المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

في منزلها المتواضع بأحد الأحياء الشعبية بمدينة الرباط، فتحت السيدة خديجة القرطي أبواب منزلها على مصراعيه لاستقبال وإيواء المريضات بالسرطان اللواتي ينتقلن من مدن بعيدة لتلقي العلاجات في المستشفى التخصصي الوحيد بالعاصمة الرباط.

وتعتبر هذه المبادرة شديدة التميز في مجتمع تعددت مشاكله وغطت الأحداث المتسارعة فيه على فئة تعاني في صمت.

مساعدة على قدر المستطاع

تتحدث مي خديجة لموقع (إرفع صوتك) عن فكرة تطوعها لإيواء النساء المصابات بالسرطان في بيتها، قائلة "عشت نفس المعاناة، بحيث كنت أتنقل للمستشفى بحثاً عن علاج لأختي المصابة بالسرطان بعد وفاة زوجي، لكن للأسف لم يمهلها هذا المرض الكثير من الوقت، فقررت أن أساعد من يعاني ولو بأبسط الأشياء على قدر المستطاع".

في عمرها الذي تجاوز الستين، تقف مي خديجة كراعية لمن يلجأ إليها. وتقول "هؤلاء النساء وذويهم هم عائلتي الصغيرة والكبيرة بعدما فقدت أعز أحبابي. نذرت ما تبقى من حياتي لخدمتهم وزرع بصيص أمل فيهم، فالمعاناة مع التنقل وإيجاد مكان للعلاج لا تقل صعوبة عن إيجاد مكان يأويك في مدينة لا ترحم".

"وهكذا كانت فكرة استقبالهن في منزلي بعدما أصبحت وحيدة خاصة وأن ابني وابنتي متواجدان خارج المغرب"، تردف مي خديجة.

"لا نشعر بالنقص"

ينبض منزل مي خديجة بالحياة على الرغم من معاناة المريضات بالسرطان، لكن تواجدهن في نفس المكان يهوّن عليهن الأوقات العصيبة. يتشاركن أسرة متقاربة ويتجمعن ليتناولن وجباتهن معن في أجواء من الألفة.

بعض المريضات يشعرن أن هذه الإقامة المؤقتة أفضل من منزلهن الفعلي، مثل مي فاطمة التي تقول لموقع (إرفع صوتك) "نعيش هنا أفضل مما نعيش في منازلنا، لا ينقصنا خير. نتمنى من الله أن ينظر إلينا الكل بعين الرحمة لتستمر هذه المبادرة، وأن تتوسع لتستوعب الكثير والمزيد من ضحايا المرض الخبيث".

مي ميلودة، إحدى المريضات التي تخضع حالياً للعلاج، وتقيم في المنزل تتذكر كيف استقبلتها مي خديجة بالأحضان. ومع العلاج الكيميائي وما يتركه من أثر كريه عليها، تقول إن إحسان السيدة خديجة لا يقتصر على توفير المأوى "فهي توفر لنا الحنان الذي أنسانا إياه مرض السرطان".

وتضيف ميلودة في حديثها لموقع (إرفع صوتك) "يزورنا طبيب نفسي كذلك لرعايتنا، إضافة إلى طبيب عام يراقب صحتنا بشكل منتظم".

فكرة صغيرة وطموح كبير

تعود مي خديجة بذكرياتها إلى أيام معاناتها رفقة زوجها خلال حصص الاستشفاء بمستشفى مولاي عبد الله بالرباط. "فقدت زوجي ولم أفقد إحساسي بمعاناة الآخرين، لذا قررت أن أفتح بيتي للمرضى الفقراء والمعوزين، فكانت البداية بأن استقبلت حوالي 10 نساء وأوصيتهن بالبحث عن أي حالة معوزة تحتاج المساعدة لجلبها إلى بيتي المفتوح طيلة اليوم والأسبوع، كما أوصيت حراس الأمن بالمستشفى بالأمر نفسه. وكل من التقيته أدعوه إلى توجيه المحتاجين صوب منزلي".

ذاع صيت مي خديجة في أوساط المريضات بالسرطان اللواتي يتلقين العلاج في مدينة الرباط، وتوالت القادمات إلى بيتها. ورغم قصر ذات اليد وقلة الإمكانيات وغياب الدعم، بقي الباب مفتوحا للجميع، تقول مي خديجة. "ثم فكرنا في إنشاء جمعية علّنا ننظم عملنا ونوفر الحاجيات الضرورية التي تحتاجها المريضات كالتنقل والدعم من السلطات، لكن لحد الآن إمكانياتنا لا تسمح باستقبال أكثر من 30 مريضة، ونتمنى توسيع المقر لاستقبال المزيد".

وهكذا تحولت الفكرة من مبادرة فردية إلى جمعية منظمة تحت اسم (جنّات) "وبفضل تضافر الجهود وافقت السلطات على منحنا سيارة لنقل المريضات من مقر الإقامة إلى مستشفى العلاج، لأن التنقل الفردي أمر صعب في مدينة الرباط المزدحمة".

وعلى الرغم من التقدم الذي حققته، لا تزال مي خديجة تسعى للتقدم. "طموحي كبير لا حدود له، أريد توسيع هذه المبادرة لتستقطب جميع مرضى السرطان".

*الصورة: مي خديجة محاطة بضيوفها في منزلها/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

العالم

في اليمن.. جهود شبابية تواجه فقر الحرب

غمدان الدقيمي
13 مايو 2020

يسعى شباب ومنظمات خيرية في اليمن، إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين في شهر رمضان من خلال القيام بمشاريع خيرية تستفيد منها مئات آلاف الأسر في البلد العربي الفقير الذي يشهد حربا دامية خلفت أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم.

وبسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات تشهد اليمن أكبر عملية إنسانية في العالم تصل مساعداتها إلى أكثر من 13 مليون شخص.

ويحتاج ما يقرب من 80% من السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة إلى المساعدات الإنسانية والحماية.

وأصبح عشرة ملايين شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وسبعة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وأطلقت مؤسسة "أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية"، وهي منظمة مدنية محلية، هذا العام مشروع "سلة الخير الرمضانية" تستهدف من خلاله مئات الأسر الفقيرة والمتعففة والمحتاجة.

وتقول رئيسة المنظمة أنجيلا أبو إصبع لموقع (ارفع صوتك)، "رمضان هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة بسبب ظروف كورونا. لذلك فقط وزعنا هذا الأسبوع حوالي 500 سلة غذائية على الفقراء في العاصمة صنعاء، وهذا يعتبر ضمن المشاريع الموسمية لمؤسسة أنجيلا التي تأسست قبل أربع سنوات وقدمت أكثر من 62 مشروعا ونشاطا خيريا وصحيا وتعليميا في مختلف المحافظات اليمنية، استفادت منها مئات آلاف الأسر".

والعام الماضي في رمضان وزعت مؤسسة انجيلا نحو 2250 سلة غذائية على الفقراء والمحتاجين، وكانت تطمح هذا العام توزيع أكثر من 3 آلاف سلة غذائية في ست محافظات يمنية، لكن بسبب جائحة كورونا لم تستطع المؤسسة الحصول سوى على 500 سلة غذائية فقط، وأثر أيضا الحجر الصحي على الداعمين من خارج اليمن.

وتوضح أبو إصبع أن المنظمة اتخذت كافة الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا أثناء توزيع السلال الغذائية.

أسوأ من أي رمضان آخر 

وتشير أنجيلا أبو إصبع إلى أن واقع اليمنيين حاليا سيء جدا جدا لعدة أسباب أبرزها الحرب التي دخلت نهاية مارس الماضي عامها السادس، وفقدان كثير من اليمنيين أعمالهم.

وربما أضافت أزمة كورونا مصاعب جديدة مع توقيف عدد من المؤسسات والشركات لأعمالها، وتسريح موظفيها، "الوضع حاليا أصبح أسوأ من أي رمضان آخر".

وإلى جانب نشاطها الخيري والتنموي ساهمت مؤسسة أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية في جهود التوعية والوقاية من فيروس كورونا خلال الأسابيع والأشهر الماضية في العاصمة اليمنية صنعاء.
 

سفراء السعادة

من جانبه، يقوم محمد باحبارة، وهو رئيس مبادرة "سفراء السعادة" بحضرموت مع سبعة من الشباب المتطوعين بمشاريع خيرية رمضانية في المحافظة الواقعة أقصى شرق اليمن.

ومبادرة سفراء السعادة، هي مبادرة خيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين في حضرموت.

يقول باحبارة لموقع (ارفع صوتك)، "في رمضان الحالي وزعنا أكثر من 600 سلة غذائية بتكلفة تقديرية 12 مليون ريال، فضلا عن الزكوات النقدية، وتوزيع عدد 1137 كرتون تمر بتكلفة فاقت 8 مليون ريال يمني (نحو 32 ألف دولار أميركي)".

كما توفر المبادرة مادة الثلج اليومي طوال شهر رمضان لنحو 310 أسرة، وقامت بتنفيذ مشروع إفطار عابر سبيل في ثلاث مناطق بحضرموت بتكلفة مليون و400 ألف ريال يمني (نحو 1600 دولار)، فضلا عن توزيع وجبة إفطار جاهزة لأكثر من1200 أسرة فقيرة.

ومن بين المشاريع الرمضانية التي نجحت المبادرة في تقديمها هي توفير أدوية لأحد المرضى بتكلفة مليون ونصف المليون ريال يمني وإنقاذ حياته بعد أن كان يرقد بالعناية المركزة، فضلا عن مساعدة طفلة أخرى مريضة بعلاج بمبلغ 200 ألف ريال، وكفالة شهرية لشاب مريض بعدة أمراض مزمنة.

يضاف إلى ذلك توفير وجبات سحور وإفطار للعالقين في منفذ حضرموت الغربي بسبب فيروس كورونا.

ويقول باحبارة (32 عاما) إن التكلفة الإجمالية للمشاريع الرمضانية حتى الآن بلغت 33 مليون و500 ألف ريال يمني (55833 ألف دولار أمريكي)، مع أن المشاريع لا تزال مستمرة حتى نهاية شهر رمضان.

ويوضح أن تكاليف تلك المساعدات يقدمها فاعلو خير ورجال أعمال عبر مناشدات تطلقها المبادرة في مواقع التواصل الاجتماعي.
 

غمدان الدقيمي