صورة متداولة في مواقع التواصل من فيلم "حياة الماعز"- تعبيرية
صورة متداولة في مواقع التواصل من فيلم "حياة الماعز"- تعبيرية

أثار الفيلم الهندي "The Goat Life" (حياة الماعز) الجدل بشكل كبير عقب عرضه في العديد من الدول العربية. ويتتبع قصة حقيقية لعامل هندي يسافر  إلى السعودية بحثاً عن العمل، لكنه يجد نفسه بشكل غير متوقع يعمل راعيا للغنم ويُعامل كالعبد في إحدى الصحاري القاحلة لسنوات، قبل أن يتمكن من الهرب والعودة لبلاده في نهاية المطاف.

سلط الفيلم الضوء على مشكلة نظام الكفيل الذي طُبق في الدول الخليجية لسنوات طويلة، والذي تعرض لانتقادات شديدة. فماذا نعرف عن هذا النظام؟ وما سبب تطبيقه في الدول الخليجية على وجه التحديد؟ وما الخطوات التي تم اتخاذها مؤخراً لاستبداله؟

نظام الكفيل

يعتمد سوق العمل في دول الخليج بشكل أساسي على الوافدين الأجانب الذين يشكلون أكثر من ثلثي إجمالي السكان فيها.

في دراسته، "تاريخ نشوء نظام الكفالة للعاملين الوافدين في دول الخليج العربية"، يلقي الباحث عمر الشهابي الضوء على الجذور التاريخية لنظام الكفيل، فيذكر أن البحرين كانت نقطة البداية لتبلوره باعتبارها أول منطقة خليجية بسط فيها البريطانيون نفوذهم على المجتمع المحلي في خضم المنافسات مع الإمبراطوريات الأوروبية الأخرى. 

في بدايات القرن العشرين، وضع البريطانيون نظام الكفيل كقانون رسمي لتنظيم عمل الغواصين الأجانب الباحثين عن اللؤلؤ في البحرين، وكان الهدف الأساسي منه التحكم في القادمين والمغادرين، ومنع غير المرغوب فيهم من دخول البحرين.

مع صعود صناعة النفط في البحرين، لجأت السلطات البريطانية إلى فتح الباب لتدفق العمالة الوافدة إلى الخليج من مناطق لم تكن تاريخياً تزود الخليج بكمية كبيرة من العمال. ولم يكن مستغرباً توجّه السلطات البريطانية إلى فتح الباب لاستقطاب العمالة من المناطق التي كانت تحت نفوذ الاستعمار البريطاني، خصوصاً شبه القارة الهندية. 

لاحقا، طبق البريطانيون نظام الكفالة في الأجزاء الأخرى من الخليج الواقعة تحت الاستعمار البريطاني بالتدريج. ففي سنة 1915 تم إقرار نظام الكفالة في عُمان. وفي 1925 صدر قانون مشابه في الكويت، ثم في قطر سنة 1938،  وأخيراً في الإمارات سنة 1946.

بعد خروج البريطانيين من الخليج، استمر نظام الكفالة في الدول الخليجية الحديثة. وفي خمسينيات القرن العشرين، استثني الوافدون العرب من قانون الكفالة جرياً على مبدأ معاملتهم كمواطنين. ولكن تم إخضاعهم للقانون كغيرهم من العمالة الأجنبية الوافدة في الستينيات.

بموجب هذا النظام، تمت مصادرة جوازات سفر العمال الوافدين، وتحكّم الكفلاء في سفر العمال إلى بلادهم، كما تطلب تغيير عمل الوافدين لموافقة مباشرة من الكفيل، الأمر الذي تسبب في زيادة معاناة الوافدين، واضطرهم في الكثير من الأحيان للعمل في ظروف مهينة ولساعات طويلة بهدف الحصول على رضا الكفيل.

في السنوات الأخيرة، ارتفعت الاحتجاجات ضد هذا النظام بوصفه نوعاً من أنواع "العبودية الحديثة"، كما واصلت المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان الضغط لتغيير هذا النظام. تحقق ذلك لكن بدرجات متفاوتة في الدول الخليجية.

منظمة: "انتهاكات واسعة" بحق عمال كأس العالم في قطر
ذكر تقرير جديد صدر عن منظمة دولية، تعنى بحقوق العمال في العالم، أن العمال المغتربين الذي شيدوا ملاعب كأس العالم في قطر قد تعرضوا لـ"انتهاكات مستمرة" لم تخل من عنصرية وعدم دفع أجور والمرتبا، وفقا لما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية.
 

البحرين

في أغسطس 2009، أعلنت المنامة عن إلغاء نظام الكفيل، لتصبح البحرين بذلك أول الدول الخليجية التي تلغي هذا النظام سيء السمعة. بموجب ذلك القرار، بات بإمكان العمال الأجانب ان ينتقلوا من عمل إلى آخر دون الحصول على إذن من أرباب عملهم. 

واستبدلت البحرين المواد المنظمة لنظام الكفالة بما يعرف باسم "التصريح المرن"، وهو تصريح لمدة عامين قابل للتجديد يسمح للشخص المؤهل بالعمل والعيش في مملكة البحرين من دون صاحب عمل (كفيل)، حيث يمكنه العمل في أي وظيفة مع أي عدد من أصحاب العمل على أساس الدوام الكامل أو الجزئي.

 

السعودية

أقرت الرياض العمل بنظام الكفيل لما يزيد عن 70 سنة. وكان دائما محل انتقادات متواصلة، في يوليو 2008 مثلا، أشار تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش إلى المعاناة التي يلاقيها العمال الوافدون في السعودية، خصوصا عاملات المنازل اللاتي يتعرضن لإساءات حقوقية جسيمة "ترقى في بعض الحالات إلى الاسترقاق". 

ودعت المنظمة المملكة العربية السعودية إلى التحقيق مع أصحاب العمل المسيئين ومعاقبتهم، كما طالبت بحماية عاملات المنازل من الاتهامات العكسية.

في مارس 2021، خطت الرياض خطوتها الأولى نحو إنهاء نظام الكفيل، بعدما أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية عن تدشين مبادرة "تحسين العلاقة التعاقدية"، التي أقرت وجود عقد عمل بين صاحب العمل والعامل ليكون بديلاً لنظام الكفيل.

وتضمنت المبادرة منح الوافدين حرية تغيير الوظائف ومغادرة المملكة دون إذن من صاحب العمل.

 

الإمارات

كان نظام الكفيل في الإمارات عرضة للانتقادات المتواصلة هو الآخر. في سنة 2014، نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرا انتقد بشدة نظام الكفالة وذكر أن هذا النظام "ربط العمال الوافدين بأصحاب عملهم الأفراد الذين يقومون بكفالة تأشيرات دخولهم، ويقيد قدرة العمال على تغيير صاحب العمل، ويمنح النظام لأصحاب العمل سلطات كبيرة على العاملين لديهم، لأنه يمنحهم الحق في إلغاء الكفالة بإرادتهم المنفردة". 

في سبتمبر 2022، استجابت الإمارات للمناشدات الحقوقية المطالبة بوقف نظام الكفيل، عندما أعلنت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ الإماراتية  إلغاء النظام واستبداله بالاعتماد على العلاقة التعاقدية المباشرة بين العامل ورب العمل.

 

قطر

اعتمد نظام الكفيل في قطر من خلال القانون رقم 3 لسنة 1984، الذي نص على أنه "يجب على كل أجنبي يطلب الدخول أو الإقامة في دولة قطر للعمل أو لمزاولة حرفة أو تجارة أو لمرافقة أو زيارة مقيم فيها أن يكون له كفيل".

تصاعدت حدة الاحتجاجات التي طالت هذا النظام في السنوات التي أعقبت فوز الدوحة بحق تنظيم كأس العالم لكرة القدم عام 2022. في ديسمبر 2016، فعلت الدوحة القانون رقم 21 لسنة 2015 بشأن تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم.

وقال وزير التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية وقتها إن القانون "يُعدّ أحدث خطوة اتخذتها الدولة نحو تحسين وحماية حقوق جميع العمال، كما يستبدل القانون الجديد نظام الكفالة بنظام حديث يعتمد على عقد العمل الذي من شأنه حفظ حقوق العمال وتسهيل التنقل من جهة عمل إلى أخرى".

بحسب القانون لم يعد العمال الوافدون بحاجة إلى الحصول على موافقة من صاحب عملهم الحالي لتغيير عملهم، كما مُنحوا الحق في المغادرة دون الحاجة لإذن صاحب العمل.

كذلك، نصّ القانون على معاقبة أصحاب العمل الذين يحتجزون جوازات سفر العاملين لديهم بغرامة مالية تصل إلى 25 ألف ريال قطري عن كل عامل تم احتجاز جواز سفره.

لاقت تلك التعديلات القانونية إشادة من جانب بعض المنظمات الحقوقية، غير أنها اعتبرت غير كافية من قِبل منظمات أخرى. على سبيل المثال، قالت منظمة العفو الدولية إن التغييرات التي أُدخلت على قوانين العمل في قطر تكتفي بالمعالجة السطحية للأمور "وتُبقي العمال الأجانب تحت رحمة استغلال أرباب العمل لهم، وتتركهم عرضة للعمل القسري أو السخرة، بما في ذلك العمال الذين يقومون ببناء الملاعب التي ستستضيف مباريات كاس العالم، ومشاريع البنية التحتية المرافقة لها".

 

العراق

إذا كان نظام الكفيل قد ارتبط في الدول الخليجية بمشكلات العمالة والاقتصاد، فإنه ارتبط في العراق بالمشكلات السياسية والأزمات الداخلية.

في فبراير 2008، ذكر بعض المسؤولين في إقليم كردستان أن حكومة الإقليم فرضت حصول العراقيين الوافدين للعمل في الإقليم على "كفالة كردي ضامن" في محاولة للحد من تسلل العناصر الإرهابية إلى الإقليم. 

ألغي هذا النظام لاحقا بالنسبة للعراقيين. لكن حكومة الإقليم ما تزال تشترط وجود ضامن (كفيل) للحصول على تأشيرة لدخول كردستان بالنسبة للوافدين من دول معينة.

في سنة 2015، بالتزامن مع تصاعد وتيرة المعارك ضد تنظيم داعش، فرضت محافظات عراقية على أبناء محافظات أخرى أن يجدوا لهم كفيلاً قبل السماح لهم بدخولها. 

انتُقد هذا النظام على نطاق واسع من قِبل العديد من البرلمانيين والحقوقيين ووُصف بأنه نظام "غير دستوري" قبل أن يتم إلغاؤه. 

في فبراير 2022، عاد الحديث عن تفعيل نظام الكفيل مرة أخرى بالتزامن مع زيادة وتيرة الأعمال الإرهابية التي نُفذت من قِبل عناصر تنظيم داعش، حيث دعا أحد قياديي هيئة الحشد الشعبي إلى إعادة تطبيق نظام الكفيل في المطارات العراقية، مبيناً أن "وضع العراق الأمني استثنائي يستدعي الحذر والحيطة واليقظة وإعادة اعتماد مبدأ الكفيل في المطارات من ناحية، وأن يحظى دخول أي مسافر غير عراقي بكفالة شخص أو جهة ما".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Palestinians gather to receive food cooked by a charity kitchen, in Khan Younis
حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية- تعبيرية

حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية، حيث يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأشار التقرير إلى أن الصراعات، والتغيرات المناخية، قد أدت إلى زيادة حادة في أعداد الجوعى، خاصة في مناطق مثل السودان وقطاع غزة.

وعقب نشر التقرير، تحدث ثلاثة مسؤولين أمميين، عبر الفيديو، إلى صحفيين في نيويورك، حيث قدموا إحاطة عن التحديث نصف السنوي للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2024 والذي يغطي الفترة حتى نهاية أغسطس 2024.

وأكد المسؤولون الأمميون الحاجة الماسة إلى زيادة التمويل الإنساني والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للأزمات الغذائية، مثل الصراعات والتغيرات المناخية، وذلك لمنع تفاقم الوضع وتجنب حدوث مجاعات أوسع نطاقا.

وفي بداية الإحاطة قدم، ماكسيمو توريرو، كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لمحة عامة عن النتائج الرئيسية للتقرير.

ويُظهر التقرير أن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستوى كارثيا من انعدام الأمن الغذائي تضاعف من 705 آلاف شخص في 5 دول وأقاليم في عام 2023 إلى 1.9 مليون في 4 دول أو أقاليم في عام 2024. وهذا هو أعلى رقم يسجله التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، ويعود ذلك في الغالب إلى الصراع في قطاع غزة والسودان، وفقا لتوريرو.

ويشار إلى أن التصنيف المتكامل للأمن الغذائي يتكون من خمس مراحل، ومستوى "الأزمة" أو انعدام الأمن الغذائي الحاد هو المرحلة الثالثة من التصنيف. المرحلة الرابعة هي الطوارئ، أما المرحلة الخامسة فهي الكارثة أو المجاعة.

وقال توريرو إن اشتداد وتيرة الصراعات في غزة والسودان وأيضا الجفاف الناجم عن ظاهرة النينيو وارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية يزيد من عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 18 دولة مقارنة بعام 2023.

مجاعة مستمرة في مخيم زمزم

في السودان، قال توريرو إن المجاعة مستمرة في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، ومن المتوقع أن تستمر حتى أكتوبر المقبل. ونبه إلى أن العديد من المناطق الأخرى في جميع أنحاء السودان معرضة أيضا لخطر المجاعة بسبب استمرار العنف ومحدودية المساعدات الإنسانية.

وأضاف المسؤول الأممي أن الصراع يستمر في التسبب بتدهور سريع للأمن الغذائي في السودان، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 26% من الأشخاص سيواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتم تصنيف حوالي 25.6 مليون شخص على أنهم يعانون من مستوى أزمة أو أسوأ.

وألقى الصراع في السودان بظلاله على الأمن الغذائي في البلدان المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان، وفقا لتوريرو.

أزمة الغذاء في غزة الأكثر شدة في التاريخ

أما بشأن الوضع في غزة، يقول توريرو إن أزمة الغذاء لا تزال الأكثر حدة في تاريخ التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، مع وجود ما يقرب من 2.2 مليون شخص من السكان ما زالوا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة.

وقد اشتدت حدة الأزمة، حيث عانى نصف السكان من المجاعة خلال الفترة بين مارس وأبريل، ارتفاعا من ربع السكان خلال الفترة من ديسمبر 2023 إلى فبراير 2024.

وتشير التوقعات إلى انخفاض هذه النسبة إلى 22% من السكان - أي حوالي 495 ألف شخص، خلال الفترة بين يونيو وسبتمبر 2024، ولا تشير الأدلة المتاحة إلى المجاعة على الرغم من أن خطرها لا يزال قائما.

جانب إيجابي

على الصعيد الإيجابي، قال توريرو إن تحسن موسم الحصاد والاستقرار الاقتصادي أديا إلى تحسن في الأمن الغذائي في 16 دولة.

ومن بين هذه الدول الـ 16 شهدت 5 دول - هي أفغانستان وكينيا والكونغو الديمقراطية وغواتيمالا ولبنان - انخفاضا في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بمقدار مليون شخص على الأقل، منذ بلوغ الذروة في عام 2023، لكن جميع هذه الدول لا تزال في وضع الأزمة.

ما المطلوب؟

فيما يتعلق بالإجراءات المطلوبة لتحسين وضع الأمني الغذائي، تطرق، عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، إلى أمرين قال إنهما مطلوبان بشدة وهما الوصول إلى الأشخاص المحتاجين والتمويل المستدام.

وأضاف: "لا يكفي أن يكون لديك واحد من هذين الأمرين. أي إذا توفر الوصول وحده فهذا لا يكفي، وإذا توفر المال وحده فهو لا يكفي أيضا. أنت بحاجة إلى الاثنين معا (...) ولذلك نسعى إلى التأكد من وجود وصول وتمويل مستدامين حتى نتمكن من مساعدة الأشخاص المحتاجين سواء في غزة أو في السودان أو في أي مكان آخر".

وتحدث حسين عن مشكلة أخرى وهي "الإجهاد في مجال التمويل"- في إشارة إلى الإجهاد الذي أصاب الجهات المانحة. وشدد في هذا السياق على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي سواء تعلق ذلك بالمناخ أو بالصراع، "لأنه ما لم نعالج الأسباب الجذرية، فلا ينبغي لنا أن نتوقع انخفاضا في الاحتياجات".

الهزال يفتك بالأطفال في مناطق الأزمات

الدكتور فيكتور أغوايو، مدير التغذية ونمو الطفل في منظمة اليونيسف تحدث في إحاطته عن الهزال بوصفه الشكل الأكثر تهديدا للحياة من أشكال سوء التغذية لدى الأطفال. وقال إن الهزال يظل مرتفعا جدا بين الأطفال الذين يعيشون في بلدان تعاني من أزمات غذائية.

ويعود ذلك، وفقا للمسؤول الأممي، إلى عدم قدرة الأسر على الوصول إلى الأطعمة المغذية لأطفالها أو تحمل تكلفة تلك الأطعمة، فضلا عن عدم القدرة على الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي.

وقال أغوايو إن التقرير العالمي يسلط الضوء على زيادة مقلقة في هزال الأطفال، مع مستويات حرجة في 8 دول هي الكاميرون وتشاد وجيبوتي وهايتي والسودان وسوريا وأوغندا واليمن.

أكثر من 50 ألف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد

وقال مدير التغذية ونمو الطفل في اليونيسف إنه زار غزة الأسبوع الماضي ورأى بنفسه كيف انعكست شهور من الحرب والقيود الشديدة المفروضة على الاستجابة الإنسانية، وأدت إلى انهيار أنظمة الغذاء والصحة والحماية، مع عواقب كارثية على تغذية الأطفال.

ووصف النظام الغذائي للأطفال الصغار بأنه "رديء للغاية"، حيث لا يتناول أكثر من 90 في المئة منهم سوى نوعين من الطعام، يوميا، في أفضل الأحوال، وأضاف: "ونحن نقدر أن أكثر من 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى علاج منقذ للحياة الآن".

ومضى قائلا: "التقيت أثناء وجودي في غزة بأطباء وممرضات وعاملين في مجال التغذية ينفذون البرامج التي ندعمها... واستمعت إلى نضالات الأمهات والآباء في سبيل إطعام أطفالهم. وما من شك لدي في أن خطر المجاعة وأزمة التغذية الشديدة واسعة النطاق في غزة حقيقي".

حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار

أغوايو قال إن هناك سبيلا واحدا لمنع ذلك الخطر وأضاف: "نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار، على الفور، ومع وقف إطلاق النار، يجب توفير وصول إنساني مستدام وواسع النطاق إلى قطاع غزة بأكمله. وقف إطلاق النار والاستجابة الإنسانية غير المقيدة وحدهما الكفيلان بتمكين الأسر من الوصول إلى الغذاء، بما في ذلك التغذية المتخصصة للأطفال الصغار، والمكملات الغذائية للنساء الحوامل، وخدمات الصحة والمياه والصرف الصحي لجميع السكان".

في السودان، يتأثر أكثر من 25 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي - بمن فيهم ما يقرب من 3.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. وتستمر هذه الأرقام في الارتفاع بسبب النزوح الجماعي، والوصول الإنساني المحدود، وتعطل خدمات الصحة والتغذية، وفقا لأغوايو.

ودعا المسؤول في منظمة اليونيسف إلى استجابة إنسانية غير مقيدة وواسعة النطاق للوقاية المبكرة والكشف عن وعلاج سوء التغذية الحاد بين الأطفال الأكثر ضعفا، وخاصة لمن تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وأمهاتهم، والذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب هذه الأزمات المتصاعدة المتعددة.