حقوق وحريات

بعد التكهنات.. مصادر لبنانية تكشف تفاصيل قضية "سفّاح الأطفال"

07 يوليو 2022

نقلا عن موقع الحرة

لليوم الثاني على التوالي، يحتل وسم "#سفاح_الأطفال" لائحة الأكثر تداولا على موقع تويتر في لبنان، بعدما ضجت البلاد بقصة اغتصاب متسلسل طال عددا من الأطفال في بلدة القاع ضمن محافظة بعلبك – الهرمل شمال شرق لبنان، على الحدود مع سوريا.

جريمة بتفاصيل تقشعر لها الأبدان، كُشف النقاب عنها خلال الأيام الماضية، بعدما داهمت مخابرات الجيش اللبناني منزل المدعو إ. ض. في العقد الخامس من عمره، وهو رقيب متقاعد في أحد الأجهزة الأمنية، وذلك بشبهة الاعتداء الجنسي على أطفال في البلدة، حيث تم توقيفه.

 

"حبكة مضخمة"

لم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي، ولم تُكشف نتائج التحقيقات الجارية مع الموقوف، الذي انتقلت عهدته من مخابرات الجيش إلى قوى الأمن الداخلي التي تستكمل تحقيقاتها في بيروت التي نُقل إليها المتهم. وبالتالي ما من قصة موحدة لما جرى حتى اللحظة، ومن المنتظر أن يصدر عن الأجهزة الأمنية المعنية بيانات توضح تفاصيل القضية ونتائج التحقيقات فيها، كما جرت العادة، بعدما تحولت إلى قضية رأي عام في لبنان. 

وتتحدث الرواية التي لاقت الانتشار الأوسع، في الإعلام وعلى مواقع التواصل، عن إقدام المتهم على "إغواء وتخدير" ضحاياه من الأطفال خلال تقديمه لهم "العصائر والنرجيلة والمأكولات في قهوة يملكها في البلدة تحاذي منزله، الذي ينقل إليه ضحاياه بعد أن يأخذ المخدر أو المنوم مفعوله، ليعتدي عليهم جنسيا". 

الرواية المتداولة تتحدث أيضا عن "نحو 20 طفل" وقعوا ضحية هذا المتهم بالاغتصاب، "واحد منهم استفاق من تخديره وهو عارٍ من ملابسه، ليكتشف عملية الاعتداء عليه حيث هرب وأبلغ ذويه بالواقعة، وبدورهم أبلغوا السلطات الأمنية التي تدخلت بعد علم مسبق لديها بسلوكيات من هذا النوع للمتهم".

وتتابع الرواية أنه وبعد مصادرة هاتفه تبين أنه "وثق ما ارتكبه مع عدد من الأطفال بمقاطع وصور كشفت عن ضحايا من فئات عمرية مختلفة، ذكورا وإناثا، صورهم لابتزازهم ومعاودة ارتكاب الفعل معهم"، الأمر الذي أحدث صدمة لدى الرأي العام اللبناني من هول "الجريمة وتفاصيلها المرعبة". 

وعلى الرغم من أن واقعة الاعتداء الجنسي المتسلسل على مجموعة من القاصرين في بلدة القاع، قد حصلت بالفعل، بحسب التحقيقات الجارية، إلا أن موقع "الحرة" وجد أن معظم التفاصيل الواردة أعلاه والتي تناقلتها وسائل الإعلام، تضمنت تضخيما مبالغا فيه للواقعة وسيناريوهات تفتقر إلى الواقعية، وذلك من خلال مقارنة روايات من مصادر عدة أظهرت زيف كثير من التفاصيل المتناقلة إعلاميا وعلى مواقع التواصل، وأبرز المبالغات تتعلق بتقدير عدد الضحايا. 

مصدر في قوى الأمن الداخلي، فضل عدم الكشف عن هويته لعدم اكتمال التحقيقات، أكد أنه وحتى اللحظة هناك 5 ضحايا بناءً على الشكاوى المقدمة بحق المتهم، تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 17 عاما، اعتدى المتهم عليهم جنسيا بعدما أقدم على التقرب منهم واستدراجهم إلى منزله. 

هذا العدد أكده كل من رئيس بلدية القاع، بشير مطر، ورئيسة الاتحاد لحماية الأحداث، أميرة سكر، في حديثهما لموقع "الحرة"، مستنكرين التضخيم الحاصل في عدد الضحايا، خاصة وأنه لا يفيد الضحايا ولا يغير ما جرى، "فالجريمة جريمة إن استهدفت واحدا أو 100، بالنسبة لنا الأمر نفسه"، وفق ما يقول مطر. 

 

أفلام إباحية "دون تخدير"

المصدر الأمني نفى أيضا صحة المعلومات التي تحدثت عن إغراء المتهم للأطفال بالمخدرات، أو أن يكون قد أقدم على تخدير ضحاياه قبل الاعتداء عليهم، كما تناقلت الروايات، وبحسب التحقيقات فقد "أقدم المعتدي على استدراج ضحاياه بأساليب أخرى، ولكن مدروسة، كاستقبالهم في منزله وتقديم النرجيلة والضيافة لهم ومن ثم تشغيل أفلام إباحية من أجل إثارتهم جنسيا واغوائهم قبل تنفيذ اعتداءاته".

حتى التفاصيل المتعلقة بتصوير المتهم للمعتدى عليهم، يكشف المصدر عدم صحتها، مؤكدا أن كافة الاعتداءات جرت في منزله، في حين أن رئيس بلدية القاع أكد عدم امتلاك المتهم لأي قهوة أو مطعم أو محل لبيع العصير، حيث يفترض أن يكون قد دس لضحاياه المخدر وفق ما تناقلت الروايات الإعلامية، مشككا أيضا في رواية التخدير من أصلها، مستمهلا نتائج التحقيقات الرسمية. 

وعما إذا كانت الأجهزة الأمنية على علم مسبق بممارسات هذا المتهم، أكد المصدر عدم صحة تلك المعلومة المتداولة أيضا، حيث "لا يمكن للقوى الأمنية أن تعلم بهكذا ممارسات دون التبليغ عنها أو تقديم شكوى"، مشيرا إلى أن عملية التوقيف جرت فورا بناء على تبليغ أحد الضحايا لذويه الذين اشتكوا لدى الأجهزة الأمنية". 

وأشار رئيس بلدية القاع، بدوره، إلى عدم صحة الحديث عن معرفة اجتماعية أو أمنية بسلوك المتهم منذ سنوات، "رغم وجود ملاحظات وشكوك سابقة من بعض أهالي البلدة، إلا أن الحديث عن معرفة واعتداءات سابقة غير دقيق"، ولا صحة، أيضا، لرواية "استيقاظ أحد ضحاياه عاريا في منزله الأمر الذي أوقع بالمعتدي".

ما جرى وفق رئيس بلدية القاع أن "مخابرات الجيش لاحظت تقرب المعتدي من أحد القاصرين، فتواصلت مع أهله، وبدورهم استفسروا من القاصر الذي كشف لهم عن تعرضه لعملية تحرش جنسي من المتهم، ليتم بعدها مواجهة المتهم والضحية، وتنكشف القضية برمتها". 

 

تكتم أم تستر؟ 

وفور انتشار القضية، شاعت، إلى جانب التفاصيل، رواية تتحدث عن اجتماعات ضمت فعاليات البلدة مع البلدية إلى جانب شخصيات سياسية من أبناء البلدة، وخلصت إلى ضرورة "لفلفة" القضية، فيما اتخذ الأمر بعدا سياسيا ربط ما بين انتماءات سياسية للمعتدي أفرزت تدخلات لحمايته. 

ترى النائبة في البرلمان اللبناني سينتيا زرازير في حديثها لموقع "الحرة" أن الكلام عن لفلفة للقضية "أكثر من صحيح، هناك جهات سياسية ورجال دين وفعاليات في البلدة تعمل جاهدة على ذلك، وعلمنا أن النائب سامر الثوم كان مشاركا في هذا المسعى". 

 وتحدثت روايات إعلامية عن دور للنائب عن "التيار الوطني الحر"، سامر الثوم، في السعي من أجل حماية المتهم، إلا إن النائب سرعان ما أصدر بيانا قال فيه "كنت أتمنى أن العمل البربري واللا-إنساني الذي حدث في القاع، يجعل الناس تتضامن مع أطفال القاع وأهلهم وتحترم مشاعرهم المجروحة، وألا يكون هناك استغلال سياسي لهذا الموضوع الحساس".

وأضاف: "الواضح أن البعض منزعج من وجود نائب للتيار في بعلبك الهرمل ما يدفعه إلى اختلاق الأكاذيب من أجل محاولة النيل من سمعته ومن دوره". وختم بيانه بالقول: "لا يمكن أن اتدخل بأي شكل من الأشكال في جريمة من أبشع الجرائم بحق الطفولة والإنسانية، كما وإني لم أكن موجودا في الاجتماع الذي عقد في القاع لهذه الغاية".

من جهتها أصدرت عائلة النائب بيانا استهجنت فيه "ما تناقلته وسائل الإعلام عن محاولة الأخير تغطية المتهم باغتصاب أطفالٍ في بلدة القاع". وأكّدت أنها "تُدين بشدّة ما حصل في البلدة بحق الأطفال"، مشددة على أن "الموضوع بالنسبة لها إنساني بحت، وليس من شيمنا ولا من مبادئنا الدفاع عن أحدٍ ينتهك براءة الأطفال أو يستغلّهم كائنا من كان". 

زرازير تشير إلى محاولات من النواب والجمعيات للتواصل مع الأهالي والوقوف على التفاصيل وحالة الأطفال، "لكننا علمنا عن ضغوطات تمارس عليهم من أجل عدم تقديم الشكاوى ومنعهم من التحدث عما جرى، وبرأي زرازير فإن "من يمارس هذه الضغوطات هم مجرمون كما المعتدي، فهؤلاء يمنعون أطفالا عاجزين عن تحصيل حقوقهم من الوصول إلى العدالة التي يستحقونها."

ويشدد رئيس بلدية القاع على عدم وجود أي تستر في هذه القضية كما يروج في الإعلام، "الجميع هنا في القاع يريدون اتخاذ أشد العقوبات بحق المعتدي، ولا مشكلة لدى أحد حتى ولو جرى إعدامه، ولكن المنطق والوعي يتطلب الركون إلى القضاء حصرا، ويلفت أنه وفي هذا السياق سوف تتقدم البلدية بصفتها المباشرة بدعوى قضائية ضد المتهم أيضا. 

ويلفت إلى أن "الاجتماع الذي طلبنا فيه عدم نقل القضية إلى الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لم يكن هدفه بأي طريقة من الطرق التستر على ما جرى، وإنما بهدف حماية الضحايا والقضية من التضخيم والتشهير والمغالطات، وهو ما حصل فعلا، هناك 3 أشخاص تعرضوا للتشهير ظلما على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب إما تشابه أسماء مع المتهم أو معلومات خاطئة، حيث انتشرت صورهم في الإعلام على أنهم المعتدون، هؤلاء مثلا من يرد لهم اعتبارهم ويعوضهم عن الأذى الذي لحق بهم؟ لذا كان هدفنا حماية مجتمعنا وليس حماية المجرم". 

 

وقفة تضامنية 

تنبه زرازير إلى خطورة نشر صور الأطفال وإجراء المقابلات الإعلامية معهم أو مع عائلاتهم أو تصويرهم، مضيفة "هذا الأمر غير مسموح وسيكون لنا موقف صارم منه غدا في وقفة تضامنية مع الضحايا ننظمها عند الساعة الثانية ظهرا أمام المحكمة العسكرية في بيروت، وذلك مع عدد من الجمعيات المعنية والمتضامنة من جمعيات المجتمع المدني، للتعبير عن متابعتنا ومواكبتنا للقضية ومنع لفلفتها، كذلك منع أي استغلال للأطفال". 

وتضيف: "هؤلاء الأطفال تدمرت حياتهم بالفعل، وليسوا بحاجة لاستغلال إعلامي يزيد من معاناتهم، هم بحاجة لمتابعة نفسية مدى الحياة، وفي أقرب وقت ممكن".

النائبة اللبنانية تحذر من محاولات وضغوطات لتحويل القضية إلى المحكمة العسكرية كون المتهم عسكريا متقاعدا، "هذا ما سنرفضه غدا رفضا كاملا، حيث من الممكن عبر هذا المدخل لفلفة القضية، حيث لا شهود ولا حضور ولا المحكمة العسكرية جهة مختصة بقضاتها في هذا النوع من القضايا، وضغطنا هو للاستمرار بالمحاكمة أمام محكمة مدنية". 

وتتحدث زرازير أيضا عن مخاوف من إنزال عقوبة مخففة، "خاصة مع حديث عن أن أقصى عقوبة يمكن أن تطال المتهم هي 6 سنوات سجن، لسفّاح فعل ما فعله مع عدد كبير من الضحايا على مدى سنوات قد لا يكونون تحدثوا بعد. لكل هذه الأسباب والمخاوف وسعيا للفت نظر المجتمع الدولي والجمعيات الدولية لهذه القضية، سيكون تحركنا غدا".

 

الإعلام "مذنب أيضا" 

اللغط الإعلامي الذي أحاط بالقضية وتضارب التفاصيل وعدم دقة المعلومات المنشورة، أثار حفيظة كثيرين تابعوا القضية. ومن ناحيتها ترى رئيسة الاتحاد لحماية الأحداث أن التعاطي الإعلامي في هذه القضية "ليس بالمستوى المطلوب من جهتنا كناشطين حقوقيين"، معتبرة أن الإعلام اليوم مطالب هو أيضا بثقافة الحماية، ولاسيما تجاه القاصرين، وضحايا اعتداء من هذا النوع، وتابعت: "هؤلاء يتعرضون اليوم للتشهير والاستغلال لقضيتهم تحت عنوان المناصرة والحرص على قضيتهم ونشرها، فيما الواقع يقول إنهم يتعرضون لوصمة ستلاحقهم طيلة حياتهم، وهذا أهم ما يجب حماية الضحايا منه بعد المرتكب". 

تضيف سكر "بعد ساعتين من انتشار القضية بدأنا نرى صورا وتفاصيل عن حياة هؤلاء الضحايا، هذه المعلومات والصور ستبقى إلى الأبد على الإنترنت وستلاحق الضحايا في مستقبلهم، لذلك يجب على الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي التحلي بالمسؤولية المناسبة لحجم الدور الذي يلعبونه، ووعي بالأمور التي يتناولونها، والاطلاع على الاتفاقيات الدولية لحماية الأطفال لاسيما اتفاقية حقوق الطفل، إضافة إلى القانون 422 المادة 46 فيه، التي توضح تحديدا كيف يجب التعاطي مع القاصرين وقضاياهم في الإعلام، ولدينا أيضا المجلس الأعلى للطفولة الذي أصدر شرعة التعاطي الإعلامي مع الأحداث، ولكن للأسف هناك بعض الإعلام يسعى إلى السبق الصحفي بغض النظر عن مصلحة الضحية، ويتعامل مع هذا النوع من الملفات دون اختصاص".

وبرأي سكر "حتى لو قال القاصر إنه مستعد للتحدث عن قصته، يبقى قاصرا لا يمكن اعتبار أنه واعٍ لاتخاذ هذه القرارات، ولاسيما في بعدها النفسي وتأثيراتها السيكولوجية"، مشددة على أن "المكان الأوحد والأجدى ليتحدث فيه القاصر هو المعالج النفسي".

لا يستبعد رئيس بلدية القاع أن يكون هناك مزيد من "الحالات" التي لم تتحدث خوفا من "العار" أو "الفضيحة"، ويضيف "لو سمح لنا أن نعمل على القضية بهدوء، فإن هدفنا كان المتابعة والملاحقة للوصول إلى كافة الضحايا وتأمين الرعاية والحماية لهم، لكن ومع الضغط الإعلامي الكبير والروايات المضخمة إضافة إلى الاتهامات بالتستر والتخوين والتقصير، صعبت الأمور، ومع كل هذا الضغط لن يتجرأ أحد على التحدث بعد".

 

ضحايا المجتمع 

تصف سكر الأطفال بأنهم "ضحايا مجتمعهم"، معتبرة أنهم لم يحظوا بالمتابعة الكافية، وتضع سكر مسؤولية كبيرة على عاتق الأهل في متابعة أولادهم وسلوكهم ومواكبة تحركاتهم، "إذ لا يمكن تركهم أحرار التصرف بالمطلق في عمر ليسوا مخولين فيه اتخاذ القرارات، رغم أهمية تمكين الطفل ودعمه وتعميق ثقته بنفسه، ولكن لا يجوز التسليم له بإدارة حياته وتوجيهها وفق ما يريد لا وفق ما تقتضيه مصلحته". 

أما بالنسبة إلى المجتمع المحيط بالأطفال تحذر سكر من أن طبيعة المجتمع اللبناني "يحب الفضائح، ويتعاطف في الوقت نفسه مع الضحية، ولكن هذا التعاطف ينقلب إلى حملة تشهير بالضحية نفسها من دون قصد أو سوء نية، لكن ذلك يرتد سلبا على القاصرين".

 وحماية الأطفال تبدأ، بحسب سكر، من وقف تناقل الأحاديث والإشاعات والتضخيم عنهم وعن قضيتهم والعمل على رفع الحس بالمسؤولية في سياق تناقل المعلومات من أجل الضحايا أنفسهم. 

"يجب أن يكون المجتمع واعيا لكيفية التعاطف والتعامل مع هذه الحالات"، وفق سكر، وذلك ليتمكن من احتضان القاصرين ودعمهم وحمايتهم مسبقا قبل وقوعهم في هكذا مواقف، مضيفة أنه وفي حالات مشابهة، "علينا التبليغ فور شعورنا بأي أمر مثير للريبة من حولنا ومن حول أطفالنا، وهذه مسؤولية مشتركة على كافة فئات المجتمع ومكوناته من العائلة إلى الأقارب إلى الجيران والبلدية والمدارس ودور العبادة وأماكن الترفيه".

ينقل رئيس بلدية القاع خوفا كبيرا يسيطر على البلدة، "الناس باتت تخاف على أولادها، وهناك شعور عام أن حجم الانشغالات التي تترتب عليهم يوميا قد أثرت على متابعتهم لأطفالهم. جميعنا شعرنا بذلك وشعرنا بتقصير على مختلف الأصعدة، يمكن القول اليوم أن البلدة تشهد نقدا ذاتيا لأداء كل فرد فيها من موقعه في كل المجالات". 

ويضيف "لكن الأهم أننا بتنا على قناعة أن هذه المتابعة يجب أن تستمر ولا تقتصر فقط على هذه القضية، وفي هذا السياق تشهد البلدة اجتماعات دورية بين الأهالي والفعاليات من أجل دراسة سبل حماية القاصرين والأطفال من اعتداءات مشابهة ومن آفات أخرى قد تلحق بهم". 

ويختم مطر حديثه بالتأكيد على أن هذا النوع من الجرائم موجود في مختلف المناطق والأماكن، "ولا يجب أن يتم التعامل مع بلدة القاع وأهلها بوصمة تتعلق بهذه القضية، فكافة المناطق والبلدات تشهد ومعرضة لأن تشهد هذا النوع من الجرائم". 

 

سلامة الأطفال أولوية

تضع سكر سلامة الأطفال وحمايتهم في سلم الأولويات التي يجب متابعتها في هذه القضية، لاسيما خلال التحقيقات والمسار القضائي، مشددة على أنه لا يجوز إتمام التحقيق مع الضحايا علنا أو كشف مسارات التحقيق، "بل يتولى الأمر محققين متخصصين رصد القانون دورهم وحدد آلية التحقيق بالشكل والأسلوب، وبحضور مندوب للأحداث ويسمح بوجود الأهل، مع حصوله على حقه بالحماية".

وتحذر من محاولات دفع القاصر لتكرار روايته لما جرى، "فهذا التكرار يترسخ في ذاكرته ويزيد من معاناته على المدى الطويل ويحفر في مسار حياته، لذا لا يجب أن يتم استجوابه بشكل متكرر ما بين التحقيقات والإعلام والمجتمع".

وإذ تشدد رئيسة الاتحاد لحماية الأحداث على ضرورة المتابعة والعناية النفسية للضحايا مع مختصين، تشير إلى أن وزير الشؤون الاجتماعية، هيكتور الحجار، قد تواصل معها في هذا السياق، وطلب التنسيق مع الوزارة لمتابعة أي متطلبات تستطيع الوزارة تأمينها للأطفال من رعاية ومساعدات واضعا كل إمكانات مكاتب الشؤون الاجتماعية وخبرات العاملين فيها في سياق حماية الضحايا، وأبدى استعداده لتغطية الشق المتعلق بالمتابعة النفسية لهم. 

وتلفت إلى أن القضية أثارت اهتماما دوليا كبيرا، "وطلبت اليونيسف تقييما لكل ما يمكن أن يحتاجه الأطفال في سبيل متابعة أوضاعهم". 

وتختم "نحن مصرون على متابعة هذه القضية بكل تفاصيلها، ومعنا إشارة من المدعي العام في البقاع، أن يتابع الاتحاد لحماية الأحداث هذا الملف، للوقوف على حاجات القاصرين ووضعهم النفسي، ووضع تقارير بأي خدمات يمكن تقديمها وتبليغه بها على الفور. 

وتفاعل لبنانيون عبر تويتر مع القضية من خلال الدعوة لعدم حماية "المجرم".

 

مواضيع ذات صلة:

Palestinians gather to receive food cooked by a charity kitchen, in Khan Younis
حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية- تعبيرية

حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية، حيث يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأشار التقرير إلى أن الصراعات، والتغيرات المناخية، قد أدت إلى زيادة حادة في أعداد الجوعى، خاصة في مناطق مثل السودان وقطاع غزة.

وعقب نشر التقرير، تحدث ثلاثة مسؤولين أمميين، عبر الفيديو، إلى صحفيين في نيويورك، حيث قدموا إحاطة عن التحديث نصف السنوي للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2024 والذي يغطي الفترة حتى نهاية أغسطس 2024.

وأكد المسؤولون الأمميون الحاجة الماسة إلى زيادة التمويل الإنساني والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للأزمات الغذائية، مثل الصراعات والتغيرات المناخية، وذلك لمنع تفاقم الوضع وتجنب حدوث مجاعات أوسع نطاقا.

وفي بداية الإحاطة قدم، ماكسيمو توريرو، كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لمحة عامة عن النتائج الرئيسية للتقرير.

ويُظهر التقرير أن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستوى كارثيا من انعدام الأمن الغذائي تضاعف من 705 آلاف شخص في 5 دول وأقاليم في عام 2023 إلى 1.9 مليون في 4 دول أو أقاليم في عام 2024. وهذا هو أعلى رقم يسجله التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، ويعود ذلك في الغالب إلى الصراع في قطاع غزة والسودان، وفقا لتوريرو.

ويشار إلى أن التصنيف المتكامل للأمن الغذائي يتكون من خمس مراحل، ومستوى "الأزمة" أو انعدام الأمن الغذائي الحاد هو المرحلة الثالثة من التصنيف. المرحلة الرابعة هي الطوارئ، أما المرحلة الخامسة فهي الكارثة أو المجاعة.

وقال توريرو إن اشتداد وتيرة الصراعات في غزة والسودان وأيضا الجفاف الناجم عن ظاهرة النينيو وارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية يزيد من عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 18 دولة مقارنة بعام 2023.

مجاعة مستمرة في مخيم زمزم

في السودان، قال توريرو إن المجاعة مستمرة في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، ومن المتوقع أن تستمر حتى أكتوبر المقبل. ونبه إلى أن العديد من المناطق الأخرى في جميع أنحاء السودان معرضة أيضا لخطر المجاعة بسبب استمرار العنف ومحدودية المساعدات الإنسانية.

وأضاف المسؤول الأممي أن الصراع يستمر في التسبب بتدهور سريع للأمن الغذائي في السودان، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 26% من الأشخاص سيواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتم تصنيف حوالي 25.6 مليون شخص على أنهم يعانون من مستوى أزمة أو أسوأ.

وألقى الصراع في السودان بظلاله على الأمن الغذائي في البلدان المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان، وفقا لتوريرو.

أزمة الغذاء في غزة الأكثر شدة في التاريخ

أما بشأن الوضع في غزة، يقول توريرو إن أزمة الغذاء لا تزال الأكثر حدة في تاريخ التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، مع وجود ما يقرب من 2.2 مليون شخص من السكان ما زالوا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة.

وقد اشتدت حدة الأزمة، حيث عانى نصف السكان من المجاعة خلال الفترة بين مارس وأبريل، ارتفاعا من ربع السكان خلال الفترة من ديسمبر 2023 إلى فبراير 2024.

وتشير التوقعات إلى انخفاض هذه النسبة إلى 22% من السكان - أي حوالي 495 ألف شخص، خلال الفترة بين يونيو وسبتمبر 2024، ولا تشير الأدلة المتاحة إلى المجاعة على الرغم من أن خطرها لا يزال قائما.

جانب إيجابي

على الصعيد الإيجابي، قال توريرو إن تحسن موسم الحصاد والاستقرار الاقتصادي أديا إلى تحسن في الأمن الغذائي في 16 دولة.

ومن بين هذه الدول الـ 16 شهدت 5 دول - هي أفغانستان وكينيا والكونغو الديمقراطية وغواتيمالا ولبنان - انخفاضا في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بمقدار مليون شخص على الأقل، منذ بلوغ الذروة في عام 2023، لكن جميع هذه الدول لا تزال في وضع الأزمة.

ما المطلوب؟

فيما يتعلق بالإجراءات المطلوبة لتحسين وضع الأمني الغذائي، تطرق، عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، إلى أمرين قال إنهما مطلوبان بشدة وهما الوصول إلى الأشخاص المحتاجين والتمويل المستدام.

وأضاف: "لا يكفي أن يكون لديك واحد من هذين الأمرين. أي إذا توفر الوصول وحده فهذا لا يكفي، وإذا توفر المال وحده فهو لا يكفي أيضا. أنت بحاجة إلى الاثنين معا (...) ولذلك نسعى إلى التأكد من وجود وصول وتمويل مستدامين حتى نتمكن من مساعدة الأشخاص المحتاجين سواء في غزة أو في السودان أو في أي مكان آخر".

وتحدث حسين عن مشكلة أخرى وهي "الإجهاد في مجال التمويل"- في إشارة إلى الإجهاد الذي أصاب الجهات المانحة. وشدد في هذا السياق على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي سواء تعلق ذلك بالمناخ أو بالصراع، "لأنه ما لم نعالج الأسباب الجذرية، فلا ينبغي لنا أن نتوقع انخفاضا في الاحتياجات".

الهزال يفتك بالأطفال في مناطق الأزمات

الدكتور فيكتور أغوايو، مدير التغذية ونمو الطفل في منظمة اليونيسف تحدث في إحاطته عن الهزال بوصفه الشكل الأكثر تهديدا للحياة من أشكال سوء التغذية لدى الأطفال. وقال إن الهزال يظل مرتفعا جدا بين الأطفال الذين يعيشون في بلدان تعاني من أزمات غذائية.

ويعود ذلك، وفقا للمسؤول الأممي، إلى عدم قدرة الأسر على الوصول إلى الأطعمة المغذية لأطفالها أو تحمل تكلفة تلك الأطعمة، فضلا عن عدم القدرة على الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي.

وقال أغوايو إن التقرير العالمي يسلط الضوء على زيادة مقلقة في هزال الأطفال، مع مستويات حرجة في 8 دول هي الكاميرون وتشاد وجيبوتي وهايتي والسودان وسوريا وأوغندا واليمن.

أكثر من 50 ألف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد

وقال مدير التغذية ونمو الطفل في اليونيسف إنه زار غزة الأسبوع الماضي ورأى بنفسه كيف انعكست شهور من الحرب والقيود الشديدة المفروضة على الاستجابة الإنسانية، وأدت إلى انهيار أنظمة الغذاء والصحة والحماية، مع عواقب كارثية على تغذية الأطفال.

ووصف النظام الغذائي للأطفال الصغار بأنه "رديء للغاية"، حيث لا يتناول أكثر من 90 في المئة منهم سوى نوعين من الطعام، يوميا، في أفضل الأحوال، وأضاف: "ونحن نقدر أن أكثر من 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى علاج منقذ للحياة الآن".

ومضى قائلا: "التقيت أثناء وجودي في غزة بأطباء وممرضات وعاملين في مجال التغذية ينفذون البرامج التي ندعمها... واستمعت إلى نضالات الأمهات والآباء في سبيل إطعام أطفالهم. وما من شك لدي في أن خطر المجاعة وأزمة التغذية الشديدة واسعة النطاق في غزة حقيقي".

حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار

أغوايو قال إن هناك سبيلا واحدا لمنع ذلك الخطر وأضاف: "نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار، على الفور، ومع وقف إطلاق النار، يجب توفير وصول إنساني مستدام وواسع النطاق إلى قطاع غزة بأكمله. وقف إطلاق النار والاستجابة الإنسانية غير المقيدة وحدهما الكفيلان بتمكين الأسر من الوصول إلى الغذاء، بما في ذلك التغذية المتخصصة للأطفال الصغار، والمكملات الغذائية للنساء الحوامل، وخدمات الصحة والمياه والصرف الصحي لجميع السكان".

في السودان، يتأثر أكثر من 25 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي - بمن فيهم ما يقرب من 3.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. وتستمر هذه الأرقام في الارتفاع بسبب النزوح الجماعي، والوصول الإنساني المحدود، وتعطل خدمات الصحة والتغذية، وفقا لأغوايو.

ودعا المسؤول في منظمة اليونيسف إلى استجابة إنسانية غير مقيدة وواسعة النطاق للوقاية المبكرة والكشف عن وعلاج سوء التغذية الحاد بين الأطفال الأكثر ضعفا، وخاصة لمن تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وأمهاتهم، والذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب هذه الأزمات المتصاعدة المتعددة.