المرجع الأعلى علي السيستاني وقائد "الثورة" الإيرانية روح الله الخميني
المرجع الأعلى علي السيستاني وقائد "الثورة" الإيرانية روح الله الخميني

تُعرف عملية إعادة تحديد الجنس بكونها عملية جراحية تُغيّر من خلالها الملامح الجسدية للشخص، لتحاكي صفاته المرتبطة اجتماعياً مع الجندر -النوع الاجتماعي- الذي يتماثل معه.

يرى البعض في تلك العملية حلاً لمشكلة اضطراب الهُويّة الجنسية، في حين يرفضها آخرون لأسباب دينية وثقافية. في أبريل 2022، تحدث تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن "الصعوبات الكبيرة التي يلاقيها المتحولون جنسياً في المنطقة العربية والعالم الإسلامي".

جاء في التقرير: "يواجه العابرون/ات جندرياً الذين لا يتطابق النوع الاجتماعي المنسوب إليهم/ن عند الولادة مع هويتهم/ن الجندرية واقعاً قاتماً في معظم أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعقبات هائلة أمام الاعتراف القانوني بهويتهم/ن".

ما هي قصة عمليات التصحيح الجنسي في كل من العراق ومصر وإيران؟ وكيف ارتبط الجدل المصاحب لتلك القضية بالآراء الدينية والطبية والقانونية؟.

 

العراق

تشهد عملة تغيير الجنس في العراق جدلاً محتدماً بين الرأي الديني، والتشريعات القانونية. في ما يخص الآراء الدينية، يذهب أغلب رجال الدين العراقيين لحرمة إجراء تلك العمليات. على سبيل المثال أفتى المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني في وقت سابق قائلاً: "من يعاني من اضطراب نفسي في هويته الجنسية -مثل من يكون ذكراً في الواقع ويستشعر الأنثوية أو بالعكس- من غير أن يكون هناك أي تشوه جسدي في الأعضاء التناسلية كالذي يكون ذكراً بحسب جسده ولكنه يستشعر الأنوثة، فلا يجوز له بتاتاً أن يقوم بتغيير مظهره الجنسي الخارجي إلى مظهر الجنس الآخر، كما لا يترتب على هذا التغيير لو وقع أي أثر شرعي، فيبقى الرجل على أحكامه الشرعية الخاصة بجنسه والمرأة على أحكامها".

في السياق نفسه، أصدر مجلس فتوى إقليم كوردستان العراق في أغسطس 2022 بياناً جاء فيه أن "تغيير الجنس من ذكر إلى أنثى، أو بالعكس هو خارج تعاليم الإسلام ويعتبر حراماً شرعاً".

على العكس من الآراء السابقة، أصدرت الدولة العراقية تعليمات رقم 4 في سنة 2002، أي خلال فترة حكم صدام حسين للعراق. نصت التعليمات على تشكيل لجنة لتقييم الحالات الراغبة في تغيير الجنس.

بحسب تلك التعليمات، تُشكل لجنة من 5 أعضاء، وهم طبيب جراحة مسالك بولية، وطبيب نساء وتوليد، وطبيب نفسي، وطبيب وراثة، فضلاً عن موظف قانوني تكون مهمته توجيه وتفهيم مقدم الطلب وذويه عن الآثار القانونية للتغيير ومعاونة اللجنة في المسائل القانونية بهذا الخصوص.

ونصت المادة الرابعة من القرار على أنه "إذا ثبت بعد التقييم النفسي والسريري بأن الحالة نتيجة اضطراب هوية الجنس (TRANSEXUALISM) فيُحال المريض إلى اللجنة الطبية النفسية الأولية، ومن ثم إلى اللجنة الاستئنافية النفسية، وفي حال موافقتهما على إجراء عملية التصحيح يخضع المريض إلى برنامج علاجي تأهيلي لمدة تقررها اللجنة للتعايش مع التصحيح".

ظهرت الموافقة الحكومية على إجراء عمليات تصحيح الجنس في أكثر من مناسبة في السنوات السابقة. في أكتوبر 2018، أعلنت وزارة الداخلية العراقية دعمها لأول عملية تصحيح جنس علنية لمواطن عراقي.

وبثت الوزارة مقطع فيديو يظهر فيه مستشار وزيرها السابق وهاب الطائي، وهو يقابل أحد الشباب الراغبين في تصحيح جنسه رسمياً إلى أنثى، نتيجة لما قال عنه إنه "خلل في الهرمونات".

وقال الطائي حينها: إنّ "مسألة تصحيح الجنس ليست أمرا مستحيلاً. هذا الأمر وارد جداً. ما علينا كوزارة إلا أن نحقق ما يريده مواطن عراقي محترم ضحية حالة بيولوجية".

وأجرت الكوادر الطبية بمستشفى كركوك التعليمي في يونيو الماضي، عملية تصحيح الجنس لشاب بعمر 19 عاماً. بحسب الطبيب الذي أجرى الجراحة فقد نشأ المريض على أنه أنثى ولكن بعد إجراء الفحوصات اللازمة قبل 5 سنوات اكتشف أن أعضاءه الداخلية والكروموسومات ذكرية، والعضو الخارجي فقط أنثوي، الأمر الذي استلزم إجراء الجراحة.

لكن، على الرغم من ذلك، لا تُجرى الكثير من عمليات تصحيح الجنس داخل العراق، ويفضل المرضى السفر إلى إيران أو تركيا أو الدول الأوروبية لإجرائها، بسبب الظروف الاجتماعية التي تتعلق بهذه الفئة.

 

مصر

في سنة 1988، أجريت أول عملية جراحية لتغيير الجنس في مصر عندما قام سيد، وهو طالب يدرس في السنة الأولى بكلية الطب في جامعة الأزهر بالتحول إلى سالي. أثار ذلك الحدث جدلاً كبيراً في الأوساط الطبية والقانونية في مصر في ذلك الوقت، خاصة بعدما قامت الجامعة بفصل سالي من كلية طب الأزهر، ورفضت تحويلها إلى قسم البنات، قبل أن تقضي المحكمة الإدارية العليا في مصر في سنة 2006 بأحقية سالي في استكمال دراستها بكلية طب البنات بجامعة الأزهر، وألغت حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بتأييد قرار الجامعة وعدم قيد الطالبة بالكلية.

تسببت تلك الواقعة في إحداث بعض التغييرات على النصوص القانونية الطبية، على سبيل المثال، عدلت نقابة الأطباء في سنة 2003 لائحة آداب المهن الطبية لضمان عدم إقدام أي طبيب على إجراء تلك الجراحة من تلقاء نفسه.

نصت المادة رقم 43 من اللائحة: "يُحظر على الطبيب إجراء عمليات تغيير الجنس، أما بالنسبة لعمليات تصحيح الجنس، فإنه يُشترط موافقة اللجنة المختصة بالنقابة وتتم عمليات التصحيح بعد إجراء التحليلات الهرمونية وفحص الخريطة الكروموزومية وبعد قضاء فترة العلاج النفسي والهرموني المصاحب لمدة لا تقل عن عامين".

في السنة نفسها، وضعت النقابة قرار الموافقة على إجراء ذلك النوع من العمليات في يد لجنة تابعة لنقابة الأطباء. وتُعرف "بلجنة تصحيح وتحديد الجنس". تم تشكيل اللجنة بقرار من وزير الصحة، وتكونت من طبيبين نفسيين، وأستاذ في علم الوراثة، وأستاذ في أمراض ذكورة، وعضو من دار الإفتاء. كان رئيس اللجنة يُعين من قِبل نقابة الأطباء، كما خضعت اللجنة لإشراف مباشر من جانب لجنة آداب المهنة بالنقابة.

لم يُنه تشكيل تلك اللجنة على المصاعب الحكومية التي تقابل من يريد إجراء العملية في مصر. في أغسطس 2017، كشف رئيس اللجنة عن توقف عمل اللجنة "بسبب عضو دار الإفتاء لأنه اعترض على أن يكون اسمه فى اللجنة برغم من عدم حضوره نظراً لظروف عمله، ونظراً لعدم تفرغ معظم أعضاء اللجنة، فكانت الموافقة تعتمد بالتمرير أو بإجماع الآراء".

ظل هذا الإشكال قائماً لسنوات بعدها، وفي سبتمبر 2021، استأنفت اللجنة عملها بعدما توصلت إلى صيغة اتفاق مع لجنة الفتوى بالأزهر. بموجب تلك الصيغة يقوم أعضاء اللجنة باتخاذ قرارهم في كل حالة. ثم يتم إرسال الحالات مُجمعة إلى الأزهر للحصول على الموافقة الشرعية لإجراء العملية. تسبب ذلك بالتبعية في تعطيل طلبات الراغبين في تعديل الجنس. لأن رأي الأزهر -الرافض لإجراء ذلك النوع من الجراحة- صار مهيمناً على الرأي الطبي.

من الناحية القانونية، تعقبت السلطات المصرية الأطباء والمستشفيات التي يثبت تورطها في إجراء تلك العمليات. في يوليو سنة 2010، صدر قرار بإغلاق أحد المستشفيات على خلفية إجراء عملية جراحية لتحويل ذكر إلى أنثى. كما صدرت بعض الأحكام القضائية المناهضة للحق في تغيير الجنس. على سبيل المثال، في يناير 2016، رفضت إحدى المحاكم المصرية طلباً تقدم به أحد المتحولين جنسياً لتعديل نوعه من أنثى إلى ذكر في بطاقة الرقم القومي، وذلك بعد قيامه بإجراء عملية تصحيح جنس.

ذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أن "عمليات تغيير الجنس التي تتم للمرضى الذين يعانون من اضطرابات الهوية الجنسية، وهو الإحساس الداخلي بالأنوثة أو الذكورة وهو ما يسمى بالجنس العقلي وهو في حقيقته تغيير من وضع سليم إلى خاطئ، ومن ثم كان إجماع الفقهاء على تحريم عمليات تغيير الجنس، لما تنطوي عليه من تغيير خلق الله".

تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية لا يعود إلا بمشاكل صحية خطيرة على ضحاياه
نساء تعرضن للتشويه الجنسي: لسنا بضاعة يملكها رجل
دعت ناشطات ضد عمليات تشويه الأعضاء التناسلية للإناث أو ما يسمى الختان إلى الانضمام لحملة #MeToo (أنا أيضا) لزيادة الوعي بالممارسة السيئة التي تنتهك الحقوق الأساسية للطفلات والنساء وتحظى بتنديد عالمي وتحظرها معظم الدول، لكنها لا تزال منتشرة في عدة مناطق خاصة في إفريقيا.

إيران

 

تعود أولى حالات تغيير الجنس في إيران لسنة 1983م. بحسب صحيفة الإندبندنت البريطانية فإن أحد الإيرانيين بعث في تلك السنة برسالة إلى قائد الثورة الإسلامية، آية الله الخميني ليسأله عن الحكم الشرعي في تغيير جنسه. لمّا تأخر الجواب، ذهب الرجل بنفسه ليقابل الخميني وحصل منه على فتوى شرعية جاء فيها "إذا أراد أحد تغيير جنسه الحالي لأنه يشعر أنه عالق داخل جسد غير جسده، يحق له التخلص من هذا الجسد والتحول إلى جنس آخر". بموجب تلك الفتوى أجرى هذا الشخص العملية، وتحول بعدها إلى السيدة مريم مولكارا، التي اشتهرت بلقب الأم الروحية للمتحولين جنسياً في إيران.

بعد وفاة الخميني في سنة 1989، ووصول تلميذه علي خامنئي لمنصب مرشد الثورة الإسلامية، تجدد السؤال حول عملية تغيير الجنس. ووجه البعض سؤالاً له -بوصفه الولي الفقيه-  جاء فيه: "هناك أشخاص ظاهرهم الذكورية، إلا أنهم يمتلكون بعض خصائص الأنوثة من الناحية النفسية ولديهم ميول جنسية أنثوية كاملة، فلو لم يبادروا إلى تغيير جنسهم وقعوا في الفساد، فهل يجوز معالجتهم من خلال إجراء عملية جراحية؟".

أجاب الخامنئي حينها متابعاً رأي الخميني: "لا بأس في العملية الجراحية المذكورة إذا ما كانت لكشف واظهار الجنسية الواقعية، شريطة ألا تستلزم فعل محرم ولا تسبب مفسدة".

بموجب تلك الفتاوى حظيت عمليات تغيير الجنس في إيران بالشكل القانوني الكامل، وبحسب التقرير الصادر عن صحيفة الجارديان البريطانية في 2007، فإن إيران تحتل المركز الثاني عالمياً بعد تايلاند في إجراء ذلك النوع من العمليات الجراحية.

في السياق ذاته، تذكر بعض التقارير أن الحكومة الإيرانية توفر ما يصل إلى نصف تكلفة إجراء عمليات تغيير الجنس للأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة مالية، كما يتم الاعتراف بتغيير الجنس في شهادة الميلاد وكافة الأوراق الرسمية.

من جهة أخرى، وكنوع من أنواع تسهيل اندماج المتحول جنسياً في المجتمع، تقوم الجهات الطبية المختصة بتهيئة المتحول جنسياً قُبيل إجراء العملية بعدة شهور، أما بعد إجراء العملية فيتم منح إذن رسمي للمريض لارتداء ملابس مغايرة لهيئته في الأماكن العامة، وذلك لمنع اعتقاله بتهمة المثلية أو الفجور.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".