بقلم رفقة رعد خليل:

تحاول دول التحالف الدولي ضد الإرهاب القضاء على داعش بسرعة كبيرة عبر قتل رؤوس التنظيم بضربات جوية مكثفة في المناطق التي يسيطر عليها، والتحضير لمعركة تحرير الرقة والموصل والمناطق المحتلة والمحاصرة.

إن هذه السرعة بالعمل سوف تساهم، وبلا شك، في القضاء على تنظيم داعش، لكن هل القضاء على الإرهاب مرهون بالقضاء على داعش؟

هذا أحد الأسئلة التي يجب طرحها اليوم ونحن ننظر إلى تسارع الأحداث بهذا الشكل بعد أن كانت محاربة داعش شيئاً مستحيلاً، مقارنة بالوقت الذي استنفذوه في تأسيس دولتهم المزعومة.

وإذا أمكننا الاجابة عن السؤال، سنقول إن الإرهاب ليس مرهوناً بالتخلص من داعش، لأن الفكر الإرهابي والنزعة السلفية ما زالا حيين، ولربما انتقلا إلى أوروبا بعد عودة 30 في المئة من المنتمين لداعش من أوروبا إلى دولهم الأم، وأكيد أن هذا العدد سيزداد مع زيادة شدة العمليات الدولية ضد التنظيم خصوصاً بعد معارك تحرير الرقة والموصل.

النظرية ليست مرهونة بالفرد كشخص زمني بل هي مرهونة بالفكر الـ لازمني، وإذا ما بقيت النظرية بقي الفكر معرضا للأصولية، وبالتالي إلى فهم النص كما فهمه داعش وكما فهمته القاعدة قبله، وكما ستفهمه أي مؤسسة إرهابية مستقبلية.

وهذا هو ما أتوقعه من ظهور مؤسسة جديدة بعد فترة زمنية،  بعد القضاء على أبي بكر البغدادي بصاروخ "هيل فاير" أو أن يصبح "نزيل زنزانة" كما توعد بذلك الكولونيل ستيف وارن، المتحدث باسم قوات التحالف والذي قال إن البغدادي سيلاقي قصاصه العادل قريباً.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الإعلان السابق الذي أصدره داعش عن ولاياته الجديدة في سيناء وليبيا والجزائر، كولايات جديدة تابعة "للدولة الاسلامية"، وهنا سيكون مقر هذه المؤسسة الإرهابية الجديدة واتجاه عملياتها نحو العالم أجمع.

لذلك علينا قبل أن نفكر في إيقاف الإرهاب جسداً علينا إيقافه عقلاً أولاً.

ما زال التراث الاسلامي يحمل هذه الإشكالية ويمكن سرقة النصوص منه والتأويل حسب الحاجة، وما زالت الفكرة الإرهابية محفوظة كجرثومة مجمدة يمكن أن تنتشر في أي مكان وزمان، بسرعتها المعروفة، سرعة تحشيد جيش إسلامي-أوروبي مختلف الجنس خلال فترة صغيرة عبر شاشة كومبيوتر محمول فحسب.

فلنتخيل سوياً كيف يمكن أن تكون العمليات الإرهابية القادمة، لربما لن يحتاج الإرهاب إلى دولة، أي إلى هكذا مشروع منهك، بل ما سيحتاجه هو فقط مدوّنة عن كيفية تصنيع سلاح ناسف أو عبوة ناسفة من مواد بسيطة، ومدونة أخرى عن كيفية تفجير النفس وسط الحشود أو كيفية لصق عبوة بسيارة...

عن الكاتبة: رفقة رعد خليل، باحثة من العراق في فلسفة الحرب، وحاصلة على شهادة الماجستير في الفلسفة. تكتب لعدد من الصحف العراقية وموقع "الحوار المتمدن".

لمتابعة الكاتبة على فيسبوك إضغط هنا.

 

مواضيع ذات صلة:

العالم

في اليمن.. جهود شبابية تواجه فقر الحرب

غمدان الدقيمي
13 مايو 2020

يسعى شباب ومنظمات خيرية في اليمن، إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين في شهر رمضان من خلال القيام بمشاريع خيرية تستفيد منها مئات آلاف الأسر في البلد العربي الفقير الذي يشهد حربا دامية خلفت أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم.

وبسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات تشهد اليمن أكبر عملية إنسانية في العالم تصل مساعداتها إلى أكثر من 13 مليون شخص.

ويحتاج ما يقرب من 80% من السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة إلى المساعدات الإنسانية والحماية.

وأصبح عشرة ملايين شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وسبعة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وأطلقت مؤسسة "أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية"، وهي منظمة مدنية محلية، هذا العام مشروع "سلة الخير الرمضانية" تستهدف من خلاله مئات الأسر الفقيرة والمتعففة والمحتاجة.

وتقول رئيسة المنظمة أنجيلا أبو إصبع لموقع (ارفع صوتك)، "رمضان هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة بسبب ظروف كورونا. لذلك فقط وزعنا هذا الأسبوع حوالي 500 سلة غذائية على الفقراء في العاصمة صنعاء، وهذا يعتبر ضمن المشاريع الموسمية لمؤسسة أنجيلا التي تأسست قبل أربع سنوات وقدمت أكثر من 62 مشروعا ونشاطا خيريا وصحيا وتعليميا في مختلف المحافظات اليمنية، استفادت منها مئات آلاف الأسر".

والعام الماضي في رمضان وزعت مؤسسة انجيلا نحو 2250 سلة غذائية على الفقراء والمحتاجين، وكانت تطمح هذا العام توزيع أكثر من 3 آلاف سلة غذائية في ست محافظات يمنية، لكن بسبب جائحة كورونا لم تستطع المؤسسة الحصول سوى على 500 سلة غذائية فقط، وأثر أيضا الحجر الصحي على الداعمين من خارج اليمن.

وتوضح أبو إصبع أن المنظمة اتخذت كافة الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا أثناء توزيع السلال الغذائية.

أسوأ من أي رمضان آخر 

وتشير أنجيلا أبو إصبع إلى أن واقع اليمنيين حاليا سيء جدا جدا لعدة أسباب أبرزها الحرب التي دخلت نهاية مارس الماضي عامها السادس، وفقدان كثير من اليمنيين أعمالهم.

وربما أضافت أزمة كورونا مصاعب جديدة مع توقيف عدد من المؤسسات والشركات لأعمالها، وتسريح موظفيها، "الوضع حاليا أصبح أسوأ من أي رمضان آخر".

وإلى جانب نشاطها الخيري والتنموي ساهمت مؤسسة أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية في جهود التوعية والوقاية من فيروس كورونا خلال الأسابيع والأشهر الماضية في العاصمة اليمنية صنعاء.
 

سفراء السعادة

من جانبه، يقوم محمد باحبارة، وهو رئيس مبادرة "سفراء السعادة" بحضرموت مع سبعة من الشباب المتطوعين بمشاريع خيرية رمضانية في المحافظة الواقعة أقصى شرق اليمن.

ومبادرة سفراء السعادة، هي مبادرة خيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين في حضرموت.

يقول باحبارة لموقع (ارفع صوتك)، "في رمضان الحالي وزعنا أكثر من 600 سلة غذائية بتكلفة تقديرية 12 مليون ريال، فضلا عن الزكوات النقدية، وتوزيع عدد 1137 كرتون تمر بتكلفة فاقت 8 مليون ريال يمني (نحو 32 ألف دولار أميركي)".

كما توفر المبادرة مادة الثلج اليومي طوال شهر رمضان لنحو 310 أسرة، وقامت بتنفيذ مشروع إفطار عابر سبيل في ثلاث مناطق بحضرموت بتكلفة مليون و400 ألف ريال يمني (نحو 1600 دولار)، فضلا عن توزيع وجبة إفطار جاهزة لأكثر من1200 أسرة فقيرة.

ومن بين المشاريع الرمضانية التي نجحت المبادرة في تقديمها هي توفير أدوية لأحد المرضى بتكلفة مليون ونصف المليون ريال يمني وإنقاذ حياته بعد أن كان يرقد بالعناية المركزة، فضلا عن مساعدة طفلة أخرى مريضة بعلاج بمبلغ 200 ألف ريال، وكفالة شهرية لشاب مريض بعدة أمراض مزمنة.

يضاف إلى ذلك توفير وجبات سحور وإفطار للعالقين في منفذ حضرموت الغربي بسبب فيروس كورونا.

ويقول باحبارة (32 عاما) إن التكلفة الإجمالية للمشاريع الرمضانية حتى الآن بلغت 33 مليون و500 ألف ريال يمني (55833 ألف دولار أمريكي)، مع أن المشاريع لا تزال مستمرة حتى نهاية شهر رمضان.

ويوضح أن تكاليف تلك المساعدات يقدمها فاعلو خير ورجال أعمال عبر مناشدات تطلقها المبادرة في مواقع التواصل الاجتماعي.
 

غمدان الدقيمي