انتشرت في الآونة الأخيرة أخبار حول حليب أطفال "مغشوش" يتم بيعه في الأسواق اللبنانية، مع تسليط دراسة للمجلس الوطني للبحوث العلمية الضوء على خلل على مستوى المكونات والتباين بين المواصفات المذكورة على العبوات والمكونات الفعلية.
"ارفع صوتك" تواصل مع المجلس الذي أكد أن "الدراسة باتت لدى وزارة الصحة وأن الوزير تعهّد بمعالجة أي خلل في أسرع وقت ممكن وتشديد الشروط المتعلقة باستيراد المنتجات من هذا النوع". ولكن حتى كتابة هذا التقرير، لم يتم الإعلان عن أسماء المنتجات المشتبه بها.
في ظل هذا الغموض، حذرت نقابة الصيادلة من التعتيم على المعلومات. يقول نقيبها جو سلوم لـ"ارفع صوتك": "من المؤسف أن النقابة لم تتلق حتى الساعة أي معطيات وأي تسميات بخصوص الحليب المغشوش أو المضر بالأطفال أو حتى بالكبار".
"نقف عاجزين عن أخذ أي خطوات مع أننا نبادر عادة بأي موضوع للتصدي للغش والتزوير والتلاعب بتاريخ الصلاحية"، يضيف سلوم، ذاكراً "أصدرنا من حوالي شهرين تعميما بمنع صرف مكمّل غذائي خضع تاريخ صلاحيته للتلاعب وكنا سباقين وتحركنا حتى قبل الجهات المعنية".
ولكن اليوم، يتابع سلوم "في ظل غياب المعطيات وعدم تزويدنا بأي مراسلة في هذا الخصوص، نحن عاجزون عن التحرك".
بدورها، قالت وزارة الصحة اللبنانية إنها اطلعت على الدراسة وتابعت الملف مع أخذ مختلف المعطيات بعين الاعتبار.
وأشارت مديرة الوقاية الصحية في وزارة الصحة جويس حداد، إلى أن "الوزارة بانتظار المزيد من التفاصيل حول الدراسة، خصوصا أن المنتجات موضوع البحث تعود لعام 2021. وهذا يعني أنها وجدت في السوق فعليا في أوج الأزمة. ونحن نعمل على التأكد من أن عملية الاستيراد تمت بالطرق الصحيحة".
"كما باشرنا العمل على آلية تحسين الشروط الرقابية الخاصة بالاستيراد وتطويرها من خلال زيادة الفحوصات واعتماد المواصفات اللبنانية وتطويرها لتتلاءم مع المعايير الغذائية العالمية (Codex Alimentarius). ونركز على التصنيع المحلي وأغذية الأطفال التي قد يرد على عبوتها أنها مخصصة للأطفال حتى 3 سنوات بينما في الحقيقة هي معدة لشريحة عمرية مختلفة"، أوضحت حداد.
وقالت إن الوزارة "أعدت تعديلا على القرار الرقابي وسترسله لمجلس الشورى ليعمل به لاحقا مع اعتماده"، داعيةً المواطنين إلى "ابتياع المنتجات من الصيدليات الرسمية الموثوقة والعودة للموقع الرسمي لوزارة الصحة للتأكد من المنتجات المصادق عليها وتبليغ الوزارة بأي مخالفات يتم رصدها".
من يحمي المستهلك؟
من جهته، يقول رئيس جمعية حماية المستهلك اللبنانية د. زهير برو: "لا يمكن للمواطن حمل مختبر على ظهره وفحص أي سلعة يريد شراءها. كما أن المشكلة تكمن في عدم تطبيق حماية سلامة الغذاء وقانون حماية المستهلك وقانون المنافسة كما يجب".
"بالنسبة لنا" يضيف زهرو لـ"ارفع صوتك" فإن "كل ما في البلد حاليا يثير الشك. من الطبقة السياسية إلى الفساد وقضية الودائع وكامل المؤسسات والإدارات التي لم تعد تقوم بواجباتها، بالإضافة للموظفين الذين لا يمتلكون المال الكافي من أجل الوصول الى عملهم".
يتابع "البلد في حالة خراب ويبدو أن دور الرقابة قد انتهى. وما يحصل يتطلب وجود طبقة سياسية وحلول تقود البلاد نحو الخلاص. ولكن هل هذا متوفر اليوم؟" معرباً عن عدم تفاؤله بتراجع الأزمات التي ذكرها في الأمد القريب.
ويصف زهرو الحليب الصناعي المتوفر في الأسواق اللبنانية -بشكل عام- بأنه "ليس حليباً بحق، بل هو منتج يخدم مصالح بعض المستشفيات وبعض أطباء الأطفال".
لذلك يعتبر أنه من المهم "تطبيق قانون تعزيز حليب الأم الصادر منذ نحو 10 سنوات والضغط على المستشفيات وتوعية الأمهات الجدد حول أهمية حليب الأم الذي يزيد المناعة ويحمي من الأمراض".
بالنسبة لصلاحيات الجمعية في هذا الشأن، يقول زهرو إن "حماية المستهلك تفتقر للسلطة التنفيذية" وسط غياب المعطيات بخصوص الحليب المغشوش.