بقلم علي عبد الأمير:

"لقد زرت الهند مؤخراً حيث يعيش أكثر من مليار و250 مليون من السكان في حالة من التسامح العجيب، والابتعاد عن العنف، وهي ظاهرة بحاجة إلى دراسة، فيما يحاول مجموعة من العرب المتشربين لأفكار الفوقية الخادعة محو بقية سكان العالم من الوجود"، هذا مدخل اختاره الروائي والإعلامي الأردني يحيى القيسي لبحث طريقة تعاطي العرب مع الإرهاب الذي بات يضعهم في مواجهات متصلة مع التحديات الصعبة.

وانتقد القيسي سياسة إيجاد "الحلول بعد وقوع الفأس في الرأس"، وبالتالي تصبح المعالجة متأخرة وعالية الكلفة فيما فرص النجاح لها ضئيلة. يوضح القيسي ذلك المدخل المتأخر نحو الحل الخاص بشأن "تفشي الأفكار الإرهابية بين الشيب والشباب كالنار في الهشيم. فالأرضية كانت جاهزة، والحاضنة الفكرية متوثبة، وبالتالي أصبحت صفة الإرهاب ملازمة لهم، بدل أن يساهموا في نشر ثقافة التسامح".

"الإسلام السياسي" والمشروع الأخلاقي للدين؟

ويحذر القيسي في مداخلة خصّ بها موقع (إرفع صوتك) من "التقاعس العربي حيال تحدي الإرهاب وإيجاد حل عاجل له" وإلا "قد تتألب ضد العرب بقية الشعوب الأخرى في محاولة عكسية قد تعيدهم إلى العصور الوسطى، وهذا أمر جرى في الحقيقة لبعض الدول".

كما يشدد على أن "الأمر يحتاج إلى الإعتراف بقسوة أن الكثير مما وصلنا من الفكر الديني هو نتاج للإسلام السياسي الذي أطاح بالمشروع الأخلاقي للدين وحوله إلى دولة وسلطة حاكمة تمتلك عناصر القهر والاقصاء".

وفي حين يرى القيسي ضرورة "مراجعة الموروث وتنقيته من الدعوات التي تحض على القتل وإجبار الناس على الدخول بالإسلام، قبل أن يختلط الحابل بالنابل وتصبح صورة العربي في الغرب شيطانية بالكامل، وإرهابية، يشدد الناشط المدني العراقي عمر نزار النوح، على أنّه "أصبح لزاماً أن تدخل الإنسانية حرباً شاملة ضد الإرهاب، فإذا كانت جريمة قتل واحدة قادت لحرب عالمية كبرى سمّوها الحرب العالمية الأولى، فالإرهاب إذا ما ترك سيقودنا لفناء مستقبل آمن للبشرية جمعاء".

ويعتقد النوح في مداخلة مع موقع (إرفع صوتك) أن التكاليف الأهم تتجاوز الكلفة الاقتصادية لتذهب إلى أصل الإرهاب. "وإذا كنا اختلفنا حول تعريف الإرهاب، لن نختلف كشرقيين على أن هناك نمط من الإرهاب يعتمد الإسلام كبيئة حاضنة له، ويعتاش على ظواهر تاريخية وطروحات كلها إسلامية".

وفضلاً عن أصل الإرهاب بحسب المجموعات الإسلامية المتطرفة، يظهر التعقيد في برامج مؤثرة تتولى التصدي للإرهاب وصولاً إلى حلول، يشدد النوح على أن "تكون متكاملة، سياسية، إقتصادية وفكرية ونهضوية اضافة إلى الأمنية. فالشعوب التي تعتبر حاضنة للإرهاب كلها تعاني في مجتمعاتها من إرهاب الدولة ومن ضياع الروابط الوطنية وسطوة الرابط الديني والطائفي. فإذا أردنا دخول هذه الحرب على الإرهاب سنحتاج إلى إصلاح تلك النظم وتلك القيم التي تحكم تلك البيئة المنتجة للإرهاب".

كي لا تكون المجتمعات المسلمة حاضنة للإرهاب؟

ويسمي النوح خططاً واستراتيجيات تعيد التوازن لتلك المجتمعات المسلمة التي باتت تبدو وكأنها "حاضنة للإرهاب":

* مشروع نهضوي للشعوب، نطرحه كبديل عن الحلول الدينية والطائفية، ولا بديل عن الحل الوطني، فهو الوحيد القائم على التعايش بينما تقوم كل الطروحات الدينية على أحقية الإسلام أمام بقية الأديان.

* بناء مؤسسات تبني شكل الاختلاف في بنية الفرد والجماعة الدينية من جديد، وتعيد فهم النصوص على أساس إصلاحي مفيد للمجتمع، يقوم على أساس أن الدين حق شخصي، لا فئوي ولا عام للمجتمعات.

*إعادة تفعيل دور القانون وسطوته على فكر المجتمع، يعيد لذهنية الفرد أن التزامه بالقوانين يؤدي إلى ضمان حقوقه وعدم ضياعها في الفوضى.

*إشاعة فهم يجعل العنف كمحذور ومحظور مدني وديني وأنه ذنب عظيم يعيد تقييم الذنوب على أساس تعديها على حقوق الآخرين.

*إعادة دوائر الاجتهاد الديني تقييمها لنفسها، وإعادة التداول السلمي لسلطاتها على أساس الاجتهاد الدراسي والعلمي، وإعادة بناء مؤسساتها على أساس علمي رصين يتقبل الآخر باعتباره صاحب وجهات نظر وليس عدواً.

الصورة: "أصبح لزاماً أن تدخل الإنسانية حرباً شاملة ضد الإرهاب"/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

العالم

في اليمن.. جهود شبابية تواجه فقر الحرب

غمدان الدقيمي
13 مايو 2020

يسعى شباب ومنظمات خيرية في اليمن، إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين في شهر رمضان من خلال القيام بمشاريع خيرية تستفيد منها مئات آلاف الأسر في البلد العربي الفقير الذي يشهد حربا دامية خلفت أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم.

وبسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات تشهد اليمن أكبر عملية إنسانية في العالم تصل مساعداتها إلى أكثر من 13 مليون شخص.

ويحتاج ما يقرب من 80% من السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة إلى المساعدات الإنسانية والحماية.

وأصبح عشرة ملايين شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وسبعة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وأطلقت مؤسسة "أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية"، وهي منظمة مدنية محلية، هذا العام مشروع "سلة الخير الرمضانية" تستهدف من خلاله مئات الأسر الفقيرة والمتعففة والمحتاجة.

وتقول رئيسة المنظمة أنجيلا أبو إصبع لموقع (ارفع صوتك)، "رمضان هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة بسبب ظروف كورونا. لذلك فقط وزعنا هذا الأسبوع حوالي 500 سلة غذائية على الفقراء في العاصمة صنعاء، وهذا يعتبر ضمن المشاريع الموسمية لمؤسسة أنجيلا التي تأسست قبل أربع سنوات وقدمت أكثر من 62 مشروعا ونشاطا خيريا وصحيا وتعليميا في مختلف المحافظات اليمنية، استفادت منها مئات آلاف الأسر".

والعام الماضي في رمضان وزعت مؤسسة انجيلا نحو 2250 سلة غذائية على الفقراء والمحتاجين، وكانت تطمح هذا العام توزيع أكثر من 3 آلاف سلة غذائية في ست محافظات يمنية، لكن بسبب جائحة كورونا لم تستطع المؤسسة الحصول سوى على 500 سلة غذائية فقط، وأثر أيضا الحجر الصحي على الداعمين من خارج اليمن.

وتوضح أبو إصبع أن المنظمة اتخذت كافة الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا أثناء توزيع السلال الغذائية.

أسوأ من أي رمضان آخر 

وتشير أنجيلا أبو إصبع إلى أن واقع اليمنيين حاليا سيء جدا جدا لعدة أسباب أبرزها الحرب التي دخلت نهاية مارس الماضي عامها السادس، وفقدان كثير من اليمنيين أعمالهم.

وربما أضافت أزمة كورونا مصاعب جديدة مع توقيف عدد من المؤسسات والشركات لأعمالها، وتسريح موظفيها، "الوضع حاليا أصبح أسوأ من أي رمضان آخر".

وإلى جانب نشاطها الخيري والتنموي ساهمت مؤسسة أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية في جهود التوعية والوقاية من فيروس كورونا خلال الأسابيع والأشهر الماضية في العاصمة اليمنية صنعاء.
 

سفراء السعادة

من جانبه، يقوم محمد باحبارة، وهو رئيس مبادرة "سفراء السعادة" بحضرموت مع سبعة من الشباب المتطوعين بمشاريع خيرية رمضانية في المحافظة الواقعة أقصى شرق اليمن.

ومبادرة سفراء السعادة، هي مبادرة خيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين في حضرموت.

يقول باحبارة لموقع (ارفع صوتك)، "في رمضان الحالي وزعنا أكثر من 600 سلة غذائية بتكلفة تقديرية 12 مليون ريال، فضلا عن الزكوات النقدية، وتوزيع عدد 1137 كرتون تمر بتكلفة فاقت 8 مليون ريال يمني (نحو 32 ألف دولار أميركي)".

كما توفر المبادرة مادة الثلج اليومي طوال شهر رمضان لنحو 310 أسرة، وقامت بتنفيذ مشروع إفطار عابر سبيل في ثلاث مناطق بحضرموت بتكلفة مليون و400 ألف ريال يمني (نحو 1600 دولار)، فضلا عن توزيع وجبة إفطار جاهزة لأكثر من1200 أسرة فقيرة.

ومن بين المشاريع الرمضانية التي نجحت المبادرة في تقديمها هي توفير أدوية لأحد المرضى بتكلفة مليون ونصف المليون ريال يمني وإنقاذ حياته بعد أن كان يرقد بالعناية المركزة، فضلا عن مساعدة طفلة أخرى مريضة بعلاج بمبلغ 200 ألف ريال، وكفالة شهرية لشاب مريض بعدة أمراض مزمنة.

يضاف إلى ذلك توفير وجبات سحور وإفطار للعالقين في منفذ حضرموت الغربي بسبب فيروس كورونا.

ويقول باحبارة (32 عاما) إن التكلفة الإجمالية للمشاريع الرمضانية حتى الآن بلغت 33 مليون و500 ألف ريال يمني (55833 ألف دولار أمريكي)، مع أن المشاريع لا تزال مستمرة حتى نهاية شهر رمضان.

ويوضح أن تكاليف تلك المساعدات يقدمها فاعلو خير ورجال أعمال عبر مناشدات تطلقها المبادرة في مواقع التواصل الاجتماعي.
 

غمدان الدقيمي