بغداد – بقلم ملاك أحمد:
"لم يترك الإرهاب لي شيئاً، لكني سأعود للعب كرة القدم مرة أخرى"، يقول سلام علي وهو يصف آلامه الذي بدا متعالياً عليها، محاولاً ألا يستسلم للوجع.
منذ نحو الشهر تقريباً، تسلل انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً إلى ساحة لكرة القدم في مدينة الحصوة في حي الشهداء، شمال محافظة بابل، وفجر نفسه لحظة توزيع كأس فوز سلام بلقب أفضل لاعب في البطولة المحلية. وحينئذ أصيب رأسه بشظية أقعدته عن الحركة. وقد استهدفت التفجيرات الإرهابية ملاعب كرة القدم أكثر من مرة وفي أكثر من منطقة من ضمنها الفلوجة والحلة.
ما يزال علي، الذي لم يتجاوز العقد الثاني من عمره، يرقد في حالة حرجة في مستشفى في الحلة. ويقول الأطباء إنّ نسبة شفائه صفر في المئة في العراق حيث أدت إصابته إلى شلل في الساق اليسرى، لكن يمكن إجراء جراحة له بسهولة في أوروبا.
لن تموت، ستعيش وتعود لتحمل كأس الفوز
ترعرع سلام علي في كنف والده الذي كان "كابتن" يحترف لعبة كرة قدم في المحافظة. وبعد سنوات طويلة، صار مدرباً للشباب.
وقد أظهر سلام مهارته في لعبة كرة القدم منذ كان صغيراً، حتى صار اليوم رئيس الاتحاد الفرعي لكرة القدم في المنطقة. لكن حادث التفجير الذي استهدف الملعب حال دون استلامه كأس البطولة كأفضل لاعب محلي، وهو ما يقول عنه سلام إنّه "زودني بالتحدي لكي أشفى وأعود للعب مرة ثانية".
"لن تموت، ستعيش وتعود لتحمل كأس الفوز"، هذه العبارة سمعتها من كل الذين زاروني وأنا هنا أرقد بلا قدرة على الحركة"، حسب سلام.
ويضيف "شعرت بحافز كبير يدفعني للتحدي والاستمرار بالشفاء، على عكس ما كان يعتقد الانتحاري الذي فجر نفسه بالقرب مني".
سأضحي بكل ما أملكه لإنقاذه
لم يحظ اللاعب سلام بالرعاية الطبية اللازمة بعد إصابته لفقدان عائلته القدرة المالية للتكفل بمصاريف العلاج الباهظ في هكذا حالات. ويقول والده بعد أنّ زاره موقع (إرفع صوتك) في المستشفى، حيث كان مع مجموعة من الشباب المتطوعين الذين سبق وأنّ قدموا مساعدات مالية لضحايا الإرهاب، إنّ ولده أصيب بالشلل النصفي ونسب نجاح علاجه في البلاد مستحيلة. لذا هو بحاجة للسفر خارج البلاد للخضوع لجراحة".
وبدأ بعد ذلك بالبكاء وهو يردد "قلقي يتزايد أيضاً بشأن السفر. ربما لا أتمكن من الحصول على المال الكافي لعلاج سلام وهو الابن الوحيد لي. لقد عرضت البيت الذي أسكن فيه للبيع وسأضحي بكل ما أملكه في الحياة لإنقاذه".
حملة جمع تبرعات
وقبل أيام قليلة من زيارة اللاعب سلام علي في المستشفى، بدأت حملات تطوعية واسعة من الشباب بنشر صوره في مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) تدعو لجمع التبرعات ومساعدته والوقوف إلى جانبه بهذه المحنة.
ويقول هنريك هنري، وهو شاب مسيحي متطوع، إنّه ومع مجموعة من الأصدقاء أطلقوا حملة جمع تبرعات لإنقاذ حياة اللاعب سلام علي، خاصة بعدما اتصل بوالد المصاب وذكر له أنّه ليس في طاقته ولا في مقدور عشيرته توفير تكاليف علاجه التي تتجاوز مدتها الستة أشهر خارج البلاد وتحديداً بعدما فقدوا 17 ضحية في حادث التفجير الإرهابي للملعب.
ويقول هنري في حديث لموقع (إرفع صوتك) "صدى حملات التبرع التي نطلقها لمساعدة ضحايا الهجمات الإرهابية تنتقل بسرعة في أرجاء البلاد ويشارك فيها من مختلف أديان وطوائف المجتمع العراقي، باعتبار الإرهاب ينتهك جميع الحقوق الإنسانية".
ما يحيي الأمل في قلب سلام هو هذا الدعم الذي أحاط به من أشخاص لا يعرفهم، ولهذا يكرر بإصرار "سأعود لألعب كرة القدم".
نبذ الطائفية والعنف
الهدف من المشاركة في هذه الحملات هو لمواجهة الإرهاب في بلد تخلت فيه حكومته عن ضحايا الإرهاب. حسب بان الجواهري، وهي أحدى المشاركين في حملات دعم ضحايا الإرهاب".
وتضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) "الجميع يتطوع للعمل سوياً من أجل مساعدة هؤلاء الضحايا، وهو ما يزكي حب الوطن والتعايش السلمي ونبذ الطائفية والعنف".
*الصورة: سلام علي في المستشفى/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659