منذ أيام ضبطت أجهزة الأمن العراقية شبكة اتجار بالبشر مكوّنة من 4 أفراد خططوا لبيع طفلين مقابل 30 مليون دينار عراقي (23 ألف دولار).
وفي عام 2017 نظر القضاء العراقي 91 حالة اتجار بالبشر زادت في 2019 إلى 200 قضية معظمها في بغداد وتتعلّق ببيع عشرات الأطفال إلى أسرٍ أخرى، وفي 2021 بلغ عدد قضايا الاتجار 300 حالة.
التزايد المتنامي في عدد القضايا التي تنجح الشرطة العراقية في ضبطها لا يعني نجاحاً تاماً في القضاء على الظاهرة، وهو ما دفع وزارة الخارجية الأميركية للتأكيد على أن "حكومة العراق لا تلبّي بشكلٍ كامل الحد الأدنى من معايير القضاء على الاتجار بالبشر" في تقريرها الصادر العام الحالي 2023.
وبحسب التقرير، فإن "الفساد الحكومي لعب دوراً في تأجيج هذه الظاهرة عراقياً، فبعض المراكز التي استُغلت في عملية الاتجار كانت تابعة لجهاتٍ حكومية ولم تخضع لعمليات تفتيش من قِبَل السُلطات".
وأيضاً فإن 12 حالة من القضايا المنظورة أمام القضاء تورّط فيها ضباط شرطة عراقيون عوقبوا بتخفيض رتبهم وإجراءات إدارية أخرى لكنهم لم يُفصلوا من الخدمة، كما أفاد التقرير.
وعالمياً، تشمل أنشطة شبكات الاتجار بالبشر استغلال البشر في أنشطة وأعمال السخرة والتجنيد العسكري والتسوّل وسرقة الأعضاء، ويعدُّ الاستغلال الجنسي الأكثر شيوعاً، إذ يمثّل 79% من اهتمامات هذه الشبكات، وفق تقرير لمنظمة اليونسكو.

حجم انتشار الظاهرة
رغم الجهود الضخمة التي تُبذل لمكافة جرائم الاتجار في البشر على المستوى العربي والعالمي، إلا أنها تعيش رواجاً كبيراً، حتى باتت ثالث أكبر تجارة غير مشروعة في العالم بعد السلاح والمخدرات، وفقاً لما ذكره الباحث/ أحمد مخلوف في درسة "الآليات القانونية لمكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص على الصعيدين الوطني والدولي".
تنتعش هذه الجريمة في أوقات تناميْ الصراعات المسلحة الداخلية أو الدولية مثل الأزمة الأوكرانية على سبيل المثال، التي شهدت موجات نزوح هائلة للملايين من النساء والأطفال الأوكرانيين، الأمر الذي يجعلهم فريسة سهلة لعصابات الاتجار بالبشر.
وفي الدول الفقيرة التي تشهد تدهوراً اقتصادياً وارتفاع معدلات البطالة، بيئة مثالية لانتشار عصابات الاتجار بالبشر، التي تغري الناس بالأموال والوظائف والسكن الأفضل مقابل الانخراط في أنشطتهم غير المشروعة.
ذكر المتولي محمد في أطروحته "جريمة الاتجار بالبشر في التشريع العماني والمصري والإماراتي"، التي أصدرها عام 2021، أن منظمة العمل الدولية قدّرت حجم عائداتها بـ27 مليار دولار سنوياً.
وفي هذا العام نشرت وزارة الخارجية الأميركية تقريراً قدّرت فيه عدد ضحايا الاتجار بالبشر بنحو 27 مليون شخص.
جهود المكافحة عربيا
وفق تقرير أصدرته السفارة الأميركية في مصر، فإن عام 2022 شهد 76 تحقيقاً في قضايا اتجار بالبشر، ما يمثلّ انخفاضاً ملحوظاً عن العام الذي سبقه حيث تم تسجيل 149 حالة.
وفي بداية العام الماضي أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي فيه مصر إقامة أول دار لضحايا الاتجار بالبشر
وفي الإمارات العربية المتحدة، وفق دراسة للباحث علي راشد "دور الشرطة في دولة الإمارات العربية في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر"، شهد عام 2016 تسجيل 25 قضية متعلقة بالاتجار في البشر غالبيتها مرتبطة بالاستغلال الجنسي إلا 3 قضايا فقط مرتبطة ببيع الأطفال لأسر أخرى، وعدد ضحايا هذه القضايا بلغ 34 فرداً، والمتورطين فيها 106 أفراد، تراوحت العقوبات التي حصلوا عليها بين السجن سنة واحدة أو المؤبد.
وبحسب الدراسة، فإن وزارة الداخلية الإماراتية أنشأت أكثر من 13 قسماً معنياً بمكافحة جرائم الاتجار بالبشر في مقراتها المختلفة.
وفي المملكة المغربية، بلغ عدد ضحايا جرائم الاتجار 719 بين عامي 2017 و2019، وفقاً لتقرير حكومي كشف عنه وزير العدل المغربي.
القوانين العربية
وفقاً لما ذكره الدكتور دحية عبداللطيف في بحثه "جهود الدول العربية في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر"، فإن الإمارات كانت من أوائل الدول العربية التي حظرت الرق بحسب (القانون الاتحادي 51 لسنة 2006)، الذي نصَّ على مكافحة الاتجار بالبشر ليكون الأول من نوعه عربياً.
وعقوبة الجريمة، تتراوح بين السجن عامٍ واحد قد تصل إلى المؤبد، إضافة لفرض غرامات تبدأ من 100 ألف درهم قد تصل إلى مليون درهم.
كما صدر قرار من مجلس الوزراء الإماراتي بتشكيل "اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر".
وفي 2008 سنّت البحرين قانونها الخاص لمكافحة الاتجار بالبشر مشرّعة لها عقوبة تتراوح بين 3 و15 عاماً، وبقرارٍ من وزير التنمية الاجتماعية أُنشئت "لجنة تقييم ضحايا الاتجار بالبشر"
في العام التالي، أصدر الأردن قانونه الخاص الذي حدّد عقوبة الحبس مدة قد تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة ضد مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر.
بموجب هذا القانون، تكوّنت لجنة برئاسة وزير العدل لمتابعة تنفيذ مواد القانون سالف الذِكر.
وفي 2010 أصدرت مصر قانونها الخاص في هذا المجال، كما أُعلن تشكيل لجنة تضمُّ الخبراء المعنيين بالإضافة إلى مندوبين عن عددٍ من الوزارات، وهو نفس العام الذي أصدرت فيه السعودية قانونها الخاص لـ"مكافجة الاتجار بالأشخاص" وفقا لتعريفها الخاص.