مصر – بقلم الجندي دع الإنصاف:

بالتزامن مع تصاعد وتيرة الأزمة الناشبة بين الجمهورية الإسلامية إيران والمملكة العربية السعودية على خلفية إعدام الرياض الشيخ نمر النمر (المواطن السعودي المنتمي للمذهب الشيعي) وإحراق مواطنين إيرانيين للسفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد، ثم قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، كثر الحديث عن مصر وموقفها من الأزمة السعودية-الإيرانية خاصّة مع استمرار حالة التوتر بين البلدين.

أبعاد الموقف المصري من الأزمة بين طهران والرياض

 ويبدو جليّاً أنّ الموقف المصري حيال الأزمة السعودية الإيرانية ينطلق من نقطتين أساسيتين: الأولى تتمثل بعلاقة القاهرة بكل من الرياض وطهران، وهي علاقة تحمل تبايناً كبيراً. فهناك ما يشبه القطيعة بين مصر وإيران منذ نحو 40 عاماً، في حين تبدو العلاقات المصرية السعودية في أحسن حالاتها خاصة في الآونة الأخيرة. وقد ازدادت العلاقات متانة وقوة بعد مساندة الرياض للقاهرة إبان أحداث 30 حزيران/يونيو 2013. ولعلّ أبرز الدلائل على ذلك انعقاد ثلاثة اجتماعات تنسيقية بين البلدين في غضون شهرين.

أما النقطة الثانية التي ينطلق منها موقف القاهرة بشأن الأزمة الإيرانية-السعودية، فتتعلق بالرؤية شبه المتوافقة المصرية السعودية ممّا يجري من أحداث في المنطقة، تحديداً ما يتّصل برؤيتهما للمخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي ومحاولة إيجاد آليات لتعزيز التضامن العربي العسكري. وقد اقترحت مصر، رئيسة القمة العربية الحالية، إنشاء قوة عربية مشتركة، فيما أعلنت السعودية إنشاء التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب.

بيان الخارجية المصرية

وإثر التطورات الأخيرة، جاء بيان الخارجية المصرية وتصريحات المتحدث باسمها المستشار أحمد أبو زيد، الذي أدان اقتحام وحرق السفارة السعودية بطهران مؤكداً عمق العلاقات مع الرياض، ومشيراً في الوقت نفسه إلى انخفاض التمثيل الدبلوماسي بين مصر وإيران.

مصر واضحة في دعم الرياض

في حديث لموقع (إرفع صوتك)، يقول السفير نبيل بدر، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية ومساعد وزير الخارجية الأسبق، لموقع (إرفع صوتك) "الموقف المصري واضح في تضامن القاهرة مع الرياض وإدانتها للتصرف الإيراني المخالف للقانون الدولي".

من ناحية أخرى، فإنّ الاعتداء على السفارة والقنصلية السعودية في إيران "يرسل رسائل غير مطمئنة بالنسبة للخليج وأمنه. كما يشير إلى أن التدخلات الإيرانية في المنطقة زادت المشاكل تعقيداَ".

ومن هذه الزاوية، يمضي السفير نبيل بدر بالقول إنّ "التصرف الإيراني في حقيقته كشف نفسه بصورة فاضحة إلى حد بعيد". ويضيف "التمدد الإيراني في المنطقة والتدخل في شؤونها غير مقبول".

دور مصر

ويتابع السفير نبيل بدر ليؤكّد قدرة مصر على لعب دور في الأزمة السعودية الإيرانية. "فالقضية هنا ليست قضية منافسة على الوساطة بين البلدين.. لكنّ الدور سيكون انطلاقاً من أنّ مصر ليست من أنصار التصعيد الذي يؤدي إلى تعريض المنطقة لمزيد من المشاكل".

لكنّه يضيف أنّ "لمرحلة المقبلة تحتاج إلى "إشارات مطمئنة من إيران تؤكد من خلالها أنّها لن تتدخل في الشأن الداخلي العربي على النحو الذي تقوم به الآن".

وحسب بدر فعلى الرغم من أنّ الأزمة ما زالت مستمرة ولم تتخذ بعد شكل المواجهة المباشرة، إلّا أنّ ذلك ربما يفسّر من وجهة نظر الكثيرين اقتصار تعامل مصر ودول أخرى مع الأزمة بالطرق الدبلوماسية والسياسية ودعوتهم إلى أن تستخدم مصر ثقلها السياسي في المنطقة وعلاقاتها الدولية خاصّةً بعد استلامها مقعداً غير دائم في مجلس الأمن الدولي، وهو ما يؤهلها للعب هذا الدور بشكل واسع بعيداً عن التعقيدات التي تثقل دول المنطقة والتي تلقى بظلالها على مجمل العلاقات العربية في أكثر الأوقات ارتباكاً في التاريخ العربي.

*الصورة: وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره السعودي عادل الجبير في القاهرة/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم علي عبد الأمير:

بدا موقف دولة الكويت حذراً من التصعيد الأخير في الصراع السعودي – الإيراني، فهناك من المتشددين والسلفيين من رآه "نكراناً لجميل المملكة التي لولاها لما كان بالإمكان استرجاع الكويت من قبضة صدام".

فيما رفض مقربون من الحكومة الكويتية هذه الاستنتاجات، مؤكدين أنّ أمير البلاد كان واضحاً في مساندة السعودية، وأن حكومته اتخذت ما يلزم في هذا الشأن، في إشارة إلى استدعاء السفير الكويتي لدى طهران "على خلفية الإعتداءات التي قامت بها جموع من المتظاهرين باقتحام سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة والاعتداء على قنصليتها العامة في مشهد وممارسة التخريب وإضرام النيران فيهما" بحسب بيان للخارجية الكويتية.

هذه السعودية وليست بوركينافاسو؟

في موقف السلفيين المؤيدين للمملكة، انتقد البرلماني الكويتي السابق وليد الطبطبائي موقف بلاده، قائلاً إنّ "السعودية لها فضل علينا وموقف الكويت منها معيب".

 كما طالب الطبطبائي في تغريدة عبر حسابه الشخصي على "تويتر" بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، موضحاً "معيب أن يكون موقف السودان أفضل من الكويت تجاه من لهم فضل كبير علينا أيام الغزو العراقي، يا جماعة هذه السعودية وليست بوركينافاسو. قاطعوا إيران".

وفي مقابل هذه الخطوة، امتدح نواب الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم لعقد جلسة خاصة تناقش التطورات الإقليمية، معتبرين أنها جاءت متسقة مع الحدث وضرورة أن يطلع النواب على الموقف الحكومي وعلى المشهد الإقليمي برمته.

ودعا نواب إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية في تناول الشأن الإقليمي والتعاطي مع الأحداث بحكمة والابتعاد عمّا يمكن أن يؤدي إلى احتقان طائفي.

ليس هناك أي تنكر

غير أنّ أستاذ العلوم السياسية والباحث الكويتي د. عايد المنّاع يرى أنّ موقف بلاده، أميراً وحكومة، كان منسجماً مع العلاقات المصيرية التي تربط الكويت والسعودية، فضلاً عن الالتزام بمبادئ مجلس التعاون الخليجي.

وقال المنّاع في مداخلة خاصّة مع موقع (إرفع صوتك) إنّه " ليس هناك أي تنكر، فللسعودية دين في أعناقنا جميعاً. فهي قدمت كل جهدها لتحرير بلادنا، وهو ما لن ننساه أبدا".

وأوضح المنّاع أنّ موقف الكويت بسحب سفيرها من طهران والتنديد بالأعمال العدوانية التي طالت سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد كان واضحاً في رسالته التضامنية مع السعودية، "والتي تُعمّق بموقفنا الداعم لقرارات قمة الرياض الخليجية ومؤتمر وزراء الخارجية العرب الطارئ وفيها تم إدانة الموقف الإيراني تضامناَ مع السعودية".

إبقاء الطريق نحو إيران مفتوحاً

وبشأن الموقف الكويتي الذي فضّل سحب السفير من طهران وعدم قطع العلاقات، أشار المنّاع إلى أنّه "من الحكمة عدم الوصول إلى القطيعة مع إيران. فإبقاء العلاقات يعني فرصة للمشاورات الدبلوماسية، بل حتى إمكانية الوساطة بين البلدين: السعودية وإيران، لا سيّما أنّ أمير الكويت مشهود له بالعمل الدبلوماسي الطويل ومشاركته بحلّ خلافات عربية وإقليمية كثيرة، ومنها خلافات في اليمن ولبنان والجزائر والمغرب والعراق وغيرها. ومن هنا فنحن ننظر إلى الوضع ضمن أفق يصل إلى إخماد الصراع الحالي، وصولاً إلى نوع من التفاهم الذي كان سائداً قبل سنوات".

وقرأ المنّاع الموقف الإيراني ضد السعودية على أنّه "يأتي متفقا مع رغبة نظام طهران بتصدير الثورة إلى دول غرب الخليج عبر استغلال التنوع الطائفي الشيعي – السني في تلك الدول. لكن فات إيران في هذا الشأن أنّ ورقتها تلك قد تنقلب عليها، فهي تتكون من هذا التنوع الطائفي، وهناك سنة قد يثيرون لها المتاعب، مثلما تريد أن تثير المتاعب في دول مجلس التعاون عبر لعب ورقة حماية الشيعة".

وبشأن الخطوات المطلوبة من إيران بحسب ما طالبت  دول مجلس التعاون الخليجي وأخرى عربية وإسلامية، ومن ضمنها خطوة رمزية تتمثل بالاعتذار إلى السعودية، قال المنّاع "لا أتوقع اعتذاراَ إيرانياً قريباً، انطلاقاً من ازدواجية القيادة هناك، فمواقف الرئيس روحاني الميالة إلى التهدئة وتنديده بالهجوم على الهيئات الدبلوماسية السعودية، هي غير مواقف المرشد الأعلى والحرس الثوري التي يبدو أنّها مؤيدة لهذا التصعيد ضد السعودية".

*الصورة: حذر كويتي من نيران الصراع السعودي الإيراني/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659