"يمر العراق بظروف خاصة وأزمات مالية متتالية، وليس بإمكان المؤسسات المحلية سد الفراغ الذي تتركه يونيتاد"، يقول الحقوقي جعفر التلعفري لـ"ارفع صوتك".
ويضيف أن "التحقيق في جرائم الإبادة (التي ارتكبها تنظيم داعش) يحتاج خبرات وأدوات لا تتوفر لدى الجهات المحلية في العراق".
ويصف التلعفري إنهاء عمل فريق التحقيق الدولي لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من قبل داعش (يونيتاد) بأنه "مخيّب لآمال آلاف الضحايا وذويهم والناجين والمُصابين بسبب جرائم داعش الإرهابي".
ويعمل تلعفري منذ سنوات في مجال توثيق الجرائم التي تعرض لها التركمان على يد داعش في قضاء تلعفر غرب الموصل. يقول: "عمل الفريق الدولي انتهى في وقت ما زال مصير مئات المختطفين مجهولاً ولم تمتد التحقيقات وجمع المعلومات الى الكثير من الجرائم التي ارتكبها التنظيم".
وبدورهم، طالب مسؤولون أيزيديون الحكومة العراقية بتمديد عمل فريق التحقيق الأممي.
وقال النائب الأيزيدي محما خليل، في بيان له، إن "إنهاء مهمة الفريق، قبل إكماله التحقيقات، يمثل أكبر ضربة لقضية المكون الأيزيدي".
ووصف خليل في بيان له، إنهاء عمل فريق التحقيق بأنه "غير صحيح" لأنه "يمتلك بنكا متكاملا من المعلومات، وإن تمديد عمله سيزيد من غزارة المعلومات والوثائق حول جرائم داعش، وسيتيح للحكومة أن تكون هذه الوثائق والمعلومات بيدها، واستخدامها في المحاكم الدولية ضد الدول والمنظمات والأطراف التي أتت بالدواعش".
أما الحقوقي التركماني جعفر التلعفري، فدعا الحكومة العراقية إلى "تحمّل المسؤولية تجاه ضحايا التنظيم عامة والأقليات خاصة"، معرباً عن أمله ألا يكون ملف التحقيقات في جرائم داعش كباقي الملفات الأخرى التي "تعاني من التسويف"، وفق تعبيره.
وحذّر من "انهيار السلم المجتمعي أمام أي تحدٍ بسيط إذا لم يكن ملف التحقيق في جرائم داعش ضمن أولويات الحكومة".
يأتي حديث التلعفري بعد التصريحات التي صدرت على إثر اجتماعات رئيس فريق "يونيتاد" كريستيان ريتشر، الأربعاء الماضي على انفراد، مع كل من رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، ووزير داخليتها ريبر أحمد، بالإضافة إلى منسق التوصيات الدولية في الإقليم ديندار زيباري.
وذكر بيان للفريق الدولي أن هدف اللقاءات التي أجراها ريتشر مع المسؤولين في بغداد وأربيل تأتي بمناسبة قرب انتهاء مهامه كرئيس لفريق "يونيتاد".
وأوضح ريتشر في مقابلة مع وكالة رويترز، الأربعاء أيضا: "إذا حددنا سبتمبر المقبل موعدا نهائياً فلن نكون قد أكملنا سير التحقيقات ولا مشروعات أخرى مثل عمل أرشيف مركزي لملايين الأدلة".
لكن ممثلي منظمات حقوقية وناشطين عراقيين يقولون إن الفريق الدولي اضطر إلى إنهاء ولايته مبكراً قبل بلوغ الموعد المحدد نتيجة تدهور العلاقات بينه وبين الحكومة العراقية.
الجدير بالذكر أن مجلس الأمن الدولي قرر في 15 سبتمبر 2023 تمديد ولاية "يونيتاد" لعام واحد فقط، ستنتهي في سبتمبر المقبل، بناءً على طلب من الحكومة العراقية.
وشكل المجلس، عام 2017، فريق "يونيتاد" بطلب من الحكومة العراقية، وفق القرار رقم 2379 الذي تم تبنيه بالإجماع، وطُلب فيه إلى الأمين العام تكوين فريق للتحقيق يترأسه مستشار خاص بهدف دعم الجهود المحلية لمحاسبة تنظيم داعش من خلال جمع الأدلة الجنائية وتخزينها وحفظها في العراق.
في السياق ذاته، يقول رئيس المنظمة الأيزيدية للتوثيق حسام عبد الله إن انتهاء عمل "يونيتاد" سينعكس على ملف الجرائم الدولية المرتكبة في العراق، بالأخص الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الأيزيديين، خصوصاً أن "التحقيقات لم تكتمل ولا تزال هناك مقابر جماعية لم يتم التعامل معها أو لم تُفتح، كما يوجد الكثير من المختطفين والمختطفات الذين لم يعودوا ولا يُعرف مصيرهم".
ويعبّر عبد الله في حديثه مع "ارفع صوتك"، عن مخاوفه من "الفراغ" الذي سيُحدثه غياب "يونيتاد". يقول: "نعمل على إيجاد بدائل دولية أخرى من خلال الضغط على المجتمع الدولي لإيجاد فرص وآليات أخرى للتعامل مع التحقيقات في الجرائم الدولية المرتكبة في العراق، لأن ترك الملف بهذا الشكل سيؤثر على أسر الضحايا بشكل كبير جداً".
ويحاكم العراق مسلحي داعش وفق قانون مكافحة الإرهاب، وليس تهمة ارتكاب جرائم حرب أو جرائم إبادة جماعية.
يعتقد عبد الله أن انتهاء عمل "يونيتاد" بشكل مفاجئ دون إيجاد بديل "يشير إلى وجود محاولات سياسية باتجاه إنهاء هذا الملف".
"إذ يحاول الجانب السياسي السيطرة على الجانب القضائي في هذا المجال والاستحواذ على عمل الفريق الدولي؛ كي لا يكون هناك المزيد من المحاسبات وتقديم أناس إلى العدالة لإنصاف الضحايا وذويهم"، يتابع عبد الله.
وأعلن الفريق الذي يعمل على التحقيق في جرائم تنظيم داعش في العراق، في إفادة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أنه وجد
من جانبه، يقول مسؤول الإعلام في المفوضية العليا لحقوق الإنسان سرمد البدري إن "المفوضية تؤيد استمرار عمل اللجان الدولية في العراق وفق شروط تضعها الحكومة العراقية"، موضحاً لـ"ارفع صوتك": "لدينا تنسيق مع يونيتاد في ما يتعلق بجمع وحفظ وتخزين الأدلة، وقدمنا عدة مقترحات في هذا المجال منها فتح مركز توثيق وجمع المعلومات مرتبط بالمفوضية العليا لحقوق الإنسان أو أي مكان آخر تقرره الجهات الرسمية".
هذا المركز، ستكون مهمته أرشفة المعلومات حول كافة الانتهاكات التي ارتكبها داعش في العراق، بحسب البدري.