بقلم حسن عبّاس:

إذا كانت العلاقات بين السعودية وإيران متوترة فإن ذلك سينعكس على كل الأزمات التي يشكل الصراع السعودي الإيراني على النفوذ أحد عواملها. لذلك يتوقع البعض تصعيداً في أكثر من بلد.

بعد إعدام الشيخ نمر النمر، سارع المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا إلى زيارة الرياض وطهران، في محاولة منه لمنع امتداد التوتر إلى الملف الذي يُشرف عليه. ومن العاصمة السعودية أكّد أن "الأزمة في العلاقات بين السعودية وإيران مقلقة جداً. وقد تتسبب بسلسلة عواقب مشؤومة في المنطقة".

سياسة عضّ أصابع؟

يشبّه البعض المرحلة الجديدة من توتر العلاقات بين السعودية وإيران بلعبة "عضّ الأصابع". كل من الدولتين تنتظر أن تصرخ الأولى أولاً لتتوقّف اللعبة.

لا يظنّ الكاتب والمحلل السياسي السعودي عبد الله الشمّري أنّ هذا التوتر سينعكس على أزمات الشرق الأوسط. ويقول لموقع (إرفع صوتك) إن "إيران لا ترغب في المواجهة المباشرة، وهي دائماً تتراجع حين تشعر بالضغط عليها. والتاريخ يؤكد أنّها لا تستمر في التصعيد إذا شعرت بجدية مواجهتها".

ويعتبر الشمّري أنّ المسؤولين الإيرانيين "تفاجأوا بالسلوك السعودي الجديد وأنّهم يعملون على إعادة قراءة سياستهم أمام سعودية جديدة"، مضيفاً أن "إيران تحتاج إلى بعض الوقت لمعرفة كيفية التعامل مجدداً مع المملكة".

وبرأيه، "تأخذ السعودية الإيرانيين إلى حافة الهاوية لكنّها لن ترميهم فيها. فهي تريد التأكيد لهم أنها تستطيع مضايقتهم دبلوماسياً واقتصادياً، لكنّها ستهدئ الأمور بعدها".

في المقابل، يعتبر الكاتب ورئيس تحرير صحيفة الوفاق الإيرانية مصيّب النعيمي أنّ "السعودية لا تمتلك رؤية استراتيجية بعيدة المدى".

ويقول النعيمي لموقع (إرفع صوتك) "أسلوب المواجهة الإيرانية يختلف عن الأسلوب السعودي فإيران لا تنخرط مباشرة في الحروب"، شارحاً أنها "تستنزف السعودية عبر حلفائها كما استنزفت إسرائيل عبر حزب الله وهي لا تخسر شيئاً".

ويشير إلى أنّ كثيرين من حلفاء السعودية لا يرغبون في التصعيد "لأنّهم يعرفون أنها سوف تغيّر مواقفها بعد فترة".

سورية: علاقات ستزداد سوءاً

يقدّر النعيمي أنّ السعودية "فشلت فشلاً ذريعاً" في سورية. فبعد التدخل الروسي، ضعف الموقف السعودي، حسب قوله. كما أنّ الأميركيين أيضاً لديهم نقد لها "لأنهم يعتبرون أنها أدخلتهم في أزمة". ويتوقّع ألا تتمكّن المملكة من فعل أي شيء أكثر مما تفعله حالياً هنالك.

أما الشمّري، الكاتب والمحلل السياسي السعودي، فيعتبر أن "السعودية وتركيا خرجتا من سورية بعد إسقاط الطائرة الروسية وإيران ضعف دورها كثيراً بعد التدخل الروسي"، في إشارة منه إلى أن الدولتين لن تستطيعا نقل التوتر إلى هذا البلد.

لكنّ بعض السوريين يقرأون الواقع بطريقة مختلفة. ويتوقع عضو الائتلاف الوطني السوري سمير النشار دعماً عسكرياً سعودياً تركياً للمعارضة المسلّحة بعد تقارب نظرة الدولتين أخيراً حيال الشأن السوري.

ويشرح لموقع (إرفع صوتك) أنّ تركيا، إذا خسرت في سورية، ستنعزل عن العالم العربي ككل "كون السلطة العراقية لديها نوايا سلبية تجاهها وعلاقتها بدول عربية كثيرة غير ودية بسبب دورها في دعم حركات الإسلام السياسي". وبالتالي هنالك مصلحة تركية سعودية مشتركة بدعم المعارضة السورية بالسلاح كمّاً ونوعاً وتصعيد المعارك العسكرية.

ويعتبر أن إيران لم تكن سعيدة بالتدخل الروسي في سورية، ورضيت بذلك "فقط حين شعرت بعجزها عن الدفاع عن النظام السوري".

العراق: ماذا سيحصل أكثر؟

في العراق، لا يتصوّر الكاتب مصيّب النعيمي أن البلد يمكن أن يكون ساحة مواجهة أكثر مما هو حاصل حالياً.

وبرأيه، "فشلت السعودية سابقاً في دعم السنّة ضد الشيعة، وذلك بسبب ظهور داعش وتهديده وحدة الأراضي العراقية"، فهذا التنظيم دفع بعض العشائر السنّية والأكراد إلى التعاون مع حكومة بغداد.

ويستبعد سيناريو دعم السعودية لتشكيلات عشائرية سنّية من أجل فرض نوع من التوازن مع الحكومة المركزية لأنّ السعودية "تحتاج إلى نتائج فورية. أما الخطوات التي تعطي نتائج بعد سنوات فهي لا تهمها".

أما الشمّري فهو يرى أنّ الممكلكة العربية السعودية تنشط في العراق دبلوماسياً فقط، مستشهداً بدعمها قبل نحو شهر قرار جامعة الدول العربية الذي أدان الانتهاك التركي لسيادة العراق وكان هذا "موقفاً محرجاً للمملكة لأنّها حريصة على التقارب مع تركيا".

اليمن: جارة السعودية الخطرة

"تحاول المملكة إبعاد الإيرانيين عن اليمن"، هكذا يشرح المحلل السياسي السعودي عبد الله الشمّري الاستراتيجية السعودية في اليمن. ويؤكد أنّه إذا حصل دعم إيراني للحوثيين في اليمن فإنّ المملكة "ستردّ في اليمن لا في ساحات أخرى".

وكان المغرّد السعودي الشهير "مجتهد" قد نقل عن مسؤولين أمنيين في المملكة، بحسب زعمه، أنّ "أميركا أبلغت السعودية أنّ إيران ربما تضغط على الحوثيين لشن هجوم واسع وتحديداً في اتجاه جيزان"، مضيفاً أنّ "إيران لا تريد من هذا الاجتياح تشبث الحوثيين بجيزان والإبقاء عليها محتلة، بل تريد استخدامها كوسيلة تركيع للسعودية للقبول بالمطالب الإيرانية".

وحول كلام مجتهد، يقول الشمّري "لا أعتقد أن هذا سيحصل. السعودية مطمئنة إلى أنّها قضت على جزء كبير من قوة الحوثيين".

من جانبه، يعتبر النعيمي أن "الحوثيين لا يحتاجون إلى دعم إيران"، مضيفاً أن "اليمنيين قد يقومون بخطوات عسكرية تفاجئ الجميع، وقد يكون ذلك من خلال هجوم برّي على جيزان ونجران أو من خلال هجوم صاروخي، مذكراً بأنّه "قتل عدد كبير من الضباط والجنود العرب في هجمات صاروخية".

البحرين ولبنان: لا تصعيد

ليس مرجّحاً أن تتفاقم الأزمة البحرينية. وبحسب النعيمي، "إيران لا تطلب من البحرينيين أن يحملوا السلاح والسعودية هي التي تدخلت عسكرياً في وجه مجتمع يطالب بحقوقه". ويعتبر أنّ "وضع البحرين ينتظر ما سيؤول إليه الوضع الإقليمي، ولذلك سيبقى كما هو، فلا الشعب يريد التصعيد ولا الحكومة. وحين يضعف تأثير السعودية إقليمياً سينعكس ذلك على تصرفات الحكومة البحرينية. ولا مصلحة إيرانية في التصعيد في البحرين لأن التغيير فيها ليس له آثار سياسية ولا اقتصادية عليها كونها بلد صغير".

وفي لبنان، يؤكد الشمّري أنّ "المملكة ترى أن استمرار السلم أهم من الصراع مع إيران".

الصورة: طائرات حربية سعودية/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم علي عبد الأمير:

بدا موقف دولة الكويت حذراً من التصعيد الأخير في الصراع السعودي – الإيراني، فهناك من المتشددين والسلفيين من رآه "نكراناً لجميل المملكة التي لولاها لما كان بالإمكان استرجاع الكويت من قبضة صدام".

فيما رفض مقربون من الحكومة الكويتية هذه الاستنتاجات، مؤكدين أنّ أمير البلاد كان واضحاً في مساندة السعودية، وأن حكومته اتخذت ما يلزم في هذا الشأن، في إشارة إلى استدعاء السفير الكويتي لدى طهران "على خلفية الإعتداءات التي قامت بها جموع من المتظاهرين باقتحام سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة والاعتداء على قنصليتها العامة في مشهد وممارسة التخريب وإضرام النيران فيهما" بحسب بيان للخارجية الكويتية.

هذه السعودية وليست بوركينافاسو؟

في موقف السلفيين المؤيدين للمملكة، انتقد البرلماني الكويتي السابق وليد الطبطبائي موقف بلاده، قائلاً إنّ "السعودية لها فضل علينا وموقف الكويت منها معيب".

 كما طالب الطبطبائي في تغريدة عبر حسابه الشخصي على "تويتر" بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، موضحاً "معيب أن يكون موقف السودان أفضل من الكويت تجاه من لهم فضل كبير علينا أيام الغزو العراقي، يا جماعة هذه السعودية وليست بوركينافاسو. قاطعوا إيران".

وفي مقابل هذه الخطوة، امتدح نواب الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم لعقد جلسة خاصة تناقش التطورات الإقليمية، معتبرين أنها جاءت متسقة مع الحدث وضرورة أن يطلع النواب على الموقف الحكومي وعلى المشهد الإقليمي برمته.

ودعا نواب إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية في تناول الشأن الإقليمي والتعاطي مع الأحداث بحكمة والابتعاد عمّا يمكن أن يؤدي إلى احتقان طائفي.

ليس هناك أي تنكر

غير أنّ أستاذ العلوم السياسية والباحث الكويتي د. عايد المنّاع يرى أنّ موقف بلاده، أميراً وحكومة، كان منسجماً مع العلاقات المصيرية التي تربط الكويت والسعودية، فضلاً عن الالتزام بمبادئ مجلس التعاون الخليجي.

وقال المنّاع في مداخلة خاصّة مع موقع (إرفع صوتك) إنّه " ليس هناك أي تنكر، فللسعودية دين في أعناقنا جميعاً. فهي قدمت كل جهدها لتحرير بلادنا، وهو ما لن ننساه أبدا".

وأوضح المنّاع أنّ موقف الكويت بسحب سفيرها من طهران والتنديد بالأعمال العدوانية التي طالت سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد كان واضحاً في رسالته التضامنية مع السعودية، "والتي تُعمّق بموقفنا الداعم لقرارات قمة الرياض الخليجية ومؤتمر وزراء الخارجية العرب الطارئ وفيها تم إدانة الموقف الإيراني تضامناَ مع السعودية".

إبقاء الطريق نحو إيران مفتوحاً

وبشأن الموقف الكويتي الذي فضّل سحب السفير من طهران وعدم قطع العلاقات، أشار المنّاع إلى أنّه "من الحكمة عدم الوصول إلى القطيعة مع إيران. فإبقاء العلاقات يعني فرصة للمشاورات الدبلوماسية، بل حتى إمكانية الوساطة بين البلدين: السعودية وإيران، لا سيّما أنّ أمير الكويت مشهود له بالعمل الدبلوماسي الطويل ومشاركته بحلّ خلافات عربية وإقليمية كثيرة، ومنها خلافات في اليمن ولبنان والجزائر والمغرب والعراق وغيرها. ومن هنا فنحن ننظر إلى الوضع ضمن أفق يصل إلى إخماد الصراع الحالي، وصولاً إلى نوع من التفاهم الذي كان سائداً قبل سنوات".

وقرأ المنّاع الموقف الإيراني ضد السعودية على أنّه "يأتي متفقا مع رغبة نظام طهران بتصدير الثورة إلى دول غرب الخليج عبر استغلال التنوع الطائفي الشيعي – السني في تلك الدول. لكن فات إيران في هذا الشأن أنّ ورقتها تلك قد تنقلب عليها، فهي تتكون من هذا التنوع الطائفي، وهناك سنة قد يثيرون لها المتاعب، مثلما تريد أن تثير المتاعب في دول مجلس التعاون عبر لعب ورقة حماية الشيعة".

وبشأن الخطوات المطلوبة من إيران بحسب ما طالبت  دول مجلس التعاون الخليجي وأخرى عربية وإسلامية، ومن ضمنها خطوة رمزية تتمثل بالاعتذار إلى السعودية، قال المنّاع "لا أتوقع اعتذاراَ إيرانياً قريباً، انطلاقاً من ازدواجية القيادة هناك، فمواقف الرئيس روحاني الميالة إلى التهدئة وتنديده بالهجوم على الهيئات الدبلوماسية السعودية، هي غير مواقف المرشد الأعلى والحرس الثوري التي يبدو أنّها مؤيدة لهذا التصعيد ضد السعودية".

*الصورة: حذر كويتي من نيران الصراع السعودي الإيراني/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659