عناصر من "الجيش الوطني" السوري المدعوم من تركيا، ويسيطر على بلدة عفرين- تعبيرية
عناصر من "الجيش الوطني" السوري المدعوم من تركيا، ويسيطر على بلدة عفرين- تعبيرية

أصدرت مجموعة من المنظّمات والهيئات النسوية والحقوقية والناشطات والناشطين السوريين، بياناً حول "الاعتداءات المتكررة على الفتيات والنساء في جميع المناطق في سوريا"، مستنكرةً "الانفلات الأمني وغياب سيادة القانون".

وخصّ البيان كمثال على تلك الانتهاكات، منطقة عفرين شمال غرب سوريا، التي تسيطر عليها قوات "الجيش الوطني" المدعوم من تركيا، مؤكدا على "تكرار الاعتداء على الفتيات" في الآونة الأخيرة.

وسرد البيان حادثة جرت في بلدة جنديرس بريف عفرين، حيث "قام أحد الموظفين في المجلس المحلي باختطاف طفلة عمرها 14 عاما من منزل ذويها في بلدة تل سلور تحت التهديد".

وتمت عملية الاختطاف "بحماية قيادي في فصيل العمشات" وفق البيان، مردفاً "اقتيدت الفتاة إلى منزل الموظف وقام ابنه بالاعتداء عليها، وبعد تم عقد زواج عرفي بين ولده والطفلة".

"تمكّنت الطفلة من الهرب من منزل المعتدي، والوصول إلى منزل ذويها، الذين تقدّموا بشكوى للشرطة المدنية في جنديرس، فألقت الشرطة القبض على المعتدي ووالده، إلا أن السلطات القضائية لم تتّخذ أي إجراء ضد القيادي في فصيل العمشات، غم أن الطفلة أدلت بشهادتها بدوره في العملية، وتحرّشه بها مرات عدّة في مكان الاختطاف، ومعرفة قيادة فصيله المسلح بدوره في الجريمة"، كما جاء في البيان.

وكشف أن "القيادات المجتمعية المتحالفة مع فصيل العمشات تضغط لإخلاء سبيل المجرمين، والتستر على القيادي المشارك في الجريمة. كما تم تهديد ذوي الضحية لإجبارهم على إسقاط الدعوى والصمت. وتعيش الضحية وأهلها وأقاربهم اليوم رعباً حقيقياً نتيجة هذه التهديدات".

الفعاليات الحقوقية والنسوية الموقّعة على البيان، قالت إن هذه الحوادث "جرائم مدانة قانونياً واجتماعياً وأخلاقياً، وتساهم في زعزعة السلم الأهلي الهش أصلاً، وفي مزيد من الضغط على الأهالي لتهجيرهم قسرياً من أماكن سكناهم الأصلية". 

وحمّلت المسؤوليّة لـ "جميع الجهات المعنيّة، على رأسها الائتلاف والحكومة المؤقتة"، داعية إياها لـ"الضغط على سلطات الأمر الواقع لحماية الضحية وأهلها، ومحاسبة الجناة جميعاً، منعاً لتكرار تلك الجرائم البشعة".

من جهتها، تقول السياسيّة النسويّة صبيحة خليل، لـ"ارفع صوتك"، إن الانتهاكات والاعتداءات على الفتيات في عفرين "جزء من سلسلة متكرّرة، ازدادت وتيرتها في الأسابيع الأخيرة الماضية".

وتؤكد أن "عناصر من فصائل (الجيش الوطني) يقومون بفرض علاقات غير متكافئة على العائلات المستضعفة والمهمشة بفعل اختلال موازين القوى والسلطة، ويُجبرون الأهالي على تزويج بناتهم لهم".

وتشير خليل، إلى "وجود حوادث كثيرة موثّقة تم فيها تهجير أهل الفتاة في حالة الرفض"، مبينةً أن "معظم الضحايا هنّ فتيات قاصرات وتحديداً آخر حادثتين، وأُجبر أهل أحدهما على استغلال الطفلة بأبشع طريقة، بينما تمّ إخفاء المجرم، الأمر الذي دفع الفتاة ووالدها المُسنّ إلى الهجرة نحو حلب بسبب الوصم الاجتماعي".

والفتاة الثانية هي المذكورة سابقا، تقول خليل: "قام الخاطفون بتنظيم عقد زواج عُرفي وكأنهم يملكون إرادة أهلها".

وتتهم ما سمّتها بـ "سلطات الأمر الواقع" بتغيير الحقائق وتمييع القضايا.

وفي 17 أغسطس الحالي، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على فصيلين وقياداتهما في "الجيش الوطني"، واتّهمتهما بارتكاب "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان" في شمال سوريا.

وأضافت في بيان، أنها فرضت عقوبات على "لواء سليمان شاه" و"فرقة الحمزة"، لضلوعهما في "ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ضد السوريين ومشاركتهما بشكل مباشر أو غير مباشر بتلك الانتهاكات".

وطالت العقوبات ثلاثة قياديين بارزين في الفصيلين وهم: محمد حسين الجاسم الملقب بـ"أبو عمشة"، قائد "لواء سليمان شاه"، ووليد حسين الجاسم، الأخ الأصغر لـ"أبو عمشة"، ويشغل دوراً قيادياً في لواء سليمان شاه، وسيف بولاد أبو بكر، وهو قائد فرقة الحمزة، إضافة إلى شركة (Al-Safir Oto) لتجارة السيارات التي يشارك أبو عمشة بملكيتها.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".