بغداد – بقلم ملاك أحمد:

حفلت آراء عدد من شباب الجامعات العراقية بالمخاوف من انعكاس الأزمة الأخيرة بين الرياض وطهران على الأوضاع في العراق.

وكانت الأزمة قد نشأت بعد إعدام السعودية رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، وما تلاه من حرق لسفارة المملكة وقنصليتها في إيران ثم قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين.

هل سيكون العراق ساحة لتصفية الحسابات بين إيران والسعودية؟

[polldaddy poll=9270849]

حراسة مشدّدة على مساجد السنة

يقول الطالب في كلية القانون هيثم التميمي في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن هناك مخاوف كبيرة من أن ينزلق العراق إلى حرب طائفية "واسعة النطاق" بسبب اصطفاف عدد من العراقيين مع الجانبين المتضادين للأزمة.

ويضيف "تأزّم الأحداث بين السعودية وإيران بدأ بالفعل ينعكس بشكل مباشر على المشهد العراقي، وخاصّة بعد إغلاق القوات الأمنية الشوارع المؤدية إلى المساجد بالحواجز الخرسانية في الكثير من مناطق العاصمة بغداد ومنها - حي الأطباء – حيث أسكن. كما شدّدت السلطات الإجراءات الأمنية والحراسة عقب مهاجمة بعض مساجد السنة في العراق والتي تزامنت - كما يبدو - مع إعدام رجل الدين الشيعي السعودي".

أحزاب دينية حليفة

وتظاهر المئات من أتباع الاحزاب الدينية بوسط العاصمة بغداد والنجف وكربلاء والسماوة والبصرة وغيرها من المحافظات الجنوبية الأسبوع الماضي، احتجاجاً على إعدام النمر. وردّد المتظاهرون شعارات تطالب بمقاطعة السعودية وإغلاق سفارتها وطرد السفير السعودي من العراق.

ويقول علاء الطاهر، وهو طالب في كلية الإعلام في بغداد، "من الأسباب التي تزيد احتمال أن يتحوّل العراق إلى ساحة حرب هي أنّ الأحزاب الدينية التي تحكم البلاد موالية أما للسعودية أو إيران".

ويضيف علاء في حديث لموقع (إرفع صوتك) "تأزم العلاقات بين السعودية وإيران وتوترها في هذا الوقت يعني أن العراق سيتعرض لأكثر من مشكلة بين الأحزاب السياسية، لاسيّما أنَّ البلدين يتدخلان ويؤثران في الشؤون العراقية".

ويشير علاء إلى أنّ إيران تحاول دفع العراق ليكون طرفاً في نزاعاتها المتجذرة مع السعودية "لخلق معطيات تبرر جعل أرض العراق ساحة حرب بينهما - حرباَ طائفية بهدف تقسيم العراق".

في المقابل يتمنى مهند العلاق، وهو طالب في كلية الاعلام في بغداد، أن تكون توقعات حدوث حرب بين السعودية وإيران مبالغ بها، لكنّه يشير إلى أنّه فقد الثقة بالأحزاب الدينية التي تحكم البلاد، "وأعتقد أنّها ستستغل الأوضاع المتأزمة بين البلدين لتحقيق مصالحها في استمرارية الدعم المقدم منهما".

الحرب بالوكالة

تبدو الأحداث والنزاعات بين السعودية وإيران بنظر فاضل العطار، وهو طالب في كلية العلوم السياسية في بغداد، أنّها "اتخذت منحى طائفياً". ويقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) "من غير المرجح أن تصل الامور بين السعودية وإيران إلى حد التصادم المباشر، لكن من الممكن أن نشهد حرباً بالوكالة بينهما. عندها، لن تكون غير أرض العراق مناسبة لمثل هكذا حرب، بسبب صراعاته الداخلية الطائفية المستمرة".

العطار يرى أنّ "هيمنة السعودية وإيران وأجنداتهما التي تنفذها جهات سياسية حاكمة في البلاد لا يمكن التخلص منها إلا بانتخاب من يبدي ولاءه لمصلحة الشعب والوطن. وهذا أيضاً لن يحدث بسهولة بسبب تضخم الإمكانات المادية والسلطوية لهذه الجهات الحاكمة أو الأحزاب".

تضخيم غير مقنع

لكنّ عماد الربيعي، وهو طالب في كلية العلوم السياسية في بغداد، يرى أنّ "التوقعات أن تكون أرض العراق ساحة حرب بين السعودية وإيران ويكون وقودها الشعب العراقي ليست في مكانها".

ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) "الكل يضخم دور كل من السعودية وإيران في العراق بشكل غير مقنع، لأنّ كل ما يحدث هو بسبب صراع الأحزاب السياسية على المناصب، وخاصة الأحزاب التي تشعر بأنّها مستهدفة وضعيفة، فتعمد إلى تحريك شرائح معينة من الشعب للترويج عن هكذا شعارات مخيفة وتضخيم دور الدول التي لا تنتمي لها مذهبياً لكسب تعاطف الشارع العراقي".

ضغوط لمكاسب سياسية

ووصفت بعض كتل الأحزاب الشيعية في البرلمان، ومنها ائتلاف دولة القانون، تنفيذ حكم الإعدام برجل الدين السعودي نمر النمر بأنّه "خطوة يراد منها إثارة الفتنة الطائفية" وطالبت بطرد السفير السعودي من العراق.

وتعليقاً على هكذا آراء وتوقعات ومواقف، يقول المحلل السياسي، عبد الناصر جبار الناصري  في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنّ "التوقعات بأن تكون هناك حرباَ تلوح في الأفق بين السعودية وإيران غير مقنعة".

ويضيف "هناك قوى سياسية داخل العراق تريد من خلال هذه الشعارات وهذا التصعيد أن تحصل على مكاسب سياسية".

*الصورة: "الكل يضخم  دور كل من السعودية وإيران في العراق بشكل غير مقنع"/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم علي عبد الأمير:

بدا موقف دولة الكويت حذراً من التصعيد الأخير في الصراع السعودي – الإيراني، فهناك من المتشددين والسلفيين من رآه "نكراناً لجميل المملكة التي لولاها لما كان بالإمكان استرجاع الكويت من قبضة صدام".

فيما رفض مقربون من الحكومة الكويتية هذه الاستنتاجات، مؤكدين أنّ أمير البلاد كان واضحاً في مساندة السعودية، وأن حكومته اتخذت ما يلزم في هذا الشأن، في إشارة إلى استدعاء السفير الكويتي لدى طهران "على خلفية الإعتداءات التي قامت بها جموع من المتظاهرين باقتحام سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة والاعتداء على قنصليتها العامة في مشهد وممارسة التخريب وإضرام النيران فيهما" بحسب بيان للخارجية الكويتية.

هذه السعودية وليست بوركينافاسو؟

في موقف السلفيين المؤيدين للمملكة، انتقد البرلماني الكويتي السابق وليد الطبطبائي موقف بلاده، قائلاً إنّ "السعودية لها فضل علينا وموقف الكويت منها معيب".

 كما طالب الطبطبائي في تغريدة عبر حسابه الشخصي على "تويتر" بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، موضحاً "معيب أن يكون موقف السودان أفضل من الكويت تجاه من لهم فضل كبير علينا أيام الغزو العراقي، يا جماعة هذه السعودية وليست بوركينافاسو. قاطعوا إيران".

وفي مقابل هذه الخطوة، امتدح نواب الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم لعقد جلسة خاصة تناقش التطورات الإقليمية، معتبرين أنها جاءت متسقة مع الحدث وضرورة أن يطلع النواب على الموقف الحكومي وعلى المشهد الإقليمي برمته.

ودعا نواب إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية في تناول الشأن الإقليمي والتعاطي مع الأحداث بحكمة والابتعاد عمّا يمكن أن يؤدي إلى احتقان طائفي.

ليس هناك أي تنكر

غير أنّ أستاذ العلوم السياسية والباحث الكويتي د. عايد المنّاع يرى أنّ موقف بلاده، أميراً وحكومة، كان منسجماً مع العلاقات المصيرية التي تربط الكويت والسعودية، فضلاً عن الالتزام بمبادئ مجلس التعاون الخليجي.

وقال المنّاع في مداخلة خاصّة مع موقع (إرفع صوتك) إنّه " ليس هناك أي تنكر، فللسعودية دين في أعناقنا جميعاً. فهي قدمت كل جهدها لتحرير بلادنا، وهو ما لن ننساه أبدا".

وأوضح المنّاع أنّ موقف الكويت بسحب سفيرها من طهران والتنديد بالأعمال العدوانية التي طالت سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد كان واضحاً في رسالته التضامنية مع السعودية، "والتي تُعمّق بموقفنا الداعم لقرارات قمة الرياض الخليجية ومؤتمر وزراء الخارجية العرب الطارئ وفيها تم إدانة الموقف الإيراني تضامناَ مع السعودية".

إبقاء الطريق نحو إيران مفتوحاً

وبشأن الموقف الكويتي الذي فضّل سحب السفير من طهران وعدم قطع العلاقات، أشار المنّاع إلى أنّه "من الحكمة عدم الوصول إلى القطيعة مع إيران. فإبقاء العلاقات يعني فرصة للمشاورات الدبلوماسية، بل حتى إمكانية الوساطة بين البلدين: السعودية وإيران، لا سيّما أنّ أمير الكويت مشهود له بالعمل الدبلوماسي الطويل ومشاركته بحلّ خلافات عربية وإقليمية كثيرة، ومنها خلافات في اليمن ولبنان والجزائر والمغرب والعراق وغيرها. ومن هنا فنحن ننظر إلى الوضع ضمن أفق يصل إلى إخماد الصراع الحالي، وصولاً إلى نوع من التفاهم الذي كان سائداً قبل سنوات".

وقرأ المنّاع الموقف الإيراني ضد السعودية على أنّه "يأتي متفقا مع رغبة نظام طهران بتصدير الثورة إلى دول غرب الخليج عبر استغلال التنوع الطائفي الشيعي – السني في تلك الدول. لكن فات إيران في هذا الشأن أنّ ورقتها تلك قد تنقلب عليها، فهي تتكون من هذا التنوع الطائفي، وهناك سنة قد يثيرون لها المتاعب، مثلما تريد أن تثير المتاعب في دول مجلس التعاون عبر لعب ورقة حماية الشيعة".

وبشأن الخطوات المطلوبة من إيران بحسب ما طالبت  دول مجلس التعاون الخليجي وأخرى عربية وإسلامية، ومن ضمنها خطوة رمزية تتمثل بالاعتذار إلى السعودية، قال المنّاع "لا أتوقع اعتذاراَ إيرانياً قريباً، انطلاقاً من ازدواجية القيادة هناك، فمواقف الرئيس روحاني الميالة إلى التهدئة وتنديده بالهجوم على الهيئات الدبلوماسية السعودية، هي غير مواقف المرشد الأعلى والحرس الثوري التي يبدو أنّها مؤيدة لهذا التصعيد ضد السعودية".

*الصورة: حذر كويتي من نيران الصراع السعودي الإيراني/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659