FILE PHOTO: Remains of people from the Yazidi minority, who were killed in Islamic State attacks in 2014, after they were exhumed from a mass grave in Mosul
رفات أيزيديين قتلوا على يد مسلحي تنظيم داعش في الإبادة التي ارتكبها بحق الأقلية الدينية في العراق عام 2014- تعبيرية

"يمر العراق بظروف خاصة وأزمات مالية متتالية، وليس بإمكان المؤسسات المحلية سد الفراغ الذي تتركه يونيتاد"، يقول الحقوقي جعفر التلعفري لـ"ارفع صوتك".

ويضيف أن "التحقيق في جرائم الإبادة (التي ارتكبها تنظيم داعش) يحتاج خبرات وأدوات لا تتوفر لدى الجهات المحلية في العراق".

ويصف التلعفري إنهاء عمل فريق التحقيق الدولي لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من قبل داعش (يونيتاد) بأنه "مخيّب لآمال آلاف الضحايا وذويهم والناجين والمُصابين بسبب جرائم داعش الإرهابي".

ويعمل تلعفري منذ سنوات في مجال توثيق الجرائم التي تعرض لها التركمان على يد داعش في قضاء تلعفر غرب الموصل. يقول: "عمل الفريق الدولي انتهى في وقت ما زال مصير مئات المختطفين مجهولاً ولم تمتد التحقيقات وجمع المعلومات الى الكثير من الجرائم التي ارتكبها التنظيم".

وبدورهم، طالب مسؤولون أيزيديون الحكومة العراقية بتمديد عمل فريق التحقيق الأممي.

وقال النائب الأيزيدي محما خليل، في بيان له، إن "إنهاء مهمة الفريق، قبل إكماله التحقيقات، يمثل أكبر ضربة لقضية المكون الأيزيدي".

ووصف خليل في بيان له، إنهاء عمل فريق التحقيق بأنه "غير صحيح" لأنه "يمتلك بنكا متكاملا من المعلومات، وإن تمديد عمله سيزيد من غزارة المعلومات والوثائق حول جرائم داعش، وسيتيح للحكومة أن تكون هذه الوثائق والمعلومات بيدها، واستخدامها في المحاكم الدولية ضد الدول والمنظمات والأطراف التي أتت بالدواعش".

أما الحقوقي التركماني جعفر التلعفري، فدعا الحكومة العراقية إلى "تحمّل المسؤولية تجاه ضحايا التنظيم عامة والأقليات خاصة"، معرباً عن أمله ألا يكون ملف التحقيقات في جرائم داعش كباقي الملفات الأخرى التي "تعاني من التسويف"، وفق تعبيره.

وحذّر من "انهيار السلم المجتمعي أمام أي تحدٍ بسيط إذا لم يكن ملف التحقيق في جرائم داعش ضمن أولويات الحكومة".

يأتي حديث التلعفري بعد التصريحات التي صدرت على إثر اجتماعات رئيس فريق "يونيتاد" كريستيان ريتشر، الأربعاء الماضي على انفراد، مع كل من رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، ووزير داخليتها ريبر أحمد، بالإضافة إلى منسق التوصيات الدولية في الإقليم ديندار زيباري.

وذكر بيان للفريق الدولي أن هدف اللقاءات التي أجراها ريتشر مع المسؤولين في بغداد وأربيل تأتي بمناسبة قرب انتهاء مهامه كرئيس لفريق "يونيتاد".

وأوضح ريتشر في مقابلة مع وكالة رويترز، الأربعاء أيضا: "إذا حددنا سبتمبر المقبل موعدا نهائياً فلن نكون قد أكملنا سير التحقيقات ولا مشروعات أخرى مثل عمل أرشيف مركزي لملايين الأدلة".

لكن ممثلي منظمات حقوقية وناشطين عراقيين يقولون إن الفريق الدولي اضطر إلى إنهاء ولايته مبكراً قبل بلوغ الموعد المحدد نتيجة تدهور العلاقات بينه وبين الحكومة العراقية.

الجدير بالذكر أن مجلس الأمن الدولي  قرر في 15 سبتمبر 2023 تمديد ولاية "يونيتاد" لعام واحد فقط، ستنتهي في سبتمبر المقبل، بناءً على طلب من الحكومة العراقية.

وشكل المجلس، عام 2017، فريق "يونيتاد" بطلب من الحكومة العراقية، وفق القرار رقم 2379 الذي تم تبنيه بالإجماع، وطُلب فيه إلى الأمين العام تكوين فريق للتحقيق يترأسه مستشار خاص بهدف دعم الجهود المحلية لمحاسبة تنظيم داعش من خلال جمع الأدلة الجنائية وتخزينها وحفظها في العراق.

في السياق ذاته، يقول رئيس المنظمة الأيزيدية للتوثيق حسام عبد الله إن انتهاء عمل "يونيتاد" سينعكس على ملف الجرائم الدولية المرتكبة في العراق، بالأخص الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الأيزيديين، خصوصاً أن "التحقيقات لم تكتمل ولا تزال هناك مقابر جماعية لم يتم التعامل معها أو لم تُفتح، كما يوجد الكثير من المختطفين والمختطفات الذين لم يعودوا ولا يُعرف مصيرهم".

ويعبّر عبد الله في حديثه مع "ارفع صوتك"، عن مخاوفه من "الفراغ" الذي سيُحدثه غياب "يونيتاد". يقول: "نعمل على إيجاد بدائل دولية أخرى من خلال الضغط على المجتمع الدولي لإيجاد فرص وآليات أخرى للتعامل مع التحقيقات في الجرائم الدولية المرتكبة في العراق، لأن ترك الملف بهذا الشكل سيؤثر على أسر الضحايا بشكل كبير جداً".

ويحاكم العراق مسلحي داعش وفق قانون مكافحة الإرهاب، وليس تهمة ارتكاب جرائم حرب أو جرائم إبادة جماعية.

يعتقد عبد الله أن انتهاء عمل "يونيتاد" بشكل مفاجئ دون إيجاد بديل "يشير إلى وجود محاولات سياسية باتجاه إنهاء هذا الملف".

"إذ يحاول الجانب السياسي السيطرة على الجانب القضائي في هذا المجال والاستحواذ على عمل الفريق الدولي؛ كي لا يكون هناك المزيد من المحاسبات وتقديم أناس إلى العدالة لإنصاف الضحايا وذويهم"، يتابع عبد الله.

"أدلة واضحة".. فريق تحقيق أممي يصف جرائم داعش ضد الأيزيديين بـ"الإبادة الجماعية"
اعتبر فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة أن المجازر التي تعرض لها الأيزيديون في العراق تشكل بوضوح "إبادة جماعية".

وأعلن الفريق الذي يعمل على التحقيق في جرائم تنظيم داعش في العراق، في إفادة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أنه وجد

من جانبه، يقول مسؤول الإعلام في المفوضية العليا لحقوق الإنسان سرمد البدري إن "المفوضية تؤيد استمرار عمل اللجان الدولية في العراق وفق شروط تضعها الحكومة العراقية"، موضحاً لـ"ارفع صوتك": "لدينا تنسيق مع يونيتاد في ما يتعلق بجمع وحفظ وتخزين الأدلة، وقدمنا عدة مقترحات في هذا المجال منها فتح مركز توثيق وجمع المعلومات مرتبط بالمفوضية العليا لحقوق الإنسان أو أي مكان آخر تقرره الجهات الرسمية".

هذا المركز، ستكون مهمته أرشفة المعلومات حول كافة الانتهاكات التي ارتكبها داعش في العراق، بحسب البدري.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".