بقلم رفقة رعد خليل:
يعتمد تنظيم داعش على عدة استراتيجيات لترسيخ وجوده في المنطقة وأولها مفهوم الدولة الإسلامية وإعادة نظام الخلافة للحكم، واعتماد الجهاد كمنهج ووسيلة لتحقيق هذا المفهوم.
في المقابل، فإن داعش حاول تثبيت أقدامه في العراق و سورية عبر جذب الكثير من المسلحين إليه وخصوصاً من الدول العربية، معتمداً على فكرة مهمة وهي "إيقاف المد الشيعي" الذي تقوده إيران لتحقيق حلمها التاريخي السياسي بإقامة امبراطورية فارسية في المنطقة. ولطالما لعب داعش، وما يزال، على هذا الوتر لتأكيد أهمية وجوده، وزيادة شعبيته وإعطاء الشرعية لكل وسائله التكفيرية وعملياته الإرهابية.
وهذا ما ساهم في ترسيخ فكرة أن داعش هي المنقذ الوحيد للسُنة في العراق أو سورية، وبالتالي نجح التنظيم باستقطاب عدد من الشباب وتجنيدهم لتنفيذ مخططاته وإرهابه، معتمداً عليهم كموردٍ بشري لتنفيذ إرهابه.
ولا يأتي هذا الانضمام من فراغ ، فالتهميش الذي طال سُنة العراق والأذى الذي لحقهم من الميليشيات الشيعية لعب دوراً أساسياً في تفضيل بعض السُنة لداعش على الدولة، فضلاً عن أن القيادات السنية المشتتة والتي ينظر إليها الكثير من السُنة على إنها لا تخدم إلا مصالحها الشخصية، جعلت من الأفراد من دون قيادة يثقون بها فأصبحوا أمام خيارين: إما الانضمام لداعش أو تعرضهم للقتل من قبل عناصر محسوبة على الدولة، أو قتلهم من قبل داعش نفسها.
إذن محاربة داعش من قبل العالم العربي وأميركا يتم من خلال محاربة كل عامل يساعد على وجود داعش، سواءً كان عاملاً مادياً أو فكرياً أو عسكرياً. ويتم ذلك من خلال عمليات عسكرية أو نظرية أو سياسية.
المؤتمر الأميركي-الخليجي يثبت صحة هذا الكلام، فالكثير من القرارات صدرت بحق إيران وجميعها توجه أصابع الاتهام نحو اعتبار إيران دولة راعية للإرهاب. ومن هذه القرارات: عمل دوريات خليجية ودولية مشتركة لمراقبة تهريب الأسلحة إلى اليمن، وتقديم المساعدة العسكرية والبحرية لدول الخليج لمواجهة تحركات إيران في المنطقة، وسبق هذا كله قرار قاض أميركي يقضي بدفع إيران أكثر من 10 مليارات دولار كتعويض للمتضررين من هجمات 11 أيلول/سبتمبر، وكل هذا يترك الطريق مفتوحاً في المستقبل لاعتبار ميليشيات متنفذة في العراق تنظيمات إرهابية.
كل ما تم اتخاذه من إجراءات هي تكتيك صحيح إذا ما تم بالسرعة المطلوبة، وسوف يُقدم نتائج جيدة مستقبلاً، لكن هذا لا يعني أن الإرهاب يمكن القضاء عليه بهذه السرعة التكتيكية التي يسعى إليها أوباما في المنطقة قبل نهاية زمن رئاسته، بل هي بداية سوف يضعها بيد رئيس أميركا القادم، فنحن نعلم أن إيران لن تستسلم بهذه السرعة أو السهولة، وخصوصاً أن ملفها النووي ما يزال غامضاً إلى الآن...
عن الكاتبة: رفقة رعد خليل، باحثة من العراق في فلسفة الحرب، وحاصلة على شهادة الماجستير في الفلسفة. تكتب لعدد من الصحف العراقية وموقع "الحوار المتمدن".
لمتابعة الكاتبة على فيسبوك إضغط هنا.
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتبة ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.