الأردن – بقلم صالح قشطة:

عمر عدنان العبداللات، هو رسام الكاريكاتير الأردني المبتكر لشخصية "عوض" الكارتونية المتابعة من قبل الآلاف في الأردن والمنطقة العربية، والذي يسعى لمعالجة العديد من القضايا المجتمعية والإنسانية من خلال رسوماته.

يعتبر العبداللات الرسم الوسيلة الأمثل للتعبير عن كل ما يدور بداخله، آخذاً القضايا الإنسانية كمسؤولية على عاتقه كرسام للكاريكاتير.

"أنا أؤمن بشكل مطلق بالإنسانية، وأعتقد أنها الحل لكل المشاكل في حياتنا، عندما تؤمن أنك جزء من هذه الطبيعة، ويقع على عاتقك حمايتها بكافة عناصرها، تصبح إنساناً راقياً، وهذا ما أطمح أن أصل له وأن أدعو الجميع إليه من خلال أعمالي"، يقول لموقع (إرفع صوتك).

لغة مشتركة بين جميع البشر

حصد العبداللات خلال عمله العديد من الجوائز والتكريمات المحلية والدولية، كالجائزة الأولى في مسابقة الربيع العربي للكاريكاتير، وجائزة ناجي العلي للكاريكاتير في تركيا، وجائزة يوتيوب الفضية عن مسلسل "على راسي" الكاريكاتيري الساخر.

وعن سر انتشار أعماله ووصولها إلى الشريحة الكبيرة من الناس، يقول العبداللات "ما ساعدني هو أني اكتشفت من خلال رسمي للكاريكاتير أنه يشكل لغة واحدة لدى جميع البشر، فالشمس واحدة في كل مكان، وتعني الأمل في كل مكان. وكذلك الحال مع ملك الموت، فهذه المفردات بإمكانك إيصالها لأي إنسان في العالم، وتكشف لك عن كم الأشياء المشتركة ما بينك وبين الآخرين".

إيجاد اللغة المشتركة، التي تحدّث عنها العبداللات، هي ما جعله يشعر أن الحدود الموجودة بين البشر وهمية  "فالكاريكاتير جعلني أرى الأرض كما لو كنت أنظر لها من الفضاء، بلا حدود بين الدول والشعوب، فالهم واحد، والتخوف من المستقبل واحد، إلّا أن الحلول تختلف من مكان لآخر، موضحاً "رسمتي للطفل السوري إيلان مثلاً أثرت بكل من رآها، عربياً كان أم أجنبياً، لأن المشاعر الإنسانية واحدة!".

وإيلان هو الطفل الكردي الذي قضى غرقاً على شاطئ البحر المتوسط واختصر بصورته وهو ملقى على الشاطئ أزمة شعبه الذي أصبح مشرداً.

السخرية كعلاج فعال للسلوكيات الخاطئة

منذ بدء مشواره قبل عدة أعوامٍ كرسام للكاريكاتير في صحيفة الدستور الأردنية، يسعى العبداللات إلى انتقاد السلوكيات الخاطئة في المجتمع والسخرية منها كالفساد، غلاء المعيشة، الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والديكتاتورية، كشخصية الزعيم التي ظهرت في رسوماته خلال فترة الربيع العربي، والتي تمثل شخصية "الطاغية المستبد الموجود في كثير من بقاع هذه المنطقة"، على حد تعبيره.

تعريف الإنسان

يرى الرسام أن هناك مشكلة في حياتنا اليومية حول تعريف الإنسان، متسائلاً "ما هو الإنسان؟" ليجيب "شعرت أنه من واجبي كفنان تسليط الضوء على أهمية أن تكون إنساناً، وهذا ما جعلني أطرح كافة القضايا الإنسانية من خلال أعمالي".

وعن التطرف ومعالجته له من خلال أعماله، يوضح العبداللات "للأسف بعض المذاهب أو بعض الأفكار تسيء للدين أكثر مما تخدمه، مما أدى إلى أن تصبح طريقة طرح الدين رجعية تعود إلى منتصف القرون الماضية".

ويؤكد أنّه وغيره من زملائه في كافة المجالات سيستمرون في السخرية من المتطرفين "إلى أن ننهض بفكر تنويري يرتقي بمجتمعاتنا ويخلصنا من تطرفهم. فهذه المنطقة فيها الموارد المختلفة، ولا ينقصها سوى نهضة وثورة فكرية، ومن خلال أعمالي أحارب أي أفكار أو معتقدات تعيق تقدمنا إلى الأمام".

رسومات العبداللات

يستعرض العبداللات خلال حديثه لموقع (إرفع صوتك) مجموعة من رسوماته الساخرة والتي لاقت الانتشار الأكبر بين محاولاته لمعالجة التطرف والعنف وإقصاء الآخر، والقضايا الإنسانية بشكلٍ عام، ليبدأ بوصف إحداها "شخص بنصفين شيعي وسني، كل نصف يصف الآخر بالكافر".

ويشير إلى رسمٍ آخر "وهذا مشهد العالم الإسلامي، كأن الهلال يأكل نفسه، فتوحدهم يجعله أجمل، أما صراعهم، فيجعله بهذا الشكل البشري".

وينتقل إلى كاريكاتير يجسد الداعشي الذي حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، منوهاً أنه يحمل رسالة "أن من يحمل هذا الفكر أو يدعمه فإنه كأنما يسعى لحرق نفسه بنفسه، بأفكاره اللاإنسانية وتصرفاته المتطرفة".

ويتوقف العبداللات عند عمل آخر له يمثل داعشي يركب سفينة خشبية ويعمل على اصطياد الشباب باستخدام "تويتر" موضحاً "الطُعم هو عصفور تويتر ويحاولون اصطياد الشباب به".

كما يطلعنا العبداللات على عمل آخر تم شراؤه من قبل صحيفة فرنسية وموقع هولندي أيضاً، تظهر به مجموعة من المآذن، لكن بشكل غير اعتيادي، موضحاً "أقصد به مشهداً نراه في كل الأديان، فقد أصبح الآن السلفي في صراع شديد مع الصوفي، أو الشيعي، مما أدى إلى أن يصبح هذا مشهد الإسلام، فلم تعد المئذنة واحدة، بل أصبح لدينا عدة مآذن، مما أدى إلى صورة مشوهة لمن لا يعرف الدين، فلن يميز أيهم الصحيحة وأيهم الخطأ".

مشروع القلم الحر

ويختم العبداللات حديثه إلى (إرفع صوتك) بالإشارة إلى مشروع "القلم الحر"، والذي سوف يسعى من خلاله إلى المساهمة في خلق جيل واعٍ ومبدع، معتدل بلا تطرف.

ويبرر الدافع وراء إطلاقه بقوله "طريقي كانت طويلة جداً حتى حددت أين أريد أن أذهب، كنت في السابعة والعشرين، بينما كان يفترض أن أعرف هذا الطريق في السابعة! وهذا ما جعلني أنظر إلى طلاب المدارس وأن أرغب بالأخذ بيدهم نحو طموحهم".

ويتابع الرسام الكاريكاتيري "لدي الخبرة كرسام، ولدي الموهبة، وأريد أن أوظف هذا فيما يخدم الأطفال والشباب، وأيضاُ لخلق حالة من الإبداع. سيكون لهم موقع ينشر لهم، يعطيهم ورش العمل ويدربهم، ويعطيهم التوجيهات لتطوير موهبتهم، ويرعاهم، كما سندعو المؤسسات الخاصة إلى تبني هذه المواهب، مع توفير مساحة للمرأة للتعبير عن ما لديها من خلال الرسم والموهبة".

*الصور: من رسومات العبداللات/تنشر بإذن خاص منه

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

العالم

في اليمن.. جهود شبابية تواجه فقر الحرب

غمدان الدقيمي
13 مايو 2020

يسعى شباب ومنظمات خيرية في اليمن، إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين في شهر رمضان من خلال القيام بمشاريع خيرية تستفيد منها مئات آلاف الأسر في البلد العربي الفقير الذي يشهد حربا دامية خلفت أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم.

وبسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات تشهد اليمن أكبر عملية إنسانية في العالم تصل مساعداتها إلى أكثر من 13 مليون شخص.

ويحتاج ما يقرب من 80% من السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة إلى المساعدات الإنسانية والحماية.

وأصبح عشرة ملايين شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وسبعة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وأطلقت مؤسسة "أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية"، وهي منظمة مدنية محلية، هذا العام مشروع "سلة الخير الرمضانية" تستهدف من خلاله مئات الأسر الفقيرة والمتعففة والمحتاجة.

وتقول رئيسة المنظمة أنجيلا أبو إصبع لموقع (ارفع صوتك)، "رمضان هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة بسبب ظروف كورونا. لذلك فقط وزعنا هذا الأسبوع حوالي 500 سلة غذائية على الفقراء في العاصمة صنعاء، وهذا يعتبر ضمن المشاريع الموسمية لمؤسسة أنجيلا التي تأسست قبل أربع سنوات وقدمت أكثر من 62 مشروعا ونشاطا خيريا وصحيا وتعليميا في مختلف المحافظات اليمنية، استفادت منها مئات آلاف الأسر".

والعام الماضي في رمضان وزعت مؤسسة انجيلا نحو 2250 سلة غذائية على الفقراء والمحتاجين، وكانت تطمح هذا العام توزيع أكثر من 3 آلاف سلة غذائية في ست محافظات يمنية، لكن بسبب جائحة كورونا لم تستطع المؤسسة الحصول سوى على 500 سلة غذائية فقط، وأثر أيضا الحجر الصحي على الداعمين من خارج اليمن.

وتوضح أبو إصبع أن المنظمة اتخذت كافة الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا أثناء توزيع السلال الغذائية.

أسوأ من أي رمضان آخر 

وتشير أنجيلا أبو إصبع إلى أن واقع اليمنيين حاليا سيء جدا جدا لعدة أسباب أبرزها الحرب التي دخلت نهاية مارس الماضي عامها السادس، وفقدان كثير من اليمنيين أعمالهم.

وربما أضافت أزمة كورونا مصاعب جديدة مع توقيف عدد من المؤسسات والشركات لأعمالها، وتسريح موظفيها، "الوضع حاليا أصبح أسوأ من أي رمضان آخر".

وإلى جانب نشاطها الخيري والتنموي ساهمت مؤسسة أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية في جهود التوعية والوقاية من فيروس كورونا خلال الأسابيع والأشهر الماضية في العاصمة اليمنية صنعاء.
 

سفراء السعادة

من جانبه، يقوم محمد باحبارة، وهو رئيس مبادرة "سفراء السعادة" بحضرموت مع سبعة من الشباب المتطوعين بمشاريع خيرية رمضانية في المحافظة الواقعة أقصى شرق اليمن.

ومبادرة سفراء السعادة، هي مبادرة خيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين في حضرموت.

يقول باحبارة لموقع (ارفع صوتك)، "في رمضان الحالي وزعنا أكثر من 600 سلة غذائية بتكلفة تقديرية 12 مليون ريال، فضلا عن الزكوات النقدية، وتوزيع عدد 1137 كرتون تمر بتكلفة فاقت 8 مليون ريال يمني (نحو 32 ألف دولار أميركي)".

كما توفر المبادرة مادة الثلج اليومي طوال شهر رمضان لنحو 310 أسرة، وقامت بتنفيذ مشروع إفطار عابر سبيل في ثلاث مناطق بحضرموت بتكلفة مليون و400 ألف ريال يمني (نحو 1600 دولار)، فضلا عن توزيع وجبة إفطار جاهزة لأكثر من1200 أسرة فقيرة.

ومن بين المشاريع الرمضانية التي نجحت المبادرة في تقديمها هي توفير أدوية لأحد المرضى بتكلفة مليون ونصف المليون ريال يمني وإنقاذ حياته بعد أن كان يرقد بالعناية المركزة، فضلا عن مساعدة طفلة أخرى مريضة بعلاج بمبلغ 200 ألف ريال، وكفالة شهرية لشاب مريض بعدة أمراض مزمنة.

يضاف إلى ذلك توفير وجبات سحور وإفطار للعالقين في منفذ حضرموت الغربي بسبب فيروس كورونا.

ويقول باحبارة (32 عاما) إن التكلفة الإجمالية للمشاريع الرمضانية حتى الآن بلغت 33 مليون و500 ألف ريال يمني (55833 ألف دولار أمريكي)، مع أن المشاريع لا تزال مستمرة حتى نهاية شهر رمضان.

ويوضح أن تكاليف تلك المساعدات يقدمها فاعلو خير ورجال أعمال عبر مناشدات تطلقها المبادرة في مواقع التواصل الاجتماعي.
 

غمدان الدقيمي