بقلم علي عبد الأمير:

ليس سراً أن البصرة، التي كانت تعرف بـ"ثغر العراق الباسم"، عاشت منذ العام 1980 فصولاً صعبة من أهوال الحرب والموت والضنك والعنف، عبر عقود الحروب والحصار والإرهاب. وهو ما جعل مدينة الشعر والمعرفة والانفتاح على العالم عبر إطلالتها على الخليج، تتراجع في فعاليتها الإنسانية والمدنية على وجه الخصوص.

لكن هذا المدار العنيف ظل يقابل برد من أبناء المدينة، وهو رد الإصرار على الأمل وإنتاج قيم الحياة حتى مع أوقات مكفهرة وصعبة.

في ورشة الأمل

ومثل هذا المعنى يشير إليه الناشط المدني البصري، صفاء الضاحي، الذي يتحدث عن "حُلم يراودني منذ الصغر كما راود غيري، إذن هو ليس مستحيلاً فكل إنجاز يبدأ بحلم ثم فكرة  فتنفيذ". ذلك الحلم المتمثل بمشروع إنشاء شارع ثقافي يكون بمثابة الشقيق لشارع المتنبي في بغداد.

ويقول الضاحي في مداخلة مع (إرفع صوتك) إنه قام بتقديم مشروع إنشاء شارع ثقافي يعنى بالثقافة والكتاب والفن والأدب للمسؤولين في محافظة البصرة، ويكون هذا الشارع بمثابة الأخ الشقيق لشارع المتنبي ببغداد، وتحت مسمى "شارع الفراهيدي"، وموقعه في (حدائق العباسية).

ويروي الضاحي "بعد بحث وتمحيص دقيقين لمواقع البصرة وأزقتها والتي لم نوفق فيها للعثور على مكان أنسب من المكان المقترح، استحصلنا موافقة (تشريعية) من لجنة الثقافة والاعلام في مجلس البصرة في غضون أيام. وخلال فترة استحصال موافقات (تنفيذية) من قبل دوائر الحكومة المحلية، كانت هناك جولات ميدانية من قبل فريق إنجاز على أصحاب المكتبات ودور النشر لكسب تأييدهم للمشروع ودعمهم المعنوي له من خلال تواجدهم فيه، وأثمرت هذه الجولات عن تأييد وتفاعل كبيرين من قبل المكتبات ودور النشر".

الحلم أقرب الى الحقيقة

ويواصل الضاحي سرد قصة الشارع الثقافي البصري الجديد، موضحاً "كان لا بد من الإسراع في تحديد يوم للإفتتاح الرسمي بسبب قرب حلول شهر رمضان، وتزامنه مع فصل الصيف وكما هو معروف فإن صيف البصرة لن يتيح لنا أي مجال لإقامة الفعاليات بسبب لهيب شمسه الحارقة. تم الاتفاق على أن يكون الافتتاح الرسمي يوم الجمعة 2015/5/29".

كانت أهم المعوقات التي واجهت المشروع، بحسب الضاحي، غياب الدعم المادي من أي جهة حكومية أو أهلية "مما اضطرنا كالعادة إلى الاعتماد على أنفسنا في الإنفاق على المشروع: طباعة الدعوات الخاصة بالافتتاح، ودعوة كافة الشخصيات الحكومية والرسمية في الحكومة المحلية، إضافة إلى المؤسسات والاتحادات والنقابات الأدبية والثقافية والفنية. كان الحضور الجماهيري أكبر من المتوقع في يوم الافتتاح في حين غاب عنه الحضور الرسمي، عدا رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس المحافظة".

ضوء في ليل بهيم

وعن معنى إقامة حدث ثقافي مسائي في مكان عام بمدينة تستسلم شوارعها للظلام، بسبب غياب التيار الكهربائي، يورد الضاحي هذا النسق من الدأب والمثابرة، قائلاً "لم تمضِ إلا أسابيع حتى حل شهر رمضان الذي أجبرنا على تغيير موعد الإفتتاح إلى ما بعد الإفطار. وهذا التوقيت أضاف علينا عبئاً آخر ألا وهو توفير الإنارة للشارع الثقافي وتنسيقها، مع ضرورة توفير مولد كهربائي لحالات الطوارئ حيث تم تأجير مولد لأربعة أسابيع مع القيام بحملة نصب وصيانة لأعمدة الإنارة من قبل الفريق المنفذ (فريق إنجاز)".

ويشير الضاحي إلى أن أسابيع شهر رمضان شهدت تواجداً حكومياً ملفتاً للنظر وكان كل من يزور الشارع من المسؤولين المحليين والنواب البصريين يعد بالدعم والمساعدة، إلا أن من أوفى بوعده هما رئيس لجنة الثقافة باسم خلف الذي قدّم خمسمائة ألف دينار، إضافة إلى محافظ البصرة ماجد النصراوي بتقديمه مليون وأربعمائة ألف دينار.

تعليم الرسم والفنون في شارع الفراهيدي

المعرفة والتسلية الراقية

اليوم يفصلنا نحو شهر فقط عن الذكرى السنوية الأولى لافتتاح شارع الفراهيدي، الذي يزداد تألقاً بجهود تطوعية عبر تقديم المال والجهد والوقت من قبل أعضاء "فريق إنجاز" للعمل التطوعي، والذين يقومون بالإعداد لاحتفال خاص، فيما يقوم مؤسس "فريق إنجاز ورئيس اللجنة التنظيمية لشارع الفراهيدي، صفاء الضاحي، بتأليف كتاب "شارع الفراهيدي بين الحُلم والحقيقة".

هذا الحلم ابتدأ مع ثمان مكتبات، ليزهو اليوم بتواجد 24 مكتبة، إضافة إلى العديد من الانشطة والفعاليات: معارض للكتب وعروض مسرحية ارتجالية وملتقى شعري ومرسم صغير لتعليم الأطفال فنون الرسم "بصمة فن" لتعليم الشباب أساسيات الإبداع في الرسم.

هذا بالإضافة إلى الملتقى التنويري وهواة الطوابع والعملات وتدريبات دارم وماهر لتثقيف الأطفال ومعهد اللغات المجاني لتعليم اللغة الإنجليزية بالمجان ومبادرة إقرأ ومكتبة إعارة الكتب الأسبوعية وبالمجان ومكتبة الفراهيدي الحرة لاستبدال أي كتاب يعجبك بكتاب آخر، وكذلك سوق الفراهيدي للأنتيكات وورش ونقاشات وحوارات شبابية ودورات تنميه بشرية وغيرها من فعاليات المعرفة والتسلية الراقية.

*الصور: تنشر بإذن خاص من الناشط المدني صفاء الضاحي

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

مواضيع ذات صلة:

العالم

في اليمن.. جهود شبابية تواجه فقر الحرب

غمدان الدقيمي
13 مايو 2020

يسعى شباب ومنظمات خيرية في اليمن، إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين في شهر رمضان من خلال القيام بمشاريع خيرية تستفيد منها مئات آلاف الأسر في البلد العربي الفقير الذي يشهد حربا دامية خلفت أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم.

وبسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات تشهد اليمن أكبر عملية إنسانية في العالم تصل مساعداتها إلى أكثر من 13 مليون شخص.

ويحتاج ما يقرب من 80% من السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة إلى المساعدات الإنسانية والحماية.

وأصبح عشرة ملايين شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وسبعة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وأطلقت مؤسسة "أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية"، وهي منظمة مدنية محلية، هذا العام مشروع "سلة الخير الرمضانية" تستهدف من خلاله مئات الأسر الفقيرة والمتعففة والمحتاجة.

وتقول رئيسة المنظمة أنجيلا أبو إصبع لموقع (ارفع صوتك)، "رمضان هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة بسبب ظروف كورونا. لذلك فقط وزعنا هذا الأسبوع حوالي 500 سلة غذائية على الفقراء في العاصمة صنعاء، وهذا يعتبر ضمن المشاريع الموسمية لمؤسسة أنجيلا التي تأسست قبل أربع سنوات وقدمت أكثر من 62 مشروعا ونشاطا خيريا وصحيا وتعليميا في مختلف المحافظات اليمنية، استفادت منها مئات آلاف الأسر".

والعام الماضي في رمضان وزعت مؤسسة انجيلا نحو 2250 سلة غذائية على الفقراء والمحتاجين، وكانت تطمح هذا العام توزيع أكثر من 3 آلاف سلة غذائية في ست محافظات يمنية، لكن بسبب جائحة كورونا لم تستطع المؤسسة الحصول سوى على 500 سلة غذائية فقط، وأثر أيضا الحجر الصحي على الداعمين من خارج اليمن.

وتوضح أبو إصبع أن المنظمة اتخذت كافة الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا أثناء توزيع السلال الغذائية.

أسوأ من أي رمضان آخر 

وتشير أنجيلا أبو إصبع إلى أن واقع اليمنيين حاليا سيء جدا جدا لعدة أسباب أبرزها الحرب التي دخلت نهاية مارس الماضي عامها السادس، وفقدان كثير من اليمنيين أعمالهم.

وربما أضافت أزمة كورونا مصاعب جديدة مع توقيف عدد من المؤسسات والشركات لأعمالها، وتسريح موظفيها، "الوضع حاليا أصبح أسوأ من أي رمضان آخر".

وإلى جانب نشاطها الخيري والتنموي ساهمت مؤسسة أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية في جهود التوعية والوقاية من فيروس كورونا خلال الأسابيع والأشهر الماضية في العاصمة اليمنية صنعاء.
 

سفراء السعادة

من جانبه، يقوم محمد باحبارة، وهو رئيس مبادرة "سفراء السعادة" بحضرموت مع سبعة من الشباب المتطوعين بمشاريع خيرية رمضانية في المحافظة الواقعة أقصى شرق اليمن.

ومبادرة سفراء السعادة، هي مبادرة خيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين في حضرموت.

يقول باحبارة لموقع (ارفع صوتك)، "في رمضان الحالي وزعنا أكثر من 600 سلة غذائية بتكلفة تقديرية 12 مليون ريال، فضلا عن الزكوات النقدية، وتوزيع عدد 1137 كرتون تمر بتكلفة فاقت 8 مليون ريال يمني (نحو 32 ألف دولار أميركي)".

كما توفر المبادرة مادة الثلج اليومي طوال شهر رمضان لنحو 310 أسرة، وقامت بتنفيذ مشروع إفطار عابر سبيل في ثلاث مناطق بحضرموت بتكلفة مليون و400 ألف ريال يمني (نحو 1600 دولار)، فضلا عن توزيع وجبة إفطار جاهزة لأكثر من1200 أسرة فقيرة.

ومن بين المشاريع الرمضانية التي نجحت المبادرة في تقديمها هي توفير أدوية لأحد المرضى بتكلفة مليون ونصف المليون ريال يمني وإنقاذ حياته بعد أن كان يرقد بالعناية المركزة، فضلا عن مساعدة طفلة أخرى مريضة بعلاج بمبلغ 200 ألف ريال، وكفالة شهرية لشاب مريض بعدة أمراض مزمنة.

يضاف إلى ذلك توفير وجبات سحور وإفطار للعالقين في منفذ حضرموت الغربي بسبب فيروس كورونا.

ويقول باحبارة (32 عاما) إن التكلفة الإجمالية للمشاريع الرمضانية حتى الآن بلغت 33 مليون و500 ألف ريال يمني (55833 ألف دولار أمريكي)، مع أن المشاريع لا تزال مستمرة حتى نهاية شهر رمضان.

ويوضح أن تكاليف تلك المساعدات يقدمها فاعلو خير ورجال أعمال عبر مناشدات تطلقها المبادرة في مواقع التواصل الاجتماعي.
 

غمدان الدقيمي