A woman takes part in a protest in support of women protesters in Iran, following the death of Mahsa Amini, in Beirut
خلال تظاهرة في لبنان دعماً للنساء الإيرانيات - أرشيفية

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح إيران بدأت بسبب الحجاب، لكنها تحولت إلى حركة أوسع نطاقا يغذيها غضب الطبقة الوسطى التي تآكلت بسبب الاقتصاد المنهار.

وذكرت الصحيفة الأميركية أن الاحتجاجات الأكبر في إيران والتي تطالب بإنهاء نظام الحكم الإسلامي قادته الطبقة الوسطى الكبيرة التي يهدد التضخم أسلوب حياتها.

وتواجه الطبقة الوسطى في إيران ضغوط التضخم بنسبة 50 بالمئة وسط هبوط العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها إطلاقا هذا العام.

ويعيش أكثر من ثلث سكان إيران في فقر مقارنة بـ 20 بالمئة عام 2015، فيما انكمشت الطبقة الوسطى لتشكل أقل من نصف البلاد.

وقال مصطفى باكزاد، رجل الأعمال في طهران الذي يقدم المشورة للشركات الأجنبية بشأن استراتيجية أعمالها في إيران، "مثلث النساء والتكنولوجيا والفقر هو الوقود وراء المظاهرات". 

وأضاف: "يشعر الشباب أن حياتهم تُهدر حرفيا بسبب القيود الشديدة التي يواجهونها".

حافظت الطبقة الوسطى على استقرار إيران بعد الثورة التي قادها مؤسس الجمهورية الإسلامية، روح الله الخميني، عام 1979 وكانت محركها الاقتصادي وسط عقوبات من الولايات المتحدة وغيرها بسبب برنامجها النووي والصواريخ البالستية ودعم الإرهاب والميليشيات في المنطقة، وفقا للصحيفة الأميركية.

 

"أنا لست خائفة"

واستمرت الطبقة الوسطى في إيران في النمو على مدى العقود الأربعة الماضية لتصل إلى 60 بالمئة من السكان مع وجود نظام تعليمي قوي يخرج الأطباء والمحامين والمهندسين والتجار على الرغم من الحرب المدمرة والعديد من الانهيارات في أسعار النفط.

كما ساعدت الحرية النسبية لممارسة الأعمال التجارية وكسب المال على التخلص من استياءهم من القمع السياسي وفرض القيم الإسلامية المحافظة على مجتمع علماني. 

وأعادت الحكومة توزيع الثروة النفطية التي كانت مركزة بين النخبة في عهد الشاه بهلوي، وقدمت رعاية صحية مجانية ومدارس وبرامج تنظيم الأسرة.

وأعطى النظام التعليمي القوي في إيران لفقراء الريف طريقا إلى الحراك الاجتماعي وامتلاك المنازل، إضافة إلى إمكانية الوصول لمهن مثل الطب والقانون بعد الحصول على الشهادة الجامعية.

بحلول عام 2015، احتلت إيران مرتبة أعلى في مؤشر التنمية البشرية - وهو مقياس للأمم المتحدة يتضمن المساواة الاجتماعية ومستويات التعليم ومتوسط العمر المتوقع - من المراتب التي سجلتها دول كالمكسيك وأوكرانيا والبرازيل وتركيا.

وقالت ربة منزل تبلغ من العمر 52 عاما كانت تحتج في شوارع شمال طهران الراقية، حيث تخلع حجابها وتلوح به مع حشود من النساء الأخريات، إن "جذور هذه الاحتجاجات هي المشاكل الاقتصادية والآن ترى الثوران".

ونفدت مدخراتها هي وزوجها صاحب شركة طعام صغيرة، حيث كانوا يمتلكون في السابق عدة عقارات لكنهم باعوا بعضها للحصول على المال. 

قالت ربة المنزل التي لم تكشف "وول ستريت جورنال" عن اسمها، إنها اعتادت شراء سيارة جديدة كل عامين، لكنها باعت سيارتها مؤخرا نقدا لسداد القروض.

كانت المرأة تتظاهر، الجمعة، عندما صرخ عليها بعض ضباط الشرطة الذين يرتدون ملابسا مدنية لعدم ارتدائها الحجاب وهاجموا متظاهرتين بالقرب منها، على حد قولها. 

قالت إن بعض الضباط أطلقوا النار وأصيبت بكريات مطاطية من سلاح شبيه بالبندقية تستخدمه الشرطة الإيرانية لتفريق الحشود. وتابعت: "الطلقة لها صوت مروع. أنا لست خائفة، سأذهب للاحتجاج مرة أخرى".

بدأت الاحتجاجات يوم 17 سبتمبر بعد وفاة الشابة الكردية الأصل، مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، بعد ثلاثة أيام من توقيفها في طهران من قبل شرطة الأخلاق على خلفية عدم التزامها بقواعد اللباس الإسلامي.

وأشعلت وفاتها موجة احتجاجات في إيران ومسيرات تضامن مع النساء الإيرانيات في مختلف أنحاء العالم. وقتل 92 شخصاً على الأقل في إيران منذ 16 سبتمبر حسبما أعلنت "منظمة حقوق الإنسان في إيران" (IHR) التي تتخذ من أوسلو مقراً، بينما أفادت السلطات عن مقتل حوالى 60 شخصاً بما في ذلك 12 عنصراً في القوات الأمنية. وأوقف أكثر من ألف شخص. 

يتفق معظم الاقتصاديين على أن العقوبات الأميركية التي تستهدف صناعة النفط والقطاع المالي في إيران هي العامل الرئيسي الذي يشل الاقتصاد ويقطع البلاد عن الدولار.

ومع ذلك، فإن حوالي 63 بالمئة من الإيرانيين يضعون اللوم على سوء الإدارة والفساد وليس العقوبات، وفقا لاستطلاع شمل 1000 مشارك أجراه قبل عام مركز الدراسات الدولية والأمنية بجامعة ماريلاند و"IranPoll"، وهي شركة أبحاث واستطلاعات رأي مقرها كندا تركز على إيران.

 

"الموت لهذه الديكتاتورية"

كانت إيران في يوم من الأيام واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم من خلال ضخ 6 ملايين برميل يوميا في السبعينات و4 ملايين حتى عام 2016.

وانخفض توظيف خريجي الجامعات بنسبة 7 بالمئة في أعقاب العقوبات وأجور العمال المهرة الذكور بنحو 20 بالمئة، وفقا لدراسة نشرها صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي.

وبدأت الموجة الأولى من المظاهرات في وقت سابق من هذا العام، بقيادة النقابات العمالية التي تمثل عمال صناعة النفط والمعلمين الذين رأوا أن أجورهم تنخفض إلى ما دون خط الفقر. 

وقال فرشاد مؤمني، رئيس معهد الدراسات الإسلامية في العلوم الإنسانية، وهو مركز أبحاث إيراني مستقل لوكالة أنباء "إيلنا" شبه الرسمية، إن حجم الفقر المتصاعد في إيران "غير مسبوق في المئة عام الماضية" ويمكن أن يزعزع استقرار البلاد.وحث بعض القادة الإيرانيين الحكومة على سماع صوت المحتجين. 

بدوره، قال حسين نوري همداني، وهو رجل دين معروف بأنه مقرب من المرشد الأعلى، علي خامنئي، على موقعه على الإنترنت الشهر الماضي إنه "من الضروري أن تستمع السلطات إلى مطالب الناس وتحل مشاكلهم".

ويقول رجال الأعمال في طهران إن الجماعات المتحالفة مع الدولة استولت على الاقتصاد بشكل متزايد من صناديق التقاعد العامة إلى المؤسسات الدينية إلى الكيانات المملوكة للحرس الثوري الإسلامي، مما يترك مساحة صغيرة لقطاع خاص حقيقي.

وتحصل أعلى 10 بالمئة من الأسر الإيرانية دخلا على 31 بالمئة من إجمالي الدخل القومي الإجمالي، بينما تحصل الـ 10 بالمئة الأدنى على حوالي 2 بالمئة، وفقا لوزارة الرعاية الاجتماعية الإيرانية. 

هذا يعني أن إيران لديها تفاوتات اقتصادية أعلى بكثير من دول أخرى في المنطقة مثل الإمارات أو العراق أو إسرائيل، وفقا للبنك الدولي.

يقول العمال إنهم يجدون صعوبة في توفير المواد الغذائية الأساسية للإيرانيين مثل السباغيتي أو لحم الهمبرغر. ودعت النقابات أعضائها للانضمام للحركة الاحتجاجية لإنهاء قانون الحجاب المطبق الذي اتهمت أميني بخرقه.

في الأيام الأخيرة، اختار طلاب جامعة العلامة طبطبائي في طهران الموضوع وهم يهتفون، "فقر، فساد، طغيان. الموت لهذه الديكتاتورية".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".