يُعد "الحجز الاحتياطي" أحد أبرز الأساليب التي لجأ إليها النظام السوري لقَوننة عمليات عقاب معارضيه، بحيث يجرّدهم من حقوقهم المالية والتجارية والعقارية.
ويُعرّف موقع "الموسوعة القانونية المتخصّصة" وفقاً للقانون السوري "الحجز الاحتياطي" بأنه "وضع مال المدين تحت سلطة القضاء لمنعه من القيام بأي عمل قانوني أو مادي من شأنه أن يؤدي إلى استبعاده أو استبعاد ثماره من دائرة الضمان العام للدائن الحاجز".
ولا تتماشى حالات الحجز الاحتياطي التي نفذتها حكومة النظام مع نصوص القانون. حتى أن وزارة المالية فيها، بدأت بالحجز على ممتلكات السوريين خارج إطار القضاء في مخالفة صريحة للدستور السوري النافذ لعام 2012، بحسب تقرير لموقع "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" نُشر فبراير الماضي.
وأضاف أن النظام السوري "وسّع صلاحيات وزارة المالية في وضع اليد على أموال وممتلكات الأشخاص المعنيين، خارج إطار القانون، بما يشمل ممتلكات وأموال زوجاتهم المنقولة وغير المنقولة".
وخلال السنوات الماضية، صدرت قوائم عديدة بأسماء السوريين الذين شملتهم قرارات الحجز الاحتياطي، تضمنت معارضين أو ناشطين في الحراك المناهض للنظام، أو منشقّين عنه، أو أشخاصاً متخلّفين عن أداء الخدمتين الإلزامية والاحتياطية.
وفي تقرير أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مايو 2023، قالت إن مجمل القوانين التي سيطر النظام السوري من خلالها على الملكية العقارية والأراضي في سوريا قبل الثورة الشعبية في مارس 2011 وبعده "تستهدف بشكل أساسي ثلاث فئات، هي: 12 مليون مشرد قسرياً، و112 ألف مختفٍ قسرياً، ونصف مليون من القتلى لم يسجل معظمهم في السجل المدني".
وأشار إلى أنَّ قانون التطوير والاستثمار العقاري الصادر سنة 2008، وما تبعه من قانون 25 لعام 2011، وقانون التخطيط 23 لعام 2015، والقانون رقم 10 لعام 2018، "تتكامل كلها في إطار واحد هو توفير الصيغة القانونية الملائمة للنظام السوري مع حلفائه، لاستكمال السيطرة على أملاك المعارضين".
وأفاد التقرير أن النظام السوري "وضع العديد من العراقيل الإدارية أمام وكلاء وأقارب الفئات المذكورة من أجل ضمان سيطرته المستقبلية على أملاكهم وأراضيهم. منها: تعقيد الإجراءات الإدارية كاستخراج شهادات الوفاة للمتوفين واستحالة إثبات الوضعية القانونية للقتلى الذين لا يقوم بتسجيلهم في سجلات النفوس المدنية، واستحداث الموافقات الأمنية بالنسبة للاجئين والنازحين".
كذلك، أصدرت الشبكة في 16 يوليو الحالي، تقريراً بعنوان "النظام السوري يستخدم الحجز الاحتياطي على الأموال كأداة عقاب جماعية"، كشفت فيه أنَّ ما لا يقل عن 817 مدنياً صدرت ضدهم قرارات جماعية بالحجز الاحتياطي من قبل النظام السوري، في بلدة زاكية بمحافظة ريف دمشق، منذ مطلع 2024.
وأوضح أنّ تلك القرارات لم تصدر عن أية جهة قضائية، بل من خلال "الصلاحيات الواسعة التي منحها النظام السوري للعديد من الجهات الرسمية التنفيذية لديه في إصدار قرارات الحجز الاحتياطي أو الإداري على الأموال والممتلكات ومصادرتها".
وتكمن خطورة قرارات الحجز الاحتياطي بأنها تصدر عادةً عن "جهات أمنية، وليست قضائية"، كما يقول فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ويضيف لـ"ارفع صوتك" أن وزارة المالية التابعة للنظام السوري "تتواطأ بشكل كامل مع قرارات الأجهزة الأمنية في تنفيذ عقوبة الحجز الاحتياطي، ما يجعلها إحدى وسائل النظام الكثيرة لنهب أموال السوريين"، على حدّ تعبيره.
وييتابع عبد الغني أن إجراءات النظام السوري سواء بالسيطرة على أملاك المعارضين "انتهاك لحقوق الإنسان ومُخالفة للقانون الدولي، لأنها تجري خارج نطاق الدستور والقضاء من جهة، ولأنها تستهدف الانتقام من معارضي النظام أو المهجّرين قسرياً ومُعاقبتهم من جهة ثانية".