طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، السلطات الحاكمة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية شمالي سوريا، بتوفير الحماية للنشطاء المدنيين والإعلاميين، بعد تصاعد عمليات استهدافهم على خلفية نشاطهم المشروع.
وقال في بيان صحافي، الثلاثاء إنّ أحدث ضحايا الانفلات الأمني في تلك المناطق كان الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف المعروف بـ(أبو غنوم)، إذ أقدم مسلّحون على اغتياله مع زوجته الحامل بمدينة الباب بريف حلب الشرقي الجمعة الماضية.
الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف المعروف بـ(أبو غنوم) - (تويتر)
وحسب شهادات شهود عيان، فإن مسلحين كانوا يستقلون مركبة أطلقوا النار بشكل مباشر على الناشط عبد اللطيف وزوجته اللذان كانا يستقلّان دراجة نارية قرب الفرن الآلي بمدينة الباب، ليلقيا مصرعهما على الفور، كما أورد الأورومتوسطي في بيانه.
وتابع الأورومتوسطي تقارير محلية نُشرت، أمس الاثنين، تفيد بإلقاء ما يُعرف بـ"الفيلق الثالث" في "الجيش الوطني السوري" القبض على الخليّة المشتبه بتنفيذها الهجوم، استنادا إلى صور كاميرات المراقبة في منطقة الاغتيال، وإفادات شهود العيّان، غير أنّه لم يتسن التحقق من تلك المزاعم حتى الآن، خصوصا مع عدم التزام الأطراف المعنية باتباع الإجراءات القانونية الواجبة في مثل هذه الحالات.
ووفق التقارير، ينتمي المشتبه بتنفيذهم عملية الاغتيال إلى ميليشيا "الحمزة" (إحدى مجموعات المعارضة المسلحة)، حيث شنّت قوات "الفيلق الثالث" فجر الثلاثاء هجومًا على مقرّاتها في مدينة الباب وسيطرت عليها، وامتدت الاشتباكات إلى مدينة "بزاعة" المجاورة، على نحو يهدد أمن وسلامة المدنيين، بالنظر إلى أنّ المواقع العسكرية محلّ الاشتباكات توجد داخل مناطق مكتظة بالسكان.
ويعد عبد اللطيف من أبرز الناشطين الإعلاميين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة شمالي سوريا، ويُعرف بمشاركته الدائمة وتنظيمه للفعاليات والوقفات الاحتجاجية المختلفة، وسبق أن وجّه انتقادات علنية للسلطات الحاكمة في المنطقة بشأن عدة قضايا إدارية وحياتية، إلى جانب انتقاد بعض الممارسات الأمنية.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الناشطين المدنيين، بما في ذلك الإعلاميين وأصحاب الرأي، يتعرّضون على نحو متصاعد لاعتداءات ومضايقات غير قانونية على خلفية نشاطاتهم المشروعة. وفي معظم الحالات، لا يخضع المتورطون في تلك الأفعال إلى أي شكل من أشكال المساءلة أو المحاسبة، في ظل تعدد قوى النفوذ، وضعف التأثير الفعلي للمؤسسات الأمنية والقضائية المحلية.
وأشار إلى أنّه وثّق مطلع أغسطس المنصرم تعرّض مجموعة من الناشطين والإعلاميين لاعتداء من عناصر الشرطة خلال تغطية احتجاجات القطاع الطبي في مدينة الباب.
وفي الخامس من الشهر ذاته، اعتقلت الشرطة العسكرية الناشط الإعلامي لؤي اليونس ثلاثة أيّام قبل أن تفرج عنه بعد ضغط شعبي.
وفي 3 أكتوبر الجاري، تعرّض الإعلاميان هادي طاطين وخالد أبو الهدى للتهديد والاعتداء بالضرب على يد عنصر في الشرطة العسكرية بعفرين، وبعدها بيوم واحد، تعرض الإعلامي سراج الشامي لاعتداء من شخص لم تُعرف هويته، خلال تغطيته احتجاجات لمعلمين في مدينة الباب.
وأكد المرصد أنّ تلك الحوادث تُضاف إلى سلسلة ممتدة من الانتهاكات الجسيمة التي مارستها أطراف النزاع ضد الصحافيين في سوريا، والتي أدّت إلى مقتل أكثر من 700 منهم منذ مارس 2011 وحتى منتصف العام الجاري.
ونبّه إلى أنّ غياب الرقابة القانونية على ممارسات تلك الأطراف، شكّل غطاء ضمنيا لها للاستمرار في انتهاكاتها دون أي اعتبار للعواقب المحتملة، ومع تجاهل تام لقواعد القانون الدولي الذي كفل حرية الرأي والتعبير وحماية الصحفيين من الملاحقة والاعتداء.
وطالب المرصد السلطات الحاكمة بإجراء تحقيق مستقل ومحايد في حادثة اغتيال عبد اللطيف وزوجته، واتباع الإجراءات القانونية الواجبة في عملية التحقيق وضبط المتهمين، وتقديمهم إلى محاكمة تتوفر فيها شروط وضمانات العدالة، إلى جانب التحقيق في جميع الحوادث المشابهة، والعمل على ضبط الحالة الأمنية وتوفير الأمن والحماية للمدنيين.
وحثّ أطراف النزاع في سوريا على وقف اعتداءاتها المستمرة ضد الصحافيين، والإفراج عن المعتقلين منهم، وضمان تمكينهم من تأدية عملهم بحرية دون تهديد أو قيود.
وطالب المرصد أجهزة الأمم المتحدة ذات العلاقة باتخاذ إجراءات فعالة لضمان تفعيل مبدأ المحاسبة وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب على الجرائم المتركبة ضد الصحافيين، باعتبار ذلك خطوة أساسية لضمان سلامتهم وحريتهم في العمل.