بقلم خالد الغالي:

يناهز عدد المسلمين 1.6 مليار نسمة، وهو ما يعادل 23 في المئة من سكان العالم. ينتمي أغلبهم إلى الطائفة السنية (ما بين 87 إلى 90 في المئة)، فيما يمثل الشيعة ما بين 10 إلى 13 في المئة.

يعيش معظم السنة في دول يشكل فيها السنة الأغلبية. ويعيش أكثر من نصف الشيعة في أربعة دول يشكلون فيها بدورهم الأغلبية، هي إيران والعراق وأذربيجان والبحرين. ويحظى الشيعة والسنة في معاقلهما بأفضلية واضحة، لكن أوضاعهم، على حد سواء، تتعقّد عندما يعيش أحدهما أقلية في حضن الآخر.

إيران والسعودية.. "مصدر قلق خاص"

تحتل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادة العالم الإسلامي، مذهبياً على الأقل. وتحتضنان على التوالي أقليتين، شيعية وسنية، تعيشان وضعاً صعباً جداً.

وتصنّف الدولتان معاً في لائحة "دول تثير قلقاً خاصاً" في مجال الحريات الدينية في تقرير اللجنة الأميركية للحرية الدينية .

وتعيش في السعودية أقلية شيعية، تمثل من 10 إلى 15 في المئة من سكان البلاد، وتتركز أساساً في مدينتي الأحساء والقطيف بالمنطقة الشرقية.

في المقابل، تعيش في إيران أقلية سنية تقارب الـ 9 في المائة. ولم تتردد السعودية، بداية العام الحالي، في إعدام رجل الدين الشيعي البارز نمر باقر النمر بتهمة "إثارة الفتنة".

من جهتها، صادقت المحكمة العليا في إيران، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، على أحكام الإعدام بحق 27 من النشطاء السنة. وكانت التهمة هي "الدعاية ضد النظام".

ويعدّد تقرير اللجنة الأميركية للحرية الدينية والتقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية حول الحرية الدينية المضايقات التي تتعرض لها الأقليتان في البلدين معاً. ففي السعودية، يعاني شيعة المنطقة الشرقية استمرار الاعتقالات والاحتجازات، خاصة منذ عام 2011، نتيجة خروجهم في تظاهرات تطالب بالإصلاح.

أما سنّة إيران، فيشتكون من الاعتقالات ومضايقات السلطات، ومن التمييز في التعليم والوظائف الحكومية والمناصب العليا وضعف البنى التحتية في المناطق التي يشكلون فيها الأغلبية.

وتصنّف أيضاً في خانة الدول التي "تثير قلقاً خاصاً" كل من مصر والعراق، لكن لأسباب خاصة. ففي مصر، يرتبط الأمر بالوضع العام الذي تعيشه البلاد منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة بعد أحداث 30 حزيران/يونيو 2013.

وفي العراق، ترتكب أسوأ الجرائم ضد الشيعة من طرف تنظيمات لا تنتمي إلى السلطات الحكومية، على رأسها تنظيم داعش.

حريّة في حدود

تعيش أقليات شيعية وسنية في بلدان أخرى من العالم الإسلامي، بما فيها دول عربية. ويعتبر وضعها أحسن مما هو عليه الأمر في السعودية وإيران. وتوجد في شمال أفريقيا أقلية شيعية ضعيفة جداً (تونس والمغرب والجزائر). وتتشابه أوضاعها في الدول الثلاث.

في المغرب مثلاً، يشير التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية إلى وجود ما بين 3000 إلى 8000 شيعي، أغلبهم أجانب. لا يتعرضون لتضييق منهجي، لكنهم يتفادون الإعلان عن انتمائهم المذهبي.

أما في دول الخليج، فيشكل الشيعة نسبة مهمة، تتراوح بين 5 في المئة في قطر و15 في الإمارات و30 في الكويت. وبإمكان الشيعة في هذه البلدان التعبير عن انتمائهم وممارسة شعائرهم الدينية، لكن الأمر لا يخلو من مضايقات.

أمّا في اليمن، فأصبح البلد ساحة مباشرة للصراع السعودي الإيراني، عبر الأقلية الزيدية (الحوثيون) المدعومة من إيران والسلطة السنّية، ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعومة من قبل السعودية.

سطوة الأقلية

استطاعت الأقلية أن تصل إلى مركز القرار في دولتين عربيتين على الأقل وتمارس تضييقاً على الأغلبية.

ففي البحرين، يمثل الشيعية من 60 إلى 65 في المئة من السكان، إلّا أنّ الأسرة الحاكمة، آل خليفة، تنتمي إلى الطائفة السنية. وتتهم الغالبية الشيعية السلطات بممارسة التضييق ضدها.

وتشير التقارير الحقوقية إلى وجود اعتقالات تعسفية وإساءة معاملة في حق مواطنين شيعة، سواء الذين تظاهروا سلمياً أو المتورطين في أعمال عنف. وفي كانون الأول/ديسمبر 2014، ألقت السلطات القبض على زعيم المعارضة الشيعية علي سلمان.

أمّا سورية، فتحكمها أسرة الأسد المنتمية إلى الطائفة العلوية (ذات الأصول الشيعية قديماً) التي تمثل أقلية صغيرة في بلاد يشكل السنّة ثلاث أرباعها. و"تستهدف قوات النظام، والميلشيات الشيعية المتحالفة معها السنّة والأقليات الدينية الأخرى بالقتل والتعذيب والاعتقالات"، حسب تقرير وزارة الخارجية الأميركية.

وفي المقابل، لا تتردد التنظيمات السنية المقاتلة ضد النظام والمصنفة دولياً في خانة الإرهاب، وعلى رأسها تنظيم داعش وجبهة النصرة، في ممارسات اعتداءات شنيعة في حق باقي الأقليات، ومن بينها الأقلية الشيعية، في المناطق التي تسيطر عليها.

* الصورة: احتجاجات ومواجهة مع الشرطة في البحرين/وكالة الصحافة الفرنسية

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم علي عبد الأمير:

بدا موقف دولة الكويت حذراً من التصعيد الأخير في الصراع السعودي – الإيراني، فهناك من المتشددين والسلفيين من رآه "نكراناً لجميل المملكة التي لولاها لما كان بالإمكان استرجاع الكويت من قبضة صدام".

فيما رفض مقربون من الحكومة الكويتية هذه الاستنتاجات، مؤكدين أنّ أمير البلاد كان واضحاً في مساندة السعودية، وأن حكومته اتخذت ما يلزم في هذا الشأن، في إشارة إلى استدعاء السفير الكويتي لدى طهران "على خلفية الإعتداءات التي قامت بها جموع من المتظاهرين باقتحام سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة والاعتداء على قنصليتها العامة في مشهد وممارسة التخريب وإضرام النيران فيهما" بحسب بيان للخارجية الكويتية.

هذه السعودية وليست بوركينافاسو؟

في موقف السلفيين المؤيدين للمملكة، انتقد البرلماني الكويتي السابق وليد الطبطبائي موقف بلاده، قائلاً إنّ "السعودية لها فضل علينا وموقف الكويت منها معيب".

 كما طالب الطبطبائي في تغريدة عبر حسابه الشخصي على "تويتر" بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، موضحاً "معيب أن يكون موقف السودان أفضل من الكويت تجاه من لهم فضل كبير علينا أيام الغزو العراقي، يا جماعة هذه السعودية وليست بوركينافاسو. قاطعوا إيران".

وفي مقابل هذه الخطوة، امتدح نواب الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم لعقد جلسة خاصة تناقش التطورات الإقليمية، معتبرين أنها جاءت متسقة مع الحدث وضرورة أن يطلع النواب على الموقف الحكومي وعلى المشهد الإقليمي برمته.

ودعا نواب إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية في تناول الشأن الإقليمي والتعاطي مع الأحداث بحكمة والابتعاد عمّا يمكن أن يؤدي إلى احتقان طائفي.

ليس هناك أي تنكر

غير أنّ أستاذ العلوم السياسية والباحث الكويتي د. عايد المنّاع يرى أنّ موقف بلاده، أميراً وحكومة، كان منسجماً مع العلاقات المصيرية التي تربط الكويت والسعودية، فضلاً عن الالتزام بمبادئ مجلس التعاون الخليجي.

وقال المنّاع في مداخلة خاصّة مع موقع (إرفع صوتك) إنّه " ليس هناك أي تنكر، فللسعودية دين في أعناقنا جميعاً. فهي قدمت كل جهدها لتحرير بلادنا، وهو ما لن ننساه أبدا".

وأوضح المنّاع أنّ موقف الكويت بسحب سفيرها من طهران والتنديد بالأعمال العدوانية التي طالت سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد كان واضحاً في رسالته التضامنية مع السعودية، "والتي تُعمّق بموقفنا الداعم لقرارات قمة الرياض الخليجية ومؤتمر وزراء الخارجية العرب الطارئ وفيها تم إدانة الموقف الإيراني تضامناَ مع السعودية".

إبقاء الطريق نحو إيران مفتوحاً

وبشأن الموقف الكويتي الذي فضّل سحب السفير من طهران وعدم قطع العلاقات، أشار المنّاع إلى أنّه "من الحكمة عدم الوصول إلى القطيعة مع إيران. فإبقاء العلاقات يعني فرصة للمشاورات الدبلوماسية، بل حتى إمكانية الوساطة بين البلدين: السعودية وإيران، لا سيّما أنّ أمير الكويت مشهود له بالعمل الدبلوماسي الطويل ومشاركته بحلّ خلافات عربية وإقليمية كثيرة، ومنها خلافات في اليمن ولبنان والجزائر والمغرب والعراق وغيرها. ومن هنا فنحن ننظر إلى الوضع ضمن أفق يصل إلى إخماد الصراع الحالي، وصولاً إلى نوع من التفاهم الذي كان سائداً قبل سنوات".

وقرأ المنّاع الموقف الإيراني ضد السعودية على أنّه "يأتي متفقا مع رغبة نظام طهران بتصدير الثورة إلى دول غرب الخليج عبر استغلال التنوع الطائفي الشيعي – السني في تلك الدول. لكن فات إيران في هذا الشأن أنّ ورقتها تلك قد تنقلب عليها، فهي تتكون من هذا التنوع الطائفي، وهناك سنة قد يثيرون لها المتاعب، مثلما تريد أن تثير المتاعب في دول مجلس التعاون عبر لعب ورقة حماية الشيعة".

وبشأن الخطوات المطلوبة من إيران بحسب ما طالبت  دول مجلس التعاون الخليجي وأخرى عربية وإسلامية، ومن ضمنها خطوة رمزية تتمثل بالاعتذار إلى السعودية، قال المنّاع "لا أتوقع اعتذاراَ إيرانياً قريباً، انطلاقاً من ازدواجية القيادة هناك، فمواقف الرئيس روحاني الميالة إلى التهدئة وتنديده بالهجوم على الهيئات الدبلوماسية السعودية، هي غير مواقف المرشد الأعلى والحرس الثوري التي يبدو أنّها مؤيدة لهذا التصعيد ضد السعودية".

*الصورة: حذر كويتي من نيران الصراع السعودي الإيراني/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659