحب أو الكره، وهو ما يحدث الآن، فتجد الذي يعشق امرأة ويريد الزواج منها وترفضه يقتلها، والزوج الذي يحب زوجته يعنفها ويضربها وربما تقع ضحية قتله لها، والحال لا يختلف مع كره النساء". 

وتنتقد إبراهيم "الربط بين شرف النساء والتصفيات الجسدية، كما يحدث في كل مرة تتعرض فيه المرأة للتعنيف، بسبب تخفيف العقوبات القانونية وضعف برامج حماية النساء من العنف". 

وتضيف المحامية أن "كثيرات يتعرضن للتهديد بالقتل وخاصة من الأهل والزوج والمقربين لكنهن لا يتقدمن بشكاوى قضائية، لإدراكهن بتواطؤ الجهات التي تنفذ القوانين مع الأهل الذين دائماً ما يبررون تهديداتهم هذه بالحفاظ على شرف العشيرة أو العائلة". 

وحتى العام 2021، وصلت نسبة جرائم قتل النساء إلى 38% من مجموع هذه الجرائم على الصعيد العالمي، بحسب منظمة الصحة العالمية. 

وتشير إلى أن تشيد القوانين لن يكون كافياً في الحد من ظاهرة تعنيف النساء وقتلهن مالم تتغير مفاهيم المجتمع العربي ككل تجاه جسد المرأة وملكيته وغير ذلك من عدم أهليتها في تقرير أو تحديد مصيرها من دون تدخل رجال العشيرة.  

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".