صورة أرشيفية من مظاهرة حاشدة في العاصمة الألمانية برلين، احتجاجاً على عقوبات الإعدام بحق المتظاهرين الإيرانيين
صورة أرشيفية من مظاهرة حاشدة في العاصمة الألمانية برلين، احتجاجاً على عقوبات الإعدام بحق المتظاهرين الإيرانيين

ودع النظام الإيراني عام 2023 بحملة إعدامات في كردستان إيران، طالت 29 شخصاً، خمسة منهم على خلفية تهم سياسية، ليصل عدد الذين أعدمتهم السلطات هناك إلى 756 شخصاً، بينهم نساء وأطفال.

وكشف التقرير السنوي لمنظمة "هانا" الإيرانية الكردية لحقوق الإنسان، أن "النظام الإيراني أعدم خلال عام 2023 ما لا يقل عن 756 شخصاً في إيران، وثقت المنظمة أسماء 670 منهم".

وقالت إن "العدد في عام 2023 ارتفع عما كان عليه في عام 2022، بزيادة ٢٠٠ حالة إعدام".

بدوره، يؤكد رئيس منظمة "هانا"، حميد بهرامي، أن "155 معتقلاً في السجون الإيرانية ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بهم".

ويوضح لـ"ارفع صوتك"، أن "الإعدامات في عام 2023 كانت على خلفية تهم متعلقة بالمخدرات والقتل العمد والمحاربة (تهم سياسية)، من بين من أعدموا بسببها، متظاهرون شاركوا في الاحتجاجات بعد مقتل جينا أميني (مهسا)، إلى جانب تهم متعلقة بالمعتقد الديني".

 

جوانه تيمسي، مواطنة كردية من إيران، تخشى على مصير زوجها الناشط السياسي المعارض، محسن مظلوم، في سجون النظام الإيراني.

تروي لـ"ارفع صوتك"، أن "زوجها اعتقل في نهاية يونيو 2022 مع أربعة ناشطين أكراد آخرين في محافظة أرومية شمال غرب إيران، وذلك بتهمة التعاون والعمل لصالح الموساد الإسرائيلي".

لم تعلم تيمسي باعتقال زوجها إلا بعد مرور 80 يوماً على اعتقاله، وذلك عن طريق التلفزيون الإيراني، الذي بث اعترافات المعتقلين، عقب الإعلان عن "اعتقال خلية تابعة للموساد في محافظة أصفهان".

تقول زوجته: "الاعترافات التي بثها النظام لمحسن ورفاقه انتُزعت منهم بالقوة وتحت التعذيبين النفسي والجسدي، وكان ذلك ظاهراً بوضوح على وجوههم. لقد أجبرهم النظام على قول إنهم يعملون لصالح إسرائيل وزاروا دولاً أفريقية، في حين أنهم لم يخرجوا من كردستان أبداً، حتى أسماء الدول التي ذكروها لا يعرفونها أساساً، ولم يكونوا مسلحين".

"وذكر النظام أنه اعتقلهم في أصفهان بينما اعتقلهم في أروميه"، تتابع تيمسي، التي تقول إن "آخر مرة رأت فيها زوجها كانت في البث التلفزيوني، فالمعلومات عنه وعن رفاقه غير متوفرة وتمتنع الجهات الأمنية الإيرانية الكشف عن مصيرهم".

وعلى مدى عام ونصف من اعتقالهم، لم تتوقف عائلاتهم عن محاولات معرفة أماكن احتجازهم وأوضاعهم، لأن النظام يمنع الزيارات وتوكيل محامين للدفاع عنهم، بحسب تيمسي، التي أشارت إلى أن "عناصر الأمن وموظفي السجون يستقبلون عائلات المعتقلين في كل مرة بالإهانات والشتائم، وأبلغونا مؤخراً بالتوقف عن متابعة ملفهم".

وتعرب عن مخاوفها على حياة زوجها ورفاقه: "المعتقلون في السجون الإيرانية في خطر، كلما أرادت إيران الرد على إسرائيل أو مواجهتها تذهب للسجون لتنفذ حملة إعدامات ضد الناشطين السياسيين الكرد، وتُسند لهم تهمةً جاهزة وهي التعاون مع إسرائيل".

"محاربة الله"

تسند السلطات الإيرانية تهمة "محاربة الله" المعروف أيضاً بـ"المحاربة" أو "الفساد في الأرض"، إلى المعتقلين السياسيين والمتهمين بالتعاون مع إسرائيل. وهذه التهمة حكمها الإعدام.

يشرح الباحث السياسي المختص بالشأن الإيراني، سوران بالاني: "غالبية من أعدموا في إيران خلال العام الماضي كانوا من المتظاهرين الذين شاركوا في الاحتجاجات التي شهدتها إيران عقب مقتل الفتاة الكردية جينا أميني على يد شرطة الآداب في سبتمبر 2022".

ويقول لـ"ارفع صوتك"، إن "النظام الإيراني يسند تهماً متنوعة للمعتقلين لإعدامهم، كما يستغل الصراع بينه والغرب وإسرائيل لإعدام الأبرياء من المدنيين، حيث يعتقل العشرات منهم ويسند إليهم تهم التجسس لصالح إسرائيل والغرب، لكن لا أساس لهذه التهم. في النهاية وبعد تعذيبهم بشتى الوسائل يُحكم عليهم بالإعدام".

ويدعو بالاني المجتمع الدولي إلى التحرك "بشكل جديّ" ضد النظام في إيران، معتبراً أن موقفه الحالي "خجول"، ما يدفع إيران لتنفيذ "هذا الكم الهائل من الإعدامات" وفق تعبيره.

وكانت المتحدثة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، رافينا شامداساني، كشفت في مؤتمر صحافي عقدته في جنيف (9 أيار 2023)، أن "أكثر من عشرة أشخاص يُعدمون أسبوعياً، وهذا هو متوسط معدل الإعدامات، ما يجعل إيران واحدة من أكبر منفذي عقوبة الإعدام في العالم".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".