المركز العالمي البهائي في مدينة حيفا بإسرائيل/وكالة الصحافة الفرنسية
المركز العالمي البهائي في مدينة حيفا بإسرائيل/وكالة الصحافة الفرنسية

دعا المقرر الخاص المستقل للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران جاويد رحمن، الاثنين الماضي، إلى فتح تحقيق دولي في "جرائم ضد الإنسانية" و"إبادة" ارتكبها النظام الإيراني بحق الأقلية البهائية في إيران خلال ثمانينيات القرن الماضي. 

أضاف رحمن في دعواه "استُهدف البهائيون بنية الإبادة واستمرت أعمال الاضطهاد والهجمات ضد الأقليات الدينية والإثنية واللغوية والمعارضين السياسيين مع الإفلات من العقاب". 

وشدد المقرر الخاص للأمم المتحدة "يجب ألّا يُسمح للنظام الإيراني وقادته بأن يفلتوا من عواقب جرائمهم ضد الإنسانية والإبادة". 

فما هي حملات الإبادة التي قصدها رحمن في بيانه؟ وما الرد الإيراني الرسمي على تلك الدعوى؟ وما أوضاع البهائيين الإيرانيين حالياً؟

حملات إبادة البهائيين

بعد وصول الملالي إلى الحكم عقب الثورة الإسلامية عام 1979، تم وضع دستور جديد للجمهورية الإسلامية، لم يعترف بالدين البهائي، وذلك التزاماً برسالة آية الله الخميني الفقهية المعروفة باسم "تحرير الوسيلة"، التي اعترفت بكل من الإسلام والمسيحية واليهودية والزرادشتية فحسب.

 جاء في المادة الثالثة عشر من الدستور الإيراني "الإيرانيون الزرادشت واليهود والمسيحيون هم وحدهم الأقليات الدينية المُعترف بها، وتتمتع بالحرية في أداء مراسمها الدينية ضمن نطاق القانون".

بحسب ما يذكر الباحث مهدي خلجي في تحليله لظاهرة "الاضطهاد الإيراني المتزايد للبهائيين" المنشور على موقع "واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، فإن الرفض الديني لوجود البهائيين في إيران تزايد بعد انتصار الثورة بسبب التماهي مع بعض الأسباب السياسية. 

ربط الملالي بين البهائية من جهة، ودولة إسرائيل والحركة الصهيونية من جهة أخرى، بسبب وجود بعض المزارات البهائية المقدسة في إسرائيل، منها ضريح بهاء الله في عكا وضريح الباب في حيفا.  

من هنا قام رفاق آية الله الخميني بوصف البهائية بأنها "مؤامرة غربية أو صهيونية لتقسيم المجتمع الإسلامي"، كما أشاعوا أن جميع البهائيين "جواسيس وعملاء للإسرائيليين".

في سنة 1980، بدأ النظام الإسلامي حملاته الممنهجة ضد البهائيي، من خلال فصل الطلبة البهائيين من المدارس والجامعات الحكومية. كما فقد الآلاف من البهائيين وظائفهم بسبب معتقداتهم الدينية. 

إزاء هذا الوضع الصعب، قام البهائيون الإيرانيون في 1987 بتأسيس "المعهد البهائي للتعليم العالي" كمنظمة غير رسمية لتعليم البهائيين الإيرانيين. 

بحسب التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية عام 1996، تم توثيق حالات قتل أو اختطاف أو إعدام لأكثر من 200 بهائي – الأغلبية الغالبة منهم من قادة المجتمع المُنتخبين- كما تعرض مئات آخرون من البهائيين الإيرانيين للتعذيب أو السجن في العقد الأول من وصول الإسلاميين إلى السلطة في طهران. 

في سنة 1980، نجح المركز البهائي العالمي في إقناع لجنة الأمم المتحدة في حقوق الإنسان بإصدار أول قرار بشأن أوضاع البهائيين في إيران. وجاء في هذا القرار أن اللجنة "تُعبّر عن قلقها العميق حيال أوضاع البهائيين أفراداً وجماعةً، وتَدعو النظام الإيراني إلى مراعاة حقوقهم وحرياتهم الأساسية".

تُعدّ الحملة التي شنتها السلطات الإيرانية على البهائيين في سنة 1982، واحدة من الحملات التي قصدها رحمن في تقريره، ووصفها بـ"الإبادة الجماعية". 

في يناير من تلك السنة، أُعدم سبعة أعضاء من الجمعية الروحية الوطنية للبهائيين في إيران. بعدها، خرج المدعي العام الثوري لطهران، في مؤتمر صحافي قائلاً "هؤلاء الأشخاص الذين أُعدموا، ثبت أنهم يتجسسون لصالح إسرائيل وحلفائها بحسب المحاكم الشرعية للجمهورية الإسلامية، وعوقبوا على أفعالهم وفقاً للقرآن الكريم".

أيضاً، في أواخر سنة 1982، قامت قوات الأمن الإيرانية باعتقال عشرات البهائيين في مدينة شيراز الواقعة جنوبي إيران. وبحسب الرواية البهائية، تم إخضاعهم للاستجواب والتعذيب البدني والنفسي والحبس الانفرادي لأيام طويلة.

حينذاك، تم عقد أربع جلسات استماع للبهائيين وإتاحة الفرصة لهم "للتوبة واعتناق الإسلام وانذارهم بالإعدام إن لم يرتدوا عن الدين البهائي"، قبل أن يُنفذ حكم الإعدام بحق 16 منهم شنقاً حتى الموت في ساحة جوكان في شيراز. ولم يتم تسليم جثث الضحايا إلى أقاربهم، ما حال دون إتمام مراسم الدفن وفقا للتقاليد البهائية. 

تحدثت  روحي جهانبور، وهي واحدة من عشرات النساء اللاتي تعرضن للاعتقال في تلك الفترة، عن صمود زميلاتها قبل تنفيذ أحكام الاعدام بحقهن. فقالت: كنّ "أشخاصاً عاديين أحببن عائلاتهن ومواصلة تعليمهن وعيش حياتهن... لدى مواجهتهن هذا الخيار ... كنّ على استعداد للتخلي عن حياتهن. كانت الحياة والعقيدة أمراً واحداً بالنسبة لهن".

تجددت موجة الاستهداف ضد البهائيين في الفترة الاخيرة من الحرب الإيرانية العراقية وبالتحديد في صيف 1988. كان الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي واحداً من القضاة الذين شاركوا في إصدار أحكام بالإعدام بحق المئات من المعارضين السياسيين، وكان العشرات من الناشطين البهائيين ممن شملتهم تلك الأحكام في هذا الوقت. وبعد إعدام العشرات من البهائيين، تم دفن جثامينهم في مقبرة خاوران بطهران. 

رغم مرور ما يزيد عن ثلاثة عقود على تلك الوقائع. إلا أن أصداءها لا تزال تتردد في الأوساط البهائية. في أبريل 2021، اشتكى أقرباء المدفونين البهائيين في مقبرة خاوران من قيام السلطات بنبش وتغيير معالم قبور ذويهم/ وبعثوا برسالة إلى عمدة طهران، جاءفيها "نطالبكم بإصرار بالامتناع عن إجبار المواطنين البهائيين على دفن أحبائهم الموتى في المقبرة الجماعية، وعدم رش الملح على جراحنا القديمة".

في التقرير الذي رفعه للأمم المتحدة، أشار جاويد رحمن للمعاناة الكبيرة التي تعرضت لها النساء البهائيات في تلك الفترة، حيث "شملت عمليات الإعدام نساء -بعضهن قد يكنّ تعرضن للاغتصاب قبل إعدامهن – والعديد من الأطفال". 

وتابع "شملت الجرائم ضد الإنسانية أيضاً السجن والتعذيب والاختفاء القسري".

كيف ردت الحكومة الإيرانية؟

في المقابل، رفضت طهران جميع الاتهامات الموجهة إليها في التقرير المرفوع إلى الأمم المتحدة. 

يستعرض الباحث سعيد زاهد زاهداني في كتابه "البهائية في إيران" وجهة النظر الإيرانية الرسمية التقليدية في تلك القضية. فيعترف بأن العديد من التهم قد وجهت ضد النشطاء البهائيين في إيران عقب انتصار الثورة الإسلامية. رغم ذلك، يؤكد زاهداني على عدالة المحاكم التي حكمت في تلك القضايا. فيقول "تثبتت المحاكم من الاتهامات الموجهة لعدد من البهائيين بالتجسس في مدن مختلفة من إيران، وأيضاً التورط في نهب المال العام وتدفق الأموال إلى جيوب الصهاينة، وكذلك كونهم -أي البهائيين- جزءاً من آلة القمع في النظام الشاهنشاهي البائد؛ ثم أقدمت السلطات على اعتقال هؤلاء الزعماء ومحاكمتهم في محاكم الثورة الإسلامية التي أصدرت أحكامها بسجن عدد منهم وإعدامه".

 في هذا السياق، يستشهد زاهداني بما ورد في أحد خطابات آية الله الخميني، حين قال "البهائية ليست ديناً، إنها حزب سياسي، كانت ترعاه بريطانيا في ما مضى وكان يعمل لصالحها، واليوم هو يعمل لصالح أميركا ويتجسس لها، وإذا لم يكن هؤلاء جواسيس فلماذا غيرهم من البهائيين هم الآن أحرار ولا أحد يتعرض لهم على الرغم من انحراف عقائدهم".

مؤخراً، وعلى أثر الاتهامات التي وردت في تقرير جاويد رحمن، ردت إيران بشكل رسمي من خلال عدد من قنواتها الدبلوماسية والإعلامية، ظهر ذلك في إدانة المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، لما ورد في تقرير رحمن. 

وصف كنعاني التقرير بأنه "محاولة من أعداء إيران لتشويه صورة الجمهورية الإسلامية الإيرانية". وأكد كنعاني أن رحمن "اعتمد على مكانته الدولية وواصل خدماته لجماعة المنافقين الإرهابية... من الواضح أن ادعاءاته تفتقر إلى أي وجاهة قانونية ومرفوض تماماً". 

كما أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية عن أسفه العميق لأن هذا الشخص -يقصد  رحمن- "أساء استغلال مكانة الأمم المتحدة بسهولة وقام بنشر أخبار كاذبة" على حد تعبيره.

وقال إن "مسؤولي الأمم المتحدة، خاصة مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، عليهم مسؤولية قانونية لمنع الانتهاكات وتمهيد الطريق لتحقيق أهداف شخصية أو جماعية متحيزة ضد الدول، وتحتفظ الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحقها القانوني في الاحتجاج على هذه العملية الخاطئة في بعض مؤسسات حقوق الإنسان".

البهائية في إيران
استمرارا لاضطهاد الأقليات الدينية.. إيران تجبر البهائيين على اعتناق الإسلام
ذكرت صحيفة "إندبندت" البريطانية أن السلطات الإيرانية بدأت تمارس حلقة جديدة من حلقات القمع والتصعيد ضد الأقلية البهائية في البلاد.

وأشارت الصحيفة في تقرير لها أن النظام في طهران بدأ بممارسة ضغوطات على الشبان الصغار في تلك الطائفة لإجبارهم على ترك ديانتهم واعتناق

 بهائيو إيران اليوم

في السنوات الأخيرة، حافظت حملة الكراهية الموجهة إلى أتباع الدين البهائي على زخمها عقب رحيل آية الله الخميني. يظهر ذلك بشكل واضح في السؤال الذي وُجّه إلى علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإيرانية: "هناك الكثير من البهائيين يعيشون إلى جوارنا ويترددون كثيراً على بيتنا، البعض يقول إن البهائي نجس والبعض يقول طاهر، وهؤلاء البهائيون يظهرون أخلاقاً حسنة، فهل هم نجسون أم طاهرون؟". وكانت إجابة خامنئي، أنهم "نجسون، وهم أعداء دينك وإيمانك، فكن حذراً جداً يا ولدي العزيز".

في 2011 قامت السلطات الإيرانية بإلقاء القبض على مجموعة من الناشطين البهائيين الداعين لتحقيق المساواة في المجتمع الإيراني. وقتها، دعت الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، السلطات الإيرانية، إلى وقف اضطهادها للأقلية البهائية.

 وسنة 2012 زعمت الجامعة البهائية العالمية حصولها على وثيقة سرية صادرة عن الهيئة التابعة لوزارة التربية والتعليم في إحدى مدن مقاطعة طهران، تضمنت أمراً حكومياً بتعريف جميع الأطفال البهائيين في المدارس تمهيداً لعزلهم عن باقي الأطفال.

 كذلك، رصدت وسائل إعلام غربية العديد من الانتهاكات التي مارسها النظام الإيراني ضد البهائيين، ففي مايو 2021، أوردت صحيفة "إندبندت" البريطانية في تقرير لها أن السلطات الإيرانية بدأت تمارس حلقة جديدة من حلقات القمع والتصعيد ضد الأقلية البهائية في البلاد بهدف إجبارهم على ترك ديانتهم واعتناق الدين الإسلامي. 

وفي أغسطس 2022، ذكرت بعض التقارير الإعلامية أن السلطات الإيرانية هدمت ستة منازل يملكها أشخاص يعتنقون الديانة البهائية في قرية روشانكوه في محافظة مازندران الشمالية. 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".