بقلم حسن عباس:
كثيراً ما يترافق الحديث عن استراتيجيات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مع الحديث عن وسائل التواصل الاجتماعي، أكانت القصة تجنيده عناصرَ أو بثه دعايته الإعلامية أو قضايا أخرى حيوية بالنسبة له. فكيف يستفيد هذا التنظيم فعلياً من هذه الوسائل؟
وعي مبكر بأهمية الإنترنت
في حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، لفت الباحث المصري في علم الاجتماع السياسي عمار علي حسن إلى أن "انتباه أو اكتشاف الجماعات المتطرفة لأهمية الشبكة العنكبوتية هو اكتشاف مبكر جداً. فمع مطلع الألفية الثالثة أطلق تنظيم القاعدة آلاف المواقع من أماكن تواجده ووضع كل كتبه وأبحاثه الشرعية على الشبكة، إلى أن تنبّهت الولايات المتحدة الأميركية للأمر ودمّرتها".
وأشار إلى أن "الجماعات السلفية الجهادية اهتمت كثيراً بالإنترنت فقد عوّضتها عن الحظر الذي تتعرّض له أفكارها في العالم الواقعي، إذ لا يمكنها إقامة دور نشر مرخّصة تنشر أفكاراً تحض على القتل والكراهية، ولا تأسيس قنوات فضائية كما فعلت السلفية الدعوية. ولذلك هي لا تجد غير الإنترنت وسيلة لذلك".
وكالات أنباء إرهابية
"في أيّة لحظة ترغب بمتابعة أخبار داعش، يمكنك ذلك"، حسبما يقول الخبير الأردني في الجماعات والحركات الإسلامية مروان شحادة. "فالتغريدة على تويتر تصلك فور نشرها ما يبقيك مطلعاً على أيّ مستجدّ بشكل سريع ومباشر"،.
وأكّد شحادة في حديث إلى موقع (إرفع صوتك) "تويتر من أكثر المواقع المعتمد عليها لنشر بلاغات وإصدارات ويستخدمها داعش كخدمة لبث أخباره العاجلة، تفوق أهميةً وكالات الأنباء العالمية".
واتفق معه عمار علي حسن، وأشار إلى أن الدراسات التي أعدّت حول اهتمام داعش بتويتر أكّدت أنها "تتعامل معه كوكالة أنباء فتضع عليه أخبارها وفيديوهاتها. وبمجرّد أن تضعها تنتشر وتنتقل إلى وسائل الإعلام العادية. فتغريدة لعنصر تتحوّل إلى قصة إخبارية في أرقى الوكالات وفيديو يُنشر يجد مكاناً لعرضه على أبرز التلفزيونات".
ومن الميّزات الإضافية التي تشجّع على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للدعاية، بحسب حسن، أن ما يُنشر عليها "يتناسل ويتوالد بلا توقّف بمساعدة الآخرين. ففور أن تضع مادة على موقع للتواصل الاجتماعي، ستجد دائماً مَن يساعدك على نشرها من خلال "شير" على فيسبوك أو "ريتيويت" على تويتر".
منصّة لاستقطاب عناصر
في تقريره الخامس والعشرين، بعنوان "دور المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي في تجنيد الإرهابيين، الخطورة وسبل القضاء عليها"، لفت مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية إلى أن 80% من المنتسبين إلى داعش جُنّدوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار عمّار علي حسن إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي فيها ميزة هي أن "أغلب الموجودين عليها شباب ومن السهل اصطيادهم واستقطابهم كمقاتلين لم يكوّنوا أسراً ولم ينضجوا بعد، كما أنه من السهل إقناعهم بالأفكار المتطرفة لأن فترة تكوين الانحيازات السياسية والاجتماعية هي الطفولة المتأخرة والمراهقة".
واعتبر أن "فيسبوك هو موقع أكثر سرية من تويتر ويستخدمونه كمنصة للتجنيد أكثر مما يستخدمونه كمنصة لنشر الأخبار". وكان تقرير "المرصد" قد لفت إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي تساعد المتطرفين على "إيجاد مجتمعات للتواصل الإلكتروني يتشارك أعضاؤها الأفكار والنقاش، في جو يبعد عن سيادة الدول".
الهرب من الرقابة
إضافة إلى تسهيل عملية الاتصال بالعالم الخارجي، أكّد شحادة أن "مواقع التواصل الاجتماعي تصعب مراقبتها وتتبّع أصحابها خاصةً إنْ كانوا يعيشون في مناطق نزاعات".
فهي برأيه تتيح بسهولة "عملية تغيير الحسابات التي لا تحتاج إلى هوية لإنشائها. ففي العالم الافتراضي، يمكن استخدام حسابات وهمية بدون معرفة هوية الشخص الحقيقية".
وكأمثلة على ذلك، لفت إلى أن الدراسات تقول أن داعش يستخدم أكثر من 80 ألف حساب على تويتر، كما أن بعض المتطرفين يكون لديهم حساب أو أكثر، عارضاً حالة ترجمان الأساورتي، وهو إحدى الشخصيات الإعلامية في داعش، وقد أُغلق 300 حساب له على تويتر وفيسبوك حتى الآن.
تشجيع الذئاب المنفردة
واستبعد شحادة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في المعاملات المالية، لأنها مراقبة ويسهل تتبّع أيّ حساب عليها.
كذلك استبعد، للسبب نفسه، استخدامها لتنسيق العمليات الإرهابية إلا في "حال استخدام شيفرة معيّنة" مؤكداً أن المتطرفين "يعتمدون على الاتصال الشخصي والمشفر أكثر خاصةً أن تنفيذ العمليات يحتاج إلى تخطيط ودعم لوجستي وسرية كبيرة".
الأمر نفسه أكّده حسن معتبراً أن "مواقع التواصل الاجتماعي تستخدم في التعبئة والتجنيد ونشر الأفكار. لكنها لا تستخدم لتنسيق عمليات لأنها ستكون مكشوفة، إلا إذا تم ذلك من خلال شيفرات".
الصورة: قراصنة إنترنت/ وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659