حملة "مي تو" جديدة خاصة بالرجال بعد 8 سنوات من الحملة النسائية
حملة "مي تو" جديدة خاصة بالرجال بعد 8 سنوات من الحملة النسائية- تعبيرية

بعد نحو شهر من إطلاق حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #Metoogarcons الموازية لمبادرة "مي تو" (أنا أيضا)، التي سمحت لنساء بالحديث وكشف حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي التي تعرضن لها، نشرت صحيفة "لو موند" الفرنسية تحقيقا، وثّق شهادات رجال كانوا ضحية عنف جنسي على أيدي نساء.

وكشف بيير (اسم مستعار)، رجل في الـ33 من عمره، للصحيفة عن تعرضه لـ"اغتصاب من شابة عندما كان في الـ19 من عمره"، ويستحضر تفاصيل الواقعة، قائلا إنه كان ضحية تحرش من سيدة أثناء حفلة، بمنزل صديق له.

ويقول إنه بعد مضايقات عدة طيلة تلك الأمسية، أمسكته أخيرا من ياقة قميصه وأدخلته إلى غرفة أحكمت إغلاق بابها بخزانة، قبل أن تجبره على خلع سرواله وتمارس معه الجنس دون وعي وإرادة حرة منه.

ويوضح الشاب بأنه "لم يكن يريد خيانة صديقته، لكن المعتدية استطاعت الإيقاع به وممارسة الجنس معه. ويشدد على أن "ما حدث معه كان نوعا من الجنون"، واصفا لحظة الانفصال عن الواقع التي يستحضرها العديد من ضحايا الاعتداء الجنسي.

 

"مي تو شباب"

وجاء إطلاق حملة "أنا أيضا" الخاصة بتجارب الشباب، في 22 فبراير الماضي، بعد الدعوة التي أصدرها الفنان الفرنسي أوريليان ويك، بعدما تحدث عن العنف الجنسي الذي تعرض له في طفولته من قبل بعض أقاربه ومن وكيل أعماله. 

وكشف الممثل الفرنسي، عن معاناته الجنسية عبر تطبيق إنستغرام، مطلقا بذلك حملة جديدة على التحرش الجنسي، لكن موجهة للأطفال والرجال، إذ كشف أيضا أنه رفع دعوة قضائية على المعتدين المفترضين.

وتحت وسم "أنا أيضا شباب"، شارك مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الذكور، تجاربهم مع الاعتداءات الجنسية، سواء عندما كانوا أطفالا من طرف ذكور، أو عن اعتداءات نساء عليهم.

وتشكل حالات الاعتداء الجنسي على الرجال من قبل النساء "أقلية إحصائية"، كما تؤكد لوسي ويكي، طالبة الدكتوراه في كلية الدراسات المتقدمة في العلوم الاجتماعية، وهي الباحثة الوحيدة في علم الاجتماع التي تعمل على العنف الجنسي الذي يعاني منه الرجال في فرنسا، لكن مع ذلك يتعرض عدد من الأطفال الذكور أيضا لاعتداءات من طرف الأكبر سنا أو من طرف نساء.

لكن بيير لم يعتبر نفسه ضحية للحادثة، قائلا: لم تكن هذه القصة سوى "حادثة مسائية".

وخلف كلماته وكلمات رجلين آخرين قابلتهما الصحيفة، تبرز ظلال الصور النمطية المتعلقة بالجنسين وفقا لـ"لوموند" التي تشير  إلى أن بيير لم يتوقف أبدا عن التفاخر بالحادثة، إذ يقول: "أنت تجعل المرأة تفقد أعصابها لدرجة أنها تمسك بك بهذه الطريقة".

وفي دراسة أجريت عام 2017 على 39 طالبا أجبروا على ممارسة الجنس من قبل نساء، وجد عالم الاجتماع الأميركي جيسي فورد، انتشار هذا النوع من الخطاب الإيجابي بشأن تجربة كانت غير سارة، معتبرا أن استخدام نبرة مضحكة للتقليل من شأن ما حدث، يمكن أن "يخفف من تداعيات التجربة السلبية، ويحاكي السيطرة على الموقف والدفاع عن الرجولة".

من جهته، يستعيد كليمان (اسم مستعار)، وهو في الـ30 من عمره، اليوم، تفاصيل "حدث غير متوقع"، حصل معه في أمسية عيد ميلاده الـ21، عام 2014، قائلا: "كنت فتى خجولا، بعد إحدى الأمسيات اضطررت للعودة إلى المنزل، مع رفيقة سكني التي، لم تتوقف عن محاولات مداعبتي، رغم رفضي".

ويوضح كليمان: "لم أكن أعرف كيف أخبرها أنني لا أريد ممارسة الجنس معها، لقد تركتها تفعل ذلك دون رضاي".

وأضاف: "بقيَت طوال الليل في منزل، ولم أتمكن من تقبل عدم رغبتي في ممارسة الجنس معها، إذ كنت أعتقد أن غياب الرغبة الجنسية وعدم الرضا على ذلك، من علامات انعدام الرجولة".

وتعرّف منظمة الصحة العالمية العنف الجنسي، بأنه "أي فعل جنسي أو محاولة لممارسة فعل جنسي أو فعل آخر موجه ضد النشاط الجنسي لشخص ما باستخدام الإكراه، من جانب أي شخص بغض النظر عن علاقته بالضحية، في أي مكان".

وتقول الصحيفة، إن كلا من كليمان وبيير، أعربا عن دهشتهما من حدوث الانتصاب "على الرغم من عدم رغبتهما في المشاركة بالعلاقة الجنسية".

 لكن التقرير، يوضح أن "الاستجابة الفسيولوجية مثل الانتصاب، تحدث بشكل مماثل تماما لدى النساء اللائي ينتج جهازهن الجنسي مادة رطبة خلال تعرضهن للاغتصاب، في ردة فعل من الدماغ للتخفيف من الصدمة".

من جهته، يقول سيريل (اسم مستعار)، من العمر 19 عاما، الذي تعرض للاغتصاب من ذكرين ثم اعتداء جنسي من خليلته السابقة، إن "الاعتداء عليه من قبل امرأة، كان أقل عنفا، لكنه يبقى اعتداء جنسيا رغم ذلك".

ويكشف سيريل لـ"لوموند" أن تجربة الاغتصاب "دمرت حياته الجنسية"، إذ تسببت في تراجع رغبته في ممارسة الجنس، وخلال علاقته مع صديقته، لم يكن يرغب في كثير من المرات في إقامة علاقة جنسية معها، غير أنه كان يضطر للاستسلام لرغباتها، رغما عن إرادته، وهو الأمر الذي يصفه بـ"الاعتداء".

وتحدث كليمان بدوره عن الآثار السلبية للاعتداء الذي وقع عليه، قائلا: "عندما تحدثني امرأة عن الجنس أشعر بالغثيان، بسبب تلك التجربة، أصبت بخوف من الاقتراب من النساء لمدة 5 سنوات"، مضيفا: "حتى اليوم، لا أستطيع أن أرى امرأة فوقي، فهذا الأمر يذكرني بما حصل معي".

 

"حجب معاناة النساء"

ومع إطلاق الوسم المذكور، انتشرت على منصة "إكس" خلال الأيام الماضية، قصص وتجارب شباب، يستعيدون فيها تجاربهم مع العنف الجنسي الذي كانوا ضحية له، غير أن ناشطات نسويات انتقدن تسليط الضوء على الموضوع، انطلاقا من حملة كانت تعني النساء أساسا.

في هذا الجانب، تقول المحامية والناشطة النسوية، منار زعيتر، إنه في "كل مرة يتم فيها الحديث عن قضايا النساء، نسمع من يقول إن للرجال أيضا حقوق يطالبون بها"، مضيفة: "من حق كل شخص أن يطالب بحقوقه وأن يطلق حملات داعمة، لكن ليس من حق أحد الاستخفاف بالنساء ومعاناتهن".

وأضافت في تصريح لموقع "الحرة"، أنه "بالأرقام، لطالما كانت النساء الضحية الأكبر لجرائم العنف الجنسي من التحرش إلى الاغتصاب والاتجار.. والمحاكم والملفات القانونية تشهد على ذلك".

ويعترف الرجال الثلاثة أن تجربتهم لا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال بتجربة النساء. ويقول بيير: "هناك معاناة أكبر بكثير تقاسيها النساء ضحايا الاغتصاب، ولا أشعر أن هناك مبررا لاستخدام نفس الكلمة". 

ويضيف كليمان: "يمكنني أن أعاني من حادثة من هذا النوع مرة واحدة، بينما تتعرض نساء للهجوم في كل مكان وفي كل وقت، في الحانات والشوارع. أشعر بأنني أقل عرضة للخطر".

في هذا السياق، تحذر عالمة الاجتماع الفرنسية، لوسي ويكي، من خطورة المقارنة بين تجارب كلا الجنسين، مشيرة إلى نقطة "اتساع نطاق العنف الذي تتعرض له النساء من جميع الأعمار والخلفيات".

وذكرت الصحيفة، أن بيير وكليمان وسيريل، رفضوا في البداية الإدلاء بشهادتهم، خشية أن تُؤخذ شهادتهم على أنها "شكوى من ذكوريين يريدون التقليل من معاناة النساء".

وعن أثر ذلك على حجب معاناة النساء، يقول سيريل: "إذا كان بإمكان الرجال أيضا اعتبار أنفسهم ضحايا محتملين، فسيكونون أكثر اهتماما بموافقتهم وموافقة النساء قبل إقامة العلاقة".

وأوردت زعيتر أن الحركة النسوية "عندما ترفع الصوت بمواجهة العنف ضد النساء، لا تنفي فرضيات كون العنف بكل أشكاله قد يقع ضحيته نساء ورجال، لكن ديناميكية العلاقات تجعل النساء أكثر عرضة للعنف الجنسي".

واعتبرت أن هذه الحملة "تحجب معاناة المرأة وتشوه المطالب النسوية وتستخف منها وتقلص من قيمتها".

وأشارت إلى أن "الإشكالية كبيرة هي عدم وجود تعريف دقيق للعنف الجنسي بالمنطقة العربية، الاغتصاب بدول العالم والمعايير الدولية تكتفي بعدم الرضا فقط، بينما بالدول العربية يشترط العنصر المادي المتمثل بالايلاج لإثبات الاغتصاب".

واعتبرت أن "هناك تسخيفا بقول الرجال أيضا (..) يمكن نعم هناك أطفال ذكور ورجال يقعون ضحايا تحرش واغتصاب، لكن الحديث عن حملة بهكذا شعارات يحمل بعض الاستخفاف وتشويه للمطالب الحقيقية"، مشيرة إلى أنه "ليس بهذا الشكل نجعل الرجال يأخذون حقوقهم".

من جهتها، ترى المحامية، دانا حمدان، أن الاغتصاب يقع أيضا من المرأة بحق الرجل الذي قد يذهب ضحيته أيضا"، أن هذا النوع من الشهادات "لا ينعكس سلبا على النساء أو يحجب معاناتهن، فالحقوق لا تتجزأ على الاطلاق".

وتشير حمدان في تصريح لموقع الحرة، إلى أن "الأرقام عن العنف الأسري والجنسي تبقى ضعيفة نسبيا مقارنة بحجمها الواقعي"، وهذا الأمر يفسّر أيضا قلة البيانات المرتبطة بالاعتداء الجنسي على الرجال، إذ لا توجد جمعيات ومبادرات منظمة هيكليا لرصده".

وتوضح، أن "عددا من النساء يتجنّبن التبليغ لاعتبارات عدة، وكذلك يفعل الرجال خصوصا إذا اعتبروا أن هذا النوع من الاعتداءات قد يقلل من كيانهم ويمس برجولتهم".

ولا يزال العنف الجنسي ظاهرة غير مرئية، إذ يتقدم عدد قليل من الضحايا لطلب المساعدة أو الرعاية أو العدالة، بسبب الشعور بالذنب أو العار أو الخوف من الانتقام أو المحرمات.

ورغم انتشار الظاهرة بالدول العربية، تقول حمدان، "يبقى الاعتراف به غائبا في غالبية قوانين الدول العربية"، باستثناء تونس التي نصّ قانونها بشكل صريح على إمكانية وقوع جرم الاغتصاب بحق الأنثى والذكر على حد سواء.

وتنص المادة 227 من قانون العقوبات التونسي على أنه "يعد اغتصابا كل فعل يؤدي إلى إيلاج جنسي مهما كانت طبيعته والوسيلة المستعملة ضد أنثى أو ذكر بدون رضاه. ويعاقب مرتكب جريمة الاغتصاب بالسجن مدة عشرين عاما".

وتشدد حمدان، على "وجوب تعديل القوانين في المنطقة العربية خصوصا تلك المتعلقة بالأسرة والعلاقات الجنسية وفي طليعتها تجريم الاغتصاب الزوجي، إذ لا تزال تعتبر من التابوهات أو المحظورات أو من المواضيع الأقل أولوية، على نقيض أهميتها في تنظيم حياة الأسر والمجتمع بشكل عام".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".