بقلم خالد الغالي:

عندما غادرت الشابة السورية، يسرى مارديني، 18 عاماً، دمشق في آب/أغسطس 2015، لم تكن تفكر سوى في النجاة بنفسها من بلد تمزقه الحرب منذ خمس سنوات. اليوم يراودها حلم كبير: المشاركة في الألعاب الأولمبية 2016، في ريو دي جانيرو بالبرازيل.

تتدرب يسرى يومياً، في العاصمة الألمانية برلين في مسبح بُني سنة 1936، حينما استضافت ألمانيا الألعاب الأولمبية.

في حالة نجاحها في الوصول إلى ريو 2016، لن تشارك يسرى باسم بلدها سورية، بل تحت علم اللجنة الأولمبية الدولية في منتخب يمثل اللاجئين.

وأعلنت اللجنة الأولمبية الدولية، في بداية آذار/مارس، اختيار 43 رياضياً لاجئاً لترشيحهم للمشاركة في الأولمبياد. ويتوقع أن ينجح خمسة إلى 10 منهم في الوصول إلى المنافسات النهائية في ريو دي جانيرو. وتأمل يسرى أن تكون أحد أعضاء هذا الفريق الصغير الذي سيعلن عنه في حزيران/يونيو.

قارب الموت

عندما بدأت الحرب في سورية، تنقلت عائلة يسرى مارديني بين أكثر من منطقة، قبل أن يتبين أن الحل النهائي يتمثل في الرحيل خارج البلاد.

"دمر منزلنا. لم يعد لنا شيء نملكه"، تقول يسرى. "لم يكن بإمكاني أن أتدرب بسبب الحرب. أحياناً يكون هناك تدريب، فتجد أن المسبح تعرض للقصف، ويمكن أن تشاهد ثلاث أو أربع ثقب في السقف"، تضيف الشابة السورية في شريط فيديو نشرته اللجنة الأولمبية الدولية.

في نهاية صيف 2015، غادرت يسرى، رفقة شقيقتها الكبرى سارة، 20 عاماً، وهي سباحة أيضاً، العاصمة السورية دمشق، في اتجاه لبنان ثم تركيا، أملاً في الوصول إلى ألمانيا.

https://twitter.com/TThalji/status/719470282046586880

دفعت الشقيقتان أموالاً للمهربين لنقلهما على متن قوارب إلى اليونان.

لم تنجح محاولة الهرب الأولى، فقد تمكن خفر السواحل التركي من توقيف القارب في عرض بحر إيجه. كررت الشقيقتان المحاولة، إلا أنه بعد أقل من نصف ساعة، بدأ الغرق يهدد القارب الصغير، بسبب تدفق المياه إلى داخله واضعة حياة حوالي 20 شخصاً على المحك.

تخلى اللاجئون عن حقائبهم أملاً في تخفيف الوزن، وتمكين القارب من الطفو بسهولة، لكن دون جدوى. ولم يكن أمام القادرين على السباحة سوى القفز في الماء. قفزت يسرى وسارة وثلاثة آخرون.

"في البداية، كان الوضع مخيفا جداً"، تقول يسرى في تصريح نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، مضيفة "لكني فكرت وشقيقتي أننا سنشعر بالخزي، إذا لم نساعد الأشخاص الذين كانوا معنا".

قضى السباحون الخمسة أكثر من ثلاث ساعات في مياه البحر، متمسكين بحبال متدلية من جوانب القارب، قبل أن يصلوا إلى شاطئ جزيرة ليسبوس اليونانية، نقطة عبور اللاجئين الأولى إلى الأراضي الأوروبية.

"كرهت البحر بعد هذا. كانت تجربة قاسية جداً"، تقول يسرى، كما نشرت الأسوشيتد بريس.

الحلم الأولمبي

واصلت يسرى، لأسابيع طويلة، وشقيقتها الرحلة براً: اليونان، مقدونيا، صربيا، هنغاريا، النمسا، فألمانيا.

في برلين، وضعت الشقيقتان في مخيم للاجئين. وتمكنتا، عبر مترجم مصري، من التواصل مع ناد للسباحة.

تتدرب يسرى مرتين في اليوم، وتتابع دراستها أيضاً. وهي سباحة محترفة، سبق لها أن حققت لقب بطولة سورية في مسافات: 200م و400م سباحة حرة، و100م و200م فراشة. ومثلت يسرى بلادها أيضاً في دورة الألعاب الأسيوية عام 2012، كما شاركت في بطولة العالم للسباحة للمسافات القصيرة، في تركيا، في السنة نفسها.

https://twitter.com/MedAgness/status/710517323766095872

رغم ذلك، مازال أمام يسرى الكثير من العمل الشاق لتحقيق حلمها بالمشاركة في الأولمبياد. فقوانين اللجنة الاولمبية لا تعطي أي امتياز لمنتخب اللاجئين. على جميع أعضائه أن يحققوا، مثل باقي الرياضيين المحترفين، المعدلات الدنيا التي تؤهلهم للمشاركة في ريو 2016.

تعتقد يسرى أن فرصتها للتأهل أكبر في مسافة 200 حرة، لكن عليها أن تقطع المسافة في دقيقتين وثلاث ثوان على الأكثر، فيما أفضل زمن لها لحد الساعة هو دقيقتان و11 ثانية، وهو ما يعقّد مهمة السباحة السورية.

يعتقد مدربها ووالدها بأن فرص تأهلها إلى أولمبياد طوكيو 2020 ستكون أفضل، لكن الأمل بالوصول إلى ريو 2016 ما زال قائماً. "كل شيء يسير بأسرع مما توقعنا. إذا حدث ذلك، ستكون مثالا يحتذى لكثير من الرياضيين. إنها تركز بشدة على التدريب".

إذا نجحت يسرى في التأهل إلى الأولمبياد، فستلتقي بأصدقائها ضمن المنتخب السوري.

عندما سُئلت إذا ما كانت تفضل أن تلعب تحت علم بلادها أم ضمن منتخب اللاجئين، أجابت "مهما كان العلم، المشاعر هي ذاتها. إذا دخلت إلى الملعب، فأعتقد بأني لن أفكر سوى بشيء واحد، وهو الماء"، تنقل وكالة الصحافة الفرنسية.

* الصورة: السباحة السورية يسرى مارديني في مؤتمر صحافي في برلين/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

العالم

في اليمن.. جهود شبابية تواجه فقر الحرب

غمدان الدقيمي
13 مايو 2020

يسعى شباب ومنظمات خيرية في اليمن، إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين في شهر رمضان من خلال القيام بمشاريع خيرية تستفيد منها مئات آلاف الأسر في البلد العربي الفقير الذي يشهد حربا دامية خلفت أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم.

وبسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات تشهد اليمن أكبر عملية إنسانية في العالم تصل مساعداتها إلى أكثر من 13 مليون شخص.

ويحتاج ما يقرب من 80% من السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة إلى المساعدات الإنسانية والحماية.

وأصبح عشرة ملايين شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وسبعة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وأطلقت مؤسسة "أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية"، وهي منظمة مدنية محلية، هذا العام مشروع "سلة الخير الرمضانية" تستهدف من خلاله مئات الأسر الفقيرة والمتعففة والمحتاجة.

وتقول رئيسة المنظمة أنجيلا أبو إصبع لموقع (ارفع صوتك)، "رمضان هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة بسبب ظروف كورونا. لذلك فقط وزعنا هذا الأسبوع حوالي 500 سلة غذائية على الفقراء في العاصمة صنعاء، وهذا يعتبر ضمن المشاريع الموسمية لمؤسسة أنجيلا التي تأسست قبل أربع سنوات وقدمت أكثر من 62 مشروعا ونشاطا خيريا وصحيا وتعليميا في مختلف المحافظات اليمنية، استفادت منها مئات آلاف الأسر".

والعام الماضي في رمضان وزعت مؤسسة انجيلا نحو 2250 سلة غذائية على الفقراء والمحتاجين، وكانت تطمح هذا العام توزيع أكثر من 3 آلاف سلة غذائية في ست محافظات يمنية، لكن بسبب جائحة كورونا لم تستطع المؤسسة الحصول سوى على 500 سلة غذائية فقط، وأثر أيضا الحجر الصحي على الداعمين من خارج اليمن.

وتوضح أبو إصبع أن المنظمة اتخذت كافة الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا أثناء توزيع السلال الغذائية.

أسوأ من أي رمضان آخر 

وتشير أنجيلا أبو إصبع إلى أن واقع اليمنيين حاليا سيء جدا جدا لعدة أسباب أبرزها الحرب التي دخلت نهاية مارس الماضي عامها السادس، وفقدان كثير من اليمنيين أعمالهم.

وربما أضافت أزمة كورونا مصاعب جديدة مع توقيف عدد من المؤسسات والشركات لأعمالها، وتسريح موظفيها، "الوضع حاليا أصبح أسوأ من أي رمضان آخر".

وإلى جانب نشاطها الخيري والتنموي ساهمت مؤسسة أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية في جهود التوعية والوقاية من فيروس كورونا خلال الأسابيع والأشهر الماضية في العاصمة اليمنية صنعاء.
 

سفراء السعادة

من جانبه، يقوم محمد باحبارة، وهو رئيس مبادرة "سفراء السعادة" بحضرموت مع سبعة من الشباب المتطوعين بمشاريع خيرية رمضانية في المحافظة الواقعة أقصى شرق اليمن.

ومبادرة سفراء السعادة، هي مبادرة خيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين في حضرموت.

يقول باحبارة لموقع (ارفع صوتك)، "في رمضان الحالي وزعنا أكثر من 600 سلة غذائية بتكلفة تقديرية 12 مليون ريال، فضلا عن الزكوات النقدية، وتوزيع عدد 1137 كرتون تمر بتكلفة فاقت 8 مليون ريال يمني (نحو 32 ألف دولار أميركي)".

كما توفر المبادرة مادة الثلج اليومي طوال شهر رمضان لنحو 310 أسرة، وقامت بتنفيذ مشروع إفطار عابر سبيل في ثلاث مناطق بحضرموت بتكلفة مليون و400 ألف ريال يمني (نحو 1600 دولار)، فضلا عن توزيع وجبة إفطار جاهزة لأكثر من1200 أسرة فقيرة.

ومن بين المشاريع الرمضانية التي نجحت المبادرة في تقديمها هي توفير أدوية لأحد المرضى بتكلفة مليون ونصف المليون ريال يمني وإنقاذ حياته بعد أن كان يرقد بالعناية المركزة، فضلا عن مساعدة طفلة أخرى مريضة بعلاج بمبلغ 200 ألف ريال، وكفالة شهرية لشاب مريض بعدة أمراض مزمنة.

يضاف إلى ذلك توفير وجبات سحور وإفطار للعالقين في منفذ حضرموت الغربي بسبب فيروس كورونا.

ويقول باحبارة (32 عاما) إن التكلفة الإجمالية للمشاريع الرمضانية حتى الآن بلغت 33 مليون و500 ألف ريال يمني (55833 ألف دولار أمريكي)، مع أن المشاريع لا تزال مستمرة حتى نهاية شهر رمضان.

ويوضح أن تكاليف تلك المساعدات يقدمها فاعلو خير ورجال أعمال عبر مناشدات تطلقها المبادرة في مواقع التواصل الاجتماعي.
 

غمدان الدقيمي