أهالي الضحايا يحيون الذكرى 36 للمجزرة في حلبجة العراقية - فرانس برس
أهالي الضحايا يحيون الذكرى 36 للمجزرة في حلبجة العراقية - فرانس برس

"محتجزو رفحاء: هم مجاهدو الانتفاضة الشعبانية عام 1991 الذين اضطرتهم ظروف البطش والملاحقة مغادرة العراق الى السعودية وعوائلهم ممن غادروا معهم والذين ولدوا داخل مخيمات الاحتجاز وضحايا حلبجة الذين لجأوا الى إيران بسبب قصفهم من قبل النظام البائد بالأسلحة الكيميائية".

هذا هو نص الفقرة "و" من المادة (5) أولا من قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006، الذي ينص على تعويض من تسري عليه أحكامه ماديا ومعنويا، لكنه ورغم مرور أكثر من 18 عاماً على تشريعه وورود اسم ضحايا حلبجة فيه، إلا أن ضحايا القصف الكيميائي في حلبجة وذويهم لم يتلقوا حتى الآن أية تعويضات من الحكومة العراقية، بحسب ذوي الضحايا وفريق الدفاع عنهم.

وتعرضت مدينة حلبجة في كردستان العراق، للقصف بالأسلحة الكيميائية، شنته القوات العراقية بقيادة الرئيس السابق صدام حسين، في 16 مارس 1988، وأسفر عن مقتل أكثر من خمسة آلاف مدني كردي، وإصابة أكثر من 10 آلاف آخرين، وما زال نحو 1748 جريحاً منهم يعانون من آثار الإصابة حتى الآن.

يقول رئيس جمعية "ضحايا القصف الكيميائي في حلبجة "، لقمان عبد القادر: "لا يوجد حتى الآن ما يذكر بخصوص تعويض ضحايا القصف الكيميائي في حلبجة من قبل الحكومة العراقية".

ويضيف عبدالقادر لـ"ارفع صوتك" أن ضحايا حلبجة وذويهم لم يتلقوا أي تعويضات من الحكومة العراقية، مردفاً "صحيح أن قانون مؤسسة السجناء السياسيين أشار إلى حلبجة ضمن فقرة محتجزي رفحاء، لكن التعويضات التي تلقاها محتجزو رفحاء لم تشمل ضحايا حلبجة".

ويلفت إلى أن هذا القانون كي يشمل ضحايا حلبجة يحتاج من رئيس الوزراء العراقي "أن يتبنى تعديله أولاً، بهدف إضافة تفاصيل بشأن ضحايا حلبجة وكيفية تعويضهم، ثم ترفعه الحكومة إلى البرلمان من أجل المصادقة على التعديلات المطلوبة".

"ومن أجل الاستفادة من التعويضات حسب القانون المذكور ينبغي على ضحايا حلبجة وذويهم وجميع المتضررين من القصف الكيميائي في حلبجة توكيل محامٍ عنهم يسجل شكوى في بغداد يطالب من خلالها بتعويضهم"، يتابع عبد القادر.

امرأة عند قبر أحد ضحايا القصف الكيمياوي على حلبجة
المعاناة تلاحق الناجين بعد 33 عاماً على هجوم حلبجة الكيميائي
في ذلك اليوم، ولمدة خمس ساعات قصف الطيران العراقي رجالاً ونساء وأطفالاً بمزيج من غاز الخردل وغاز الأعصاب توبان وغاز السارين، بحسب خبراء، وقتل نحو 5 آلاف منهم.

ووقع الهجوم إثر سيطرة قوات الاتحاد الوطني الكردستاني بدعم من إيران على حلبجة الواقعة في منطقة جبلية، في حين كانت الحرب العراقية الإيرانية تشارف

وأحيت حلبجة ومدن إقليم كردستان، السبت، الذكرى السنوية الـ36 لقصف المدينة بالأسلحة الكيميائية، وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في تغريدة على صفحته الرسمية في منصة (X): "في الذكرى الـ36 لفاجعة حلبجة، نستذكر بألم هذه الجريمة وضحاياها، وهي تؤكد للأجيال وحشية النظام المقبور، وجرائمه بحق أبناء شعبنا الكردي وباقي أطياف الشعب العراقي".

وأضاف: "الجهود الحكومية تستمر في إنصاف أبناء شعبنا ممن تعرضوا للظلم، وتنفيذ القوانين الداعمة لحقوقهم".

فيما دعا محافظ حلبجة، آزاد توفيق، خلال كلمة القاه في مراسم إحياء الذكرى القصف الكيميائي على المدينة، الحكومة في بغداد إلى إعلان حلبجة محافظة عام 2025، مبينا "تحويل حلبجة الى محافظة يعني أنه سيكون لها ميزانية ومشاريع خاصة، وممثلين في مجلس النواب العراقي".

وقال إن بغداد "لم تقدم حتى الآن أي شيء لأهالي حلبجة".

ورغم إعلان كردستان مدينة حلبجة محافظة رابعة في الإقليم منذ عام 2014 وموافقة الحكومة العراقية العام الماضي 2023 على استحداث محافظة حلبجة وتحويل المشروع إلى مجلس النواب العراقي للمصادقة عليه، إلا أن المشروع لم ينل بعد الإجماع البرلماني المطلوب.

يبين الخبير القانوني إياد إسماعيل كاكيي، وهو أحد محامي قضية حلبجة، أن من واجب الحكومة العراقية "العمل على قضية حلبجة وتعويض الضحايا وذويهم، وجرحى القصف الكيميائي الذين ما زالوا يعانون آثار الأسلحة الكيميائية، وإيجاد الأطفال المفقودين جراء القصف وتعويض من وجد منهم حتى الآن، وإعادة رفاة العديد من الضحايا المدفونين في إيران، إلى جانب تعويض أهالي المدينة الذين تشردوا إثر القصف وتعرضت ممتلكاتهم للضرر والتدمير، ومعالجة الأضرار والانعكاسات التي خلفها القصف على بيئة المدينة".

يعمل كاكيي مع محاميين آخرين وجمعية ضحايا القصف الكيميائي في حلبجة منذ 6 سنوات على ملف مقاضاة الشركات الأجنبية، التي ساعدت النظام العراقي السابق في بناء ترسانة أسلحته الكيميائية، وسجل الفريق دعوى قضائية ضد هذه الشركات في محكمة بداءة السليمانية.

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن المحكمة "قررت في 12 مارس الحالي، إحالة جرحى القصف الكيمياوي في حلبجة إلى لجنة طبية من أجل تقييم نسبة عجزهم ونسبة الإصابة التي يعانون منها".

وبعد الانتهاء من الفحص ستتجه المحكمة عبر لجنة من الخبراء إلى تحديد التعويض الخاص بكل جريح منهم، وإصدار القرار الخاص بتعويضهم من قبل هذه الشركات، بحسب كاكيي.

ويشير  إلى أنهم "سيبدؤون بمرحلة مقاضاة هذه الشركات عبر المحاكم الأوروبية في البلدان التي تتواجد فيها الشركات، بعد صدور القرار النهائي بتعويض الضحايا من قبل محكمة السليمانية خلال المرحلة القادمة".

وجاء قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيميائية ضمن المرحلة الأولى من مراحل الإبادة الجماعية الثمانية المعروفة بـ"الأنفال"، التي نفذها النظام البعثي ضد أكراد العراق، وبدأت المرحلة الأولى منه بهجوم كبير للجيش فجر 23 فبراير 1988 واستمرت لغاية 19 مارس 1988.

بحسب إحصائية صادرة عن مجلس النواب العراقي في أكتوبر 2018، أسفرت عمليات "الأنفال" عن تدمير أكثر من 4500 قرية وقصبة، وتدمير المؤسسات الدينية والمدنية والخدمية. وبلغ عدد الضحايا قرابة 182 ألف ما بين قتيل ومغيّب قسرياً، وتشريد أكثر من 500 ألف إنسان، وخلفت الحملات عشرات الآلاف من الجرحى والمرضى والمعاقين.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".