أشعل مقتل الطالبة الأردنية إيمان إرشيد رمياً بالرصاص، بعد أيام قليلة من مقتل الطالبة المصرية في جامعة المنصورة نيرة أشرف ذبحاً بالسكين، غضباً عارمًا غزا وسائل التواصل الاجتماعي طيلة الأسبوع الماضي، بسبب استمرار جرائم قتل النساء دون رادع، صاحبتها ردود فعل تبريرية لهذه الجرائم.
واستخدم عشرات النشطاء إناثاً وذكوراً، وسم #عزاء_النساء في موقع تويتر، للتعبير عن مواقفهم حيال جرائم القتل، والقضايا النسوية بشكل عام، مسلطين الضوء على هذه الجرائم باللغتين العربية والإنجليزية، ومطالبين بمحاسبة القتلة وإيقاع أقصى العقوبات بحقهم.
تجدر الإشارة إلى أن الصورة المتداولة لهاشتاغ #عزاء_النساء من تصميم فنان الغرافيك السعودي مهند العصيمي، الذي عبر فيها عن موقفه من قتل فرح حمزة أكبر، وقبل أيام قررت المحكمة في قضيتها التراجع عن حكم الإعدام بحق قاتلها وتخفيفه إلى المؤبد.
الكويت.. إلغاء عقوبة الإعدام بحق قاتل فرح أكبرhttps://t.co/WPEzZGOxwp
— قناة الحرة (@alhurranews) June 23, 2022
#ايمان_رشيد: لأنها أعرضت عنه، هددها بالقتل مثل نيره اشرف وعند خروجها اطلق عليها خمس رصاصات#فرح_أكبر: قتلها شاب بعد أن اختطفها وطعنها في شارع صباح السالم أمام اطفالها#مريم_محمد: لأنها رفضت الزواج به طعنها ١٥ طعنه ومثل في جسدها#الاميره_مريم: اقدم شاب على تشويه وجهها بمادة التزاب
— Jehad Aladwan (@Itsjehad_) June 25, 2022
ومن الوسوم الأخرى المستخدمة ضمن هذه الموجة، التي يبدو أنها ستمتد الأيام المقبلة: #اوقفوا_قتل_النساء #أنا_الضحية_القادمة #حق_ايمان_ارشيد #حق_نيره_اشرف #اعدام_قاتل_التطبيقيه #حداد_شهيدات_الغدر_الذكوري
وغالبية الهاشتاغات المستخدمة لحشد التضامن والتعبير عن الغضب والمطالبة بالعدالة وحقوق الضحايا، ليست جديدة، إذ ارتبطت بحملات سابقة خلال الأعوام الأخيرة، وما ذلك إلا دليل على استمرارية مسلسل قتل النساء، المدعوم بغياب القوانين الرادعة وتهميش النساء مقابل انتشار ملامح الرجولة السامّة في العديد من المجتمعات العربية، وتتجلّى في آراء ومواقف أصحابها على مواقع التواصل.
كم بنت وبنت عايشة بجحيم بسبب القوانين التشريعية ومطبقي القانون ماياخذون كلامها بجدية!
— سارا🤎🇺🇦 (@sarahus89) June 24, 2022
لحد مانصير جثث يالة تعترفون انو نسائنا بخطر وهم ماتحركون ساكن!
وتخلون المجىرم يفلت من العقاب..#عزاء_النساء #انا_الضحية_القادمة #بنات_العراق_في_خطر pic.twitter.com/342NGR8QDK
الذكورييين بيموتووون من دفاعنا عن القتيلات #ضحايا_الغدر_الذكوري #ايمان_الاردنيه #لولوه_الكويتيه #نيرة_أشرف المصرية
— المتمرّدة 🇰🇼 (@02lkarima) June 24, 2022
اصحاب #الفكر_الذكوري العفن يبررون للقتله
يجب أن تتمرّد النساء على هذه الثقافة اللا إنسانية.
يانساء العرب
علوا الصوت
فصراخ الذكوريين على قدر ألمهم من تمردكن.
بعد موت نيرة أشرف بيومين وبعد المشايخ ما تاجروا بموتها عشان يبيعوا بضاعة "الحجاب حماية" النهاردة في الأردن إيمان أرشيد اتقتلت على إيد مجرم عشان رفضت "تحكي معه". يا ترى فين مبروك عطية يقولنا هي عملت إيه غلط. حجاب ولبست.. كلام مع شباب ورفضت.. شعر "عالخدود" ومش موجود.. ودي النتيجة. pic.twitter.com/9GVQXfv4FF
— Sherif Gaber (@SherifGaber) June 23, 2022
قصة لا يجب أن تبقى طي الكتمان!#رنين_سلعوس من #نابلس وجُدت على شباك غرفتها بوضعية انتحار وسط تعتيم على مقتلها. صديقاتها يقلن إنها كانت سعيدة بخطوبتها على ابن عمها الذي لاقى رفضًا من والدتها وشقيقها.وفقا لهم أيضًا، جاء شقيقها من الأردن مؤخرا وقتلها بعد رفضها الانفصال عن خطيبها👇 pic.twitter.com/tAwtPhbpTA
— Nada Nabil 💁🏾♀️ (@NadanabilHRD) June 24, 2022
#شهيدات_الغدر_الذكوري #حداد_شهيدات_الغدر_الذكوري pic.twitter.com/OXBZqVO4a4
— لا | لا لقتل النساء (@Nofreedomorlife) June 23, 2022
#أوقفوا_قتل_النساء
— رحـاب (@ree_alf) June 25, 2022
كل مدافع أو مُبرر للمجرم..
هو لا يختلف عن القاتل بشيء
وهو شريك في صناعة الجرائم
1 killed in Egypt, another in Jordan.
— Saja | سجاء (@SajaAlHayan) June 23, 2022
1 publicly abused in Kuwait. #MiddleEast -ern countries still lacking protective rights for women in 2022, still leaving wild animals roaming the streets, still excusing their crimes by "misbehavior" of women#SheSaidNo 👠#ايمان_ارشيد pic.twitter.com/DDkCCZh0gX
ليش انقتلتي ؟
— 3arbi jamal 🤍 (@3rabi_j) June 23, 2022
والله كنت بدي احافظ ع مبادئي واحفظ سمعتي وكان الشب بدو يحكي معي غصب عني وما قبلت !
الله يرحمك ويجعل مثواكي الجنة يا رب 🙏🏻 #اعدام_قاتل_التطبيقية pic.twitter.com/oOn5px2nIr
رحلت زهرتان من بستان أمُتنا العربية، ضحية مُجتمعات جندرية تبرر للمتحرش والقاتل جريمته وتضع اللوم على المرأة، ضحية دول عربية لم تفرض قوانين صارمة تحمي النساء من الوحوش الذكورية، ضحية ذكور تشبّعوا منذ نعومة اظافرهم بأنهم الطرف الأقوى و الأجدر دائمًا.#عزاء_النساء https://t.co/SczYEfYxBO
— غرام الرويلي. (@GharamYoussef) June 24, 2022
من بين المغردّين، الناشطة الحقوقية السعودية لجين الهذلول، حيث كتبت: "امرأة في مصر، امرأة في الأردن، امرأة في (املأ الفراغ)..تظل قضايا العنف قائمة. تتجاهلها كثير من السلطات وتقزم ضررها ووحشيتها حتى تُسلب الأرواح بعد تذوق طعم الألم والرعب. والبعض يجتهد في تبرير فعلة المجرم ويسعى إلى تطهير صورته وكأنه يمهد طريق آمن للجريمة التالية".
امرأة في مصر
— لجين هذلول الهذلول (@LoujainHathloul) June 24, 2022
امرأة في الأردن
امرأة في (املأ الفراغ)
تظل قضايا العنف قائمة. تتجاهلها كثير من السلطات وتقزم ضررها ووحشيتها حتى تُسلب الأرواح بعد تذوق طعم الألم والرعب. والبعض يجتهد في تبرير فعلة المجرم ويسعى إلى تطهير صورته وكأنه يمهد طريق آمن للجريمة التالية. #عزاء_النساء pic.twitter.com/U0GsIdy0Ts
المغنيّة السورية أصالة نصري، أيضاً غردّت بشأن الطالبة المصرية نيرة أشرف، منتقدةً تعليق الداعية مبروك عطية، قائلة "فيه ناس مظلومه حيّه أو ميّته!!! الله يرحم الصبيّه الطيّبه #نيرة_أشرف .. كنت بحبّ الشيخ مبروك إنّما كلامه غايه بالقسوه والإهانه عموماً لجميع الإناث بكلّ أشكالهم .. وبعتذر لأهل وأصحاب ومعارف الّلي تعاطفنا معها وحبيناها دون لقاء #نيرة_أشرف ولجميع السيّدات في وطننا المقهور".
فيه ناس مظلومه حيّه أو ميّته !!!الله يرحم الصبيّه الطيّبه #نيرة_أشرف .. كنت بحبّ الشيخ مبروك إنّما كلامه غايه بالقسوه والإهانه عموماً لجميع الإناث بكلّ أشكالهم .. وبعتذر لأهل وأصحاب ومعارف الّلي تعاطفنا معها وحبيناها دون لقاء #نيرة_أشرف ولجميع السيّدات في وطننا المقهور https://t.co/Q3xNirPa5T
— Assala (@AssalaOfficial) June 23, 2022
وكتبت الصحافية شيخة بهاويد "النسوية تعني أن تشعري بعدم الأمان لأن امرأة في شوارع مصر قتلت، وبالخوف لأن فتاة في السودان اغتصبت، وبالغضب لأن صغيرة في اليمن زوّجت، وأن تكون عبارة (وجع كل النساء وجعي) واقعًا، كل النساء، كلهن، ليس لواحدة حق في الحياة والأمان أكثر من الأخرى".
النسوية تعني أن تشعري بعدم الأمان لأن امرأة في شوارع مصر قتلت، وبالخوف لأن فتاة في السودان اغتصبت، وبالغضب لأن صغيرة في اليمن زوّجت، وأن تكون عبارة "وجع كل النساء وجعي" واقعًا، كل النساء، كلهن، ليس لواحدة حق في الحياة والأمان أكثر من الأخرى#عزاء_النساء في كل مكان
— شيخة البهاويد (@shaikha_bahawed) June 25, 2022
إضراب نسائي
ويبدو أن الأمر لم يتوقف عند الوسوم المتداولة لحشد التضامن وتسليط الضوء على العنف المستمر الذي تتعرض له المرأة في الدول العربية، إذ انتشرت دعوات لإضراب نسائي عام "من المحيط إلى الخليج احتجاجاً على إبادات النساء وغياب أنظمة تحميهن، وحداداً على الضحايا (ولكيلا تكوني أو من تعزين التالية)" حسبما ورد في البيان المتداول في مواقع التواصل.
وجاء فيه: "بالإضراب عن الذهاب للعمل أو القيام بالأعمال المنزلية وتبديل صورة (البروفايل) الشخصية بصورة الحملة احتجاجاً على العنف ضد النساء، يوم الأربعاء الموافق 6 يوليو تحت مفهوم أن (تضامنا يصنع الفرق ولو كان ضئيلاً وسكوتنا يجعل قتلنا اعتيادياً ومغفوراً) حيث أن مستوى العنف غير عادي لذا يجب أن يكون تحركنا غير عادي، وخسارتنا مهما كانت، لن تكون أعظم من خسارة النساء لأرواحهن".
#اضراب_نسوي_اوقفوا_قتل_النساء
— 𓁷 | لا (@vevenusx) June 24, 2022
انشروه بتيكتوك وكل مكان pic.twitter.com/teNwhFlSjD
ودعت العديد من الحسابات في منصات التواصل الاجتماعي جميع النسويات والتنظيمات النسوية والنساء بشكل عام، إلى الانضمام للإضراب النسوي "العابر للحدود من أجل جميع شهيدات الغدر الذكوري ولإعلاء الصوت والتضامن في وجه الأنظمة الأبوية القاتلة" وفق تعبيرها.
ونشر حساب "الردة مستحيلة" في تويتر قائلاً: "خلال رحلة التوثيق التي قامت بمجهودات فردية لنسويات وسائل التواصل الاجتماعي، انتقل اغتيال النساء في المنطقة من حدث غير مهم إلى غضب جماعي ينعي ويثور ويغضب ويقيم الحداد. هذا التنظيم لم يكن وليد المكاتب أو الدوائر المعزولة عن الجماهير التي تكتفي بوصف الواقع وكأنها محايدة".
وتابع "بل كان ثمرة لمجهودات جماعية وقاعدية صادقة وغاضبة وتتخذ زمام المبادرة الثورية مهما بدأت تافهة وبديهية للنظام الأبوي والنخب التي تدعي أنها منا. مجهودات قررت أن تتحدى جدران سجون المنازل والشوارع المعسكرة والمجتمعات البوليسية، وتدون وتجمع الأسماء وتنشر الوجوه والقصص والآمال المسروقة".
يمكن لتنظيمات الدوائر المغلقة أن تتعالى أكثر أمام التنظيمات القاعدية وتنظر عليها، لكن التاريخ يثبت أن أبسط فعل ثوري يحشد ويغير دائما ما أتى من الأسفل.
— Red Rosa (الردة مستحيلة) 🐉 (@angry__rosa) June 24, 2022
وهنا سأذكر لماذا يعد التنظيم القاعدي النسوي الذي يحصل حول مناهضة قتل النساء بناءً ثوريًا سيهد المنظومة ولو طال الزمن
القوانين والمجتمع
وتعليقا على ما يحدث، تقول المحامية سهيلة إبراهيم لـ"ارفع صوت"، إن "هذه الجرائم لن تتوقف أبداً وربما قد تزداد، ما دام القانون يمنح أعذاراً مخففة لمرتكبيها".
"كما أن المجتمع يبرر جريمة القتل بسبب ظهور شعر الضحايا اللواتي لا يرتدين غطاء رأس أو الحجاب أو بسبب الاختلاط أو بسبب ارتداء الملابس الكاشفة أو العصرية تحت ذريعة غسل العار، وما دام السؤال ذاته يطرح في كل مرة عندما يتم قتل امرأة ما، "ماذا فعلت كي يتم قتلها؟"، تتابع إبراهيم.
وترى أن النساء العربيات "يتعرضن للعنف كأنها وسيلة منظمة للقتل سواء في الحب أو الكره، وهو ما يحدث الآن، فتجد الذي يعشق امرأة ويريد الزواج منها وترفضه يقتلها، والزوج الذي يحب زوجته يعنفها ويضربها وربما تقع ضحية قتله لها، والحال لا يختلف مع كره النساء".
وتنتقد إبراهيم "الربط بين شرف النساء والتصفيات الجسدية، كما يحدث في كل مرة تتعرض فيه المرأة للتعنيف، بسبب تخفيف العقوبات القانونية وضعف برامج حماية النساء من العنف".
وتضيف المحامية أن "كثيرات يتعرضن للتهديد بالقتل وخاصة من الأهل والزوج والمقربين لكنهن لا يتقدمن بشكاوى قضائية، لإدراكهن بتواطؤ الجهات التي تنفذ القوانين مع الأهل الذين دائماً ما يبررون تهديداتهم هذه بالحفاظ على شرف العشيرة أو العائلة".
وحتى العام 2021، وصلت نسبة جرائم قتل النساء إلى 38% من مجموع هذه الجرائم على الصعيد العالمي، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وتشير إلى أن تشيد القوانين لن يكون كافياً في الحد من ظاهرة تعنيف النساء وقتلهن مالم تتغير مفاهيم المجتمع العربي ككل تجاه جسد المرأة وملكيته وغير ذلك من عدم أهليتها في تقرير أو تحديد مصيرها من دون تدخل رجال العشيرة.