رجل عربي من البدون في منطقة صحراوية غرب منطقة الجوف في المملكة العربية السعودية.
رجل عربي من البدون في منطقة صحراوية غرب منطقة الجوف في المملكة العربية السعودية.

بحسب تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن هناك 10 ملايين شخص على الأقل بدون جنسية حول العالم. تبدو تلك المشكلة حاضرة بشكل لافت للنظر في منطقة الخليج العربي، حيث يعيش عشرات الآلاف من عديمي الجنسية/ البدون في كل من السعودية والكويت والإمارات وقطر والعراق.

بشكل عام، تُطلق تسمية البدون على مجموعة من القبائل العربية البدوية التي عاشت في مناطق صحراوية على أطراف السعودية والكويت والعراق. وترجع أصول غالبيتهم إلى بادية الشام. بعد تأسيس الدول الخليجية الحديثة، لم يحصل هؤلاء على الجنسية لأسباب مختلفة، وبقيت مشكلتهم قائمة على مدار السنوات المتعاقبة.

 

الكويت

تعود أصول البدون في الكويت إلى بادية سوريا والأردن والعراق. وينتمون في الأساس إلى مجموعة من القبائل العربية الكبيرة مثل شمر وعنزة. بدأت مشكلتهم في خمسينيات القرن العشرين، عندما صدر قانون الجنسية الكويتي في سنة 1959م. والذي فرّق بين المواطنين الكويتيين الأصل والمنشأ، والوافدين القادمين من مناطق مجاورة.

بشكل عام، تمتع "البدون" بالمساواة مع المواطنين الكويتيين منذ سنة 1961م وحتى سنة 1991م. بعد الغزو العراقي للكويت، وجهت أصابع الاتهام للبدون العراقيين الأصل، وتم اتهامهم بالخيانة ومساندة نظام صدام حسين. بعد تحرير الكويت، تم عزل العديد من البدون، وفقدوا الكثير من المميزات الاجتماعية والاقتصادية. 

حالياً، تذكر البيانات الحكومية الرسمية إن 85 ألفاً على الأقل من البدون يعيشون في الكويت، لكن النشطاء يقولون إن العدد يزيد عن ذلك بكثير.

في سنة 2000م، ومع تفاقم أزمة البدون، أصدر مجلس الأمة الكويتي قانوناً ينص على تجنيس ألفي شخص من "البدون" سنوياً، ممن يقيمون في الكويت منذ 1965 على الأقل. لكن لم تُفلح تلك المحاولة في القضاء على الأزمة. اعتاد البدون الكويتيون على تنظيم المظاهرات المطالبة بالحصول على حقوقهم في الجنسية الكويتية من حين إلى آخر.

في السنوات الأخيرة، تصاعد زخم الاحتجاجات من جانب البدون الكويتيين بالتزامن مع دعمهم من قِبل العديد من النشطاء والمنظمات الحقوقية. في ديسمبر 2021م، تجمع نحو مئتي متظاهر في ساحة الإرادة مقابل مبنى مجلس الأمة الكويتي في وقفة احتجاجية سلمية دعماً لمطالب البدون. في مارس 2022م، أُعلن عن بدء إضراب مفتوح عن الطعام للمطالبة بـ "الحقوق الإنسانية الأساسية" للبدون في الكويت. وأثار الإضراب موجة تعاطف واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. في أغسطس 2023م، نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً عن معاناة بدون الكويت.  جاء فيه إن الحكومة الكويتية تمارس التمييز ضد أطفال البدون "وذلك من خلال تقاعسها في توفير التعليم المجاني". وبيّن التقرير كيف أن الحكومة تُجبر أطفال البدون على دفع رسوم التعليم الخاص الذي يعدّه الآباء والأمهات والأطفال دون مستوى التعليم في المدارس الحكومية المجانية التي يلتحق بها المواطنون الكويتيون. في الشهر الماضي، سلطت الأضواء على قضية "البدون" في الكويت من جديد، وذلك بعدما أعلنت وزارة الداخلية الكويتية عن "وقف جواز سفر رقم (17) "الخاص بالمقيمين بصورة غير قانونية" وهم عديمو الجنسية "البدون" باستثناء الحالات الإنسانية مثل العلاج والدراسة.

 

السعودية

تشكّل البدون في السعودية من القبائل البدوية التي عاشت حياة الترحال في شمال وجنوب المملكة العربية السعودية، ومن الجاليات الإسلامية التي هاجرت من آسيا إلى شبه الجزيرة العربية في بدايات القرن العشرين، واستوطنت فيما بعد في غرب السعودية.

في سبعينيات القرن العشرين، أُتيحت الفرصة لإعطاء هؤلاء الجنسية السعودية. غير أن أغلب البدون تجاهلوا الأمر بسبب انشغالهم بالحياة البدوية، أو لعدم معرفتهم بفتح باب الحصول على الجنسية. تسبب ذلك في عدم حصول أبناء وأحفاد تلك الفئات على الجنسية السعودية حتى الآن.

في السنوات الأخيرة، أشارت بعض التقارير الصحفية إلى المعاناة الشديدة التي يلاقيها البدون السعوديون في شتى مناحي الحياة، وخصوصاً فيما يخص المسكن، والاوضاع الاجتماعية، والتعليم، والزواج. في هذا السياق، بُذلت بعض المجهودات لحل مشكلتهم. ومن ذلك، صدور مرسوم ملكي في العام 2000م يقضي بمنح الجنسية لقبائل شمر وعنزة وبني خالد والأساعدة. وفي سنة 2012م، كشفت وزارة الداخلية عن خطة حكومية لقرب إصدار نظام لتجنيس البدون، الأمر الذي تحقق بشكل جزئي في سنة 2014م، عندما أصدرت المديرية العامة للجوازات السعودية بطاقات خاصة للبدون لتسهيل إجراءاتهم.

على الرغم من تلك المجهودات، لم تنته أزمة البدون السعوديين. في سنة 2015م، اعترفت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بأن إجراءات تصحيح وثائق البدون بطيئة جداً وأن الإشكالات ستتوسع إذا ما تأخر حسم هذا الملف. بعدها بسنتين، نشرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تقريراً حول "الحرمان من الجنسية في السعودية"، خلص إلى أن "معاناة البدون في السعودية انطوت على العديد من التجاوزات والانتهاكات والتمييز العنصري".

الإمارات

تعود أصول العديد من البدون في الإمارات إلى مجتمعات البدو أو المهاجرين الذين سكنوا البلاد قبل تشكيل الدولة في سنة 1971م، ولم يجرِ تسجيلهم وقتها لنيل الجنسية. 

بشكل عام، يجد البدون الإماراتيون صعوبات عدة في استخراج شهادات الميلاد والوفاة، وفي توثيق عقود الزواج والطلاق، كما أنه لا يحق لأبنائهم الالتحاق بالمدارس الحكومية.

في 2006م، كشفت وزارة الداخلية الإماراتية عن قرب حل قضية البدون. وفي سنة 2008م، عملت الإمارات على إيجاد حل بديل لأزمة البدون الذين يعيشون على أراضيها. عقدت إمارة أبوظبي اتفاقاً مع دولة جزر القمر الواقعة شرقي أفريقيا. بموجب هذا الاتفاق قامت الحكومة الإمارتية بشراء وثائق هوية وجوازات سفر للبدون، ووزعتها عليهم. مع إعطائهم الحق في الإقامة على الأراضي الإمارتية، ووعدهم بمنح العديد من التسهيلات والامتيازات. ذكرت بعض التقارير الصحفية أن جواز السفر القمري الواحد بلغت كلفته 4 آلاف يورو، وأن الحكومة الإمارتية دفعت ما لا يقل عن 200 مليون يورو كتكلفة إجمالية.

 

قطر

تختلف مشكلة البدون في قطر عنها في باقي الدول الخليجية. تعود تلك المشكلة إلى سنة 1995م، عندما تمت الإطاحة بأمير قطر آنذاك، خليفة بن حمد آل ثاني، في انقلاب قام به نجله حمد بن خليفة آل ثاني. حاول خليفة بن حمد وقتها ان يسترد السلطة بمساعدة قبائل آل مرّة. فشلت المحاولة، وتحمل الطرف الخاسر ضريبة الهزيمة. في سنة 2005م جرّدت الحكومة القطرية الآلاف من أبناء قبائل آل مرّة، من جنسياتهم، وأصبح وضعهم القانوني مشابهاً لأوضاع البدون في السعودية والكويت والإمارات.

منذ ذلك الوقت، حُرم العديد من آل مرّة من الحصول على الوظائف، ومن تلقي الرعاية الصحية المجانية، كما فُرضت الكثير من القيود على التعليم والزواج وفتح الحسابات المصرفية. في أغسطس 2021م، زادت معاناة آل مرّة بعدما أقرت الدوحة قانون الانتخابات البرلمانية الجديد. بموجبه حُرم الآلاف من آل مرة من الاقتراع أو الترشح. بعدما اقتصر حق المشاركة في الانتخابات على القطريين "الأصليين" فحسب.

من النظام الملّي إلى "الخط الهمايوني".. كيف عاشت الأقليات المسيحية تحت الحكم العثماني؟
اتسمت العلاقة بين النبي والمسيحيين بالود والتسامح في أغلب فتراتها. رغم من ذلك، لم تبق العلاقة بين الحكومات الإسلامية المتعاقبة وبين الرعايا المسيحيين هادئة دائماً، خاصة تحت حكم الدولة العثمانية.

العراق

تختلف مشكلة معدومي الجنسية في العراق عنها في منطقة الخليج. يُعدّ الأكراد الفيليون الذين قدموا إلى العراق من بعض أنحاء إيران في القرن السادس عشر الميلادي أبرز النماذج المعبرة عن تلك المشكلة.

خلال الحرب الصفوية- العثمانية، نزحت عوائل الكثير من الجند الفيليين -الذين كانوا يحاربون في صف الصفويين- إلى العراق في صورة هجرات بشرية متتابعة. استقرت تلك العوائل في العراق رغم استعادة العثمانيين السيطرة على المنطقة. وهكذا صار الفيلييون متواجدين بشكل كثيف في غربي إيران وشرقي العراق. 

عند تأسيس المملكة العراقية في عام 1921م وبموجب اتفاقية تخطيط الحدود العراقية - الإيرانية تم إلحاق مناطق واسعة من الأراضي الكردية الفيلية بالعراق، ليصبح الفيلييون عندها إحدى المكونات البشرية المهمة في التكوين الفسيفسائي للشعب العراقي. تمركز الفيلييون بشكل رئيس في خانقين، وجلولاء، وبعقوبة، والكوت، والكميت. هذا إلى جانب تواجد بعض تجمعاتهم في كل من بغداد، والسليمانية، وأربيل، وكركوك، والكوفة، والنجف، وكربلاء، والبصرة.

بدأت محنة الأكراد الفيلين في العراق في النصف الأول من القرن الماضي. فرّق قانون الجنسية العراقي بين المواطنين الذين يعودون إلى أصول إيرانية والمواطنين الذين يعودون إلى أصول عثمانية. بموجب هذا القانون أصبح الفيلييون مواطنين من الدرجة الثانية. وتم البدء في تهجيرهم إبان حكومتي رشيد الكيلاني ونوري السعيد. 

تصاعدت وتيرة التهجير في حكومتي عبد السلام عارف وأحمد حسن البكر. ووصلت تلك الوتيرة إلى ذروتها في زمن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في الفترة الواقعة بين سنتي 1970 و2003م. 

في سنة 1980م -وبالتزامن من اندلاع حرب الخليج الأولى ضد إيران- أصدر صدام حسين القرار رقم (666)، والذي نص على "إسقاط الجنسية العراقية عن كل عراقي من أصل أجنبي إذا تبين عدم ولائه للوطن والشعب والأهداف القومية والاجتماعية العليا للثورة وتخويل وزير الداخلية صلاحية إبعاد كل من أسقطت عنه الجنسية العراقية ما لم يقتنع بناءً على أسباب كافية بأن بقاءه في العراق أمر تستدعيه ضرورة قضائية أو قانونية". 

بموجب هذا القانون جُرد الفيلييون من الجنسية العراقية وتمت مصادرة أموالهم وممتلكاتهم ووجهت لهم اتهامات بالخيانة والعمالة لإيران.

بحسب بعض المصادر الفيلية، وصل عدد المهجرين في تلك الفترة إلى ما يقرب من 600 ألف فيلي، وتم إرسالهم إلى الحدود مع إيران. رغم مرور عشرات الأعوام على وقوع تلك الحوادث المؤسفة، لا يزال الآلاف من الفيليين المُهجّرين يعيشون في أوضاع معيشية سيئة في الأماكن التي خصصتها لهم الحكومة الإيرانية في مخيّمي ازنا وجهرم في لرستان الواقعة في غربي إيران. لم تُحل مشكلة هؤلاء اللاجئين المُهجرين حتى الآن رغم مرور ما يقرب من عشرين عاماً على سقوط نظام صدام حسين.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".