Israeli raid in Jenin
من صور الاجتياح الإسرائيلي لمدينة جنين ومخيمها- تعبيرية

تستمر العملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية لليوم الثامن على التوالي، وسط تقديرات رسمية فلسطينية بأن "نحو 70 بالمئة من البنى التحتية والشوارع في جنين دُمرت بالكامل".

ويواصل الجيش الإسرائيلي تفجير منازل في مخيم جنين، مع استمرار حصاره وتدمير البنى التحتية لمعظم شوارع المخيم، فيما تدوي أصوات انفجارات.

وقال رئيس بلدية جنين، نضال أبو الصالح، لقناة "الحرة"، إن "ما يقرب من 70 بالمئة من الشوارع والبنى التحتية دُمرت حتى الآن، وتبلغ الخسائر بشكل تقديري حوالي 50 مليون شيكل (نحو 13.5 مليون دولار)".

ووصف أبو الصالح الأوضاع في جنين بـ"المنكوبة"، في ظل استمرار العمليات الإسرائيلية "واجتياح المخيم ومحاصرة المشافي، والاعتداء على منازل الفلسطينيين وتفجيرها، واحتلال قسم منها وإجبار سكانها على النزوح".

من جانبه، يقول الجيش الإسرائيلي إنه يستهدف مواقع "للمخربين" الذين يتهمهم بتنفيذ عمليات ضد القوات والمواطنين الإسرائيليين.

واتهم رئيس بلدية جنين الجيش الإسرائيلي بـ"استهداف كل من يتحرك أمامه بالرصاص"، مضيفًا أن "معظم القتلى المدنيين قتلوا أمام منازلهم".

وقُتل جندي إسرائيلي في جنين، فيما قُتل 3 من ضباط الشرطة في حادث منفصل برصاص مسلح أطلق النار فيما يبدو على سيارتهم بالقرب من الخليل، في جنوب الضفة الغربية، وفق رويترز.

" موت بطيء"

ويعمل مئات الجنود الإسرائيليين مع دعم من طائرات هليكوبتر وطائرات مسيرة، في جنين وطولكرم ومناطق أخرى بالضفة الغربية، منذ الأسبوع الماضي، في حملة يقول الجيش إنها تستهدف "التصدي لجماعات مسلحة مدعومة من إيران".

ومع استمرار الوضع، حذر عمال الإغاثة من أن الناس في المنطقة "يعانون من نقص الغذاء والمياه".

أفراد من الجيش الإسرائيلي في جنين بالضفة الغربية
فيما حذر أبو الصالح من أن استمرار هذه العملية في جنين هو "عقاب جماعي للفلسطينيين وموت بطيء للسكان، في ظل انقطاع المواد الغذائية والأدوية، خاصة حليب الأطفال، وتدهور وضع كبار السن والمرضى، مما ينذر بكارثة إنسانية داخل المدينة ومخيمها، مع صعوبة مد السكان بالغذاء والمياه بسبب استهداف الجيش لطواقم الإسعاف".

وأسفرت العملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة عن مقتل 33 فلسطينيا وإصابة أكثر من 130 آخرين، من بينهم أطفال ومسنين، وفق تقديرات رسمية.

ومع تصاعد من العنف في الضفة الغربية منذ بدء حرب غزة في أكتوبر، قُتل نحو 680 فلسطينيا بين مسلحين من الفصائل وشباب يلجأون للحجارة ومدنيين، فيما لقي أكثر من 20 إسرائيليا حتفهم في هجمات فلسطينية، وفق رويترز.

"أوضاع خطيرة" في طولكرم

من جانبه، قال رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم، فيصل سلامة، في اتصال هاتفي مع قناة "الحرة"، إن "الحصار المشدد لا يزال مستمرا، حيث تغلق الآليات العسكرية كل الطرق"، مشددا على أن "خسائر التدمير الإسرائيلي تقدر بملايين الدولارات، من بنية تحتية وصرف صحي وكهرباء واتصالات ومياه".

واتهم الجيش الإسرائيلي "بتعمد تدمير ممتلكات المواطنين الخاصة، من بينها محال تجارية ومركبات وبيوت سكنية"، ووصف أوضاع المدنيين بأنها "في غاية الصعوبة والخطورة، لوجود عدد من المرضى، ونقص الغذاء والدواء وعدم وجود أية وسيلة حتى الآن لإيصال الطعام والمياه لسكان المخيم، خاصة الأطفال".

وقال إن الجيش الإسرائيلي "اتخذ من منازل المواطنين ثكنات عسكرية، واحتجز عددا من المواطنين داخل منازلهم ومنعهم من الحركة".

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل 5 فلسطينيين من بينهم أحد قادة "سرايا القدس" التابعة لمنظمة "الجهاد الإسلامي" في طولكرم.

وقال الجيش في بيان، إنه "خلال عملية نفذها أفراد الوحدة الشرطية الخاصة وقوات جيش الدفاع في طولكرم، وبعد تبادل لإطلاق النار، قضى أفراد الوحدة الشرطية الخاصة بتوجيه من جهاز الشاباك على 5 مخربين اختبأوا داخل مسجد".

وتابع البيان: "من بين المخربين الذين تم القضاء عليهم، المدعو محمد جابر الملقب بأبي شجاع، قائد الشبكة الإرهابية في مخيم نور شمس. المدعو أبو شجاع كان متورطًا في العديد من العمليات الإرهابية، وبتوجيه عملية إطلاق النار في شهر يونيو الماضي، التي أسفرت عن مقتل المواطن الإسرائيلي أمنون مختار. كما كان المدعو محمد جابر متورطًا في عملية إرهابية أخرى".

وطالب المسؤولان الفلسطينيان بـ"توفير الحماية الدولية لسكان المخيمات ووقف الاعتداءات". وقال فيصل إن ما تشهده مدينة طولكرم ومخيمها "لم يحدث له مثيل منذ الانتفاضتين الأولى والثانية".

فيما دعا رئيس بلدية جنين المجتمع الدولي بوقف ما وصفه بـ"العدوان غير المبرر على جنين، وتضخيم الجيش الإسرائيلي لعملياته فيها، تحت حجة وجود مسلحين، ومهاجمة البنى التحتية لهم".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".