أربيل - بقلم متين أمين:

"أزمة تلو الأخرى.. لم أشهد يوماً واحداً في هذه المنطقة من دون أزمة"، بهذه الكلمات يبدأ المواطن شاخوان جاف، 37 عاماً وهو موظف في القطاع الصحي، حديثه لموقع (إرفع صوتك).

"وضعنا الاقتصادي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم ولا يحتمل كارثة أخرى، خاصّة أنّنا في إقليم كُردستان نعتمد على واردات النفط وليس لنا مصدر اقتصادي آخر".

التأثيرات الاقتصادية للصراع

سلكت أسعار النفط في الأسواق الآسيوية منحى تصاعدياً عقب قرار السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بعد الأزمة التي نتجت عن اعتداء متظاهرين إيرانيين على السفارة والقنصلية السعوديتين في طهران احتجاجاً على إعدام الرياض رجل الدين الشيعي نمر النمر. وأثارت الأزمة التساؤلات حول مستقبل سوق النفط والتحديات الاقتصادية في السعودية وفي المنطقة في الفترة المقبلة.

يقول صباح خوشناو، البروفيسور المختص في المالية العامة في جامعة صلاح الدين في مدينة أربيل، لموقع (إرفع صوتك) "إيران دولة كبيرة في المنطقة والسعودية أيضاً سواء في الحجم أو عدد السكان أو الاقتصاد بشكل عام،  ويصل تصدير السعودية للنفط إلى حوالي 10 ملايين برميل نفط يومياً. ولذلك، فإنّ تطوّر الصراع بين رياض وطهران قد يؤثر بشكل سلبي على حجم صادرات النفط وبالتالي على أسعار النفط".

بدوره يؤكد إدريس رمضان كوجر، الأستاذ في كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة صلاح الدين، أنّ "الأزمات الاقتصادية مرتبطة بالصراعات السياسية دائماً".

ويضيف كوجر في حديث لموقع (إرفع صوتك) "إن استمرت هذه الصراعات على هذا  الحال، ستكون لها تأثيرات كبيرة على الساحة الاقتصادية لدول الشرق الأوسط خاصة الدول المتحالفة مع السعودية أو إيران، لأنّ المتضرر من هذه الصراعات هي الدول الحليفة للدول المتصارعة مثل العراق وسورية والدول المجاورة".

المواطن ضحية الحروب

ويشير المواطن آسو رهيل، 30 عاماً وهو صاحب سوبرماركت، إلى أن "أيّ صراع في المنطقة يؤثر على حياة المواطن البسيط الذي بالكاد يستطيع توفير القوت اليومي".

ويقول لموقع (إرفع صوتك) "نحن في إقليم كُردستان نعتمد على البضائع الإيرانية والسعودية والتركية بشكل تام، فأي خلل مع أي دولة من هذه الدول يؤثر على سوقنا مباشرة، فأسواقنا تعاني من قلة السيولة بسبب حصار الحكومة الإتحادية في بغداد علينا، فكيف إذا شهدنا حرباً إقليمية؟".

ويعتقد المواطن رزكار كاوة، 25عاماً وهو مدرّس، أن "ما يجري على الساحة ليست سوى خدعة جديدة من قبل الدول الإقليمية الكبرى على حساب الدول الأخرى ومواطنيها".

ويوضح رأيه لموقع (إرفع صوتك) قائلاً "الدول الإقليمية الكبيرة تضحك على ذقون مواطني الدول الأخرى بين الحين والآخر بابتداع هكذا مشاكل حفاظاً على مصالحها. الساسة وأصحاب السلطة مستقبلهم ومستقبل أبنائهم مضمون، ويهاجرون حالما يشعرون بالخطر. لكن نحن المواطنون البسطاء من نعاني من الحروب والخلافات الإقليمية و الدولية وما ينشأ عنها من مشاكل اقتصادية".

لكنّ اللوم، بحسب كاوة، "يقع على أعضاء برلمان كُردستان الملتهين بالسياسة والمنشغلين بالمحاصصة السياسية متناسين واجباتهم في التركيز على احتياجات المواطنيين والعمل على تفعيل قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة والعمران وتوفير المشاريع لبناء أقتصاد قوي لإقليم كُردستان تحصّنه من الحروب والأزمات".

*الصورة: شباب وشابات في معرض لفرص العمل في أربيل/إرفع صوتك

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم علي عبد الأمير:

بدا موقف دولة الكويت حذراً من التصعيد الأخير في الصراع السعودي – الإيراني، فهناك من المتشددين والسلفيين من رآه "نكراناً لجميل المملكة التي لولاها لما كان بالإمكان استرجاع الكويت من قبضة صدام".

فيما رفض مقربون من الحكومة الكويتية هذه الاستنتاجات، مؤكدين أنّ أمير البلاد كان واضحاً في مساندة السعودية، وأن حكومته اتخذت ما يلزم في هذا الشأن، في إشارة إلى استدعاء السفير الكويتي لدى طهران "على خلفية الإعتداءات التي قامت بها جموع من المتظاهرين باقتحام سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة والاعتداء على قنصليتها العامة في مشهد وممارسة التخريب وإضرام النيران فيهما" بحسب بيان للخارجية الكويتية.

هذه السعودية وليست بوركينافاسو؟

في موقف السلفيين المؤيدين للمملكة، انتقد البرلماني الكويتي السابق وليد الطبطبائي موقف بلاده، قائلاً إنّ "السعودية لها فضل علينا وموقف الكويت منها معيب".

 كما طالب الطبطبائي في تغريدة عبر حسابه الشخصي على "تويتر" بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، موضحاً "معيب أن يكون موقف السودان أفضل من الكويت تجاه من لهم فضل كبير علينا أيام الغزو العراقي، يا جماعة هذه السعودية وليست بوركينافاسو. قاطعوا إيران".

وفي مقابل هذه الخطوة، امتدح نواب الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم لعقد جلسة خاصة تناقش التطورات الإقليمية، معتبرين أنها جاءت متسقة مع الحدث وضرورة أن يطلع النواب على الموقف الحكومي وعلى المشهد الإقليمي برمته.

ودعا نواب إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية في تناول الشأن الإقليمي والتعاطي مع الأحداث بحكمة والابتعاد عمّا يمكن أن يؤدي إلى احتقان طائفي.

ليس هناك أي تنكر

غير أنّ أستاذ العلوم السياسية والباحث الكويتي د. عايد المنّاع يرى أنّ موقف بلاده، أميراً وحكومة، كان منسجماً مع العلاقات المصيرية التي تربط الكويت والسعودية، فضلاً عن الالتزام بمبادئ مجلس التعاون الخليجي.

وقال المنّاع في مداخلة خاصّة مع موقع (إرفع صوتك) إنّه " ليس هناك أي تنكر، فللسعودية دين في أعناقنا جميعاً. فهي قدمت كل جهدها لتحرير بلادنا، وهو ما لن ننساه أبدا".

وأوضح المنّاع أنّ موقف الكويت بسحب سفيرها من طهران والتنديد بالأعمال العدوانية التي طالت سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد كان واضحاً في رسالته التضامنية مع السعودية، "والتي تُعمّق بموقفنا الداعم لقرارات قمة الرياض الخليجية ومؤتمر وزراء الخارجية العرب الطارئ وفيها تم إدانة الموقف الإيراني تضامناَ مع السعودية".

إبقاء الطريق نحو إيران مفتوحاً

وبشأن الموقف الكويتي الذي فضّل سحب السفير من طهران وعدم قطع العلاقات، أشار المنّاع إلى أنّه "من الحكمة عدم الوصول إلى القطيعة مع إيران. فإبقاء العلاقات يعني فرصة للمشاورات الدبلوماسية، بل حتى إمكانية الوساطة بين البلدين: السعودية وإيران، لا سيّما أنّ أمير الكويت مشهود له بالعمل الدبلوماسي الطويل ومشاركته بحلّ خلافات عربية وإقليمية كثيرة، ومنها خلافات في اليمن ولبنان والجزائر والمغرب والعراق وغيرها. ومن هنا فنحن ننظر إلى الوضع ضمن أفق يصل إلى إخماد الصراع الحالي، وصولاً إلى نوع من التفاهم الذي كان سائداً قبل سنوات".

وقرأ المنّاع الموقف الإيراني ضد السعودية على أنّه "يأتي متفقا مع رغبة نظام طهران بتصدير الثورة إلى دول غرب الخليج عبر استغلال التنوع الطائفي الشيعي – السني في تلك الدول. لكن فات إيران في هذا الشأن أنّ ورقتها تلك قد تنقلب عليها، فهي تتكون من هذا التنوع الطائفي، وهناك سنة قد يثيرون لها المتاعب، مثلما تريد أن تثير المتاعب في دول مجلس التعاون عبر لعب ورقة حماية الشيعة".

وبشأن الخطوات المطلوبة من إيران بحسب ما طالبت  دول مجلس التعاون الخليجي وأخرى عربية وإسلامية، ومن ضمنها خطوة رمزية تتمثل بالاعتذار إلى السعودية، قال المنّاع "لا أتوقع اعتذاراَ إيرانياً قريباً، انطلاقاً من ازدواجية القيادة هناك، فمواقف الرئيس روحاني الميالة إلى التهدئة وتنديده بالهجوم على الهيئات الدبلوماسية السعودية، هي غير مواقف المرشد الأعلى والحرس الثوري التي يبدو أنّها مؤيدة لهذا التصعيد ضد السعودية".

*الصورة: حذر كويتي من نيران الصراع السعودي الإيراني/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659