سلمى الشهاب تزعم تعرضها لسوء المعاملة أثناء احتجازها- مواقع التواصل
سلمى الشهاب تزعم تعرضها لسوء المعاملة أثناء احتجازها- مواقع التواصل

أصدر القضاء السعودي مؤخرا أحكاما بسجن سعوديتين 35 عاما و45 عاما، بتهم تتعلق بمنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يثير تساؤلات حول انعكاسات أحكام السجن المطولة على مساعي المملكة السير في طريق الانفتاح على مستويات عدة. 

خلال شهر أغسطس الجاري، أصدر القضاء السعودي أحكاما بالسجن على نورة القحطاني وسلمى الشهاب، بسبب أنشطتهما عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 

ووصفت الدكتورة مضاوي الرشيد، البروفيسورة الزائرة لدى جامعة لندن والناطقة باسم حزب "التجمع الوطني"، الأحكام الصادرة بحق القحطاني والشهاب بـ "الجائرة والقاسية". 

وأضافت في حديث لموقع "الحرة" أن هذه الأحكام "تعكس مدى وحشية النظام، الذي يريد أن يجعل من هؤلاء الناشطات أو حتى من ليس لديهم تاريخ في النشاط السياسي عبرة للآخرين، وأن يلقن المجتمع درسا أنه لا يوجد أي شخص محمي لا تستطيع الشرطة الوصول إليه".

في حين يرى الكاتب والمحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، أن "الدولة أعادت ترتيب إجراءاتها النظامية والقضائية. ومثل هذه الأحكام في اعتقادي تأتي مندرجة ضمن التنظيمات التي سنتها الدولة لإعادة ترتيب هيكلها القضائي المستمد من الشريعة الإسلامية" .

ويضيف آل عاتي أن "هذه الأحكام داخلية يقررها القضاء لتحقيق الأمن والسلم"، مشيرا إلى أن "المملكة أصبحت اليوم دولة مؤسسات وأصبحت تنظم كل ما ينشر في الداخل السعودي أو كل ما ينشر عن المملكة أو يمس المملكة أو المجتمع السعودي". 

وأكد أن الأحكام بحق السيدتين أتت "ضمن تنظيمات جديدة سنتها الدولة من شأنها بالفعل أن تحمي حقوق الجميع وأن تحمي حقوق المجتمع بأكمله وهيبة الدولة والنظام".

وأضاف "هناك عقوبات واضحة ضد كل من يسيء استخدام النشر الإلكتروني سواء داخل المملكة أو خارج المملكة وهو يتقصد المجتمع السعودي ويحمل الجنسية السعودية، فيجب أن يتوقع أن النظام سيطبق عليه".  

ولم ترد السفارة السعودية لدى واشنطن ووزارة العدل السعودية على طلب موقع "الحرة" التعليق.

السجن 45 عاما للقحطاني 

صدر الحكم بحق نورة القحطاني، بالسجن 45 عاما، مؤخرا. وذكرت وثائق المحكمة ومنظمات حقوق الإنسان أن التهم ضدها تخص استخدامها وسائل التواصل الاجتماعي، وفق ما ذكرته "أسوشيتد برس"، التي اطلعت على الوثائق، الأربعاء. 

وأشارت الوكالة إلى أنه لا توجد تفاصيل كثيرة حول نورة بنت سعيد القحطاني، التي تنحدر من واحدة من أكبر العشائر في السعودية، كما أنه ليس لديها تاريخ في النشاط السياسي. 

وأصدرت دائرة الاستئناف في المحكمة الجزائية المتخصصة، الحكم بالسجن 45 عاما بحق القحطاني وفقا لقوانين الإرهاب والجرائم الإلكترونية. 

وأشارت أسوشيتد برس، إلى أن المحكمة ذاتها، التي تنظر عادة في القضايا السياسية وما يخص الأمن القومي، أصدرت الحكم خلال استئناف القحطاني حكما سابقا. 

وأدينت القحطاني بـ "تمزيق النسيج الاجتماعي" و"تشتيت التماسك الاجتماعي"، وفقا للائحة التهم التي اطلعت عليها "أسوشيتد برس"، والتي استندت إلى نشاطاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وزعمت أنها "أساءت للنظام العام خلال شبكات المعلومات". 

ولم يستجب مسؤولون سعوديون لطلب الوكالة التعليق.

سلمى الشهاب سلمى الشهاب

 

سلمى الشهاب 

وأتى إعلان الحكم بحق القحطاني، بعد قضية شبيهة ضد الناشطة بحقوق المرأة، سلمى الشهاب، التي تلقت حكما بالسجن 35 عاما.  

وفي قضية الشهاب، الأم لطفلين والتي كانت تدرس في جامعة ليدز البريطانية، حكم عليها في البداية بالسجن ست سنوات بتهمة "جريمة" استخدام موقع إنترنت "لإثارة الاضطرابات العامة وزعزعة الأمن"، لكن محكمة الاستئناف أصدرت حكما آخر بالسجن لمدة 34 عاما، يليها حظر سفر لمدة 34 عاما أيضا، بعد أن طلب المدعي العام من المحكمة النظر في جرائم مزعومة أخرى، وفقا لـ "واشنطن بوست".

وذكرت الصحيفة الأميركية أن السلطات السعودية احتجزت الشهاب في يناير من عام 2021، وحكمت عليها بالسجن 6 سنوات بتهمة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لـ "الإخلال بالنظام العام وزعزعة أمن واستقرار الدولة" عبر موقع تويتر، بعد أن طالبت بالإفراج عن لجين الهذلول، الناشطة التي دافعت عن حق المرأة في القيادة. 

ووفقا لـ "واشنطن بوست"، قالت الشهاب في جلسات الاستئناف إنها استخدمت اسمها الحقيقي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأن خلفية نشاطاتها عبر المنصات كانت "سلمية"، واشتكت من احتجازها بالحبس الانفرادي لمدة 285 يوما، لكن الادعاء رأى وجوب محاسبتها أيضا تحت قوانين مكافحة الإرهاب الخاصة وقوانين الجرائم الإلكترونية. 

وذكرت فرانس برس أن السلطات اعتقلت الشهاب في السعودية عندما كانت في إجازة من دراستها الجامعية في بريطانيا. 

وأفادت صديقة مقربة من الناشطة السعودية، اشترطت عدم الكشف عن اسمها لفرانس برس، أن الشهاب لم تأخذ تهديدات بإبلاغ الأمن عنها "على محمل الجد".

وقالت إن الشهاب "لم تعتقد أن الأمن سيهتم بشخص لديه أقل من ألفي متابع".

 

خطة الإصلاح السعودية

ومنذ تسلم الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد في 2017، سعت المملكة إلى تنويع الاقتصاد عبر دعم قطاعات الترفيه والرياضة والسياحة وغيرها، بهدف وقف الارتهان التاريخي للنفط. 

وترتبت على هذا توجهات نحو إجراء إصلاحات في النظام والترويج لدور المرأة لإظهار التغيير الحاصل في مسار المملكة الاجتماعي. 

ورأى آل عاتي أن إصدار هذه الأحكام "لا يتعارض أبدا مع الخطوات التنويرية والتطويرية والتغيير الكبير الذي أحدثه" ولي العهد السعودي، مشيرا إلى أن المرأة السعودية حظيت بمكانة مميزة خلال التغييرات التي أوجدتها المملكة. 

في حين أشارت الرشيد إلى أن "التطورات التي نشهدها ومزاعم الانفتاح والإصلاح تتحطم أمام وحشية النظام. هل يعقل أن (الشهاب) إنسانة طالبة في بريطانيا تفاعلت مع بعض التغريدات تلقى 35 سنة (في السجن) والثانية نور القحطاني، 45 سنة، ليس في الخيال!". 

وحول انعكاسات هذه الأحكام على صور التسامح والانفتاح التي تروج لها السعودية، ذكرت الرشيد أنها "تضر، ولكن محمد بن سلمان يعتقد أن هذه الأحكام تظهر مدى استقلاليته وأنه لا يأبه بالرأي العالمي بتاتا، وأنه إنسان مستقل يستطيع أن يفعل بالمجتمع ما يرغب دون أي يكون لأي جهة خارجية حق التدخل أو الضغط". 

 

الأحكام المطوّلة 

وعن رأيها بفترة الحكم المطولة بحق السيدتين، أشارت الرشيد إلى أن "هذه الأحكام تدل على هشاشة النظام (السعودي) وكيف أنه لا يخاف فقط من الكلمة، بل من إعادة نشر الكلمة. فهو يريد أن يلقن المجتمع درسا، أن لا أحد محمي وأن الدولة يدها تطال الجميع وأجهزتها التجسسية تطال الجميع حتى ينشر الرعب والخوف، وحتى يصمت المجتمع تماما، وأن الجميع تحت رقابة الدولة". 

وأضافت أن القضاء في المملكة "وصل إلى مرحلة انحطاط وأصبح أداة بيد السلطة".

من جهته، يرى المحلل السعودي، أحمد آل إبراهيم، أن فترة الحكم مناسبة وفقا للتهم، منوها إلى أن القضية تتعدى مجرد منشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأنها "تخص الأمن القومي". 

وقال آل إبراهيم إن "القضاء منفصل وسلطة منفصلة عن الحكم فقرر القضاة أن يمنحوا هذه الأحكام لتتناسب مع الجرائم التي ارتكبتها" هاتان السيدتان، ويرى أنه "من الصعب على المملكة أن تتخذ قرارات كهذه ما لم تكن هناك دلائل قوية على ضلوعهما بتخريب النسيج الاجتماعي والخوض ضد الأمن القومي السعودي".  

 

استخدام "قوانين تعسفية" 

وقال عبد الله العودة، مدير أبحاث الخليج في منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" (DAWN)، ومقرها في العاصمة واشنطن، في بيان: "بعد أسابيع فقط من الحكم المروع الصادر هذا الشهر بحق سلمى الشهاب بالسجن 34 عاماً، يظهر الحكم على القحطاني بالسجن 45 عاما، على ما يبدو لمجرد تغريدها بآرائها، مدى جرأة السلطات السعودية على معاقبة حتى أخف الانتقادات من مواطنيها". 

وذكر العودة أنه: "في كل من قضيتي الشهاب والقحطاني، استخدمت السلطات السعودية قوانين تعسّفية لاستهداف ومعاقبة المواطنين السعوديين على انتقادهم الحكومة على تويتر". 

وأضاف "لكن هذا ليس سوى نصف القصة لأنه حتى ولي العهد ذاته، لن يسمح بمثل هذه الأحكام الانتقامية والمفرطة إذا شعر أن هذه الإجراءات ستقابل برقابة جادة من قبل الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى. ومن الواضح أنهم لا يفعلون ذلك".

من جهتها، أكدت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، أن الولايات المتحدة تدرس قضية الشهاب.

وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن الإدارة الأميركية أعلمت السعودية بـ "مخاوفها العميقة"، تجاه الحكم الصادر بحق الشهاب. 

وقال برايس للصحفيين: "يجب عدم تجريم ممارسة حرية التعبير للدفاع عن حقوق المرأة، يجب عدم تجريمها مطلقا".

ولم يصدر تعليق أميركي بعد حول الحكم بحق القحطاني. 

 

وقالت بيثاني الحيدري، المسؤولة عن القسم السعودي في منظمة "مبادرة الحرية" (Freedom Initiative)، ومقرها واشنطن، في بيان لدى صدور الحكم بحق الشهاب إن "السعودية تفاخرت أمام العالم حول تحسينهم حقوق المرأة وتنفيذ الإصلاحات القضائية. لكن لا يوجد شك بأن هذا الحكم المقيت بأن الوضع يسوء فحسب". 

ودعت الحيدري إلى "الإفراج عن سلمى، والحرص على ألا يكبر ولداها دون أم، ببساطة لأنها دعت لتحرير ناشطي حقوق الإنسان". 

وذكرت الحيدري أن الهذلول، التي يقال إن الشهاب سجنت بسبب التغريد حولها، أفرج عنها بعد أسابيع من اعتقال الشهاب. 

وأشارت إلى أنه "ورغم الاحتفال بالإفراج عن لجين، فإن سلمى ظلت وراء القضبان بعد أن دعت لعملية الإفراج تلك. إنه نمط تتخذه السلطات السعودية، لضمان أن الناشطات السعوديات لا يمكنهن الاحتفاء أو الحصول على أي فضل من وراء فوزهم الصعب". 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".