نشرت حركة حماس، أمس الاثنين، فيديو لثلاث مختطفات إسرائيليات لديها، تتحدث إحداهن بالنيابة -على ما يبدو- مهاجمةً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشدة، عبر اتهامه بعدم الاكتراث بأرواحهن وبقية المختطفين، أو بذل أي مجهود لاستعادتهم، مطالبة بإطلاق سراحهن.
مدة الفيديو 76 ثانية، تظهر فيه المختطفات الإسرائيليات: دانييل ألوني وريمون كيرشت وإيلينا تروبانوف.
ألوني كانت المتحدثة الوحيدة فيما اكتفت الأخرتين بالصمت، حيث هاجمت نتنياهو بشدة واتهمته بالتقصير في حماية المستوطنات.
وعشية وقوع هجوم حماس كانت دانييل بصحبة طفلتها التي تبلغ ستة أعوام، في زيارة لأختها شارون في مستوطنة "نير عوز"، لتقعا، إلى جانب أختها وابنتيها التوأم وزوج أختها، رهائن بيد مسلحي حماس.
بالتزامن مع نشر الفيديو، أعلن الجيش الإسرائيلي نجاحه في إطلاق المجندة الإسرائيلية أوري مجيديش، التي وقعت في قبضة حماس بعد هجوم 7 أكتوبر على مستوطنات غلاف غزة، وهو الأمر الذي قوبل بالتشكيك في الوسط الإسرائيلي.
ولا تزال قضية المختطفين تحتل حيزاً كبيراً من اهتمام الرأي العام العالمي، خصوصاً أن بينهم مواطني دول أخرى، ومقابلة حماس المطالبات الدولية بإطلاق سراحهم بشرط الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل.
العدد
فور اشتعال الأزمة تضاربت التقديرات حول العدد الفعلي للمختطفين والمختطفات الإسرائيليين بين أيدي الفصائل الفلسطينية.
بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن عددهم "أكثر من 220"، لكن العائلات الإسرائيلية قالت خلال مظاهرتها أمام مبنى بلدية القدس، إن هناك " 239 سريرا فارغا" في إشارة إلى عدد المختطفين.
من جانبه، أعلن المتحدّث بِاسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، أن عددهم 230 فرداً، لافتا إلى أن هذا الرقم ليس حصيلة نهائية وقد يخضع للزيادة في ظل التحقيقات الموسّعة التي يجريها ضباط الجيش بشأن ما جرى في 7 أكتوبر.
لا يشمل هذا العدد 4 مختطفات أطلقت حماس سراحهن، وهن الأم جوديث وابنتها ناتالي رعنان، وامرأتان مسنّتان هما يوتشيفيد ليفشيتز ونوريت كوبر.
في المقابل، أعلن المتحدث العسكري لحركة حماس الملقب بـ"أبو عبيدة"، أن عدد المختطفين نحو 250، بينهم "العشرات" من الجنود والضباط الإسرائيليين.
وفي خطابه قبل أيام، أعلن "أبو عبيدة"، أن 50 من المختطفين "قتلوا بسبب القصف الإسرائيلي على قطاع غزة".
الجنسيات الأجنبية
أحد الأسباب التي جذبت أنظار العالم إلى القضية هذه المرة هو أن عددا من المختطفين يحمل جنسيات دول أخرى.
بحسب إعلان الجيش الإسرائيلي فإن من ضمن المختطفين لدى حماس أجانب حملوا جنسيات 25 دولة أخرى، ووفقاً لتقديرات إعلامية فإن الأسرى اشتملوا على 20 أميريكيا و18 فرنسياً و10 بريطانيين و15 أرجنتينياً و11 تايلاندياً وعددٌ غير معلوم من الألمان رفضت برلين إعلان عددهم حتى تصل إلى حصيلة نهائية، منهم الفتاة شاني لوك التي تحمل الجنسيتين الإسرائيلية والألمانية وتعتقد أسرتها أنها تعرضت لإصابة قاتلة.
قائمة الأسرى الأجانب اشتملت أيضاً على 8 مواطنين روس وشابَين من تنزانيا من ضمن 260 طالباً تنزانياً يعيشون حالياً في إسرائيل و5 كنديين انقطع الاتصال بهم وسط تباين في تحديد مصيرهم ما بين قتيلٍ أو أسير، وإصابة سبعة من نيبال واختطاف 17 آخرين.
سريعاً ظهر صدَى أزمة الرهائن في الرأي العام العالمي، فخرَج الرئيس الفرنسي ماكرون في خطابٍ تلفزيوني تعهد فيه ببذل كل ما يُمكن للإفراج عن الرهائن الفرنسيين، مؤكداً أنه فتح قنوات اتصال مع الخاطفين لإطلاق سراحهم، فيما اعتمدت ألمانيا على قطر من أجل التوسط لدى حماس للإفراج عن مواطنيها المحتجزين.
وفي كندا، أعلنت الحكومة العمل "على مدار الساعة" لتأمين عودة الكنديين من غزة، فيما تظاهر المئات في مونتريال للمطالبة بالإفراج عن المختطفين، كما ظهر في الإعلام المواطن الكندي يوناتان زيغن الذي وقعت والدته في قبضة حماس لينتقد سياسة إسرائيل إزاء هذا الملف، مؤكداً أن "العمليات العسكرية لن تحل شيئاً".
وأعلنت حماس عن رغبتها في عدم الاحتفاظ بالمختطفين الأجانب لديها واستعدادها لإطلاق سراحهم ما إن تهدأ الأوضاع، مؤكدة أن التمييز بين هوياتهم "كان مستحيلاً" خلال وقت الهجوم، وتمثّلت البداية في إطلاق سراح أميركيتين، هما جوديث رعنان وابنتها ناتالي، بناءً على وساطة قطرية.
البحث عن صفقة قاسية
حتى الآن يرفض نتنياهو الاستجابة لجهود الوساطة معتقداً أن تنفيذ المزيد من الضربات العسكرية لحركة حماس سيدفعها للإقدام على المزيد من التنازلات في الصفقة.
ويتعرّض نتنياهو إلى ضغوطٍ هائلة من أُسر الرهائن الإسرائيليين الذين لا يكفون عن التظاهر والمطالبة بالإفراج عن ذويهم بأي ثمن ولو عبر الانصياع لشروط حماس.
من الأمثلة على الدور الكبير للضغط الشعبي على حكومة إسرائيل، صفقة الجندي جلعاد شاليط الذي أفرجت عنه حماس مقابل الإفراج عما يزيد عن ألف فلسطيني.
وتصرُّ الحكومة الإسرائيلية على الاعتماد على قوتها الحربية كوسيلة أساسية لتحرير الرهائن الإسرائيليين في الوقت الحالي، ملمحة لاستعدادها إلى تأجيل العمليات العسكرية مقابل الإفراج عن جميع الأسرى، ما ترفضه حماس بشكلٍ قاطع.
تاريخ تبادل الأسرى
في عام 1985 بادلت إسرائيل يين ثلاثة من جنودها وقعوا أسرى لدى حزب الله اللبناني بأكثر من ألف سجين لديها، وفي 2008 تبادلت مع إسرائيل خمسة سجناء لبنانيين، منهم سمير القنطار أقدم سجين لبناني في إسرائيل و199 رفات جثث لمقاتلي الحزب مقابل رفات جنديين إسرائيليين، وفي 2011 وافقت إسرائيل على الصفقة الشهيرة التي بادلت فيها الجندي شاليط بـ1027 أسيراً فلسطينياً.
وبحسب خبراء، فإن إسرائيل بادلت قرابة 8 آلاف سجين فلسطيني لديها مقابل 19 إسرائيلياً و8 جثث خلال العقود الثلاثة الماضية، من ضمن هؤلاء المحررين عددٌ من كبار قادة حماس على رأسهم الشيخ أحمد ياسين مؤسّس الحركة، ويحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، وعلي قاضي قائد قوات النخبة في كتائب القسام، الذي أعلنت إسرائيل تصفيته في 14 أكتوبر الماضي.
وحتى نشر هذا التقرير، تتعدد الإشارات عن جهودٍ تبذلها مصر وقطر للقيام بوساطة من أجل التوصل لوقف إطلاق النار بين الطرفين يليه البدء في مفاوضات لتبادل الأسرلا، لكنها حتى الآن لم تسفر عن نتيجة ملموسة.