المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

أبدى المغرب موقفه من الأزمة المشتعلة بين السعودية وإيران، على أثر إعدام  المعارض السعودي ورجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، حيث عبّر عن خشيته من أن تخرج الأمور عن السيطرة بين البلدين.

وأشار بيان صدر عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية إلى أنّ المغرب "يعول على حكمة المسؤولين السعوديين والإيرانيين للعمل على تفادي أن ينتقل الوضع الحالي إلى بلدان أخرى بالمنطقة تواجه العديد من التحديات وتعيش أوضاعاً هشّة".

وكانت إيران قد حذرت مراراً من أنّ إعدام النمر سيكون له عواقب وخيمة على السعودية. ودفعت التطورات التي تلت تنفيذ الحكم في النمر، كإحراق مبنى السفارة السعودية في طهران وقطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، المجتمع الدولي إلى التدخل لمحاولة ترطيب الأجواء وتخفيف حدة التوتر بين الرياض وطهران.

موقف المغرب اعتبره محلّلون "محايداً ومعتدلاً" إذ حاول تهدئة التوتر المتزايد بين الرياض وطهران، على الرغم من اعتبار المغرب من الحلفاء الأساسيين للمملكة العربية السعودية، سواءً في المجال الاقتصادي أو السياسي أو العسكري.

المغرب حذّر من مغامرة

يقول المحلل السياسي ورئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية محمد بنحمو في حديث لموقع (إرفع صوتك) "موقف المغرب لا يسعى إلى أن تتطوّر الأمور إلى مواجهة مباشرة بين الطرفين أو إشعال فتيل الصراع في مناطق أخرى بالشرق الأوسط، خاصّة وأنّ بعض الدول العربية اصطفت إلى جانب السعودية وأخرى إلى جانب إيران".

وأوضح بنحمو أن "الدعوة إلى ترجيح الحكمة والعقل في مواجهة هذه المرحلة الدقيقة ستساعد طرفي النزاع على عدم الدخول في مغامرة غير محسوبة العواقب قد تكون مدمّرة للطرفين، وقاسية على مصالح الدول العربية ودول المنطقة في ظل الأوضاع الأمنية المنفلتة والحروب والصراعات التي تشهدها العديد من الدول".

إيران ووزن المغرب

يشرح بنحمو أن إيران تسعى منذ مدّة إلى إعادة علاقاتها مع المغرب، لأنها مقتنعة بدور المغرب في العالم العربي والإسلامي. وقد تكون لها قراءة خاصة لموقف المغرب من صراعها مع السعودية كإشارة لعدم الدفع بالأزمة في اتجاه حرب مفتوحة بين الطرفين.

ويقول "هذه المرحلة لا تحتمل الصدام بين بلدين لهما مكانة كبرى في المنطقة، لذلك على إيران أن تتصرف كدولة عادية في منطقة الخليج وليست كقوة إقليمية تفرض أجندتها على دول المنطقة (العراق وسورية والبحرين واليمن ولبنان)، وأن تكفّ عن اعتبار مواطني دول الخليج المنتسبين إلى المذهب الشيعي رعايا تحت حمايتها، وأن تعترف بأنّها ليست وصية على الشيعة في العالم".

للمغرب دورين..

من جهة أخرى، يقول الباحث المغربي وعضو مؤسسة الخط الرسالي الشيعية بالمغرب عصام الحسني إنّ الموقف المتوازن للخارجية المغربية إثر إعدام النمر وما صاحب ذلك من ردود فعل شعبية غاضبة "يخوّل المغرب أن يقوم بدورين: أحدهما سياسي لتخفيف التوتر الاقليمي والآخر مذهبي".

وعن الدور المذهبي، يشرح الحسني في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "باعتبار أنّ المغرب بعيد جغرافياً عن منطقة الشرق الأوسط المتأزمة، وأيضاً لخصوصية الموقع النسبي الشريف لملك المغرب، ولأنّ الايديولوجية المغربية الرسمية ليست طرفاً في الصراع الفكري السنّي-الشيعي، فيمكن للدبلوماسية المغربية استثمار هذه العوامل للعب دور إقليمي ايجابي لتخفيف الاحتقان المذهبي على غرار الدور الذي تقوم به سلطنة عمان".

المغرب ينتصر لدول الخليج

ويرى المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية الموساوي العجلاوي أنّ ارتباط المغرب بالخليج استراتيجياً يجعل مواقفه  تتماشى مع هذه الدول، "غير أنّ موقف المغرب تجاه أزمة الرياض وطهران كان بحسن نية، ذلك أنّ الرباط يعي بأنّ المنطقة لا تحتمل المزيد من التصعيد في الصراع السنّي-الشيعي".

ويضيف العجلاوي في تصريح لموقع (ارفع صوتك) أنّ "المغرب على مسافة جغرافية من الجميع، وعلى مقربة من السعودية، وهذا لا يعني أنّه لا يتنبه إلى المخاطر المحدقة بالمنطقة والتي يمكن أن تكون وبالاً على الدول العربية، وبالتالي فإنّ موقفه جاء في هذا الاتجاه".

*الصورة: "ارتباط المغرب بالخليج استراتيجياً يجعل مواقفه  تتماشى مع هذه الدول"/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم علي عبد الأمير:

بدا موقف دولة الكويت حذراً من التصعيد الأخير في الصراع السعودي – الإيراني، فهناك من المتشددين والسلفيين من رآه "نكراناً لجميل المملكة التي لولاها لما كان بالإمكان استرجاع الكويت من قبضة صدام".

فيما رفض مقربون من الحكومة الكويتية هذه الاستنتاجات، مؤكدين أنّ أمير البلاد كان واضحاً في مساندة السعودية، وأن حكومته اتخذت ما يلزم في هذا الشأن، في إشارة إلى استدعاء السفير الكويتي لدى طهران "على خلفية الإعتداءات التي قامت بها جموع من المتظاهرين باقتحام سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة والاعتداء على قنصليتها العامة في مشهد وممارسة التخريب وإضرام النيران فيهما" بحسب بيان للخارجية الكويتية.

هذه السعودية وليست بوركينافاسو؟

في موقف السلفيين المؤيدين للمملكة، انتقد البرلماني الكويتي السابق وليد الطبطبائي موقف بلاده، قائلاً إنّ "السعودية لها فضل علينا وموقف الكويت منها معيب".

 كما طالب الطبطبائي في تغريدة عبر حسابه الشخصي على "تويتر" بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، موضحاً "معيب أن يكون موقف السودان أفضل من الكويت تجاه من لهم فضل كبير علينا أيام الغزو العراقي، يا جماعة هذه السعودية وليست بوركينافاسو. قاطعوا إيران".

وفي مقابل هذه الخطوة، امتدح نواب الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم لعقد جلسة خاصة تناقش التطورات الإقليمية، معتبرين أنها جاءت متسقة مع الحدث وضرورة أن يطلع النواب على الموقف الحكومي وعلى المشهد الإقليمي برمته.

ودعا نواب إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية في تناول الشأن الإقليمي والتعاطي مع الأحداث بحكمة والابتعاد عمّا يمكن أن يؤدي إلى احتقان طائفي.

ليس هناك أي تنكر

غير أنّ أستاذ العلوم السياسية والباحث الكويتي د. عايد المنّاع يرى أنّ موقف بلاده، أميراً وحكومة، كان منسجماً مع العلاقات المصيرية التي تربط الكويت والسعودية، فضلاً عن الالتزام بمبادئ مجلس التعاون الخليجي.

وقال المنّاع في مداخلة خاصّة مع موقع (إرفع صوتك) إنّه " ليس هناك أي تنكر، فللسعودية دين في أعناقنا جميعاً. فهي قدمت كل جهدها لتحرير بلادنا، وهو ما لن ننساه أبدا".

وأوضح المنّاع أنّ موقف الكويت بسحب سفيرها من طهران والتنديد بالأعمال العدوانية التي طالت سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد كان واضحاً في رسالته التضامنية مع السعودية، "والتي تُعمّق بموقفنا الداعم لقرارات قمة الرياض الخليجية ومؤتمر وزراء الخارجية العرب الطارئ وفيها تم إدانة الموقف الإيراني تضامناَ مع السعودية".

إبقاء الطريق نحو إيران مفتوحاً

وبشأن الموقف الكويتي الذي فضّل سحب السفير من طهران وعدم قطع العلاقات، أشار المنّاع إلى أنّه "من الحكمة عدم الوصول إلى القطيعة مع إيران. فإبقاء العلاقات يعني فرصة للمشاورات الدبلوماسية، بل حتى إمكانية الوساطة بين البلدين: السعودية وإيران، لا سيّما أنّ أمير الكويت مشهود له بالعمل الدبلوماسي الطويل ومشاركته بحلّ خلافات عربية وإقليمية كثيرة، ومنها خلافات في اليمن ولبنان والجزائر والمغرب والعراق وغيرها. ومن هنا فنحن ننظر إلى الوضع ضمن أفق يصل إلى إخماد الصراع الحالي، وصولاً إلى نوع من التفاهم الذي كان سائداً قبل سنوات".

وقرأ المنّاع الموقف الإيراني ضد السعودية على أنّه "يأتي متفقا مع رغبة نظام طهران بتصدير الثورة إلى دول غرب الخليج عبر استغلال التنوع الطائفي الشيعي – السني في تلك الدول. لكن فات إيران في هذا الشأن أنّ ورقتها تلك قد تنقلب عليها، فهي تتكون من هذا التنوع الطائفي، وهناك سنة قد يثيرون لها المتاعب، مثلما تريد أن تثير المتاعب في دول مجلس التعاون عبر لعب ورقة حماية الشيعة".

وبشأن الخطوات المطلوبة من إيران بحسب ما طالبت  دول مجلس التعاون الخليجي وأخرى عربية وإسلامية، ومن ضمنها خطوة رمزية تتمثل بالاعتذار إلى السعودية، قال المنّاع "لا أتوقع اعتذاراَ إيرانياً قريباً، انطلاقاً من ازدواجية القيادة هناك، فمواقف الرئيس روحاني الميالة إلى التهدئة وتنديده بالهجوم على الهيئات الدبلوماسية السعودية، هي غير مواقف المرشد الأعلى والحرس الثوري التي يبدو أنّها مؤيدة لهذا التصعيد ضد السعودية".

*الصورة: حذر كويتي من نيران الصراع السعودي الإيراني/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659