بقلم جنى فواز الحسن:

اختلفت مقاربة الدول العربية والغربية لتنامي الصراع بين السعودية وايران بين من أعلن اصطفافه الكامل إلى جانب الرياض وبين من تلكّأ في إعلان دعم غير مشروط للمملكة العربية السعودية، وبين من ساند إيران.

الأزمة تفاقمت بين المملكة العربية السعودية وإيران بسبب إعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، وما تلاه من اعتداء على سفارة السعودية وقنصليتها في إيران. الاعتداء دفع الرياض إلى قطع العلاقات الديبلوماسية مع طهران وحذت دول عربية أخرى حذو المملكة تضامناً مع الأخيرة. موقع (إرفع صوتك) يرصد أبرز ردود فعل دول المنطقة بعد أن قرّرت السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران.

1 موقف تركيا: أعلنت تركيا رسمياً في بيانٍ صدر عن وزارة خارجيتها رفضها للاعتداء على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران. ودعا رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو البلدين إلى استخدام القنوات الدبلوماسية لتهدئة التوتر، معرباً عن استعداد تركيا تقديم أي مساعدة ممكنة للتوصل إلى حل الأزمة.

في الوقت نفسه، وبعد أن ندّد بالاعتداء على البعثات الدبلوماسية، قال نائب رئيس الوزراء والناطق باسم الحكومة التركية نعمان قورطولموش إنّ "تنفيذ أحكام الإعدام السياسية لن يسهم بأي شكل من الأشكال في تحقيق السلام في المنطقة ونحن نرفض جميع أحكام الإعدام السياسية".

2 موقف العراق: أدان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بوضوح إعدام الشيخ النمر. وجاء في بيان صادر عن مكتبه "تلقينا بأسف بالغ وصدمة شديدة نبأ تنفيذ حكم الاعدام بالشيخ نمر النمر من قبل السلطات السعودية. إن التعبير عن الرأي والمعارضة السلمية هما حقان أساسيان من حقوق الإنسان تكفلهما الشرائع السماوية والقوانين الدولية وأن انتهاكهما يؤدي الى تداعيات على الأمن والاستقرار والنسيج الاجتماعي لشعوب المنطقة.. الواقع وسنن التاريخ أثبتت أن الظلم واستخدام وسائل القمع لن تدوم مهما طال الزمن".

لكنّ العبادي كذلك كلّف وزير خارجيته إبراهيم الجعفري بالذهاب إلى طهران، حيث أعلن من هناك عن استعداد العراق القيام بالوساطة بين البلدين، بعد قرار المملكة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران.

3 موقف سلطنة عُمان: أصدرت سلطنة عُمان كذلك بعد ما يقارب اليومين من الحادثة بياناً جاء فيه "تلقت سلطنة عمان بأسف بالغ نبأ ما تعرض له مقر سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة في طهران و قنصليتها العامة في مشهد من تخريب من قبل متظاهرين إيرانيين، الأمر الذي يعد مخالفة لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والمواثيق والأعراف الدولية التي تؤكد على حرمة المقار الدبلوماسية وحمايتها من قبل الدولة المضيفة".

وإذ اعتبرت السلطنة أنّ الأمر غير مقبول، فقد أكّدت على "أهمية إيجاد قواعد جديدة تحرم بأي شكل من الاشكال التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وذلك تحقيقاً للاستقرار والسلم".

ويعتبر مراقبون سلطنة عُمان دولة قادرة على لعب دور الوسيط بين دول الخليج وإيران، نظراً لعلاقاتها مع طهران.

4 موقف الأردن: استدعت وزارة الخارجية الأردنية سفير إيران في عمان وأبلغته "إدانة الأردن الشديدة ورفضه المطلق لمبدأ الاعتداء على البعثات الديبلوماسية والتعرض لها".

وأكّد الأردن "إدانة التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية، ورفض التصريحات الأخيرة الصادرة عن مسؤولين إيرانيين، والتي تعد تدخلاً في الشأن الداخلي السعودي، وضرورة احترام الأحكام الصادرة عن المؤسسات القضائية للسعودية التي تمثل شأناً داخلياً صرفاً، وعلى دعم الأردن لجهود حكومة السعودية في محاربة الإرهاب والتطرف".

وأُبلغ السفير بنقل هذا الموقف الأردني المبدئي إلى حكومته "فوراً".

5 موقف قطر: بعد ثلاثة أيام تقريباً من إعدام النمر والاعتداء على سفارة الرياض وقنصليتها في طهران، استدعت قطر سفيرها لدى إيران، احتجاجاً على الاعتداء على البعثتين الديبلوماسيتين السعوديتين.

ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن مدير الإدارة الآسيوية في وزارة الخارجية خالد بن إبراهيم الحمر، أن الوزارة استدعت صباح الأربعاء السادس من كانون الثاني/يناير سفير قطر لدى إيران "على خلفية الاعتداءات على سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة في طهران وقنصليتها العامة في مشهد".

6 موقف المغرب: اتخذ المغرب موقفاً دبلوماسياً إلى حدٍّ ما إزاء الأزمة المندلعة بين السعودية وإيران، على الرغم من كونه ضمن الحلفاء الأساسيين للرياض. ووصف مراقبون موقف المغرب بالهادئ والمعتدل كون الرباط دعت الطرفين إلى "التحلي بالحكمة".

7 موقف مصر: أدانت الخارجية المصرية الاعتداء على سفارة السعودية وقنصليتها في إيران وأكّدت عمق العلاقات مع الرياض. والجدير بالذكر أن لا تمثيل على مستوى السفارات بين طهران والقاهرة، بل على مستوى القائم بالأعمال منذ سنوات.

ردود فعل أخرى

وإذ سارع السودان إلى التضامن مع السعودية وأعلن إنهاء علاقاته الدبلوماسية مع طهران، كذلك فعلت البحرين وجيبوتي. بينما اكتفت الإمارات العربية المتحدة بتخفيض التمثيل الدبلوماسي الإيراني في البلاد. وأكّد مجلس الوزراء الكويتي دعمه كافة الاجراءات التي تتخذها السعودية "للحفاظ على استقرارها". وكان هناك موقف للرئيس الفلسطيني محمود عباس قال فيه "نقف مع السعودية في خلافها مع إيران". واعتبرت وزارة الخارجية التونسية في بيان أن الاعتداء على السفارة السعودية يمثل خرقاً فادحاً لاتفاقيات فيينا.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم علي عبد الأمير:

بدا موقف دولة الكويت حذراً من التصعيد الأخير في الصراع السعودي – الإيراني، فهناك من المتشددين والسلفيين من رآه "نكراناً لجميل المملكة التي لولاها لما كان بالإمكان استرجاع الكويت من قبضة صدام".

فيما رفض مقربون من الحكومة الكويتية هذه الاستنتاجات، مؤكدين أنّ أمير البلاد كان واضحاً في مساندة السعودية، وأن حكومته اتخذت ما يلزم في هذا الشأن، في إشارة إلى استدعاء السفير الكويتي لدى طهران "على خلفية الإعتداءات التي قامت بها جموع من المتظاهرين باقتحام سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة والاعتداء على قنصليتها العامة في مشهد وممارسة التخريب وإضرام النيران فيهما" بحسب بيان للخارجية الكويتية.

هذه السعودية وليست بوركينافاسو؟

في موقف السلفيين المؤيدين للمملكة، انتقد البرلماني الكويتي السابق وليد الطبطبائي موقف بلاده، قائلاً إنّ "السعودية لها فضل علينا وموقف الكويت منها معيب".

 كما طالب الطبطبائي في تغريدة عبر حسابه الشخصي على "تويتر" بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، موضحاً "معيب أن يكون موقف السودان أفضل من الكويت تجاه من لهم فضل كبير علينا أيام الغزو العراقي، يا جماعة هذه السعودية وليست بوركينافاسو. قاطعوا إيران".

وفي مقابل هذه الخطوة، امتدح نواب الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم لعقد جلسة خاصة تناقش التطورات الإقليمية، معتبرين أنها جاءت متسقة مع الحدث وضرورة أن يطلع النواب على الموقف الحكومي وعلى المشهد الإقليمي برمته.

ودعا نواب إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية في تناول الشأن الإقليمي والتعاطي مع الأحداث بحكمة والابتعاد عمّا يمكن أن يؤدي إلى احتقان طائفي.

ليس هناك أي تنكر

غير أنّ أستاذ العلوم السياسية والباحث الكويتي د. عايد المنّاع يرى أنّ موقف بلاده، أميراً وحكومة، كان منسجماً مع العلاقات المصيرية التي تربط الكويت والسعودية، فضلاً عن الالتزام بمبادئ مجلس التعاون الخليجي.

وقال المنّاع في مداخلة خاصّة مع موقع (إرفع صوتك) إنّه " ليس هناك أي تنكر، فللسعودية دين في أعناقنا جميعاً. فهي قدمت كل جهدها لتحرير بلادنا، وهو ما لن ننساه أبدا".

وأوضح المنّاع أنّ موقف الكويت بسحب سفيرها من طهران والتنديد بالأعمال العدوانية التي طالت سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد كان واضحاً في رسالته التضامنية مع السعودية، "والتي تُعمّق بموقفنا الداعم لقرارات قمة الرياض الخليجية ومؤتمر وزراء الخارجية العرب الطارئ وفيها تم إدانة الموقف الإيراني تضامناَ مع السعودية".

إبقاء الطريق نحو إيران مفتوحاً

وبشأن الموقف الكويتي الذي فضّل سحب السفير من طهران وعدم قطع العلاقات، أشار المنّاع إلى أنّه "من الحكمة عدم الوصول إلى القطيعة مع إيران. فإبقاء العلاقات يعني فرصة للمشاورات الدبلوماسية، بل حتى إمكانية الوساطة بين البلدين: السعودية وإيران، لا سيّما أنّ أمير الكويت مشهود له بالعمل الدبلوماسي الطويل ومشاركته بحلّ خلافات عربية وإقليمية كثيرة، ومنها خلافات في اليمن ولبنان والجزائر والمغرب والعراق وغيرها. ومن هنا فنحن ننظر إلى الوضع ضمن أفق يصل إلى إخماد الصراع الحالي، وصولاً إلى نوع من التفاهم الذي كان سائداً قبل سنوات".

وقرأ المنّاع الموقف الإيراني ضد السعودية على أنّه "يأتي متفقا مع رغبة نظام طهران بتصدير الثورة إلى دول غرب الخليج عبر استغلال التنوع الطائفي الشيعي – السني في تلك الدول. لكن فات إيران في هذا الشأن أنّ ورقتها تلك قد تنقلب عليها، فهي تتكون من هذا التنوع الطائفي، وهناك سنة قد يثيرون لها المتاعب، مثلما تريد أن تثير المتاعب في دول مجلس التعاون عبر لعب ورقة حماية الشيعة".

وبشأن الخطوات المطلوبة من إيران بحسب ما طالبت  دول مجلس التعاون الخليجي وأخرى عربية وإسلامية، ومن ضمنها خطوة رمزية تتمثل بالاعتذار إلى السعودية، قال المنّاع "لا أتوقع اعتذاراَ إيرانياً قريباً، انطلاقاً من ازدواجية القيادة هناك، فمواقف الرئيس روحاني الميالة إلى التهدئة وتنديده بالهجوم على الهيئات الدبلوماسية السعودية، هي غير مواقف المرشد الأعلى والحرس الثوري التي يبدو أنّها مؤيدة لهذا التصعيد ضد السعودية".

*الصورة: حذر كويتي من نيران الصراع السعودي الإيراني/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659