أربيل - بقلم متين أمين:

على الرغم من أنّ إقليم كُردستان يمتلك علاقات وطيدة مع كل من المملكة العربية السعودية وإيران، إلّا أن السياسيين الكُرد يشدّدون على ضرورة بقاء الإقليم في موقعه الحالي محايداً عن الصراعات الإقليمية، مع الحفاظ على العلاقات المتوازنة مع طرفي الصراع. ويعتبرون أنّ في ذلك حفاظ على المصلحة الكُردية وسط التغيّرات التي تشهدها المنطقة.

ويقول عدد من السياسيين الكرد أنّ هذه الصراعات ترمي بظلالها على الأحداث في الإقليم وعلى المنطقة بشكل عام سواء الآن أم في المستقبل. فهل يعمّق الصراع السعودي الإيراني الخلافات السياسية في كُردستان؟

علاقات متوازنة مع الجميع

ويقول بيار طاهر، النائب عن الحزب الديموقراطي الكُردستاني في برلمان إقليم كُردستان، لموقع (إرفع صوتك) إنه ينبغي على إقليم كُردستان أن تكون له علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، "بالأخصّ أنّنا نشهد اليوم صراعاً جديداً في المنطقة بين قطبي دولتين ذات وزن كبير هما السعودية وإيران".

ويعتقد طاهر أنّ المنطقة ستشهد تغيرات جديدة وظهور خارطة جديدة. "وبالتالي نعتقد بأن حكومة إقليم كُردستان تسعى إلى علاقات متوازنة بين هذه الأطراف مما يحفظ حقوق الإقليم وحقوق الكُرد".

الانقسام في الإقليم

الوضع على الساحة السياسية في الإقليم منقسم إلى حد ما  بين محورين رئيسيين: محور يحظى بالدعم من قبل الولايات المتحدة الأميركية وتركيا والعالم العربي. ويتمثّل هذا المحور بالحزب الديموقراطي الكُردستاني ويضم أيضاً أحزابا كُردية أخرى ذات وزن في الإقليم إلى جانب جناح من الاتحاد الوطني الكردستاني.

أمّا المحور الثاني فهو المؤيد لإيران، ويتمثل بقسم من الأحزاب الإسلامية وجناح آخر في الاتحاد الوطني الكردستاني، بالإضافة إلى حركة التغيير وحزب العمال الكُردستاني التركي المعارض، الذي يتخذ من سلسلة جبال قنديل في إقليم كُردستان قاعدة رئيسية له.

تحدّيات الإقليم

ويواجه الإقليم في ظل الصراع المتفاقم مشكلتين: الأولى حدوده الطويلة مع إيران وكذلك حدوده مع تركيا حليفة السعودية التي يرتبط الإقليم بعلاقات وطيدة معها. أمّا التحدي الآخر، فيتمثّل في الموالين لإيران داخل عدد من الأطراف السياسية الكُردية، والذين قد يُستخدمون كورقة ضغط من قبل إيران ضد الإقليم فيما إذا انحاز الإقليم إلى الطرف السعودي.

ويرى خلف أحمد، النائب عن الإتحاد الوطني الكُردستاني في برلمان إقليم كُردستان، أنّ الصراع بين السعودية وإيران يؤثر بشكل مباشر على الإقليم. ويوضح لموقع (إرفع صوتك) "هذا الصراع يؤثر على الإقليم كونه لديه علاقات مع الطرفين. وينبغي على حكومة الإقليم والقيادة السياسة الكُردية الحفاظ على سياسة الحياد من هذا الصراع".

بينما يُشدد ريبوار حمد، الناطق الرسمي للجماعة الإسلامية في إقليم كُردستان، على ضرورة تنظيم "البيت الكُردي" والحفاظ على وحدة الموقف من كافة الصراعات الإقليمية والدولية.

ويشدّد حمد في حديث لموقع (إرفع صوتك) على أنّه "يجب ألّا يكون الكُرد والقضية الكُردية مرة أخرى ضحية للخلافات والصراعات الإقليمية والدولية، فالشعب الكردي يُعتبر أكبر شعب في العالم لا يمتلك دولة حتى الآن مع العلم أنّه يعيش على وطن كبير مقسّم".

الاصطفاف مع السعودية؟

من جهته يؤكد الدكتور عبد الحكيم خسرو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين في أربيل، أنّ إقليم  كُردستان نأى بنفسه عن كافة التناقضات والتجاذبات الطائفية الموجودة في الشرق الأوسط بصورة عامة، "كون الهدف الأساسي لإقليم كُردستان هو الحفاظ على استقراره من التهديدات الخارجية".

ويشير في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أنّ "التوتر بين إيران والسعودية سوف يؤثر على الشرق الأوسط بصورة عامة، وليس على إقليم كُردستان لوحده.

وإن كان خسرو يرى الحياد الحل المثل للإقليم، فيعتبر المحلل السياسي عبد الغني علي يحيى أنّ الإقليم استعجل في إعلان حياده من الصراع بين السعودية وإيران. ويقول لموقع (إرفع صوتك) "ليس هناك حياد في المسائل المصيرية للشعوب. فالعلاقات التي تربطُ كردستان بالسعودية هي أقوى من العلاقات التي تربط العراق بإيران، لذا كان من الواجب ألا يُظهر الإقليم موقفا محايداً من هذا الصراع".

ويُحذر يحيى من مغبة شق الصف الكُردي مع احتدام الصراع بين طهران والرياض، قائلاً "هناك أطراف كردية داخل الإقليم وخارجه موالية لطهران، وهي أطراف معروفة. واحتدام الصراع بين السعودية و إيران من شأنه أن يشق الصف الكُردي أكثر. فكردستان تعاني ومنذ فترة فضلاً عن أزماتها المالية، من أزمة إدارية وسياسية، وبرلمان الإقليم أصبح شبه مشلول اليوم لأسباب كثيرة. لذا فإن إيران ستلجأ في النهاية إلى تحريك القوى التي تؤيدها وتسير في ركابها".

*الصورة: "ينبغي على حكومة الإقليم والقيادة السياسة الكُردية الحفاظ على سياسة الحياد من هذا الصراع"/وكالة الصحافة الفرنسية

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم علي عبد الأمير:

بدا موقف دولة الكويت حذراً من التصعيد الأخير في الصراع السعودي – الإيراني، فهناك من المتشددين والسلفيين من رآه "نكراناً لجميل المملكة التي لولاها لما كان بالإمكان استرجاع الكويت من قبضة صدام".

فيما رفض مقربون من الحكومة الكويتية هذه الاستنتاجات، مؤكدين أنّ أمير البلاد كان واضحاً في مساندة السعودية، وأن حكومته اتخذت ما يلزم في هذا الشأن، في إشارة إلى استدعاء السفير الكويتي لدى طهران "على خلفية الإعتداءات التي قامت بها جموع من المتظاهرين باقتحام سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة والاعتداء على قنصليتها العامة في مشهد وممارسة التخريب وإضرام النيران فيهما" بحسب بيان للخارجية الكويتية.

هذه السعودية وليست بوركينافاسو؟

في موقف السلفيين المؤيدين للمملكة، انتقد البرلماني الكويتي السابق وليد الطبطبائي موقف بلاده، قائلاً إنّ "السعودية لها فضل علينا وموقف الكويت منها معيب".

 كما طالب الطبطبائي في تغريدة عبر حسابه الشخصي على "تويتر" بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، موضحاً "معيب أن يكون موقف السودان أفضل من الكويت تجاه من لهم فضل كبير علينا أيام الغزو العراقي، يا جماعة هذه السعودية وليست بوركينافاسو. قاطعوا إيران".

وفي مقابل هذه الخطوة، امتدح نواب الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم لعقد جلسة خاصة تناقش التطورات الإقليمية، معتبرين أنها جاءت متسقة مع الحدث وضرورة أن يطلع النواب على الموقف الحكومي وعلى المشهد الإقليمي برمته.

ودعا نواب إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية في تناول الشأن الإقليمي والتعاطي مع الأحداث بحكمة والابتعاد عمّا يمكن أن يؤدي إلى احتقان طائفي.

ليس هناك أي تنكر

غير أنّ أستاذ العلوم السياسية والباحث الكويتي د. عايد المنّاع يرى أنّ موقف بلاده، أميراً وحكومة، كان منسجماً مع العلاقات المصيرية التي تربط الكويت والسعودية، فضلاً عن الالتزام بمبادئ مجلس التعاون الخليجي.

وقال المنّاع في مداخلة خاصّة مع موقع (إرفع صوتك) إنّه " ليس هناك أي تنكر، فللسعودية دين في أعناقنا جميعاً. فهي قدمت كل جهدها لتحرير بلادنا، وهو ما لن ننساه أبدا".

وأوضح المنّاع أنّ موقف الكويت بسحب سفيرها من طهران والتنديد بالأعمال العدوانية التي طالت سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد كان واضحاً في رسالته التضامنية مع السعودية، "والتي تُعمّق بموقفنا الداعم لقرارات قمة الرياض الخليجية ومؤتمر وزراء الخارجية العرب الطارئ وفيها تم إدانة الموقف الإيراني تضامناَ مع السعودية".

إبقاء الطريق نحو إيران مفتوحاً

وبشأن الموقف الكويتي الذي فضّل سحب السفير من طهران وعدم قطع العلاقات، أشار المنّاع إلى أنّه "من الحكمة عدم الوصول إلى القطيعة مع إيران. فإبقاء العلاقات يعني فرصة للمشاورات الدبلوماسية، بل حتى إمكانية الوساطة بين البلدين: السعودية وإيران، لا سيّما أنّ أمير الكويت مشهود له بالعمل الدبلوماسي الطويل ومشاركته بحلّ خلافات عربية وإقليمية كثيرة، ومنها خلافات في اليمن ولبنان والجزائر والمغرب والعراق وغيرها. ومن هنا فنحن ننظر إلى الوضع ضمن أفق يصل إلى إخماد الصراع الحالي، وصولاً إلى نوع من التفاهم الذي كان سائداً قبل سنوات".

وقرأ المنّاع الموقف الإيراني ضد السعودية على أنّه "يأتي متفقا مع رغبة نظام طهران بتصدير الثورة إلى دول غرب الخليج عبر استغلال التنوع الطائفي الشيعي – السني في تلك الدول. لكن فات إيران في هذا الشأن أنّ ورقتها تلك قد تنقلب عليها، فهي تتكون من هذا التنوع الطائفي، وهناك سنة قد يثيرون لها المتاعب، مثلما تريد أن تثير المتاعب في دول مجلس التعاون عبر لعب ورقة حماية الشيعة".

وبشأن الخطوات المطلوبة من إيران بحسب ما طالبت  دول مجلس التعاون الخليجي وأخرى عربية وإسلامية، ومن ضمنها خطوة رمزية تتمثل بالاعتذار إلى السعودية، قال المنّاع "لا أتوقع اعتذاراَ إيرانياً قريباً، انطلاقاً من ازدواجية القيادة هناك، فمواقف الرئيس روحاني الميالة إلى التهدئة وتنديده بالهجوم على الهيئات الدبلوماسية السعودية، هي غير مواقف المرشد الأعلى والحرس الثوري التي يبدو أنّها مؤيدة لهذا التصعيد ضد السعودية".

*الصورة: حذر كويتي من نيران الصراع السعودي الإيراني/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659