حوالي 1.5 مليون شخص نزحوا إلى دول الجوار في السودان
منذ 15 أبريل 2023، أدت الحرب في السودان إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص- تعبيرية

اتسعت رقعة الصراع في السودان بشكل كبير، ليمتد إلى ولاية الجزيرة التي كانت ملجأ لنحو نصف مليون نازح من الخرطوم منذ اندلاع المعارك قبل نحو 8 أشهر، ووصفت منظمة الصحة العالمية النظام الصحي في البلاد بأنه "كان ضعيفا" وحاليا "ينهار" بسبب ضغط الحرب.

وأوضحت المنظمة في تصريحات لموقع "الحرة"، إن الحرب الدائرة حاليا في السودان "لها تأثير مميت على حياة الناس وسبل معيشتهم وعلى الوضع الصحي أيضًا".

وأوضحت أنه تم إغلاق مركز عمليات المنظمة في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، يوم 15 ديسمبر، بسبب الحرب التي امتدت للولاية، التي تبعد نحو 170 كلم إلى الجنوب الشرقي من الخرطوم.

واندلعت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، في منتصف أبريل الماضي، رغم أن الطرفين تشاركا فيما سبق السلطة عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير، عام 2019، خلال انتفاضة شعبية.

وسيطرت قوات الدعم السريع على ود مدني هذا الشهر، في إطار تقدم أشمل تحرزه في غرب السودان وجنوبه.

وكانت ود مدني قبل هجوم قوات الدعم السريع، مركزا للمساعدات وملاذا للنازحين داخليا. وولاية الجزيرة منطقة زراعية مهمة في بلد يواجه جوعا آخذا في التفاقم.

النظام الصحي إلى الانهيار

في رسالة عبر البريد الإلكتروني، أوضحت منظمة الصحة العالمية للحرة، أن "النظام الصحي في السودان كان ضعيفا ويعاني بالفعل بسبب الصراعات وتفشي الأمراض والجوع الناجم عن الجفاف، وحاليا ينهار وسط ضغط هائل سببته الحرب الدائرة".

كما أن القطاع "في وضع خطير في ظل النزوح الجماعي والفيضانات وتفشي الأمراض، بجانب شح الإمدادات الطبية وندرة المعدات والعاملين والأموال اللازمة لتغطية تكاليف عمل القطاع الصحي"، وفق المنظمة الأممية.

ومع وصول القتال إلى ود مدني، قالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو 300 ألف شخص فروا من المدينة بحثا عن الأمان. وبشكل عام تسبب الصراع في نزوح أكثر من 7 ملايين شخص من بينهم نحو 1.5 مليون وصلوا إلى دول الجوار، وفق تقديرات أممية.

ولفتت المنظمة للحرة، إلى أن مركزا كبيرا لعملياتها في ود مدني، تم تعليق العمل به بشكل مؤقت منذ التصعيد الأخير في ولاية الجزيرة، موضحة: "نبحث حاليا عن آليات بديلة لضمان وصول إمداداتنا إلى المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل في الجزيرة، وذلك من خلال المنظمات غير الحكومية التي لا تزال تعمل هناك".

وتم تسجيل أكثر من 1850 إصابة بالكوليرا و26 حالة وفاة مرتبطة بالمرض، في الجزيرة حتى 15 ديسمبر. وبشكل إجمالي هناك أكثر من 8530 إصابة و231 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا في 9 ولايات سودانية، بحسب المنظمة الأممية.

وتعمل المنظمة بالتعاون مع اليونيسيف والشركاء الصحيين الآخرين، بشكل وثيق مع الهيئات الحكومية الصحية، من أجل مواجهة تفشي الكوليرا.

وأشارت أيضًا إلى القيام بحملات للتطعيم الفموي ضد الكوليرا في ولايتي الجزيرة والقضارف خلال نوفمبر من العام الماضي. مضيفة أنه على الرغم من ذلك، فإن "القيود على وصول المساعدات الإنسانية وعلى الوصول إلى الخدمات الصحية، سيهدد المكاسب التي تحققت في السيطرة على تفشي المرض".

انعدام الأمن والتحدي الكبير

وأشارت منظمة الصحة العالمية، في تصريحاتها للحرة، إلى أنها تعمل مع نظرائها الدوليين والحكوميين من أجل "توزيع الأدوية والإمدادات الطبية المطلوبة بشكل عاجل، ومواجهة تفشي الأوبئة، لكن انعدام الأمن يشكل تحديا كبيرا".

كما أوضحت أنها "بحاجة إلى الوصول الآمن وغير المقيد حتى يتمكن العاملون في المجال الصحي، ومن بينهم فرق منظمة الصحة العالمية، من الاستجابة لتفشي الكوليرا والأمراض الأخرى في البلاد، مثل حمى الضنك والملاريا والحصبة".

والجمعة، قرر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ومنظمة أطباء لا حدود، تعليق عملياتهما في ولاية الجزيرة بسبب القتال الدائر.

وقال برنامج الأغذية العالمي، إنه اضطر لوقف توزيع المساعدات في الولاية، بعد نهب مخزن يحوي إمدادات تكفي 1.5 مليون شخص لمدة شهر.

فيما أفادت منظمة أطباء بلا حدود، بأن رجالا مسلحين هاجموا مجمعها في ود مدني، يوم 19 ديسمبر، وسرقوا سيارتين ومحتويات أخرى.

وكتبت في بيان على منصة إكس: "بسبب تدهور الوضع الأمني، علقنا جميع الأنشطة الطبية في ود مدني، وأجلينا طاقمنا إلى مناطق أكثر أمنا في السودان ودول مجاورة".

وأضافت: "نحن قلقون على سكان ود مدني الذين لا يتلقون الرعاية الطبية أو يحصلون على الأدوية الضرورية، إلا في أضيق الحدود".

ودعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الجمعة، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمات الصحية والإنسانية المتفاقمة في السودان، وطالب المجتمع الدولي بزيادة المساعدات المالية.

وقال في منشور عبر منصة إكس: "هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تصعيد النزاع في السودان، حيث تتفاقم الأزمات الإنسانية والصحية مع نزوح مئات آلاف الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال".

وفي التصريحات للحرة، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى رسالة غيبرييسوس، التي قال فيها: "دون السلام لن يكون هناك صحة، ودون الصحة لا يمكن أن يكون هناك سلام".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".