المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
لم تكن سعاد البكدوري تدري أن توديعها لزوجها وابنها في باحة المطار ذات يوم من شهر أيار/مايو 2013 سيكون وداعاً أبدياً.
لكن جاءها بعدها الخبر المفزع، "مات زوجك وطفلك في العناية المشددة بعدما استهدفتهما أيادي الإرهاب الغاشم بمدينة الدار البيضاء ليلة الجمعة الأسود 16 أيار/مايو 2003"، هكذا قالتها سعاد والحسرة تخنق أنفاسها.
سعاد البكدوري، نموذج المرأة المغربية التي لم يحد الإرهاب طموحها ويضعف عزيمتها، فلم تنتظر الإنصاف من أحد، لتسارع في إطار جمعية ضحايا الإرهاب بالمغرب إلى مواكبة الضحايا ونشر قيم التعايش والسلم والأمن في صفوف الأجيال الناشئة، وذلك من خلال الأنشطة التوعوية التي تقوم بها هذه الجمعية في المؤسسات التعلمية.
وقوف من جديد
"كيف أبكي زوجي الذي فقدته وكيف أرافق ابني الذي ظل في غيبوبة تامة.. كان علي أن أتوقى وكلي أمل في أن أستعيد ابني على الأقل. لقد تغير مسار حياتي، وفقدت قدرتي على العمل. لكن في لحظة من اللحظات استجمعت قواي ووقفت من جديد من أجل مواكبة ابنتي، ومن أجل الضحايا الآخرين وأبنائهم الذين اكتووا بنار الإرهاب".
تأثرت كثيراً بهذه الحادثة التي فقدت فيها العنصر المذكر في أسرتي، فقدت الزوج والابن وبقيت لي فقط ابنتي. مررت بفترات عصيبة جداً، فقدت توازني الصحي والنفسي، لأني لم أحتمل هول هذه الصدمة"، تحكي سعاد قصتها مع الإرهاب الذي ضربها على حين غرة. إلا أن ذلك لم يحد من عزيمتها وإصرارها على التمسك بالحياة.
"كان لا بد وأن أستمر وأقوى رغماً عني، لأني أم لفتاة أخرى كانت في حاجة للأب والأم، فلعبت هذا الدور".
اهتمام غير دائم
وتكشف سعاد الذي ترأست أول جمعية مغربية لضحايا أحداث 16 أيار/مايو الإرهابية التي هزت خمس مواقع في مدينة الدار البيضاء، كبرى مدن المغرب، أنها بعدما استفاقت من هول المأساة، وجدت نفسها وكذلك عائلات ضحايا أخرى بلا معيل، يعتمدون على أنفسهم لتلبية حاجياتهم الضرورية وعلى رأسها تكاليف دراسة أبناء الضحايا، وأن اهتمام السلطات بهم كان لحظياً فقط".
عائلتي تتوسع
وتضيف البكدوري والدموع تغالبها "لم أكن أدري أن اهتمامي أنا وزوجي بما يقع في العالم من أحداث إرهابية سأصبح ذات يوم ضحية له. كانت صدمة الأحداث الإرهابية بالمغرب محفزاً قوياً لاهتمامي بهذه الظاهرة وكل ما يحيط بها، حيث انصب اهتمامي يسر في اتجاه مواكبة الأخبار المتعلقة بالإرهاب في محاولة لفهم ما وقع لي وما يقع لباقي ضحايا الإرهاب سواء في المغرب أو في العالم".
"كلما ضرب الإرهاب في أي مكان في العالم أشعر أن عائلتي تتوسع، وأن أفرادا آخرين يضافون إلى هذه العائلة. رسالتي إليهم هي أن نظل أقوياء مهما يكن، وأن نتضامن فيما بيننا محافظين على إنسانيتنا وآدميتنا التي فقدها الإرهابيون المتطرفون، وأن نصبح قوة موازية وإن كنا لا نمتلك السلاح المدمر، وإنما نملك سلاح الحب والسلام".
* الصورة: سعاد البكدوري/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659