تبلغ المساهمة السنوية للسوريين في الاقتصاد التركي 371 مليون دولار/ إرفع صوتك
تبلغ المساهمة السنوية للسوريين في الاقتصاد التركي 371 مليون دولار/ إرفع صوتك

تركيا - أحمد المحمود:

تميز اللاجئون السوريون في تركيا بنشاط اقتصادي مكثف رغم سنوات الحرب التي عصفت بهم، ورفدوا الأسواق التركية بملايين الدولارات سنوياً، وأصبحت المحلات التجارية التي يمتلكونها وجهات سياحية يقصدها السياح العرب في زياراتهم إلى تركيا.

وبلغت المساهمة السنوية للسوريين في الاقتصاد التركي مليارا و260 مليون ليرة تركية، أي ما يعادل 371 مليون دولار، بحسب ما نقلت صحيفة يني شفق التركية. وأكدت الصحيفة أن الاستثمارات السورية في تركيا تشكل 14 في المئة من الاستثمارات الأجنبية، فيما وصل عدد الشركات السورية في تركيا إلى 6322 شركة منذ عام 2011 إلى الآن.

محل سوري لبيع اللحوم في مدينة أورفا جنوب تركيا/ إرفع صوتك

​​

يصدرون لسورية وأوروبا

عمل اللاجئون السوريون منذ وصولهم إلى تركيا هربًا من الحرب في المجال الاقتصادي، لتزداد استثماراتهم على مدار الأعوام السبعة، مما ساهم في توفير فرص العمل للسوريين، والتقليل من البطالة، وإعطاء زيادة إيجابية في الاقتصاد التركي.

اقرأ أيضا:

خمس سنوات للحصول على اللجوء في تركيا

السوريات يكسرن طوق التقاليد في تركيا

ويعمل السوريون أساسا في محلات الطعام، والألبسة، والذهب، فضلاً عن افتتاح العديد من المعامل التي تصدر البضائع لخارج تركيا. وفي ولاية غازي عنتاب وحدها، ساهمت أكثر من ألف شركة سورية في زيادة الإنتاج والتصدير، وبلوغ الولاية رتبة متقدمة في ترتيب الولايات المصدرة، بسبب تصدير الشركات السورية للمواد الغذائية والصناعية من غازي عنتاب لمدن الشمال السوري.

ولم يقتصر تصدير السوريين لبضائعهم على سورية فقط، بل صارت منتجاتهم تصل إلى أوروبا أيضا، حيث افتتح العديد من السوريين محلات تجارية في دول أوروبية كألمانيا والسويد. ويستورد هؤلاء بضائعهم من تركيا. ولا تفرض الحكومة التركية ضرائب كبيرة على تصدير المواد من تركيا إلى الخارج، وهذا ما ساعد على نشاط الحركة التجارية للسوريين.

المطاعم السورية

وتصدرت المطاعم السورية وجهة السياح العرب، حيث يلقى المطبخ السوري استحساناً كبيرا. ويعتبر شارع "يوسف باشا" في إسطنبول من أشهر الشوارع التي تنتشر فيها محلات سورية، فضلاً عن وجود عشرات المحلات في شارع الاستقلال واسطنبول.

وتزداد حركة افتتاح الشركات السورية كل عام، حيث افتتحت سنة 72 شركة عام 2011 بقيمة 11.2 مليون ليرة تركية. وفي عام 2012، تم تأسيس 166 شركة سورية، فيما شهد عام 2013 نمواً كبيراً في نشاط المؤسسات السورية، بعد تأسيس 489 شركة من أصل 3875 شركة أجنبية، ليصل الرقم اليوم إلى أكثر من 6000 شركة تتوزع معظمها على إسطنبول وغازي عنتاب ومرسين. وعمد كثير من السوريين إلى افتتاح شركات بغاية تملك عقارات، حيث يمنع القانون التركي على السوريين الاستملاك بشكل طبيعي، إلا في حال كان يملك الشخص شركة يتملك العقار من خلالها.

مخاوف وتفاؤل

ورغم سرعة انفتاح السوريين على الاقتصاد التركي، إلا أن هناك عوائق تعرقل تقدم هذه العجلة بشكل أسرع، إذ تبقى معظم الشركات التي افتتحها السوريون متوسطة، فيما تحفظ أصحاب رؤوس الأموال الكبرى عن الانخراط في سوق العمل، أو تعاملوا بشكل حذر مفضلين بدورهم افتتاح شركات صغيرة ومتوسطة.

ويرجع محمد الشيخ، الذي يملك معملا في مدينة بورصة التركية، سبب الحذر إلى عدم استقرار الأوضاع في تركيا. يقول محمد "ارتفاع الضرائب هي إحدى أهم العوائق هنا.. يفرض القانون التركي ضريبة عالية على استيراد المنتجات التي تستطيع السوق التركية إنتاجها خاصة في مجال الكهربائيات، وقطع السيارات، ما يضيق خيارات المستثمرين في شراء المنتجات".

ويتابع محمد "كما أن الاقتصاد التركي يتأثر بشكل كبير بالأزمات السياسية حتى في البلدان. وأنا شخصياً خسرت الكثير من تجارتي أثناء محاولة الانقلاب التي جرت في تركيا، وهذا ما يدفعني للمزيد من الحذر".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".