"محتجزو رفحاء: هم مجاهدو الانتفاضة الشعبانية عام 1991 الذين اضطرتهم ظروف البطش والملاحقة مغادرة العراق الى السعودية وعوائلهم ممن غادروا معهم والذين ولدوا داخل مخيمات الاحتجاز وضحايا حلبجة الذين لجأوا الى إيران بسبب قصفهم من قبل النظام البائد بالأسلحة الكيميائية".
هذا هو نص الفقرة "و" من المادة (5) أولا من قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006، الذي ينص على تعويض من تسري عليه أحكامه ماديا ومعنويا، لكنه ورغم مرور أكثر من 18 عاماً على تشريعه وورود اسم ضحايا حلبجة فيه، إلا أن ضحايا القصف الكيميائي في حلبجة وذويهم لم يتلقوا حتى الآن أية تعويضات من الحكومة العراقية، بحسب ذوي الضحايا وفريق الدفاع عنهم.
وتعرضت مدينة حلبجة في كردستان العراق، للقصف بالأسلحة الكيميائية، شنته القوات العراقية بقيادة الرئيس السابق صدام حسين، في 16 مارس 1988، وأسفر عن مقتل أكثر من خمسة آلاف مدني كردي، وإصابة أكثر من 10 آلاف آخرين، وما زال نحو 1748 جريحاً منهم يعانون من آثار الإصابة حتى الآن.
يقول رئيس جمعية "ضحايا القصف الكيميائي في حلبجة "، لقمان عبد القادر: "لا يوجد حتى الآن ما يذكر بخصوص تعويض ضحايا القصف الكيميائي في حلبجة من قبل الحكومة العراقية".
ويضيف عبدالقادر لـ"ارفع صوتك" أن ضحايا حلبجة وذويهم لم يتلقوا أي تعويضات من الحكومة العراقية، مردفاً "صحيح أن قانون مؤسسة السجناء السياسيين أشار إلى حلبجة ضمن فقرة محتجزي رفحاء، لكن التعويضات التي تلقاها محتجزو رفحاء لم تشمل ضحايا حلبجة".
ويلفت إلى أن هذا القانون كي يشمل ضحايا حلبجة يحتاج من رئيس الوزراء العراقي "أن يتبنى تعديله أولاً، بهدف إضافة تفاصيل بشأن ضحايا حلبجة وكيفية تعويضهم، ثم ترفعه الحكومة إلى البرلمان من أجل المصادقة على التعديلات المطلوبة".
"ومن أجل الاستفادة من التعويضات حسب القانون المذكور ينبغي على ضحايا حلبجة وذويهم وجميع المتضررين من القصف الكيميائي في حلبجة توكيل محامٍ عنهم يسجل شكوى في بغداد يطالب من خلالها بتعويضهم"، يتابع عبد القادر.

ووقع الهجوم إثر سيطرة قوات الاتحاد الوطني الكردستاني بدعم من إيران على حلبجة الواقعة في منطقة جبلية، في حين كانت الحرب العراقية الإيرانية تشارف
وأحيت حلبجة ومدن إقليم كردستان، السبت، الذكرى السنوية الـ36 لقصف المدينة بالأسلحة الكيميائية، وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في تغريدة على صفحته الرسمية في منصة (X): "في الذكرى الـ36 لفاجعة حلبجة، نستذكر بألم هذه الجريمة وضحاياها، وهي تؤكد للأجيال وحشية النظام المقبور، وجرائمه بحق أبناء شعبنا الكردي وباقي أطياف الشعب العراقي".
وأضاف: "الجهود الحكومية تستمر في إنصاف أبناء شعبنا ممن تعرضوا للظلم، وتنفيذ القوانين الداعمة لحقوقهم".
فيما دعا محافظ حلبجة، آزاد توفيق، خلال كلمة القاه في مراسم إحياء الذكرى القصف الكيميائي على المدينة، الحكومة في بغداد إلى إعلان حلبجة محافظة عام 2025، مبينا "تحويل حلبجة الى محافظة يعني أنه سيكون لها ميزانية ومشاريع خاصة، وممثلين في مجلس النواب العراقي".
وقال إن بغداد "لم تقدم حتى الآن أي شيء لأهالي حلبجة".
ورغم إعلان كردستان مدينة حلبجة محافظة رابعة في الإقليم منذ عام 2014 وموافقة الحكومة العراقية العام الماضي 2023 على استحداث محافظة حلبجة وتحويل المشروع إلى مجلس النواب العراقي للمصادقة عليه، إلا أن المشروع لم ينل بعد الإجماع البرلماني المطلوب.
يبين الخبير القانوني إياد إسماعيل كاكيي، وهو أحد محامي قضية حلبجة، أن من واجب الحكومة العراقية "العمل على قضية حلبجة وتعويض الضحايا وذويهم، وجرحى القصف الكيميائي الذين ما زالوا يعانون آثار الأسلحة الكيميائية، وإيجاد الأطفال المفقودين جراء القصف وتعويض من وجد منهم حتى الآن، وإعادة رفاة العديد من الضحايا المدفونين في إيران، إلى جانب تعويض أهالي المدينة الذين تشردوا إثر القصف وتعرضت ممتلكاتهم للضرر والتدمير، ومعالجة الأضرار والانعكاسات التي خلفها القصف على بيئة المدينة".
يعمل كاكيي مع محاميين آخرين وجمعية ضحايا القصف الكيميائي في حلبجة منذ 6 سنوات على ملف مقاضاة الشركات الأجنبية، التي ساعدت النظام العراقي السابق في بناء ترسانة أسلحته الكيميائية، وسجل الفريق دعوى قضائية ضد هذه الشركات في محكمة بداءة السليمانية.

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن المحكمة "قررت في 12 مارس الحالي، إحالة جرحى القصف الكيمياوي في حلبجة إلى لجنة طبية من أجل تقييم نسبة عجزهم ونسبة الإصابة التي يعانون منها".
وبعد الانتهاء من الفحص ستتجه المحكمة عبر لجنة من الخبراء إلى تحديد التعويض الخاص بكل جريح منهم، وإصدار القرار الخاص بتعويضهم من قبل هذه الشركات، بحسب كاكيي.
ويشير إلى أنهم "سيبدؤون بمرحلة مقاضاة هذه الشركات عبر المحاكم الأوروبية في البلدان التي تتواجد فيها الشركات، بعد صدور القرار النهائي بتعويض الضحايا من قبل محكمة السليمانية خلال المرحلة القادمة".

وجاء قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيميائية ضمن المرحلة الأولى من مراحل الإبادة الجماعية الثمانية المعروفة بـ"الأنفال"، التي نفذها النظام البعثي ضد أكراد العراق، وبدأت المرحلة الأولى منه بهجوم كبير للجيش فجر 23 فبراير 1988 واستمرت لغاية 19 مارس 1988.
بحسب إحصائية صادرة عن مجلس النواب العراقي في أكتوبر 2018، أسفرت عمليات "الأنفال" عن تدمير أكثر من 4500 قرية وقصبة، وتدمير المؤسسات الدينية والمدنية والخدمية. وبلغ عدد الضحايا قرابة 182 ألف ما بين قتيل ومغيّب قسرياً، وتشريد أكثر من 500 ألف إنسان، وخلفت الحملات عشرات الآلاف من الجرحى والمرضى والمعاقين.