يضم فريق ملهم التطوعي نحو 170 متطوعا في سورية والأردن ولبنان وتركيا وبعض الدول الأوروبية وأميركا/صفحة الفريق على فيسبوك
يضم فريق ملهم التطوعي نحو 170 متطوعا في سورية والأردن ولبنان وتركيا وبعض الدول الأوروبية وأميركا/صفحة الفريق على فيسبوك

الأردن - راشد العساف:

دخل الشاب السوري باسل ميدان مع عائلته الأردن عام 2012، بقصد زيارة شقيقته لمدة أسبوع، لكن الزيارة القصيرة تحولت إلى إقامة استمرت لسنوات بسبب سوء الأوضاع في سورية.

التحق باسل، 23 عاما، بإحدى الجامعات الأردنية الخاصة ودرس تخصص الصيدلة، لكن شعوره بأنه "لم يقدم شيئا لوطنه سورية ظل يلاحقه"، فانضم إلى فريق تطوعي مع مجموعة من الشباب السوريين.

العودة الأخيرة

بعد سنتين من لجوء باسل وعائلته إلى الأردن اتصل جيرانهم لإخبارهم بأن قوات النظام السوري ستستولي على منزلهم، الواقع في منطقة الميدان بدمشق، إذا لم يعودوا إلى بلادهم.

اقرأ أيضا:

ينظرون إليهم كأبطال.. متطوعون في الموصل

هكذا يتصدى متطوعون عراقيون للإرهاب

دفع هذا الإنذار عائلة باسل إلى الرجوع إلى المنزل الذي كانت تبلغ قيمته حينها 20 مليون ليرة سورية (قرابة 40 ألف دولار). استقر الأبوان في دمشق، فيما عاد باسل وحيدا إلى الأردن لتكون تلك المرة الأخيرة التي يشاهد فيها منزله.

استقر الأبوان في دمشق، فيما عاد باسل وحيدا إلى الأردن لتكون تلك المرة الأخيرة التي يشاهد فيها منزله/إرفع صوتك

​​

​​​​​فريق تطوعي

أيقن باسل أن أبسط ما يقدمه لأبناء بلده في الداخل السوري ودول اللجوء هو العمل التطوعي، فأنشأ رفقة زملائه فريقا باسم "فريق ملهم التطوعي". وبعد تخرجه من الجامعة، قرر باسل أن يكرس نفسه بالكامل للفريق.

تعود فكرة إنشاء "فريق ملهم التطوعي" لشاب سوري يدعى عاطف نعنوع، وهو زميل لباسل في الجامعة. سنة 2012، قرر عاطف إقامة احتفال بسيط للأطفال السوريين في مخيم الزعتري للاجئين. نشر الخبر على صفحته في فيسبوك طالبا من زملائه التبرع بـ5 دولارات لكل واحد منهم. لقيت الفكرة ترحيبا كبيرا، وفاقت التبرعات 3000 دولار.

تزامن الاحتفال مع حدث مقتل شاب سوري اسمه ملهم الطريفي في محافظة اللاذقية. كان ملهم يقيم مع ذويه في السعودية لكنه عاد مع بداية الحرب إلى سورية لوحده ونظم حملات إغاثية لمناطق محاصرة، كما انضم إلى الجيش السوري الحر قبل أن يقتل في مواجهات عسكرية مع قوات النظام في ريف اللاذقية.

يقول باسل لـ(ارفع صوتك) بأن الفريق لم ينجح في الحصول على ترخيص للعمل كمنظمة في الأردن، ما اضطر أعضاءه لتأسيس شركة غير ربحية، والعمل في إطارها. في المقابل، نجح الفريق في الحصول على ترخيص لتأسيس منظمة في تركيا وفرنسا، ويضم اليوم نحو 170 متطوعا في سورية والأردن ولبنان وتركيا وبعض الدول الأوروبية وأميركا.

​​

 

​​​دعم طبي وكفالة أيتام

لم يتوقف باسل وزملاؤه عند حدود تقديم المساعدات البسيطة للاجئين السوريين، بل وسعوا عملهم ليشمل تقديم كفالات للأيتام والعلاج الطبي للمرضى ومصابي الحرب السوريين  والتعليم بالإضافة إلى الحملات الإغاثية.

يكشف باسل أن فريقه يستقبل بشكل مستمر حالات طبية من الداخل السوري في المناطق التابعة للمعارضة ومن دول اللجوء، بمعدل يصل إلى 100 حالة شهريا. ويقدم "فريق ملهم التطوعي" دعما ماليا يتراوح بين 200 الى 10 ألاف دولار، لتمويل العلاج.

إضافة إلى ذلك، نجح الفريق في كفالة 1424 يتيما منذ عام 2014 منهم 113 في الأردن. وتتراوح الكفالة الشهرية لليتيم بين 50 دولار إلى 150 دولار، فيما بلغ مجموع قيمتها أكثر من مليون دولار.

640 طالبا

استطاع فريق ملهم إعادة ترميم منزل مهجور في مخيم اليرموك، في دمشق، وتحويله إلى روضة أطفال عام 2016، استقبلت 115 طفلا. ورغم أن الروضة لا تمنح شهادات معترف بها، إلا أن "الفكرة من إقامتها هي تلقي الطفل تعليما مناسبا لعمره إلى أن تستقر الأمور"، كما يقول باسل.

640 طالبا هو مجموع الطلاب المكفولين من قبل الفريق في سورية ودول اللجوء، منهم 186 طالبا جامعيا من مختلف التخصصات ضمن "صندوق حلم للتعليم" التابع للفريق. يصل مجموع قيمة الدعم إلى مليون دولار.

​​

​​

ويضيف باسل أن الفريق قدم دعما ماليا لجامعة إدلب، خلال عامي 2015 و2016، بعد سيطرة المعارضة على المحافظة.

ويعتمد فريق ملهم التطوعي في عمله على التبرعات. ويكشف باسل ان الفريق تمكن بدءا من عام 2014 من جمع نحو أربعة ملايين دولار، بعدد متبرعين وصل 15405 متبرعا من مختلف أنحاء العالم.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015
قطار خاص بنقل السياح في محيط العاصمة السورية دمشق- أرشيف 2015

في يناير من العام الجاري، أصدرت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، بياناً قالت فيه، إن أكثر من 2.17 مليون سائح من جنسيات عربية وأجنبية، زاروا المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال عام 2023.

وهذه الأرقام بلغة المال، حققت نحو 125 مليار ليرة سورية، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 120% عن عام 2022، بحسب بيان الوزارة.

والكثير من هؤلاء السياح، وفق مصادر إعلامية محلية وغربية، تستهويهم فكرة السفر إلى دول تعاني من الحروب والأزمات أو الدمار، بدافع الفضول وأحياناً محاولة كسر الصورة النمطية، التي تصم العديد من الدول بأنها "غير آمنة" و"خطرة جداً" أو يتم التحذير من السفر إليها تحت مختلف الظروف.

عام 2016، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً يشرح عن هذا النوع من السياحة، الذي أسماه بـ"السياحة المتطرّفة"، مشيراً إلى وجود رغبة لدى العديد من السيّاح الغربيين باستكشاف مغامرات جديد، عبر زيارة المواقع التي دمّرتها الحرب وحوّلتها إلى أنقاض.

وتناول سوريا كأحد النماذج، باعتبارها وجهة للكثير من السياح الغربيّين، الذين يدخلونها "تهريباً" عبر لبنان بمساعدة سائقين وأدلّاء، بهدف الوصول إلى أماكن طالتها الحرب وغيّرت معالمها، دون اللجوء إلى دخول البلاد بشكل قانوني.

وهناك شركة سياحية تروّج لزبائنها أنها ستقدم لهم "تجارب مختلفة من السفر والاستكشاف في مناطق ليست تقليدية للسياحة"، وتطرح إعلانات للسياحة في اليمن والصومال وسوريا والعراق وأفغانستان، تحت عنوان "السفر المُغامر"، لاجتذاب شريحة خاصة من عشاق وهواة هذه التجارب المثيرة للجدل.

"سياحة الدمار" صارت تمثل للراغبين في زيارة سوريا "بديلاً" عن زيارة المناطق الأثرية التقليدية التي كانت أكثر جذباً قبل اندلاع الحرب الأهلية، خصوصاً أن العديد منها تعرض لأضرار ودمار دون أن يتم ترميمه وإعماره وتهيئته لاستقبال السياح لاحقاً، كما أن الوصول لبعضها بات شبه مستحيل.

ترويج للنظام أم إدانة له؟

برأي الصحافي الاستقصائي السوري مختار الإبراهيم، فإن "مشاهدة مناظر الدمار ومواقع الخراب السوري بغرض السياحة، تعكس استخفافاً كبيراً بآلام الضحايا ومآسي ملايين السوريين الذين تضرّروا جرّاء الحرب".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "زيارة سوريا بغرض السياحة بشكل عام تُقدّم خدمة كبيرة للنظام السوري من حيث الترويج لسرديات انتصاره في الحرب، وعودة سوريا إلى ما كانت عليه".

"فالنظام السوري مستعد أن يبذل الكثير في سبيل الترويج للسياحة في مناطقه، فما بالك أن يأتي السياح ويرفدوا خزينته على حساب كارثة عاشها ملايين السوريين!"، يتابع الإبراهيم.   

ويحمّل قسماً كبيراً من المسؤولية لبعض المؤثرين على "يوتيوب" و"تيك توك"، الذين "روّجوا خلال السنوات الماضية للسياحة في سوريا وإظهار أنها آمنة عبر عدسات كاميراتهم، لحصد المشاهدات" وفق تعبيره.

من جانبه، يقو الصحافي السوري أحمد المحمد: "على الرغم من أن سياحة الموت تخدم النظام من جهة ترويج أن مناطقه باتت آمنة لعودة السيّاح، إلا أنها تُدينه أيضاً". 

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أن "مشاهدة مناظر الدمار بغرض السياحة يُمثّل توثيقاً حيادياً للتدمير الذي أحدثته آلة النظام العسكرية في البلاد".

وطالما تعرضت مصادر المعارضة السورية في توثيق الدمار للتشكيك من قبل النظام نفسه، بحسب المحمد، مردفاً "تم اتهامهم بالفبركة الإعلامية، بينما منع النظام خلال السنوات الماضية وسائل الإعلام الأجنبية من التغطية الحرّة لمجريات".

في النهاية، يتابع المحمد "مهما بذل النظام من جهود ترويجية حول عودة مناطقه آمنة، فإن واقع الحرب السوري أكبر من الترويج بكثير، لا سيما أننا في كل فترة قصيرة، نسمع عن حالات اختطاف لسيّاح قدموا للترفيه فوق معاناة السوريين".